ففي هذا العالم المليء بالمحتوى غير الملائم واللغة النابية، يزداد تعرض الأطفال لكلمات سيئة سواء من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أم من خلال المحادثات اليومية في المدرسة والشارع ومختلف الأماكن التي يقصدونها، فإن تلك الكلمات البذيئة تؤدي إلى تشكل عادات غير صحية في التعبير وإلى تقليل مستوى احترام الطفل للآخرين ولذاته أيضاً، بالإضافة إلى صعوبة كبيرة في قدرته على بناء علاقات إيجابية مع محيطه الاجتماعي.
فالكلمات لها قوة لا تقل عن الأسلحة، فقد تؤذي أو تشفي، تحبِّب أو تُبغِض، تؤثر فينا بعمق بغير مبالغة، لذا فإن توجيه الأطفال نحو استخدام لغوي صحيح ومواقف محترمة يصبح أمراً ضرورياً لحماية براءتهم من تأثيرات الكلمات السيئة والمساهمة في بناء مجتمع يسوده الاحترام واللياقة في التعبير، ولكن كيف يمكن للطفل تفادي استخدام الكلمات البذيئة؟ وكيف يمكن للوالدين بناء بيئة تعليمية صحيحة تسهم في تعزيز القيم الإيجابية وتقديم النموذج الصحيح؟
نصائح هامة لحماية طفلك من استخدام الكلمات البذيئة
في حال كان طفلك يستخدم الكلمات البذيئة خلال حديثه أو علاقته مع محيطة يجب عليك اتخاذ خطوات جادة لتغيير هذا السلوك السلبي لديه، ولمساعدتك في ذلك نقدم لك فيما يلي مجموعة من النصائح:
1. كن النموذج الصحيح
الطفل نسخة مصغرة من الوالدين والمربين، فهو يتأثر بشدة بالنموذج الذي يراه ويتعلم منه، فعندما يقدم الوالدان نموذجاً إيجابياً يتحلى باللياقة والاحترام في استخدام اللغة، فإن الطفل يتأثر في ذلك ويتبنى نفس السلوك على سبيل المثال، إذا رأى الطفل والديه يتحاوران بطريقة مهذبة ولطيفة، فسيكون من الطبيعي أن يتعلم الطفل أسلوب التعبير تعلما مماثلا.
وبالمثل إذا كان الوالد يتجاهل استخدام الألفاظ البذيئة ويستخدم بدلا منها كلمات لائقة ومهذبة، سيتأثر الطفل إيجابا بهذا النموذج وسيكون أكثر احتراما في استخدام اللغة.
ومن المهم أن يكون النموذج الذي يقدم للطفل متناسباً مع القيم والمبادئ التي يرغب الوالدين في تعليمها للطفل، فإذا كان الوالدان يؤمنان بأهمية التعبير عن الغضب باحترام وتهذيب دون استخدام الألفاظ البذيئة، فعليهما أن يقدما هذا النموذج أمام الطفل. فالقدوة الحسنة وتقديم النموذج الصحيح يعطيان الطفل فرصةً للتعلُّم والنمو نمواً إيجابياً، ويساهمان في تجنيبه وتخليصه من قول الألفاظ السيئة والبذيئة.
2. لا تتجاهل الكلمات البذيئة التي تتكرر أكثر من مرة
عندما يستخدم الطفل كلمات بذيئة، يمكن أن يكون الرد الطبيعي تجاهلها إذا كانت غير متكررة، حيث يظن بعضهم أن تجاهل الكلمات البذيئة والألفاظ غير اللائقة إذا كانت غير متكررة، يمكن أن يساعد الطفل على نسيانها تماماً.
حيث أن الانزعاج الشديد وردات الفعل القوية غالبا ما تؤدي إلى تثبيت هذه الكلمات في ذهن الطفل تثبيتاً كبيراً، وقد يستخدمها مرة أخرى للفت الانتباه عندما يشاء، أما إذا كرر الطفل استخدام الكلمات البذيئة استخداماً متكرراً، عندها يجب التدخل والتعامل مع الوضع تعاملا جادا وفعالا وإظهار الاستياء واختيار التصرف الأمثل.
3. احذر من تعزيز الكلمات البذيئة بقصد أو غير قصد
يجب على الوالدين والمربين تجنب الردود الإيجابية أو الضحك أو التجاهل، عندما يقوم الطفل بنطق كلمات بذيئة، حيث يمكن أن يفهم الطفل ذلك على أنه مقبول أو مسموح به.
وبدلاً من ذلك يجب على الوالدين والمربين التفاعل تفاعلاً صارماً وواضحاً عندما يقوم الطفل بنطق كلمات غير لائقة، وتوجيههم بناء على السياق والعمر توجيها يوضح لهم أن هذا السلوك غير مقبول.
مثلا، إذا قام الطفل بنطق كلمة بذيئة أو غير لائقة أثناء الحديث، يمكن للوالدين الاستجابة استجابة مباشرة وواضحة قائلين: "هذه الكلمة ليست لطيفة ولا ينبغي استخدامها، يجب عليك استخدام كلمات أخرى للتعبير عن نفسك" بالإضافة إلى ذلك يمكن للوالدين توجيه الطفل نحو استخدام كلمات بديلة للتعبير عن مشاعرهم، وتشجيعهم على التفكير قبل الكلام واختيار الكلمات بعناية.
4. تعويد الطفل على الاعتذار
تعليم الطفل الاعتذار يعزِّز وعيه بتأثير كلماته على الآخرين ويعلِّمه مسؤولية أفعاله. ومن الضروري عند تعويد الطفل الاعتذار يجب أن يركِّز على عناصر محددة مثل الندم والاعتراف بالخطأ وطلب المغفرة.
على سبيل المثال إذا كان الطفل يلقي بكلمةٍ بذيئةٍ دون قصد أثناء اللعب، يمكن للوالدين أن يشجعوه على التوجه إلى الصديق ويقول: أنا آسف، لم أقصد قول هذه الكلمة هل تستطيع أن تسامحني؟ بتعلم الطفل هذه العبارات واستخدامها بانتظام، سيكتسب مهارة الاعتذار ويتعلم كيفية تصحيح أخطائه.
5. حماية الطفل من مصادر الكلمات البذيئة
تحديد مصادر الكلمات البذيئة التي يستخدمها الطفل، خطوة حيوية في عملية التصدي لهذا السلوك، فغالباً ما يعكس سلوك الطفل استجابته للبيئة المحيطة به، حيث يتأثر بما يسمعه ويشاهده حوله، سواء كان ذلك في الأسرة أم المدرسة أم البيئة الاجتماعية عموماً، بالتالي عند معرفة مصدر تلك الكلمات، يمكن للوالدين أو المربين توجيه جهودهم نحو وضع حلول فعالة، فقد يتضمن ذلك تغيير المدرسة إذا كانت المصدر المباشر للكلمات السيئة، أو تقليل التعامل مع الأقران الذين يتبنون هذا السلوك، أو حتى محاولة التأثير على الأشخاص الذين يتعذر عزلهم عن الطفل لإصلاح ما هو خاطئ.
شاهد بالفيديو:15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء
6. تقديم المكافآت
منح الطفل المكافآت عندما يمتنع عن قول الكلمات البذيئة هي إحدى الطرق الفعالة لتخليصه من هذه العادة غير المرغوب فيها، حيث تعتمد هذه الطريقة على مبدأ تشجيع السلوك الإيجابي عن طريق مكافأة الطفل عندما يتصرف تصرفا صحيحا، ويمكن للوالدين أو المربين تقديم مكافآت تتضمن أشياء مثل الثناء والإشادة بالسلوك الإيجابي للطفل، أو إعطاؤه هدية صغيرة أو ميزة معينة يتطلع إليها.
7. تعليم الطفل سلوكيات التعبير الإيجابية عن الغضب بدلاً من استخدام الألفاظ البذيئة
عندما يتعلم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره السلبية بطرق إيجابية وبنَّاءة، يمكنه استبدال الكلمات البذيئة بتعبيرات أكثر لطفاً واحتراماً على سبيل المثال، بدلاً من قول: "أنا غاضب" بكلمات نابية، يمكنه تعلم قول: "أشعر بالغضب" يمكنني التحدث عن ذلك؟ كما يمكن تعليمه استخدام التنفس العميق أو الحركات الهادئة كوسيلة لتهدئة نفسه عند الشعور بالغضب بدلاً من اللجوء إلى الشتائم والكلمات البذيئة.
8. استخدام العقاب المناسب للخطأ
استخدام العقاب المناسب للخطأ هو طريقة فعّالة لتخليص الطفل من استخدام الكلمات البذيئة، إذ يساعد على وضع حد لهذا السلوك غير المقبول وتعزيز استخدام اللغة اللطيفة والمهذبة، يجب أن يكون العقابُ متناسباً مع الخطأ ويُنفَّذ تنفيذاً عادلاً ومتساوياً، مع توجيه الطفل نحو فهم الأسباب والعواقب لاستخدام الكلمات البذيئة.
على سبيل المثال، يمكن للوالدين أو المربِّين تحديد عقوبة معينة عند استخدام الطفل لكلمات بذيئة، مثل فقدان بعض الامتيازات ومشاهدة التلفاز أو استخدام الهواتف النقالة لفترة معينة، أو إعطاء مهمة إضافية للقيام بها .
9. التأكيد على قيم العائلة باستمرار
يعتمد هذا النهج على بناء أساس قيمي قوي لدى الطفل وتعزيزه تعزيزاً مستمراً من خلال التواصل والتعليم، توضيح القيم الأساسية للأسرة والمجتمع والتأكيد عليها بانتظام، يتعرف الطفل على ما هو مقبول وغير مقبول في استخدام اللغة وسلوكها. ويتضمن ذلك تعزيز قيم الاحترام والاهتمام بالآخرين، وتعزيز فهم الطفل لأهمية استخدام الكلمات اللطيفة والمحترمة في التواصل.
10. مراقبة الأسرة ألفاظها ووضع قواعد واضحة للألفاظ
تتضمن هذه الطريقة مراقبة الأسرة ألفاظها والتحدث بطريقة مثالية أمام الطفل، حيث يكون الوالدان أو مربو الطفل قدوة له في استخدام اللغة، حيث يجب على الأسرة وضع قواعد واضحة للألفاظ المسموح بها والممنوع، والتأكيد على أهمية استخدام اللغة اللطيفة والمهذبة في التعامل اليومي، كما يمكن للوالدين تحديد الكلمات المقبولة للاستخدام في المنزل وتحديد الكلمات البذيئة التي يجب تجنبها، وتوضيح العواقب لاستخدام الألفاظ السيئة.
11. مراجعة المحتوى الذي يتعرض له الطفل في وسائل الإعلام
وسائل الإعلام هي مصدر مهم لتشكيل فهم الطفل للعالم ولغة التواصل، لذلك يجب على الوالدين أو مربو الطفل مراجعة المحتوى الذي يتعرض له الطفل في وسائل الإعلام، مثل البرامج التلفزيونية والأفلام والألعاب الإلكترونية.
كما ينبغي اختيار المحتوى الذي يتناسب مع عمر الطفل ويحتوي على لغة مهذبة ومحتوى إيجابي، وتجنب البرامج أو الألعاب التي تحتوي على استخدام الكلمات البذيئة أو العنف المفرط.
12. تعزيز فهم الطفل للتأثيرات السلبية لاستخدام الكلمات البذيئة على الآخرين
يمكن للوالدين أو المربين شرح كيف يمكن للكلمات السيئة أن تؤثر في مشاعر الآخرين وتتسبب في جرحهم أو إحراجهم.
على سبيل المثال، يمكن أن يقوم الوالدان بمناقشة مواقف واقعية أو تاريخية تظهر تأثير استخدام الكلمات البذيئة على العلاقات الإنسانية والتعاون الاجتماعي، والضرر الناجم عنها لكافة الأطراف.
13. مساعدة الطفل على تطوير مهارات التواصل الاجتماعي
ينبغي مساعدة الطفل على تطوير مهارات التواصل الإيجابي التي تساعده في التعبير عن نفسه تعبيراً صحيحاً وفعالا دون الحاجة إلى اللجوء إلى الكلمات البذيئة، إذ يمكن تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره بطرق إيجابية وبناءة، وكيفية حل النزاعات حلا متعاونا وسلميا.
على سبيل المثال، يمكن تدريب الطفل على استخدام الإيجابيات في التواصل مع الآخرين، مثل الشكر والاعتذار والتشجيع، وتعزيز قدرته على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم.
في الختام
حماية أطفالنا من استخدام الكلمات البذيئة يعمل تحدياً ومسؤولية كبيرة على عاتق الوالدين والمربين، إنَّ توفيرَ بيئةٍ آمنةٍ وصحية لتنمية الطفل، يتطلب جهوداً مستمرة وتوجيهاً صحيحاً، يجب أن نكون قُدوةً لأطفالنا من خلال استخدامنا للكلمات اللطيفة والمحترمة في التواصل اليومي.
كما يجب علينا تعزيز قيم الاحترام والتعاون والتسامح في بيئة الأسرة والمجتمع، وباستخدام النصائح والطرق التي تم ذكرها في هذا المقال، يمكننا بناء جسور قوية مع أطفالنا ومساعدتهم على تطوير مهارات التواصل الإيجابي والتعبير عن مشاعرهم تعبيراً صحيحاً.
أضف تعليقاً