ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في التعامل مع القلق.
لقد كنت في الماضي أبحث عن طرائق لتجاوز القلق والتغلب عليه، أو عن علاجٍ للتخلص منه بشكلٍ نهائي؛ لكنَّني بعد قراءة عشرات الكتب ومئات المقالات عن هذا الموضوع اكتشفت أنَّ القلق لا يمكن علاجه؛ بل يجب التعامل معه.
فالتعامل مع القلق هو معركة مستمرة لمعظمنا، إنَّها ليست لعبة أو بطولة، وليس الأمر كما لو أنَّه يمكنك التغلب على القلق نهائياً؛ ففي كثيرٍ من الأحيان يقول الناس إنَّهم "تغلبوا" على القلق، أنا لا أصدق ذلك، والطريقة الوحيدة التي يمكنك بها التغلب على القلق حقاً هي أن تتجنب مصاعب الحياة.
التعامل مع النقد والكراهية والسلبية:
في الشهر الماضي قرأ مقالاتي أكثر من مليون شخص؛ إذ يحظى المحتوى الذي أقدمه أيضاً باهتمام الأشخاص الذين لا يحبونه، وبعض هؤلاء الناس ينتقدونه، وليس لدي مشكلة في ذلك؛ فالإنترنت مكان مجاني ويمكن للجميع أن يقولوا فيه ما يريدون، ومعظم الناس متحضرون فيما يقولون من آراء وانتقادات، لكن في بعض الأحيان لا يخلو الأمر من بعض الرسائل البغيضة.
معظم الكُتَّاب وصانعي المحتوى لا يحبون ذلك، وفي البداية لم تُعجبني أنا أيضاً انتقادات الناس لما أكتبه وأشاركه، وقلت في نفسي: "إذا لم تعجبك، فلماذا تقرأ؟".
لكن كلما تلقيت هذه الرسائل البغيضة في كثير من الأحيان كنت أجد فيها فرصة للمتابعة؛ فعندما ينتقدك شخص ما تشعر بالانزعاج وربما القلق وهو ليس شعوراً ممتعاً بالتأكيد؛ فأنا أُفَضِّل قراءة رسالة بريد إلكتروني من قارئ أحدث تغييراً كبيراً في حياته بعد قراءة مقال من مقالاتي، ولحسن الحظ يحدث هذا أيضاً؛ لكنَّني تعلمت أيضاً أن أتقبل الكراهية؛ لأنَّها تُعدُّ تدريباً بالنسبة إلي.
عليك أن تتعامل مع القلق، فتجنبه لم يكن خياراً بالنسبة إلي، وقرأت منذ فترة مقالاً من مؤلف قال بفخر إنَّ مساعده يفحص بريده الإلكتروني بحثاً عن بعض الرسائل التي تحتوي نقداً أو كراهية حتَّى لا يتمكن من رؤيتها أو قراءتها، أنا أتفهم ذلك؛ فليس من الممتع قراءة تلك الأشياء، لكن كيف يمكنك أن تحمي نفسك من الانزعاج أو الإهانة دون تعريض نفسك للنقد؟
شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق
واجه الأمر: الحياة ليست سهلة
إنَّ استجابتي الأولى على كل شيء مزعج في الحياة تقريباً هو تجنبه؛ حيث أتجنب قراءة رسائل الانتقاد والكراهية، ولا أريد التعامل مع أصحاب العقارات المزعجين عندما أبحث عن عقارات، ولا أريد تسويق كتابي، ولا أن أركض عندما أشعر بالتعب، أريد من الجميع أن يحب المحتوى الذي أقدمه، وأريد من الناس أن يعطوني أفضل الصفقات، وأن يشتري الجميع كتابي بأنفسهم، وأريد أن أكون وأن أشعر بأنَّني بحالة جيدة دون أن أسعى إلى ذلك.
أنا وأنت نعلم أنَّ الواقع ليس هكذا؛ فالحقيقة هي أنَّ الحياة معقدة وليست سهلة؛ إذ نواجه أشياء متعبة طوال الوقت، وهذا ما يسبب كثيراً من القلق، على سبيل المثال:
- ماذا لو فشلت في عملي؟
- ماذا لو لم يحبني أحد؟
- ماذا لو واجهت الرفض من الشريك؟
- ماذا لو انتهى بي الأمر وحدي؟
- ماذا لو مرضت؟
- ماذا لو ماتت عائلتي؟
عليك أن تدرك أنَّ القلق أمرٌ طبيعي، فهو جزء من الحياة الطبيعية.
عندما تحاول تجنب الشعور بالقلق فأنت لا تعيش، دائماً ما أذكر نفسي بذلك، فعندما أشعر بالقلق فهذا يعني أنَّني أفعل شيئاً صحيحاً، ومع ذلك القلق الدائم مشكلة، ولا يوجد حل سحري لذلك أيضاً؛ فالتعامل مع القلق صعب وسيظل دائماً صعباً.
لا تقل أبداً: "لماذا أنا؟"، بل قل: "هذا أنا".
بعض الأشياء التي تساعد على التخلص من القلق:
إنَّ تغيير طريقة التفكير التي تتبعها سيساعد كثيراً على التعامل مع القلق؛ لكنَّك تحتاج أيضاً إلى اتخاذ إجراء لمنع سيطرة القلق على حياتك، ليس فقط أن تتطور في طريقة تعاملك معه، واحتوائك لهذا الشيء الذي يحاول امتصاص طاقتك.
إليك بعض الأشياء التي ستساعدك في ذلك:
1. أداء التمرينات الرياضية يومياً:
إذ يساعدك ذلك على تقوية بنيتك الجسدية والعقلية، فكلما كنت أقوى ستشعر بثقة أكبر.
2. بدء يومك بشيء غير مريح بالنسبة إليك:
فقط لأنَّني أنشر كثيراً من المقالات يَفترِضُ الناس أنَّني أحب دائماً كتابتها، لكن ليس هذا هو الحال؛ فالكتابة ممارسة شاقة ومملة، وغالباً ما أرغب في تجنبها لهذا أجبر نفسي على بدء اليوم بالكتابة، وعندما عملت سابقاً في المبيعات كنت أبدأ يومي بالبحث عن عملاء محتملين.
3. تدوين شعورك بالقلق في يومياتك:
عبِّر عن قلقك ومخاوفك الداخلية بالكتابة، وستتخلص منها بهذه الطريقة.
في الختام:
لا يوجد حل آخر، عليك أن تتعامل مع القلق، وأن تواجه هذا الشعور العميق في داخلك دون خوف منه، ففي مرحلة ما تدرك أنَّه مجرد شعور، وأنَّه سيضعف بمجرد توقفك عن تغذيته بالتفكير الدائم به؛ إذ لن يفيدك الخوف أبداً؛ بل على العكس سيمنعك هذا الشعور السخيف من عيش الحياة بكامل تفاصيلها.
أضف تعليقاً