كيف تُستخدَم نظريات التعلم في التعليم الإلكتروني؟
لقد وُضِعَت نظريات التعلم كأساس لشرح ووصف وتحليل وتوقُّع كيف يمكن أن تحدث عملية التعلم، فمن الهام بالنسبة إلى محترفي التعليم الإلكتروني فهم طريقة حدوث التعلم لأنَّهم يعملون في مجال مساعدة الناس على التعلم، ومن خلال فهم نقاط القوة والضعف لكل نظرية تعلُّم، يمكن لمحترفي التعليم الإلكتروني الجمع بين نظريات التعلم وتطبيقها بحيث تتناسب مع احتياجات المتعلمين بصورة أفضل.
تساعد أساليب التعلم على صياغة استراتيجيات التعليم الإلكتروني، والتي بدورها تعمل على تحفيز المتعلمين، والمساعدة على تعزيز شخصيتهم، وتسهيل العملية الإدراكية، وتقديم تغذية راجعة سريعة ودقيقة، وتحديد وتلبية الاحتياجات المحددة لكل متعلم ودعمه خلال فترة برنامج التعلم والتطوير؛ لذ دعونا نلقي نظرةً على جميع نظريات التعلم التي كانت وما زالت تُستخدَم من قِبل محترفي التعليم الإلكتروني في دوراتهم التعليمية الإلكترونية:
1. نظرية التعلم السلوكي:
ربما تكون نظرية التعلم السلوكي أقدم نظريات التعلم، فقد استُخدِمَت من قِبل العديد من المعلمين في الماضي لتعليم المتعلمين وتوجيههم، ووفقاً لهذه النظرية، التعلم هو تغيير ملحوظ في سلوك المتعلم والذي ينشأ من ظروف خارجية، ومن ثمَّ، فإنَّ هذه النظرية تدور حول فكرة إثارة ردود الأفعال من المتعلمين والكشف عن أيِّ تغييرات في السلوك.
تتكرر الأمور التي تستدعي حدوث رد فعل وتغيُّر في السلوك القديم حتى يصبح سلوكاً جديداً، ولا تزال نظرية التعلم السلوكي تُستخدَم في دورات التعليم الإلكتروني على شكل تمرينات سحب وإفلات لتصنيف المفاهيم إلى فئات مختلفة، كما تُعَدُّ التغذية الراجعة هامةً في هذه النظرية، فهي تساعد على تقييم السلوك الصحيح أو المناسب.
شاهد بالفديو: أهمية التعليم عن بعد
2. نظرية التعلم المعرفي:
لقد كان رأي بعض المعلمين أنَّ التعليم ليس تغييراً سلوكياً كله، ومن ثمَّ لا يمكن ملاحظته، وقد أدى ذلك إلى إنشاء نظرية التعلم المعرفي، والتي تنص على أنَّ التعلم ينطوي على نوع مختلف من الذكريات والدوافع والأفكار، كما تنص أيضاً على أنَّ المعلومات تُخزَّن في الذاكرة باستخدام نمط العقدة (node pattern) التي تُنشِئ شبكةً؛ حيث ترتبط العقد ببعضها بعضاً عن طريق وسائل الربط.
إنَّ لنظرية التعلم المعرفي جانبين آخرين هما التعلم المعرفي الاجتماعي، والذي يُستخدَم في التعليم الإلكتروني كتعلُّم اجتماعي، والتعلم السلوكي المعرفي، والذي يُستخدَم في التعليم الإلكتروني عن طريق تذكير المتعلمين بالمفاهيم التي تعلَّموها بالفعل مع بداية الدورة التدريبية، وذلك من أجل تنشيط عُقد الدماغ ذات الصلة بالموضوع المطروح.
3. نظرية التعلم البنَّاء:
إنَّ نظرية التعلم البنَّاء هي النظرية التي لا تزال تُستخدَم على نطاق واسع من قِبل محترفي التعليم الإلكتروني، وتنص هذه النظرية على أنَّ المتعلمين يفسرون المعلومات ويربطونها برموز بحسب تصوراتهم وتجاربهم الشخصية؛ حيث يُحضِر المتعلمون معهم مخزوناً غنياً من الخبرات التي تُشكِّل أساس تعلُّمهم، فهم يعملون على تحليل وترشيد وتوليف وتطوير أفكار جديدة أو تعديل أفكار قديمة من تجاربهم.
هذا يعني أنَّ المتعلمين يتعلمون أفضل عندما يمتلكون القدرة على ربط المعلومات بمعنى شخصي أو تحقيق الترابط بينها، كما تُستخدَم هذه النظرية في التعليم الإلكتروني عن طريق إعطاء وجهات نظر واقعية للمتعلمين باستخدام أسلوب المحاكاة، أو من خلال سرد القصص، ومن ثمَّ تزويد المتعلمين بأمر يمكنهم الارتباط به أو التواصل معه عاطفياً.
4. نظرية التعلم الفعَّال:
تُعَدُّ نظرية التعلم الفعَّال أيضاً نظريةً تعليمية حديثة مثل نظرية التعلم البنَّاء، وهي مُستخدَمةٌ على نطاق واسع في برامج التعليم الإلكتروني في هذه الأيام؛ إذ يتعلم المتعلمون بصورة أفضل عندما يتعلمون من خلال العمل؛ حيث تقول نظرية التعلم الفعَّال إنَّ المتعلمين يجب أن يشاركوا بفاعلية في إجراءات التعلم من أجل التعلم بصورة أفضل، وإنَّ التفاعلات والتلعيب والمسابقات والتمرينات هي جميع عناصر التعليم الإلكتروني التي تلتزم بنظرية التعلم الفعَّال.
تقدِّم كل نظرية من النظريات السابقة طريقةً مختلفة للنظر في التعلم والمكونات الأساسية التي تجعل عملية التعلم تحدث، ومن أجل إنشاء دورة تعليمية فعَّالة للمتعلمين في العصر الحديث، يجب على محترفي التعليم الإلكتروني استخدام مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التعليمية مع مراعاة نظريات التعلم التي يلتزمون بها، من أجل مساعدتهم على تعلُّم المعلومات والاحتفاظ بها بصورة أفضل.
لقد أثرت كل نظرية في الممارسات والأساليب التعليمية، وسوف تستمر كل النظريات الجديدة في القيام بذلك، ومن ثمَّ، يجب على مصممي التعليم الإلكتروني أن يبدؤوا تصميم التدريب من خلال تحديد هدف للتدريب أولاً، ثمَّ تحديد الإطار النظري المناسب أو مزيج من هذه النظريات للمساعدة على تحقيق نتائج التعلم تلك.
أضف تعليقاً