يُعَدُّ العمل التطوعي ظاهرة هامة جداً تدل على إيجابية وحيوية المجتمع؛ إذ تبرز الصورة الإنسانية وتدل على رقي التفكير اللازم لتقدُّم مختلف الشعوب، كما أنَّ العمل التطوعي مكمِّل للعمل الحكومي؛ إذ يقدِّم الخدمات التي يصعب على الجهات الحكومية تأمينها أحياناً، وكل ذلك يصب في مصلحة المجتمع.
تؤدي الخبرات المستخدَمة في بناء الفِرق التطوعية دوراً هاماً في نجاح العمل وتحقيق نجاحات باهرة، تلك النجاحات التي تزيد ثقة المجتمع بالمنظمة التطوعية أو الجمعية، فيجد الجميع المكان المناسب للتبرع وتقديم الخدمات التي تعود بالفائدة على مجتمعه، وخاصةً المغتربين ممن يرغبون بالتبرع لمجتمعهم الأساسي؛ مسقط رأسهم؛ لتحسين الوضع المعيشي لأفراد ذلك المجتمع.
على الرغم من أنَّ الجمعية أو الجهة التطوعية جهاز صغير، لكنَّه يحتاج إلى وجود قواعد ونقاط أساسية يتم اعتمادها لبناء فريق تطوعي ناجح، ومقالنا الحالي يدلك على الطريق الصحيح لبناء الفِرق التطوعية الناجحة، فتابع القراءة.
أنواع الأعمال التطوعية:
قبل التعرف إلى طرائق بناء الفِرق التطوعية، يجب عليك التعرف إلى أشكال التطوع كاملة التي يمكن الاستفادة منها جميعاً في نشر الخير في المجتمع:
1. التطوع الافتراضي:
يُعرَف بالتطوع الإلكتروني الذي يتم بواسطة الإنترنت، بحيث يمكنك تقديم الفائدة من أي مكان في العالم.
2. التطوع الشامل:
هو التطوع الذي يمنح من خلاله المتطوع وقته كاملاً للجهة التطوعية، بحيث يبقى جاهزاً 24 ساعة لتقديم أيَّة خدمة تُطلَب منه.
3. التطوع القصير:
يتم من خلاله تحديد الوقت مسبقاً الذي يمنحه المتطوع للعمل التطوعي، وهو النوع الأكثر انتشاراً حالياً.
كيفية النجاح في بناء الفِرق التطوعية:
بناء منظمة غير ربحية تسعى إلى مناصرة قضايا نبيلة ليس بالأمر السهل، ولبناء فريق تطوعي قوي ووفي لأهداف المؤسسة، يجب عليك اتباع النقاط الآتية:
أولاً: حدد أهدافك
الخطوة الأولى والأهم لإنشاء الفريق التطوعي الذي ترغب به، وللبدء بالأعمال الخيرية، تحتاج إلى أن تعرف أهدافك بالتحديد، لذلك فكر كثيراً فيما ترغب بنشره في المجتمع، وما هي المظاهر السلبية التي ترغب في محاربتها؟ وهل تلك النشاطات التي تسعى إلى القيام بها تتوافق مع القوانين والقيم والأخلاق الحميدة؟
من الضروري وجود قناعة تامة بالأهداف التي سيعمل عليها الفريق، فإن لم تكن مقتنعاً بما تفعل، فلن تستطيع إقناع وجذب الناس للتطوع والالتزام بقضايا المؤسسة وبذل الجهد الكافي لتحقيق الأهداف.
شاهد بالفديو: 6 فوائد عظيمة للتطوع
ثانياً: اختيار الأشخاص المناسبين
المتطوعون هم العمود الفقري للمؤسسة، ومهما تميزت بمهارات وقدرات لا يمتلكها غيرك، لن تستطيع تحقيق الأهداف المرسومة دون وجود عدد من الأشخاص ممن يحملون المهارات اللازمة للعمل التطوعي.
يحتاج نجاحك في بناء فريق تطوعي قوي إلى وجود أشخاص متنوعين في خبراتهم ومهاراتهم، وهذا ما نجده في كثير من الفِرق التطوعية؛ إذ يوجد الطبيب والمعلم والمهندس والمغني وغيرهم، فالجميع لديه أفكار مميزة يمكن الاستفادة منها، ولذلك يجب وضع استراتيجية معينة لقبول المتطوعين، كأن يتم إجراء مقابلة مع المتطوع والتعرف إلى خلفيته العلمية والثقافية وانتماءاته والوظائف التي عمل ويعمل بها وما شابه من الأسئلة.
لدعوة الناس للتطوع، يمكنك نشر الإعلانات التي تعرِّف بأهداف المنظمة عبر قنوات التلفاز أو الصحف أو مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي والتحدث عن أهداف الفريق في الفعاليات المجتمعية والمناسبات العامة التي تجمع أعداداً كبيرة من الناس، ويتضمن الإعلان عن الفرص التطوعية بياناً بما يأتي:
- عناوين الأدوار: يتم ذكر الأدوار التي تحتاج إلى متطوع في المؤسسة.
- وصف الدور: يتم ذكر الأعمال والمهام التي قد توكل للمتطوع ويجب عليه تأديتها.
- المؤهلات: تضمن المهارات التي يجب أن يتمتع بها المتطوع ليحصل على الدور.
- الشهادات: توضح الشهادات العلمية والمهنية التي يحتاجها المتطوع ليتم قبوله.
ثالثاً: تدريب الفريق التطوعي
بعد قبول الأشخاص المناسبين لأهداف الفريق التطوعي والأدوار المطلوبة، يجب تدريب ودعم المتطوعين، فلا تعتقد أنَّ شهادات ومهارات الأفراد كافية، ولا ترمِ كافة المسؤوليات عليهم.
يجب عليك في البداية تزويد المتطوعين بكافة المعلومات التي تتعلق بالقضايا التي يتم العمل عليها، وإعطاء كثير من الأمثلة عن الأشخاص المستهدفين في العمل، إضافة إلى تزويدهم بالإرشادات المتعلقة بخطة العمل التي يتم اعتمادها في سبيل تحقيق الأهداف.
لزيادة التركيز على النقاط الهامة، يمكن الاستعانة بأدلة مثل مقاطع فيديو لمنظمات عالمية تقوم بأعمال مشابهة والاستعانة باختصاصيين نفسيين توضح آثار ذلك العمل في الأشخاص المعنيين.
رابعاً: التقرب من الفريق
يتطوع الإنسان ليقدِّم أفضل ما لديه دون مقابل، لذلك لا يمكن التعامل مع المتطوع على أنَّه موظف، فهو لا ينتظر منك بصفتك مديراً للفريق مقابلاً مادياً لعمله؛ إنَّما ينتظر الاحترام والتقدير لمساهمته في العمل ومنح المنظمة بعضاً من وقته.
لأنَّ الجميع غالباً لديه أعمال مختلفة وتطوعه يكون بوقت قصير؛ فيجب احترام أوقات عملهم الأساسي وتوكيلهم بالمهام التي لا تتعارض مع أعمالهم، ومن الأفضل بث جو الألفة والمحبة بين أفراد الفريق ليشعر المتطوع بالمحبة والمتعة وكأنَّه ضمن أفراد عائلته، لذلك حاول جمع الفريق بعد كل مهمة وقضاء وقت ممتع، مثل حضور حفلة موسيقية أو عشاء مميز وتقديم بعض الهدايا البسيطة وبطاقات الشكر.
من الجميل تعريف الجميع إلى إنجازات الفريق بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً؛ لإظهار التقدير لعمل الفريق للجميع، فيشعر المتطوع بالفخر بنفسه ويتعزز الانتماء إلى هذه المنظمة، إضافة إلى ذلك، فإنَّ التقرب من أفراد الفريق يساعد على تعزيز التواصل المفتوح، فيتمكن المتطوع من تقديم أفكاره ووجهات نظره ببساطة.
خامساً: متابعة عمل الفريق التطوعي
متابعة خطة العمل هي مرحلة هامة من مراحل بناء الفريق التطوعي القوي؛ إذ تضمن المتابعة استمرارية العمل بالشكل الصحيح الذي يحقق أهداف الفريق، ولمتابعة عمل الفريق، يجب أن يتم إعداد تقارير توضح ما يأتي:
1. حضور أفراد الفريق:
كما ذكرنا آنفاً، الجميع يمتلك عملاً أساسياً يحتاجه ليحصل على مردود مالي؛ لذلك لا يمكن للجميع الحضور دائماً سواء لمتابعة اجتماعات المنظمة أم للقيام بالمهام الموكلة لهم؛ لذلك يجب إعداد تقارير توضح عدد المتطوعين الملزَمين بالحضور والأدوار التي يقومون بها لمعرفة أماكن التقصير وضبط المشكلات قبل تفاقمها.
2. تحديد عدد ساعات العمل:
يجب إعداد تقارير توضح عدد ساعات العمل التي تحتاجها كل مهمة ليتم إنجازها، وعدد ساعات العمل لكل دور من الأدوار التي يجب الالتزام بها؛ إذ يفيد ذلك في تحديد عدد ساعات العمل اللازمة عندما يتم الإعلان عن إمكانية التطوع.
3. الوسائل والطرائق المتبعة في إنجاز المهام:
تتبُّع طرائق العمل والأساليب التي يتبعها الفريق هام لمعرفة الطرائق الأكثر جدوى في تحقيق الأهداف والمهارات اللازمة ليتم العمل بالشكل المطلوب، فيتم اعتماد تلك الوسائل والأساليب مستقبلاً في خطط مشابهة.
سادساً: بناء علاقات قوية مع المجتمع
يجب أن يشعر أفراد المجتمع بأهمية عمل الفريق وبقربه منه، فلا يتردد شخص ما باللجوء إلى الفريق لمساعدته على حل مشكلة ما أو للاستعانة بهم للحصول على استشارة مجانية تتعلق بموضوع ضمن سياق عمل الجمعية.
من خلال التقرب من المجتمع يمكن تحديد الاحتياجات بدقة، ومعرفة أماكن الخلل والنقص والإضاءة عليها، ومتابعة التغيرات الحاصلة في المجتمع سواء الاقتصادية أم الثقافية أم الاجتماعية التي تؤثر في احتياجات المجتمع سلباً أو إيجاباً.
سابعاً: السماح بعرض مواهب الفريق الفردية
السماح لفرد بجلب موهبته لفريق تطوعي تعود بالفائدة على المنظمة وعلى الفرد ذاته، وينعكس ذلك إيجابياً على أفراد المجتمع، فمثلاً جمعية خيرية تعنى بمساعدة المرضى والمحتاجين لمساعدة مادية تضم ضمن فريقها مدربة رياضية تمتلك مكاناً خاصاً للتدريب وترغب بتقديم الفائدة بطريقتها.
من خلال التنسيق مع الجمعية تم تخصيص وقت مجاني للأطفال مرتين أسبوعياً يتم فيه تدريبهم وتعليمهم بعض الرقصات الرياضية، ويساعد ذلك على اكتشاف مواهب الأطفال ويُبرِز موهبة المدربة ويرفع مستوى الجمعية الخيرية في الوقت ذاته.
في الختام:
يؤدي بناء فريق تطوعي إلى خدمة المجتمع والرقي به ونشر الخير بمختلف أشكاله، ولكنَّه ليس بالعمل السهل، فالإنسان يتطوع من تلقاء نفسه ولا توجد التزامات وقواعد تجبره على العمل؛ إنَّما يجب أن يشعر بالانتماء إلى المنظمة وبالثقة بأهدافها ليبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق تلك الأهداف.
يجب أن يبدأ بناء فريق تطوعي قوي بمعرفة الأهداف التي يجب العمل على تحقيقها والإيمان بها جيداً لتنقل ذلك الشعور لأفراد الفريق لاحقاً، ومن ثم يجب اختيار الأشخاص المناسبين بعد تحديد الأدوار اللازمة لتحقيق المهام والأهداف.
لتجنيد الأشخاص المناسبين يجب التعرف إلى شهاداتهم ومهاراتهم وأخذ فكرة شاملة عن الفرد قبل أن يتم قبوله، ومن ثم تدريب الفريق وتقديم ما يحتاجه من وسائل وإرشادات ليقوم بعمله.
كما يجب بث جو الألفة بين أفراد الفريق من خلال التقرب منهم، والسماح لهم بتقديم أفكارهم ووجهات نظرهم ببساطة، واحترامهم، وتقدير أعمالهم، والتحدث عن إنجازاتهم علناً، وتقديم الشكر على الالتزام بأهداف المنظمة، ولكي تعود الفائدة على الجميع يمكن السماح لأعضاء الفريق بنقل مواهبهم إلى المنظمة للاستفادة منها قدر الإمكان.
أضف تعليقاً