موعد صلاة العصر:
موعد صلاة العصر هو الثالث من الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة على المسلمين، وتُصلَّى بعد انتصاف النهار ويستمر وقتها حتى قبل غروب الشمس، ويُعد وقت صلاة العصر وقتاً هاماً للتأمل والدعاء، ويُشجع المسلمون على أداء هذه الصلاة في جماعة إذا أمكن ذلك.
سنة صلاة العصر:
صلاة العصر هي إحدى الصلوات الخمس المفروضة في الإسلام، ولها سنة قبلية ليست من السنن الرواتب المؤكدة، ولكنَّها مستحبة، وتتألف سنة صلاة العصر القبلية من أربع ركعات يمكن أداؤها قبل الفريضة، ويُستحب أداؤها بعد دخول وقت العصر وقبل أداء الفريضة.
لقد ورد عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "رحم الله امرأً صلَّى قبل العصر أربعاً"، وهذا يدل على فضل أداء هذه السنة، وعلى الرغم من أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم يواظب على أدائها دائماً، إلا أنَّها تُعد من الأعمال التي يُثاب فاعلها ويُرجى له الرحمة.
أما بالنسبة إلى السنة البعدية لصلاة العصر، فقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد فريضة العصر حتى تغرب الشمس، فلا توجد سنة بعدية مشروعة بعد صلاة العصر.
فيما يتعلق بكيفية أداء سنة العصر، فقد ورد أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يصليها ركعتين ركعتين، ويُفصل بين كل ركعتين بتسليمة، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى جواز الاقتصار على أداء ركعتين فقط بوصفها سنة قبلية لصلاة العصر.
بهذا، تُعد سنة صلاة العصر القبلية من الأعمال التي يُستحب للمسلم القيام بها، وإن كانت ليست بالمؤكدة كالسنن الرواتب الأخرى، ولكن لها فضلها وأجرها عند الله تعالى.
فضل صلاة العصر:
إنَّ فضل صلاة العصر لما لها من مكانة عظيمة في الإسلام كبير، وقد أُشير إليها في القرآن والسنة بأهمية كبيرة، فهي الصلاة الوسطى التي أمر الله - سبحانه وتعالى - بالمحافظة عليها بشكل خاص، كما في قوله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى" [البقرة:238].
لقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة التأكيد على فضلها والترهيب من تركها، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم: "مَن ترك صلاة العصر حبط عمله"، وهذا يدل على شدة العقوبة والإثم لمَن تهاون في أدائها.
من فضائل صلاة العصر أنَّ المحافظة عليها تعد سبباً لدخول الجنة، كما في الحديث: "من صلَّى البردين دخل الجنة"، والبردان هما صلاة الفجر والعصر، وقد ضاعف الله أجر المحافظة على صلاة العصر، فمَن حافظ عليها كان له أجره مرتين، وتُعد صلاة العصر أيضاً سبباً في الوقاية من النار، كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
إنَّ الاهتمام بصلاة العصر والمحافظة عليها يُعد من علامات الإيمان والتقوى، وهي فرصة للمؤمن ليجدد عهده مع الله - عز وجل - في وسط النهار، وقت انشغال الناس بأمور دنياهم، فمن استطاع أن يحافظ على صلاة العصر فقد أظهر التزاماً عظيماً بدينه وعبادته، ولذلك، يجب على كل مسلم ومسلمة أن يعتنوا بهذه الصلاة ويؤدوها في وقتها مع الخشوع والتدبر، متذكرين فضلها وما أعده الله للمحافظين عليها من جزاء عظيم.
عدد ركعات صلاة العصر:
عدد ركعات فرض صلاة العصر هو أربع ركعات، وقد أجمع أهل العلم على ذلك، مستدلين بالأحاديث النبوية الشريفة والآثار الواردة عن الصحابة رضوان الله عليهم، ومن السنن المؤكدة المتعلقة بصلاة العصر، الحث على أداء أربع ركعات قبل الفرض، وهي ليست سنة راتبة ولكن ورد الحث عليها في الأحاديث.
تبدأ صلاة العصر بتكبيرة الإحرام وتتبعها قراءة الفاتحة وما تيسَّر من القرآن الكريم، ثم الركوع والسجود، وتُكرَّر هذه الخطوات في كل ركعة، ويُستحب في الركعتين الأوليين من صلاة العصر أن تكون القراءة جهرية، أي يُسمِع القارئ نفسه، وفي الركعتين الأخيرتين تكون القراءة سرية.
من الجدير بالذكر أنَّه يُستَحَب الإسراع في أداء صلاة العصر وعدم تأخيرها دون سبب، لما لها من فضل كبير ومكانة عظيمة في الإسلام، والله أعلم.
شاهد بالفديو: عبارات وأقوال رائعة عن الإيمان
كيفية أداء صلاة العصر:
تكون طريقة صلاة العصر في وقتها المحدد وبخشوع وتركيز، مع الحفاظ على الطهارة واستقبال القبلة.
إليك الخطوات الأساسية لكيفية صلاة العصر:
1. النية:
قبل الشروع في الصلاة، يجب على المصلي أن ينوي في قلبه أداء صلاة العصر.
2. التكبير:
يبدأ المصلي صلاته بتكبيرة الإحرام، وهي رفع اليدين وقول: "الله أكبر".
3. قراءة الفاتحة:
بعد التكبير، يقرأ المصلي سورة الفاتحة كاملة.
4. قراءة سورة:
يتبع قراءة الفاتحة بقراءة سورة قصيرة أو آيات من القرآن.
5. الركوع:
بعد القراءة، يركع المصلي مع التكبير ويقول: "سبحان ربي العظيم" ثلاث مرات.
6. الرفع من الركوع:
يرفع المصلي من الركوع مع قول: "سَمِعَ الله لمن حمده".
7. السجود:
يؤدي المصلي سجدتين، مع قول: "الله أكبر" عند الانتقال إلى السجود وبين السجدتين.
8. الجلوس بين السجدتين:
يجلس المصلي قليلاً بين السجدتين ويقول: "رب اغفر لي".
9. القيام للركعة الثانية:
يقوم المصلي للركعة الثانية مع التكبير.
10. تكرار الخطوات من 3 إلى 8:
يكرر المصلي الخطوات من قراءة الفاتحة إلى الجلوس بين السجدتين.
11. التشهد الأول:
بعد الركعة الثانية، يجلس المصلي للتشهد الأول ويقول التحيات لله والصلوات الطيبات.
12. القيام للركعتين الأخيرتين:
يقوم المصلي لأداء الركعتين الثالثة والرابعة، فيقتصر على قراءة الفاتحة فقط.
13. التشهد الأخير والسلام:
بعد الركعة الرابعة، يجلس المصلي للتشهد الأخير ويصلي على النبي، ثم ينهي الصلاة بالسلام على اليمين والشمال.
ماذا يُقرأ في صلاة العصر؟
يُسنُّ للمصلي في صلاة العصر أن يقرأ في الركعتين الأوليين بعد سورة الفاتحة بسور من أوساط المفصَّل، وهي السور التي تبدأ من سورة الحجرات حتى سورة البروج، وتشمل سوراً مثل الطارق، الأعلى، الغاشية، الفجر، البلد، الشمس، الليل، الضحى، الشرح، التين، العلق، القدر، البينة.
في الركعتين الثانية والثالثة، لا يُقرأ شيء بعد الفاتحة، ويُسنُّ الإسرار بالقراءة في صلاة العصر؛ أي القراءة بصوت منخفض، وذلك لأنَّ النهار وقت للسعي والعمل، والإسرار بالقراءة يُساعد على عدم التشتت.
أذكار بعد صلاة العصر:
يُستحب للمسلم بعد صلاة العصر، أن يذكر الله ويدعي بأذكار مخصصة تُعرف بأذكار ما بعد الصلاة، وتشمل هذه الأذكار:
- الاستغفار ثلاث مرات: "أَسْتَغْفِرُ الله"، وهو طلب العفو والغفران من الله.
- التسبيح، التحميد، والتكبير 33 مرة لكل منها: "سُبْحانَ الله"، "الحَمْدُ لله"، و"اللهُ أكْبَر".
- قول: "لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحَمْد، وهوَ على كل شَيءٍ قَدير".
- قراءة آية الكرسي (البقرة 255): "اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ...".
- قراءة سور الإخلاص، والفلق، والناس: والتي تُعرف بالمعوذات.
- الدعاء بما تيسَّر من الأدعية النبوية والقرآنية.
يُعد الذكر بعد الصلاة من الأعمال الصالحة التي تُعين المسلم على ذكر الله وشكره وحسن عبادته، وتُعد من الأسباب التي تجلب الطمأنينة والسكينة للقلب.
توجد عدة أدعية يُستحب ذكرها في صلاة العصر، ومنها:
- "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ" (البقرة 127).
- "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة 128).
- "رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (البقرة 201).
- "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ" (البقرة 250).
- "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَّسِيْنَا أوْ أخْطَاْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إصْراً كَمَا حَمَلْتَهٗ عَلَي الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِه وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أنْتَ مَوْلٰىنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكٰفِرِيْنَ" (البقرة 286).
- "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إذْ ھَدَيْتَنَا وَھَبْ لَنَا مِنْ لَّدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الْوَھَّابُ".
توجد أدعية أخرى يُمكن الدعاء بها بين الأذان والإقامة للفرج وقضاء الحوائج، مثل:
- "إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت".
- "اللهم أعنِّي ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ".
- "اللهم لا تردنا خائبين، وآتنا أفضل ما يُؤتى عبادك الصَّالحين".
في الختام:
يظهر لنا أنَّ صلاة العصر ليست مجرد واجب ديني، بل هي لحظة اتصال عميقة مع الله وفرصة للتأمل والاستقامة، وبتأديتها بانتظام وتركيز، يمكن أن تحقق صلاة العصر تحولاً إيجابياً في حياة المؤمنين، وهذا يعزز السلام الداخلي والتوازن الروحي؛ لذا دعونا نحافظ على هذه العادة الطيبة ونستمر في تجديد الروح من خلال صلاة العصر، ونستمتع بالفضل الكبير الذي تأتي به على حياتنا اليومية.
أضف تعليقاً