علم النفس الإيجابي:
علم النفس الإيجابي هو فرع من فروع علم النفس يركز على الأحداث والتأثيرات الإيجابية في الحياة، من خلاله يجد الناس حياة هادفة وذات معنى.
باستخدام ما يسمى بتقنية "التنقيب" (prospection)، يمكنك التفكير في مستقبلك المحتمل وتصوره، فقد يشمل ذلك التخطيط والتنبؤ واستخدام السيناريوهات الافتراضية حول الأحداث المستقبلية. يمكن أن تكون معرفة أنَّك قادر على العثور على طريقة لتوجيه تفكيرك نحو التفاؤل وتحقيق مستقبل زاهر أمراً مفيداً؛ وذلك على الرغم من العقبات التي تواجهها.
كيف يساعدك التفكير في المستقبل؟
هناك مجموعة من فوائد الصحة النفسية التي تعود عليك من خلال توظيف مخيلتك في التفكير المستقبلي، وتسخير المزيد من الدوافع إلى تحقيق الأهداف طويلة الأمد.
1. الدوافع والتوقع:
عندما تكون متحمساً إلى فعل شيء ما، وتتوقع حدوثه في المستقبل، فمن الأرجح أن تنجح.
لاحظ أنَّ التفكير المستقبلي يختلف عن التخيل، فقد يشعر الناس في الرضا حين يتخيلون، وكأنَّهم قد حققوا أهدافهم بالفعل في الوقت الحالي، لذا فهم لا يعملون أو يخططون إلى تحقيق النجاح في المستقبل.
2. التصور:
عندما تحمل صورة في ذهنك تجعلك ممتلئاً بالحماسة، فأنت بذلك تتصورها؛ فقد أظهرت العديد من الدراسات أنَّ الرياضيين الذين يتدربون عن طريق التصور وتخيل الأداء الناجح في المستقبل، يؤدون بشكل أفضل.
من الملفت للنظر أنَّك تحفز نفس الجزء من الدماغ كما تفعل عندما تمارس الرياضة بالفعل، لذا يمكن أن يساعدك استخدام تقنيات التصور في الوصول إلى مستقبل أفضل.
3. الاندفاعية:
إنَّ الاندفاعية (Delay Discounting) مصطلح نفسي يصف كيف يختار الناس عادة المكافآت الصغيرة التي يمكنهم الحصول عليها عاجلاً، بدلاً من المكافآت طويلة الأمد. على سبيل المثال، قد تختار إنفاق أموالك على جهاز تقني جديد الآن، بدلاً من ادخارها لهدف أسمى، مثل إطلاق مشروع جديد.
عندما تتخيل أنَّك سوف تطلق مشروعاً جديداً في المستقبل وتتحمس إليه، فإنَّك ترتبط أكثر في هذا الهدف المستقبلي مع نفسك، ويصبح أكثر واقعية وممكناً، لذلك من المرجح أن تستثمر في هذه الفكرة أكثر، وتتغلب على الاندفاعية.
شاهد بالفديو: 10 أمور يجب القيام بها إذا كنت يائساً من مستقبلك
إدارة تحديات الصحة النفسية:
إنَّ ممارسة عادة التفكير المستقبلي في نظرة إيجابية له مزايا عديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدك في مواجهة آثار تحديات الصحة النفسية المختلفة.
1. تقليل التوتر:
قد يكون من الصعب في الوقت الحاضر أن تجد شخصاً غير متوتر. تقول هالي نيدتش (Haley Neidich)، خبيرة الصحة النفسية: "الأفراد الذين لديهم في طبيعتهم خيال واسع ومتفائلون يميلون إلى امتلاك مهارات أفضل في إدارة ضغوطات الحياة والتعامل مع الأحداث المثيرة إلى القلق، وعندما يمارس الناس التفكير المستقبلي الإيجابي، فإنَّ أجسادهم تكون مسترخية، لذلك لا يعتبرون العوامل التي تثير التوتر مشكلات كبيرة.
تقول هالي نيدتش (Haley Neidich): "يبالغ الأشخاص - الذين يمرون بتجربة التفكير السلبي، ويواجهون صعوبة في التفكير في المستقبل - في الرفع من شأن عوامل التوتر الصغيرة".
2. القلق:
تقول نيدتش (Neidich): "أجد أنَّ الأفراد الناجحين الذين يعانون من اضطرابات القلق والذين هم في طبيعة الحال يفكرون في المستقبل، يَعزون نجاحهم إلى قلقهم. قد يكون هذا إشكالياً، لأنَّه يعزز فكرة أنَّ القلق - وليس عادة التفكير - هو ما يحقق لهم النجاح".
3. الاكتئاب:
يمكن أن تكون قوة التفكير المستقبلي عاملاً حاسماً في تعزيز الصحة النفسية، حيث تقول نيدتش (Neidich) "يتحسن المصابون في الاكتئاب بصورة ملحوظة من أعراضه، عندما يركزون على أهداف مستقبلية إيجابية.
كيف تستخدم التفكير المستقبلي؟
مع كل الفوائد التي يعود بها استخدام خيالك إلى التفكير في المستقبل عليك، قد تتساءل عن كيفية ممارسته بالفعل، هناك طرائق متعددة إلى القيام في ذلك؛ يمكنك العثور على طريقة تناسبك، وحتى تجربة طرائق جديدة لتجربة التفكير المستقبلي:
- الاستمتاع بالترقب: لتحسين صحتك النفسية، تمتع بالتفكير في حدث مستقبلي؛ فالاستمتاع في الترقب هو عندما تستمتع في حدث لم يحدث بَعد. سوف تستفيد من ذلك بعدة طرائق: من خلال تخيله، وتحققه في الواقع، ثم في النهاية تذكره.
- الممارسة: حدد قائمة في أفكارك، واكتشف ما إذا كنت مهووساً في الماضي أم أنَّك غارق في مشاكلك الحالية، ركز على الأفكار وحول ما تتطلع إليه، وانتبه إلى الأفكار الإيجابية الموجهة نحو المستقبل.
العلاج النفسي الموجه نحو التفكير في المستقبل:
إذا كنت لا تزال تعاني، يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التفكير في المستقبل وتحسين الاحتمالات، ويغير هذا النوع من العلاج استجابتك السلبية التلقائية ويساعدك على استبدال التفكير السلبي في أفكار أكثر موضوعية ووضوح، ويمكن أن يساعدك ذلك على المضي قدماً في مستقبلك بطريقة صحية.
أو قد تختار مباشرة العلاج الموجه نحو التفكير في المستقبل؛ ففي هذا النوع من العلاج، لا تتطرق إلى مشاكل الماضي أو الحاضر، وإنَّما تقضي وقتاً في تخيل ما تريده في المستقبل، لتعلم كيفية تحقيق تلك الأهداف المستقبلية.
التقدم إلى الأمام:
استخدم قوة خيالك لمساعدتك على عيش حياة صحية، حيث يقول الدكتور وعالم النفس روبن هورنشتاين (Robin Hornstein): "عندما نتخيل، نستخدم أجزاء من دماغنا لمواجهة الروايات السلبية التي تنسجها عقولنا ومواجهة والخوف واليأس؛ فتخيل أنَّك تكتب سيناريو لمستقبل مثير ويمكن تحقيقه، فأنت في ذلك تبتسم وتكوِّن ذكرى أو رغبة في دماغك، مما يُطلق الناقلات العصبية التي تجلب السعادة إلينا".
إنَّ فوائد التوقعات الإيجابية كثيرة، حيث يضيف هورنشتاين (Hornstein): "يستغرق الأمر نفس القدر من الوقت إلى كتابة قصة سلبية يمكن أن تؤدي إلى تدهور مزاجك. تؤثر هذه المعتقدات والأحلام الإيجابية على صحتنا النفسية ويمكن أن تحسن النوم والعلاقات مع من حولك؛ كما أنَّ بعض الناس يتصورون تحقيق أحلامهم، وفي بعض الأحيان يحققونها بالفعل".
يمكن أن يؤدي استثمار خيالنا إلى زيادة مشاعر احترام الذات والثقة في النفس، ويؤدي إلى المزيد من الخيارات الإيجابية، ويساعدك على الازدهار في علاقات صحية، لذلك ابحث عن سيناريوهات سعيدة وإيجابية لكي تتصورها.
أضف تعليقاً