ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش إيلي شاوغ (Eli Schaugh)، ويُحدِّثنا فيه عن عادتين يوميتين تساعدانك على الشعور بالتفاؤل في الأوقات الصعبة.
يمكن لأيِّ شخص أن يتعلَّم التفاؤل؛ لأنَّه مهارة وليس موهبة، ممَّا يعني أنَّه يمكن صقلها، ومن خلال دراسة الأشخاص الذين يحافظون باستمرار على التفاؤل خلال الأوقات الصعبة، يمكنك إضافة هذه المهارات إلى مجموعة آليات تكيفك الصحية:
أولاً: الامتنان
ربما تكون قد قرأت عن مدى قوة الامتنان، وقد تحتفظ بالفعل بدفتر يوميات للامتنان، وهذه خطوة أولى رائعة، لكن هل تُقدِّر ما يمكنك الحصول عليه من ممارسة الامتنان؟ في محاضراتي في أثناء الكوتشينغ، يشارك معظم الأشخاص ما يشعرون بالامتنان له، إلا أنَّهم يتبعون كلامهم بكلمة "لكن"، فإذا قلت: "أنا ممتن لوجود عائلتي، لكن..."، فإنَّك تتجاهل الامتنان وتمنع نفسك من الشعور به في الوقت الحالي؛ فكلمة "لكن" لها هدف محدد في لغتنا؛ فإنَّها تلغي كلَّ ما سبقها.
إذا كنت ترغب في استخدام الامتنان لتغيير طريقة تفكيرك وتصبح أكثر تفاؤلاً، يجب أن تعيش من خلال الامتنان، وليس مجرد التحدث أو كتابة يوميات عنها، وفي اللحظات التي تبدو فيها الأمور صعبة، توقف لملاحظة أيِّ شيء يمكنك أن تشعر بالامتنان تجاهه والتركيز عليه تركيزاً مدروساً.
يصبح الأمر عادة مع القليل من الممارسة؛ لذا جرِّبه في المرة القادمة التي تجري فيها محادثة سلبية؛ ففي منتصف حديثك عن كلِّ الأشياء التي تحدث خطأً، توقف وتكلَّم قليلاً عمَّا يجري على ما يرام؛ فهذا هو الوقت المناسب لاستخدام كلمة "لكن"؛ لأنَّك تلغي بذلك كلَّ الأشياء السلبية التي قلتها كأن تقول: "هذا سيئ، لكن لدي عائلة رائعة أحبها وتحبني، وسوف نتغلب على هذا معاً، وأنا ممتن للغاية لوجود مثل هؤلاء الأشخاص الرائعين في حياتي".
لديك الفرصة في تلك اللحظة لكسر الحلقة السلبية والشعور بالامتنان بدلاً من ذلك، وانتبه إلى كيفية تغير تنفسك ووقفتك عندما تتوقف لتشعر بالامتنان في هذه اللحظة، وعش التحول من خلال جسمك بالكامل وتقبَّله؛ إذ ستعمل هذه التقنية على تدريب عقلك وجسمك على التخلص من التشاؤم من خلال الامتنان، وسيصبح الأمر أسهل كلَّما فعلت ذلك.
إذا كنت تدوِّن ما تمتن لأجله كلَّ صباح أو مساء، فحاول القيام بذلك طيلة اليوم، وإذا لم تكن تحتفظ بدفتر يوميات للامتنان من قبل، أو إذا لم يكن تدوين اليوميات هو الشيء الذي تفضِّله، فجرِّب هذه التقنية؛ فإنَّها طريقة رائعة لتغيير طريقة تفكيرك بأقل جهد، وستزداد قوة تفاؤلك كلَّ يوم.
شاهد: كيف أحافظ على حماسي في ظل الظروف القاسية؟
ثانياً: تصوُّر المستقبل
يتركز التصور الإيجابي للمستقبل على تخيُّل مستقبلك بالطريقة التي تريدها بالضبط، وهذه التقنية فعالة؛ لأنَّها يمكن أن تدرب عقلك على تحويل الأفكار المقلقة إلى أخرى إيجابية؛ فالمستقبل لم يحدث بعد، ممَّا يعني أنَّ كلَّ فكرة لديك عن المستقبل هي من محض خيالك، وخيالك تحت سيطرتك؛ لذا يمكنك تعليم نفسك التركيز على المستقبل الإيجابي الذي تريده بدلاً من التركيز على السيناريوهات المتشائمة.
ينشغل معظم الناس بالقلق بشأن ما قد يحدث، وهذا يفتح المجال لمزيد من الأفكار والتوقعات السلبية غير المرغوب فيها؛ فهل مر وقت توقعت فيه الأسوأ ولم يحدث؟ وهل توقعت الأفضل ولم يحدث ذلك أيضاً؟ بالطبع، فكِّر الآن في الحالتين كلتيهما، وفكِّر في مقدار الهدوء والسعادة الذي شعرت بهما عندما توقعت نتيجة أفضل بدلاً من السيئة.
لا يمكنك التنبؤ بالمستقبل؛ بل يمكنك تركيز طاقتك على ما تريد أن يحدث، وسيساعدك هذا على الحفاظ على عقلية أكثر تفاؤلاً بمرور الوقت، كما أنَّك عندما تركز على ما تريد، يسهل عليك العثور عليه؛ إذ صُمِّم العقل الباطن لتحديد المعلومات الهامة والتعرف إلى الموارد والفرص لمساعدتك على الحصول على ما تريد.
للحصول على تصوُّر مستقبلي فعَّال، فكِّر بوضوح فيما تريد وكيف سيبدو عندما تحصل عليه بالضبط، وجرِّب ذلك الليلة، عندما تكون مستلقياً على السرير، تخيَّل تفاصيل ما تريده غداً، وأنشئ فيلماً في عقلك وشاهد اليوم وهو يمر بالطريقة التي تريدها بالضبط.
تخيَّل الاستيقاظ وأنت تشعر بالحيوية والسعادة، وتخيَّل نفسك تنهض من السرير في الوقت المناسب تماماً وتشعر بالحيوية، وشاهد نفسك تعيش خلال يومك بمشاعر إيجابية وتنجح في كلِّ ما تفعله، وفكِّر في المحادثات التي ستجريها ومدى نجاحها، واجعله فيلماً ليومك المثالي.
إذا لم تسر الأمور كما تريد، فكيف تفضِّل أن يكون رد فعلك في تلك اللحظة؟ يمكنك تصوُّر الطريقة التي تتعامل بها مع الرفض وخيبة الأمل في المستقبل باستخدام المهارة نفسها بالضبط، فلنفترض أنَّك تنتظر رداً من وظيفة تريدها، أولاً تصوَّر المستقبل بالطريقة التي تريدها وتخيَّل الحصول على الوظيفة والشعور بالإثارة والتحفيز والإنجاز والسعادة وما إلى ذلك.
إذا كنت ما تزال تشعر بالحاجة إلى التخلص من مشاعر الشك السلبية، فيمكنك في المستقبل أن تحدد كيف سيكون رد فعلك في هذا السيناريو، ويمكنك أن تتخيَّل نفسك تشعر بالهدوء والتركيز والإيجابية؛ لأنَّك ستجد فرصة أخرى وستكون جاهزاً لها، ويمكنك أيضاً تخيُّل التعلم من التجربة واستخدامها لدفعك إلى المستقبل الذي تريده.
إنَّ ممارسة تصور المستقبل الإيجابي تدرِّب عقلك على التركيز على ما تريد، ممَّا يجعل من السهل تحقيقه ويمنح عقلك شيئاً يتطلع إليه، كما تساعدك هذه المهارة على اعتياد توقع كلِّ ما هو إيجابي بصورة تلقائية، وهي طريقة قوية لتطوير التفاؤل.
تذكَّر أنَّ المستقبل يقبع في خيالك، فهل تريد حقاً أن تشعر بالقلق وعدم الارتياح قبل حدث ما، خاصة إذا كان بعد أسابيع أو شهور؟ أو هل تفضِّل أن تشعر بالتفاؤل حيال ذلك وأن تستمتع في حياتك حتى يحين وقت الحدث؟ إذ سيمضي الوقت في الحالتين كلتيهما، والفرق هو كيف يمكنك العيش خلال هذا الوقت، فعليك أن تختار.
معظم المقالات تجعل التفاؤل يبدو سهلاً للغاية، كما لو أنَّ الكاتب لا يمر بيوم سيئ أبداً، وهذا محض خيال؛ فكلُّ شخص يمر بأيام سيئة، ولن يتغير ذلك حتى بعد التعود على هذه الممارسات، والفرق هو أنَّك تتعلم كيفية تغيير طريقة تفكيرك في تلك اللحظات السلبية، وتعلُّم هذه الأدوات يمكن أن يغير حياتك فقط إذا كنت تمارسها باستمرار؛ فالتفاؤل مهارة؛ لذا خطط لكيفية استخدام هذه الأدوات، وتذكَّر ممارسة الامتنان طوال اليوم وتصوَّر المستقبل الإيجابي بانتظام.
في الختام:
إذا التزمت بأن تكون أكثر تفاؤلاً، فستكون كذلك؛ إذ إنَّه خيار يتعين عليك القيام به مراراً وتكراراً لبقية حياتك؛ لأنَّك إنسان ذو إرادة حرة؛ لذا تقبَّل هذا الخيار؛ فالمستقبل قادم بصرف النظر عن أيِّ شيء، لكن كيف تستعد له، وكيف تشعر خلال رحلة حياتك، هو أمر متروك لك.
أضف تعليقاً