ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "جوشوا كارترايت" (Joshua Cartwright)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في زيادة الحافز لتحقيق أهدافه.
في عام 1996 عانيتُ أزمةً وجوديةً غيَّرت حياتي، في بعض الحالات كان السبب وراء ذلك هو أسلوبي في تحديد الهدف، في ذلك الوقت كنت قد تقدمت في مجال الكتابة الاحترافية، وعملت لخمس سنوات في المجال الصحافي الشاق لأكتب فجأةً في إحدى الصحف الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة (UK).
لقد كنت أعمل مع أفضل الكُتَّاب في هذا القسم، وكان راتبي يزداد كل بضعة أشهر وكان نحو 4 ملايين شخصاً في الأسبوع يقرؤون كتاباتي، وكان لديَّ المال، وحصلت على وظيفة في الثانية والعشرين من عمري، لقد كنت أشعر بالسعادة والرضى، أو كنت أظن ذلك.
ذات يوم كنت أسير في الشارع عندما راودتني فكرة وهي: "أهذه هي النهاية؟ هل هذا كل ما يجب أن أتطلع إليه خلال العشرين عاماً القادمة من عمري؟ كسب المال وشراء الأشياء فقط؟" لقد أصابتني حالة من اليأس.
عندما أفكر فيما حدث معي وما الذي تعلمته بعد سنوات، فإنَّني أستخلص أفكاراً قويةً عن بعض الأمور التي قد تكون مفقودة من فلسفة تحديد الأهداف، تلك الأمور التي إذا أدركتها الآن يمكن أن تساعدك على البقاء متحمساً لسنوات قادمة وتجنبك السقوط والفشل الذي مررت به.
ما حدث معي هو أنَّني حققت هدفاً نهائياً، ولم يكن هذا في حد ذاته أمراً سيئاً؛ لكنَّه كان السبب وراء أزمتي.
قبل سنوات قليلة من ترك عملي والسعي لأصبح كاتباً تلقيت بعض الدورات المتخصصة، ثمَّ انتقلت للحصول على شهادة في مجال الصحافة، وقبل أن أنال الشهادة عُرِضَت عليَّ وظيفة، وفجأةً حققت في ذلك الوقت ما كنت أُعِدُّه هدفي في الحياة؛ وهو أن أصبح كاتباً محترفاً يعمل في وسائل الإعلام في عمر الـ 22.
لم يكن لدي أهداف ذات مغزى تتجاوز هدفي النهائي، ولم يعد لدي أي شيء ذي مغزى أكافح من أجله، وهكذا أصابني اليأس، فيما بعد تحسنت الحياة؛ لسببين:
- لدي أهداف ذات مغزى تتجاوز أهدافي الحالية.
- لدي سلسلة من الأهداف التي لا تنتهي بدلاً من هدف نهائي تسعى إليه مرَّةً واحدة.
تشرح "سيلفيا هارتمان" (Silvia Hartmann) المليونيرة ومؤلفة كتاب "عقل المليون" (Mind Million) الأمر على هذا النحو: "بمجرد أن يحدث معك أمر ما مثل الحصول على يخت أو قصر أو سيارة مرسيدس (Mercedes) وتعيش تجربة الحصول عليه يجب عليك البدء في البحث عن شيء آخر جديد، شيء أفضل من ذلك، هذه هي الطريقة التي ينشأ بها الناس وبهذه الطريقة صُمِّم علم الأعصاب لدينا؛ فنحن لا نقف مكتوفي الأيدي أبداً، لكن نبحث بنشاط عن تجارب أفضل ومختلفة ما دمنا على قيد الحياة".
كما أوضحت أنَّ المشكلة في وجود هدف واحد فقط هي أنَّ الأشخاص يظنون أنَّ حصولهم على شيء يرغبون فيه سيجعلهم سعداء للأبد؛ وهذا هو وهم السعادة الأبدية، كل ما علينا تذكُّره هو أنَّنا لا نعد آخر شيء حصلنا عليه هدفاً نهائياً؛ وإنَّما نعد أول شيء حصلنا عليه نقطة انطلاق لتحقيق أهداف أخرى.
عندما تفكر في الأمر على أنَّه أول شيء تحصل عليه من بين العديد من المنازل والسيارات والمشاريع - على سبيل المثال - ثمَّ تفكر كما تقول هارتمان: "لا يجب أن يكون الهدف الأول الذي تحققه هو السبب الدائم لسعادتك وبقائك سعيداً إلى الأبد؛ وإنَّما يجب أن يصبح نقطة انطلاق أو فرصة مفتوحة بحيث يؤدي إلى مجموعة جديدة كاملة من الأهداف، لن يُنقص ذلك من السعادة والفرح والحماسة المرتبطين بتحقيق الهدف الأول؛ وإنَّما سيجعلك أكثر حماسة؛ لأنَّك أصبح لديك تطور في الأهداف ويمكنك تحقيقها والحصول عليها، فقد أصبحت أهدافك نقطة انطلاق لتحقيق أمور أكبر وأكثر بهجةً".
شاهد: 8 أنواع من المحفزات تجعل تحقيق أحلامك ممكناً
تمرين خط الأهداف الذهبية:
1. فكر في عملك وأهدافك كما كانت من قبل:
هل يمكن تحقيقها خلال فترة زمنية معقولة؟ هل يمكن تحقيقها بما تملكه الآن؟ هل أهدافك في حدود إمكاناتك؟
2. إذا لم تكن كذلك فإنَّنا نعود إلى مرحلة التخطيط:
ونعيد تحديد الأهداف لوضع هدف ذهبي يدفعك نحو المستقبل.
3. احرص على أن يكون هدفك الأول القادم قابلاً للتحقيق تماماً:
وبتحقيقه فإنَّك تمهِّد الطريق للهدف التالي، واحرص على أن يكون هدفك الأول هو شيء يجعلك فخوراً بنفسك وسعيداً عندما تحققه.
4. اكتب سطراً يتضمن 3 أهداف متتالية على الأقل:
يتبع بعضها بعضاً بصورة منطقية وبسهولة تامة، ودوِّن أهدافك على ورقة بحيث يكون الهدف الأول والأسهل والأقرب إليك في الأسفل، ثم سجِّل الأهداف الأكبر والأهم في أعلى الورقة.
لاحظ كيف يشكل وقْع الهدف العظيم قوة مُحفِّزة للبدء في الهدف السهل الذي يمكن تحقيقه في البداية.
هل يمكنك فهم هذا المبدأ؟ هل تشعر كيف يعمل؟
إذا تمكَّنت من فهم ذلك فقد حققت للتو أحد أهم المفاهيم المتعلقة بالتحفيز وتحديد الأهداف.
ملحوظة: يمكنك استخدام هذا التمرين للأهداف الشخصية وأهداف العمل والأهداف المتعلقة بالعلاقات وحتى لأهداف التنمية الشخصية.
خط الهدف الذهبي هو مبدأ شامل يُستخدَم في أيِّ شيء مهما كان محتوى الهدف أو سياقه.
النجاح في السعي:
إنَّ الفلسفة التكميلية لخط الهدف الذهبي هي الفكرة بأنَّ السعادة تتحقق في السعي إلى تحقيق الأهداف وليس مجرد الحصول على النتيجة النهائية، وإذا لم تكن مقتنعاً بهذا الأمر ففكر في هذه النقاط:
- إذا كنت تركز دائماً على الهدف النهائي الكبير فإنَّ جزءاً من عقلك سيعدُّك دائماً خاسراً حتى تحققه بالفعل، ولن يكون لديك هدف نهائي حتى تحصل عليه، وربما قد تحصل عليه بعد سنوات.
- من المنطقي الاستمتاع بالجزء الأكبر من العملية، وهو كل الأهداف الصغيرة وساعات الممارسة التي يتعين عليك القيام بها لبناء الهدف الكبير، يمكنك اختيار أن تكون سعيداً بشأن العملية والوجهة.
يجب أن نتوقف عن التفكير في أنفسنا على أنَّنا نمتلك أهدافاً كبيرة نهائية، بدلاً من ذلك نحن نرى أنَّنا نهدف إلى التحسين ونعدُّ الأهداف الكبيرة جزءاً من الرحلة نحو التميز، وبهذه الطريقة لن تفقد الحافز بفكرة أنَّ هدفك سينتهي.
شاهد أيضاً: 5 طرق تحول بها الخوف إلى حافز يدفعك للأمام
السعي البسيط، لكن المستمر:
يؤكد الفنان سكوت آدامز (Scott Adams) أنَّك إذا كنت تفعل أمراً ما كل يوم له تأثير عام في تحسين حياتك، فأنت تمتلك نظاماً للتحسين؛ على سبيل المثال شرب الماء وممارسة الرياضة، لكن ليس عليك أن تبدأ بإجراءات شاملة كبيرة؛ وإنَّما يمكنك البدء بإجراءات صغيرة.
لقد صادفتُ هذا المفهوم لأول مرة في كتاب "خطوة بسيطة يمكن أن تغير الحياة" (One Small Step can Change a Life)، وفيما بعد بتفاصيل أكثر إقناعاً في كتاب "التأثير المضاعف" (The Compound Effect) يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
يمكن أن تُحسن القرارات الصغيرة التي تتخذها باستمرار حياتك ويمكن أن تدفعك إلى الفشل.
على سبيل المثال، كل يوم أتدرب على تجاهُل ما يحدث من حولي تماماً، وأخصِّص 15 ثانيةً أو أكثر لإزالة كل الأفكار من ذهني، لقد وصلت إلى حوالي 22 ثانيةً في الوقت الحالي، وفي البداية لم أستطع تجاوز ست أو سبع ثوان.
يقول الفنان آندي شو (Andy Shaw): "المهارة الأساسية لبناء حياة أحلامك هي أن تكون قادراً على التحكم بعقلك، وأيُّ شيء تتعلمه عندما لا تمتلك هذه المهارة لن يعمل على أكمل وجه".
لذلك أنا أمارس هذه المهارة بضع دقائق في اليوم، وأنا الآن قادر على تهدئة عقلي بسرعة أكثر من ذي قبل، هذا الأمر الصغير الذي أمارسه باستمرار له تأثير مضاعف في حياتي.
ما الذي يمكنك فعله باستمرار ومن الممكن أن يزيد مع مرور الوقت؟ وأنا أؤكد هنا على فكرة الوقت؛ لأنَّك ربَّما لن تلحظ النتائج على الفور، إنَّ المواظبة على شرب الماء هو نظام يومي يؤتي ثماره كثيراً في تأثيره الإيجابي في بقية حياتك.
إذا لم تكن معتاداً على إجراء تحسينات يومية فجرِّب اختيار مجال واحد للتحسين، وافعل أمراً ما لتحسينه كل يوم لمدة شهر؛ ما يمنحك شعوراً حقيقياً بالتحسين المستمر.
في الختام:
استمر في إضافة ثلاثة أهداف ذات مغزى على الأقل، إضافة إلى استكمال هدفك الحالي، وخذ قسطاً من الراحة؛ لأنَّ عملية التحسن لا تنتهي أبداً، واتخذ خطوات صغيرة؛ لأنَّك ما تزال تتقدم نحو الأمام إلى ما لا نهاية.
أضف تعليقاً