لقد تركَ "ستيف جوبز" بصمة إيجابية في مجال التكنولوجيا والهواتف المحمولة، ولا يزال مصدر إلهام لملايين الناس، فقد كان رمزاً للتميز والإبداع، وأثبتَ مراراً وتكراراً أنَّ القيود تكمن في أذهاننا فقط، ولا يتطلب تحقيق أحلامنا سوى كسر تلك القيود.
لستيف جوبز تأثير كبير في حياتنا، سواء أكان عمله في أجهزة الكمبيوتر الشخصية، مثل "آبل" (Apple) و"ماكنتوش" (Macintosh)، أم هواتف "أيفون" المحمولة (iPhone)، أم مشغِّلات الموسيقى "آي بود" (iPod)، أم توزيع الموسيقى "آي تونز" (iTunes)، أم أجهزة الكمبيوتر اللوحية "آي باد" (iPad)، أم الرسوم المتحرِّكة التي تنتجها شركة "بيكسار" (Pixar).
وربما نعرف "ستيف" باعتباره الرجل الذي ابتكر أجهزة "آيباد" (iPad) و"آيفون" (iPhone) و"آبل" (Apple)، ولكنه أكثر بكثير من قائد لإحدى أكثر الشركات قيمة في العالم؛ لذا سنركز في هذه المقالة بأجزائها الثلاث على 11 درساً في التنمية الشخصية يمكننا تعلمها منه، وفكر من خلال قراءتها في كيفية تطبيق هذه الدروس على حياتك، فقد كان "ستيف" شخصاً عادياً في بداياته، ولم يكن لديه أي شيء يميِّزه، ولكنَّ الطريقة التي عاش بها حياته هي التي جعلتها مختلفة عن حياة أي شخص آخر.
دروس من حياة رائد الأعمال ستيف جوبز
1. حياتك نتاج أعمالك
في حال كنت لا تعرف سوى معلومات عامة عن "ستيف جوبز"، فإليك لمحة سريعة عنه:
- وُلِد لأبوين من طلاب الدراسات العليا، عرضاه للتبني.
- تبنته عائلة من الطبقة العاملة، وكان والده بالتبني يُصلِح السيارات لكسب لقمة العيش.
- كان والداه البيولوجيان يريدان فتاة وليس صبياً.
- قرر ترك الدراسة في الجامعة بعد فصل دراسي واحد فقط، وكانت أعلى شهادة له هي الشهادة الثانوية.
- كان ينام على الأرض في غرف زملائه قبل أن يترك الجامعة، ويجمع قوارير المياه الغازية ويعيدها من أجل الحصول على المال، ويذهب لدور العبادة ليحصل على وجبات مجانية.
- فُصِل علناً من شركة "آبل" التي أسَّسها في عام 1985، بعد خسارة الصراع على السلطة مع مجلس الإدارة، ليعود لاحقاً إلى "آبل" ويصبح المدير التنفيذي لها عام 1997، وذلك بعد أن استحوذت شركة "آبل" على شركة "نيكست" (NeXT) التي أسسها ستيف بعد مغادرة شركة "آبل".
- أُصيب بورم سرطاني في البنكرياس في عام 2003، ليعاني بعدها صراعاً طويلاً مع السرطان لمدة 8 سنوات إلى أن وافته المنية.
يعتقد معظم الناس الذين لا يعرفونه أنَّه وُلِد وفي فمه ملعقة من ذهب، وكان طريق النجاح معبدا بالورود أمامه، ولكن بخلاف هذا تماما، عاش حياة صعبة، فقد تخلى عنه والداه، وعرضاه للتبني، وفُصِل من الشركة التي أنشأها، وتعرض للإهانة علناً خلال تلك الفترة، لتُشخَّص إصابته فيما بعد بنوع نادر من سرطان البنكرياس، والذي أودى بحياته في النهاية، بيد أن تلك الظروف لم تقيده يوماً. فبدلاً من الشكوى أو الشعور بالعجز، عرف كيف يستفيد منها، وأنشئ الحياة التي أرادها، وأصبح في النهاية المدير التنفيذي لواحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم، ومليارديراً كبيراً، وأحد أكثر الأشخاص احتراماً في العالم اليوم.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح من #ستيف_جوبز لتحقيق النجاح
الجدير بالذكر أن أمامك ثلاثة خيارات حين تعصف بك الحياة، إما أن تتذمر وتراوح مكانك، أو تحقق أقصى استفادة من الوضع الراهن، أو تواجه الظروف وتحقق أهدافك، ويكتفي معظم الناس بالتذمر، وأولئك الذين يتخذون الخيار الثاني يبلون بلاء حسنا في حياتهم، ولكنهم لا يحققون أي إنجاز يذكر، أما القلة القليلة التي تعمل على أهدافها رغم الظروف، فهم مَن يحققون التميز في الحياة.
بالنتيجة أنت من تختار الطريقة التي تعيش بها حياتك، فلا تجعل من نفسك ضحية؛ لأنه بغض النظر عن مدى سوء الوضع حاليا، هناك الآلاف من الأشخاص ممن هم أسوأ حالا منك، فحين تقابل الظروف بعزيمة وإصرار، ستبلغ آفاقاً لم يسبق لك أن بلغتها من قبل.
2. الطموح والأحلام الكبيرة
قبل بروز شركة "آبل" في العقد الماضي، كانت شركة "مايكروسوفت" (Microsoft) تسيطر على عالم أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وقبل ظهور أجهزة "آي بود" (iPod)، كانت مشغلات "إم بي ثري" (mp3) هي المنتشرة، وقبل إطلاق موقع "آي تونز" (iTunes)، لم يكن أحد ليشتري الموسيقى عبر الإنترنت في الوقت الذي كانت فيه قرصنة الموسيقى منتشرة للغاية، وقبل ظهور أجهزة "آيفون" (iPhone)، كانت "نوكيا" (Nokia) الشركة الرائدة في سوق الهواتف المحمولة لفترة طويلة، وقبل اختراع أجهزة "آيباد" (iPad)، لم يكن ثمة حاجة لأجهزة الكمبيوتر اللوحية، فكان العالم مكتفٍ بأجهزة الكمبيوتر الشخصية والمحمولة، ولم يكن أحد يظن أن الأمور ستتغير.
ولكن فاقت نتائج التغييرات التوقعات، فمع كل منتج كان يطلقه، يحدث "ستيف جوبز" وفريقه ثورة في مجال الحواسيب والجوالات، فأصبحت أجهزة "آيبود" (iPod) جزءا من حياة الناس، وحلت محل مشغلات "إم بي ثري"، وأدت إلى انهيار مبيعات الأقراص المضغوطة، كما أصبح "آي تونز" التطبيق الأول لبيع الموسيقى في الولايات المتحدة عام 2008، وحُمِّلت 10 مليارات أغنية منذ عام 2010؛ أي بعد 7 سنوات فقط من إطلاقه. زادت أجهزة "آيفون" الطلب على الهواتف التي تعمل باللمس، وخسرت شركة نوكيا ريادتها في السوق، وغيرت مجال الهواتف المحمولة، كما وحقق جهاز "آيباد 2" (iPad 2) مبيعات أكثر من جميع أجهزة الكمبيوتر اللوحية الأخرى منذ إصدار جهاز "آيباد" عام 2010.
والجدير بالذكر أن "ستيف" حقق كل ذلك؛ لأنه وضع أحلاما كبيرة، وكان يفكر خارج الصندوق، فبلغ آفاقا لم يسبق لأحد أن بلغها من قبل.
وقد جاء في إعلان شركة "آبل" بعنوان "فكر بطريقة مختلفة" (Think Different): "تحية للمجانين والمختلفين والثائرين، للذين حققوا المستحيل، والذين يرون الأمور رؤية مختلفةً، ولا يتقيدون بالقوانين، ولا تحكمهم ظروف وأزمنة، ويمكنك اقتباس أحاديثهم أو الاختلاف معهم أو تمجيدهم أو حتى ذمهم، ولكنك لا تستطيع تجاهلهم؛ لأنهم أحدثوا تغييرا، ودفعوا بالإنسان ليتقدم ويتطور، بينما يراهم بعضهم مجانين، فنحن نراهم عباقرة؛ لأن الأشخاص الذين يُصنفون على أنهم مجانين بسبب اعتقادهم بقدرتهم على تغيير العالم، هم الذين يستطيعون تحقيق ذلك".
لذا، حدد أهدافك ورغباتك مهما بدت جريئة وكبيرة، ولا تعتمد فقط على ما حقق من قبل كي تُحدِث تغييرا إيجابيا في العالم.
3. لا يهم المكان الذي تبدأ فيه بتحقيق أهدافك
أنشأ "ستيف جوبز" شركة "آبل" في مرآب والديه مع صديقه من المدرسة الثانوية "ستيفن وزنياك" (Steven Wozniak)، وصحيح أنها ليست بداية رائعة لأكبر شركة تكنولوجيا في العالم اليوم، ولكن لم يكن ذلك هاماً؛ لأنها لم تكن لتنمو أبدا لو لم تكن هناك بداية في المقام الأول.
ومن الملاحظ أن الكثيرين يقولون إنهم لا يستطيعون العمل على هدف ما؛ لأنه عليهم انتظار توفر ظروف معينة، ولكن اسأل نفسك، هل هذه المتطلبات ضرورية حقاً، أم أنها مجرد أعذار لتجنب العمل؟ اعمل على أهدافك بدءا من اليوم، ولو اتخذت خطوات بسيطة، فأعظم الأشياء التي تحققت في هذا العالم كانت مجرد حلم ذات يوم.
في الختام
تحدثنا في الجزء الأول من مقالتنا هذه عن لمحة عن حياة رائد الأعمال "ستيف جوبز"، و3 دروس تعلمناها منه، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني منها عن 4 دروس أخرى.
أضف تعليقاً