فأنت لست وحدك مَن يشعر بفقدان الثقة بنفسه، فوفقاً لبرنامج العلاج عبر الإنترنت "بيترهيلث" (BetterHealth) يفتقر جميع الأشخاص إلى الثقة أحياناً، كما أنَّ فقدان الثقة ليس ذنبك؛ فتوجد عدة عوامل تساهم في فقدان الثقة، ويشير مقال في مجلة "سايكولوجي توداي" (Psychology Today) إلى كل أمر بدءاً من التركيب الجيني إلى تجارب الحياة إلى الرسائل الإعلامية بوصفها أسباباً قد تجعلنا نفقد الثقة، لكن، ماذا يمكننا أن نفعل عندما نفقد ثقتنا بأنفسنا؟
فيما يأتي 4 خطوات بسيطة لاستعادة الثقة بسرعة:
الخطوة الأولى: اكتشاف السبب الرئيس
إنَّ معرفة سبب فقدانك للثقة هو أمر أساسي، ليس لاستعادة ثقتك بنفسك فحسب، وإنَّما لتعزيزها في أثناء بحثك عن السبب؛ لذلك، خذ وقتك في التعرف إلى بيئتك وأفكارك وسلوكاتك وعلاقاتك، حتى تتمكَّن من تحديد التأثيرات السلبية التي تحتاج إلى معالجتها.
علي سبيل المثال:
- هل تقارن نفسك بالأشخاص المتفوقين الذين تراهم على وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل يؤدي ذلك إلى تعزيز ثقتك بنفسك أم النقيض من ذلك تماماً؟
- هل تضع توقعات غير واقعية عن نفسك؟ هل تشعر أنَّك يجب أن تكون شخصاً مثالياً، أو أنَّك يجب أن تعرف كل شيء؟ هل تعتقد أنَّ الأشياء التي لا يمكن تحقيقها هي جزء من مشكلة فقدان ثقتك بنفسك؟
- هل تشعر أنَّك تعيش حياتك وفق سنك؟ سواء كنت في العشرينات أم الثلاثينيات أم الأربعينيات أم الخمسينيات أم الستينيات أم أيٍّ كان، فإنَّ كل فترة من الحياة يرافقها تجارب جديدة، وفي بعض الأحيان قد يساهم الاضطرار إلى تعلم شيء جديد في فقدان ثقتنا بأنفسنا.
- هل الناس في حياتك مثل أصدقائك أو رؤسائك أو زملائك أو حتى شريك حياتك، لا يحترمونك لدرجة يفقدونك ثقتك بنفسك؟
سيساعدك طرح هذه الأسئلة على نفسك والحصول على إجابات على البدء في التحرُّر من أيِّ شخص وأيِّ شيء يفقدك ثقتك بنفسك.
شاهد بالفيديو: 8 أسرار لتعزيز الثقة بالنفس
الخطوة الثانية: تذكُّر من تكون
قد يبدو هذا الأمر إمَّا سهلاً جداً، أو مرهقاً بعض الشيء، وربما مخيفاً؛ لذا راجع حياتك بكل سهولة واكتب كيف مرَّت سنين عمرك؛ يمكنك البدء في أيِّ عمر تريده، ولا يهم كيف تفعل ذلك، الهام أن تكون صريحاً مع نفسك.
قد يميل البشر إلى تذكُّر السلبيات التي واجهتهم في الحياة والتفكير فيها أكثر من الإيجابيات، مثل صدمات الماضي والتجارب السلبية والإخفاقات المُتصوَّرة، لذلك في هذا التمرين، يجب أن تجبر نفسك على تدوين الأمور التي أنجزتها في الماضي وأوصلتك إلى ما أنت عليه اليوم.
على سبيل المثال، هل مشيت أولى خطواتك عندما كان عمرك 11 شهراً؟ في أيِّ عام تحدثت كلماتك الأولى؟ متى تعلَّمت ركوب الدراجة؟ هل حصلت على رخصة القيادة عندما كان عمرك 16 عاماً؟ هل تعلَّمت مهارات الحاسوب؟ متى كانت أول مرة أُعجبت فيها بشخص؟ هل كنت مسؤولاً عن تربية حيوان أليف؟ متى كانت أول مرة ركبت فيها طائرةً؟ كم كان عمرك عندما قبضت راتبك الأول؟ ما هو الشيء الوحيد الذي فعلته في الماضي ولم تعتقد أبداً أنَّك ستتمكَّن من فعله؟
هل تلاحظ كيف أنَّنا عندما نراجع بموضوعية جميع الأمور التي أنجزناها ونجحنا فيها والتي لم يكن لدينا أدنى فكرة عن طريقة القيام بها في البداية، نبدأ في إدراك مدى قدراتنا.
ليس الأمر أنَّنا لم نرتكب أخطاء أو لم نفشل في أثناء المحاولة والتعلم، لكن غالباً فعلناها، فالنقطة الهامَّة هنا هي أنَّنا نتقدَّم، لكن ما من شيء يستمر إلى الأبد سواء كانت الأمور الجيدة أم السيئة.
فعند إجراء هذا التمرين، نبدأ برؤية أنفسنا بوضوح أكثر، ونبدأ بتعزيز ثقتنا بأنفسنا، كما نبدأ باكتساب منظور من الإدراك المتأخر؛ أي إنَّنا نرى بوضوح كيف تحوَّلت تلك اللحظات التي لم تسر كما هو مخطط لها إلى نجاح باهر لم نكن نتوقعه أبداً.
ثمَّ ننتقل إلى المستوى التالي ونطلب مساعدة الآخرين، لذلك اكتب منشوراً صغيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، أو رسالةً نصيةً تطلب من الأشخاص الآخرين في حياتك مشاركة صفتين أو ثلاث صفات تتبادر إلى أذهانهم عندما يفكرون فيك، لا تخجل من ذلك ولا تخف ممَّا قد يقولونه عنك، وتأكَّد أنَّ الردود التي ستحصل عليها ستفاجئك بطريقة إيجابية.
نحن جميعاً أسوأ أعداء لأنفسنا، لكن هذا لا يعني أنَّنا لا نستطيع أن نتعلَّم كيف نصبح أصدقاء مع أنفسنا.
الخطوة الثالثة: اتخاذ وضعية تدل على الثقة
يُنصَح بعض الأشخاص بالرقص عند الشعور بالاكتئاب، فقد تخلَّص معظم المشاهير عبر التاريخ من الاكتئاب عندما جرَّبوا هذه الطريقة، وثمَّة طريقة أخرى تتمثَّل باتخاذ "وضعية المرأة العجيبة" (Wonder Woman pose): قف ثابتاً، واتخذ وضعيةً مريحة، وضع يديك على الوركين، وارفع ذقنك لأعلى، وتنفَّس وتأمَّل اللحظة الراهنة.
الخطوة الرابعة: قَول لا
يعني فقدان الثقة أنَّك تتخلَّى عن قوتك، وإحدى أسرع الطرائق لاستعادة قوتك هي نطق كلمة واحدة صغيرة مكوَّنة من حرفين وهي: "لا".
سيتطلَّب الأمر بعض الممارسة، لكن قبل ذلك أعِد النظر في كل خطوة ذُكرِت أعلاه، وحدِّد أيُّها يساهم بطريقة سلبية في شعورك تجاه نفسك، ودعنا نبدأ بممارسة إعادة بناء تقديرك لذاتك.
ابدأ بالأمور الصغيرة، إن كان تصفح وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر سلباً في نفسيتك، فامتنع عن استخدام "فيسبوك" (Facebook)، أو "إنستغرام" (Instagram)، أو "تيك توك" (TikTok)، أو أيِّ تطبيق يستنزف طاقتك.
عليك أن تختار ما إذا كنت تسمح لهذه الضوضاء بالدخول إلى حياتك أم لا؛ لأنَّ إعطاء الأولوية لنفسك من خلال رفض التركيز على مشاركات الآخرين، هو أمر تتحكَّم به وله مردود قوي جداً.
ماذا لو قررت أنَّ فقدان ثقتك مرتبط مباشرة بتقدمك في السن؟ ليس سراً أنَّنا نتحيَّز ضد الشيخوخة، وأنَّه يوجد فكرة منتشرة اجتماعياً مفادها أنَّك أكبر من أن تفعل نشاطات معينةً، أو أن تتعلَّم أموراً جديدةً، ففي كل عمر، نحن نعتقد أنَّ العقد الذي سبقه كان أسهل، وأنَّنا بطريقة ما كنَّا أفضل وأكثر ذكاءً وسرعةً، فقد تكون بعض هذه الأمور صحيحةً، لكنَّ معظمها ليس كذلك.
ارفض التركيز على الأمور التي تعتقد أنَّك لا تستطيع فعلها، أو لم يعد في إمكانك القيام بها بالشكل الذي اعتدت عليه، وضع طاقاتك في كل ما تعرفه، وكل ما جربته، والحكمة والمهارات التي اكتسبتها، وفي كل لحظة ينتقدك فيها صوتك الداخلي، أغلق أُذنيك ولا تصغِ إليه.
تدرَّب على قول "لا" مرةً واحدةً على الأقل يومياً، ارفض على سبيل المثال صوتك الناقد الذي يثير الشك في قدراتك، أو العوامل الخارجية التي حددتها وتسبَّبَت في فقدان ثقتك بنفسك؛ إذ يُعَدُّ قول "لا"، إلى جانب هذه الاقتراحات، خطوةً قويةً جداً في استعادة ثقتك بنفسك.
في الختام:
قد نواجه كثيراً من المواقف التي تجعلنا نفقد ثقتنا بأنفسنا، وإذا سألت الأشخاص الأقرب إليك في حياتك - أولئك الذين يبدو أنَّهم واثقون جداً بأنفسهم - سيقولون لك إنَّهم تعرضوا للشك الذاتي وفقدان الثقة أيضاً؛ إذ إنَّ فقدان الثقة هو جزء من أن تكون بشراً وأن تعيش هذه الحياة.
مع ذلك، تذكَّر الاقتباس الشهير المنسوب لـ "إليانور روزفلت" (Eleanor Roosevelt)، زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق "فرانكلين دي روزفلت" (Franklin D. Roosevelt): "لا أحد يستطيع أن يجعلك تشعر بالنقص دون موافقتك".
لذا، يجب عليك أن تختار كيف يجب أن تكون، فأنت دائماً تمتلك القوة؛ لذلك تذكَّر من أنت، واتخذ وضعية تدل على الثقة، وقل "لا" لكل ما يدفعك إلى الفشل وفقدان الثقة بنفسك.
أضف تعليقاً