ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مات سومرز (Matt Somers) والذي يحدثنا فيه عن أثر كلمات الحكمة في حياتنا.
لقد كتبت في الشهر الماضي عمَّا إذا كانت الحكم البسيطة المتوارثة من جيل أمي تُستخدَم في الأساليب الحديثة للكوتشينغ والمنتورينغ، وتلقيت بعض التعليقات الجميلة، ويبدو أنَّها لاقت استحساناً كبيراً لدرجة أنَّني تذكرت بعض أقوال أمي الرائعة التي أعتقد مرة أخرى أنَّها تستحق مناقشتها باستفاضة.
الموضوع الأساسي الذي تتمحور حوله كل تلك الحكم هو أنَّ المسألة ترتبط أساساً بالصورة الذاتية، وأعتقد أنَّ أمي وجَّهت كلامها أساساً إليَّ عندما رأتني أبذل جهداً كبيراً في بداية مسيرة حياتي المهنية؛ وإليك بعض الحكَم القديمة التي لا يزال بإمكانك استخدامها في الوقت الحاضر:
الناس هم أسوأ عدو لأنفسهم:
لقد اكتشفت منذ أن عملت كوتشاً أوَّل مرة قدرة الناس المذهلة على عرقلة أعمالهم، وتعتمد فلسفتي ونهجي في الكوتشينغ أساساً على الأفكار الواردة في كتاب اللعبة الداخلية (Inner Game) التي طرحها في البداية صديقي ومنتوري تيم غالوي (Tim Gallwey) في أوائل السبعينيات.
لدى "غالوي" طريقة رائعة لوصف التعبير عن إمكانات الفرد، والتي أحب أن أسميها "معادلة الأداء: الإمكانات - العقبات = الأداء"؛ فإذا نظرنا إليها بطريقة عملية، فيعني هذا أنَّه إذا أردنا رفع مستوى الأداء، فيجب علينا القيام بأحد أمرين:
- زيادة الإمكانات: من خلال اكتساب معرفة أو مهارات إضافية.
- تقليل العقبات: إزالة العوائق وإفساح المجال أمام الإمكانات
يرتبط الكوتشينغ -كما أراه- بتحديد العقبات وتقليلها أكثر من زيادة الإمكانات؛ وعندما أتبع هذا الأسلوب وأطلب من المشاركين في التدريب أن يذكروا أمثلة على العقبات، تكون الإجابة النموذجية على الشكل التالي:
عقبات داخلية |
عقبات خارجية |
الإفراط في العمل الجاد |
الإدارة السيئة |
الأفكار السلبية |
العلاقات السيئة |
الذكريات السلبية |
السياسة والإجراءات |
المعتقدات السلبية |
البيئة |
الأفكار المُقيِّدة |
قلة الوقت |
القلق والتوتر |
نقص الميزانية |
ربَّما يكون فصل العوامل الداخلية عن الخارجية هنا مقصوداً بعض الشيء، ولكنَّه يساعدنا على التمييز بين التدخل البيئي والتدخل الداخلي للعقل، وحل مشكلة هذا الأخير أصعب بكثير حسب خبرتي.
نجد في أثناء تدريب الأفراد جذر المشكلة في هذه الأنواع من التدخلات الداخلية، والتي تبدو في النهاية أنَّها تتعلق بالخوف أو الشك الذاتي، ويبدو أنَّ هذا الصوت في رؤوسنا يطلب منا توخي الحذر أو عدم المحاولة؛ وبعبارة أخرى: كانت أمي على حق، فالناس حقاً أسوأ عدو لأنفسهم.
المقابر مليئة بأناس لا يمكن الاستغناء عنهم:
أعتقد أنَّها كانت تعيد صياغة كلمات الفيلسوف ألبرت هابرد (Elbert Hubbard) الذي قال: "المقابر مليئة بأناس لا يمكن للعالم الاستغناء عنهم"، لكنَّ أمي كانت أكثر إيجازاً.
النقطة الهامة هي أنَّها كانت تخبرني بهذا في كثير من الأحيان في المناسبات التي أكون فيها جدياً أكثر من اللازم أو عندما أهمل قليلاً الاهتمام بنفسي؛ فعندما تطور عملي وحصلت على ترقية أو اثنتين، بدأت التعامل مع عملي ومسؤولياتي بجدية أكبر، خاصة عندما يكون هناك تأثير في الآخرين؛ فعلى سبيل المثال: كنت أذهب إلى العمل حتى لو كنت مريضاً، وأبدأ العمل مبكراً، أو أبقى لوقت متأخر لأنَّه كان من الضروري أن أحضر اجتماعاً ما.
تستطيع المنظمات عادة تقبُّل مسألة خسارة الأشخاص، أمَّا العائلات فلا تستطيع ذلك؛ ولكن مثلما تقول أمي بعبارتها الساخرة نوعاً ما: "ستستمر الحياة من دوني"؛ فقد كان يوجد أشخاصٌ آخرون قادرون على إنجاز العمل الذي أصررتُ على ضرورة النهوض باكراً من أجل إنجازه، وكان شخصٌ آخر قادراً كذلك على مناقشة المواضيع التي ناقشتها في الاجتماع لو أنَّ قليلاً من الملاحظات قُدِّمَت له.
يظهر هذا في أثناء تقديم التدريب عندما أشجع القادة على تحقيق التوازن في حياتهم؛ ففي حين أنَّ وظائفهم ومناصبهم هامة، فإنَّ سلامتهم الشخصية وسلامة أسرهم على القدر نفسه من الأهمية.
عندما تموت، سيظل بريدك الوارد ممتلئاً:
صحيحٌ أنَّ ذِكر الموت قد يجعل هذا المقال يبدو سوداوياً، إلَّا أنَّ هذه النصيحة تتبع سابقتها، غير أنِّي اضطررت إلى تحديث الحكمة قليلاً لأنَّ أمي لم يكن لديها بريد وارد وكانت ستجد الفكرة سخيفة؛ فقد اعتادت إعداد القوائم والملاحظات الورقية وشطب الأمور التي تنجزها؛ وإذا احتاجت إلى التحدث مع شخص ما، كانت تتصل به، أو ترتدي معطفها في كثير من الأحيان وتذهب لتراه، أو تكتب له رسالة.
عانيت في سنوات عملي الأولى، من فكرة "التأجيل" إلى وقت لاحق، وفضلت كثيراً فكرة العودة إلى المنزل ليلاً وقد أنهيت كل عملي بحيث لم يعد لدي شيء يؤرقني؛ لكن سرعان ما أقنعتني أمي أنَّ هذا ببساطة غير ممكن.
يحدث هذا اليوم بصورة السعي وراء الهدف الذي يبدو غير قابل للتحقيق وهو "تصفير البريد الوارد" أو إنجاز قوائم المهمات بحماسة؛ فالحقيقة هي أنَّ الحياة العملية عبارة عن برميل فيه صنبور في الأعلى وآخر في الأسفل؛ مما يعني أنَّه بغض النظر عن مقدار العمل الذي تنجزه، فإنَّه سيمتلئ مرة أخرى (عمل جديد).
لدى الكوتشز القدرة على مساعدة الأفراد على التعامل مع هذا الأمر ومساعدتهم على إجراء تحول صعب من التركيز على الكفاءة (القيام بالأشياء على نحو صحيح) إلى التركيز على الفاعلية (القيام بالأشياء الصحيحة).
إنَّه لمن الهام أن يعتني القادة بأنفسهم، وليس من الأنانية القيام بذلك، بل على العكس تماماً؛ إنَّه مكون أساسي للغاية حتى يستطيعوا الوقوف إلى جانب أولئك الذين يحتاجون إليهم؛ فكما قالت أمي: "الفانوس الفارغ لا يُضيئ".
أضف تعليقاً