في نهاية كل شهر يتم اختيار السائق صاحب أكبر عدد من التوصيلات في كل فرع؛ لتعيينه موظف الشهر، ونشر صورته على صفحة الشركة على فيسبوك وإنستغرام ومنحه جائزة أيضاً، ما تفعله هذه الشركة يُدعى نظام الحوافز، وهو أسلوب يدفع العمال إلى بذل قصارى جهدهم في العمل للحصول على المكافآت المادية والمعنوية والنهوض بالشركة وتحقيق تفوقها.
موضوع مقالنا لهذا اليوم: نظام الحوافز، وأنواعه، وأهميته، ومزاياه، فتفضلوا بقراءة هذا المقال لمعرفة المزيد عن هذه العصا السحرية في تطوير المنظمات.
تعريف الحوافز:
يمكن تعريف "الحوافز" (Incentives) على أنَّها مجموعة من العوامل التي تثير الدوافع عند الإنسان، لتؤثر هذه الدوافع في تصرفات الإنسان وسلوكاته وأفكاره، وتشمل جميع أنواع الأساليب المُستخدمة في حثِّ الإنسان على الإنجاز، أو إكمال واجباته على أكمل وجه، إضافة إلى تشجيعه نحو بذل جهود مضاعفة في عمله تساهم في رفع معدل الإنتاجية.
يمكن إطلاق تسمية الحوافز على أي شيء يحفِّز الأفراد أو المجموعات على فعل شيء ما، ففي مجال الأعمال مثلاً يمكن إطلاق تسمية الحوافز على المكافآت التي تمنح للعاملين عند وصولهم إلى أهداف محددة، ويُنظَّم ذلك من خلال برامج محدَّدة تضبط آلية التحفيز وتنظِّمها، وفي مجال المبيعات يمكن أن تكون هذه الحوافز المكافآت المالية أو المعنوية التي تُمنح لموظف المبيعات عند إتمامه عدداً معيناً من عمليات البيع يفوق معدل إنجازه العادي، فإذا عدد عمليات البيع التي يُجريها الموظف وسطياً كل شهر 100 عملية مثلاً، فإذا ما حقَّق الموظف 125 عملية بيع، يستحقُّ مكافأةً ماليةً، وهذا نوع من الحوافز.
يمكن أن تكون الحوافز مالية أو غير مالية، ويمكن أن تُمنح لفرد أو فريق عمل أو فرع من فروع الشركة، والتطبيق الأفضل لمفهوم الحوافز يكون عن طريق مزج مجموعة من أساليب التحفيز؛ لأنَّ استجابات الموظفين للحوافز وبرامج التحفيز متفاوتة، وتحقيق توازن بين الحوافز الفردية والحوافز الجماعية من شأنه أن يحافظ على منافسة شريفة وأخلاقية وودية بين الموظفين، ومن شأنه أيضاً أن يحقِّق الأهداف الإيجابية للحوافز، من تشجيع للتعاون، وتعزيز لقيم العمل الجماعي، أمَّا إذا ما كانت آليات الحوافز غير منصفة، فإنَّها ستعطي مفعولاً مناقضاً وسلبياً على أداء الموظفين.
يتشابه معنى الحوافز والتحفيز مع الدافعية، وهي مترادفات تعني في مجملها مجموعة الظروف والعوامل التي تُنشِئ عند الأفراد الرغبة في التحرك باتجاه معين؛ إذ تستند الحوافز على الحاجات والرغبات والاهتمامات الخاصة بالموظفين، ومحاولة إشباعها من أجل دفع أصحابها نحو أداء المطلوب منهم على أكمل وجه أو أداء مهام إضافية، ويمكن ربط الحوافز بأمثلة حياتية بسيطة، كأن تشجِّع طفلك على إنجاز واجباته الدراسية دون تباطؤ قبل الساعة الرابعة مثلاً لتتسنَّى له مشاهدة مباراة كرة قدم لفريقه المفضل في ذلك الوقت.
شاهد بالفديو: 8 شروط يجب توافرها لضمان نجاح الحوافز
أنواع الحوافز:
يمكن تصنيف أنواع الحوافز إلى قسمين، هما: الحوافز النقدية، والحوافز غير النقدية، وسوف نطَّلِع على الفرق بينهما فيما يأتي:
الحوافز النقدية:
تعدُّ الحوافز النقدية أحد أنواع الحوافز، وهذه بعض صورها الشائعة:
1. حوافز الراتب:
تعني تفاوت رواتب الموظفين بحسب المهام التي يُنجزها كل موظف ومنصبه والجهد الذي يبذله، وعادة ما تمنح الشركات الموظفين أجوراً أعلى لقاء عملهم بجد وكفاءة وإنتاجية عالية، ويعدُّ هذا النظام التحفيزي الأشهر بين المؤسسات والشركات.
2. حوافز الأرباح:
يحصل الموظف المُساهم في تحقيق ربح ضخم للشركة على جزء من الأرباح، وهذا أسلوب آخر من أساليب مكافأة الشركات لأفرادها الفاعلين من خلال تقاسم الأرباح معهم، فعندما تَعِد الشركات الموظفين باقتسام الأرباح معهم، فإنَّ ذلك سيدفع الموظف نحو إنتاجية أعلى وأداء أفضل.
3. حوافز الشراكة:
تقدِّم الشركة أسهماً وحصصاً منها للموظفين المميزين في العمل، وهذا ما تعود منفعته على كل من الموظف والمنظمة.
4. المكافآت:
هي أجر إضافي يُمنح للموظفين بوصفه نوعاً من المكافأة على الوصول إلى الأهداف المجدولة زمنياً، سواء سنوياً، أم ربع سنوياً، أم في مواسم محددة.
5. العمولات:
هي مبالغ مالية تضاف إلى الراتب، وتُطبَّق خاصة على موظفي المبيعات عندما يحققون للشركة مبيعات ضخمة، فتدفعهم نحو زيادة المبيعات أكثر.
6. حوافز التقاعد:
هي مبالغ مالية تُخصِّصها الشركات لتمنحها للموظفين معاشاً تقاعدياً يحصلون عليه بعد انتهاء خدمتهم في الشركة، يكون إجبارياً في بعض الأحيان عندما تلزم شركات التأمين الشركات بالتأمين على موظفيها، ويكون اختيارياً في أحيان أخرى، كما تمنح بعض الشركات الموظفين المتقاعدين مكافأة نهاية الخدمة بعد إتمامهم العمل معها لعدد معيَّن من السنوات.
7. حوافز غلاء المعيشة:
وهي نوع من أنواع الحوافز النقدية، يهدف إلى مكافحة التضخم، ويكون من خلال منح الموظفين علاوات على رواتبهم تعادل نسبة التضخم السنوية.
8. مزايا إضافية:
وهي من أنواع الحوافز النقدية التي تُمنح للعاملين وفق اعتبارات معَّينة، مثل تأمين مواصلات خاصة لنقل الموظفين من وإلى العمل، أو تأمين سكن مخصص للعاملين في الشركة، أو حوافز مالية لتعليم الأطفال في مدارس خاصة.
الحوافز غير النقدية:
تعدُّ الحوافز غير النقدية النوع الثاني من أنواع الحوافز، وفيما يأتي نماذج عنها:
1. تفويض السلطة:
وهي مسؤوليات جديدة للموظفين تمنحها القادة والأشخاص في المناصب الأعلى؛ لإشعارهم بالتقدير ومنحهم الثقة والمسؤولية اللازمتين لاكتساب مهارات جديدة.
2. الإشراك في الإدارة:
هذا النوع من شأنه أن يجعل الموظف شريكاً في صنع القرار، ممَّا يُشعره بأهميته، ويمنحه إحساساً بالمسؤولية، وشعوراً بالمساهمة في تطوير المنظمة بأفكاره.
3. الترقيات:
تعدُّ خطوة نحو الأعلى في السلم الوظيفي، ووسيلة لجعل الأفراد أكثر كفاءة، ورفع إنتاجيتهم.
4. الإجازات المدفوعة:
وهي من أنواع الحوافز غير النقدية التي لا تعدُّ الشركات ملزمة بها، ولكنَّها تقوم بها من أجل تحفيز الموظفين، وإشعارهم بتقدير الشركة لجهودهم.
5. الهدايا:
تتفاوت طريقة تقديم هذا النوع من أنواع الحوافز غير النقدية بين الشركات؛ إذ يلجأ بعضها إلى تقديم هدايا لموظفيها بوصفها نوعاً من الشكر في مناسبات معينة، كالأعياد أو المناسبات الخاصة بالشركة.
6. الاحتفالات:
تقدِّمها الشركات من أجل مكافأة الجهود الجماعية للموظفين في الشركة.
أهمية الحوافز:
قد نتساءل عن أهمية الحوافز، وهل من الضروري حقاً اعتمادها في نظام الشركة؟ إليكم الإجابة:
1. زيادة الإنتاجية:
زيادة الإنتاجية هي من أهم النقاط التي توضِّح أهمية الحوافز، فالحوافز تكون بمنزلة الشيء الذي يرغب جميع الموظفين بالحصول عليه، ولا يوجد طريق نحوه سوى بذل مزيد من الجهد، وتحقيق مزيد من الإنتاج، وهذا ما يجعل وضع نظام الحوافز سبباً من أسباب زيادة الإنتاجية.
2. تعزيز التعاون والعمل الجماعي:
تبرز أهمية الحوافز من خلال تعزيزها للتعاون بين الموظفين، ورفع سوية العمل الجماعي، فعندما تُحدَّد حوافز متعلقة بتحقيق هدف معيَّن، فإنَّ أعضاء فريق العمل سيتعاونون مع بعضهم بعضاً، كما أنَّهم سيعملون جماعياً مع الموظفين في الأقسام الأخرى من أجل بلوغ الهدف المنشود، ومن ثمَّ كسب الحوافز لقاء ذلك.
3. اكتساب ولاء الموظفين:
هذه نقطة أخرى توضِّح أهمية الحوافز، فهي تعزِّز ولاء الموظفين تجاه شركتهم التي تقدِّر جهودهم، وتقدِّم لهم المكافآت والمحفزات، فيزداد احترامهم وانتماؤهم لها، ممَّا يُعزِّز الجو الإيجابي في العمل.
4. استقطاب المواهب والحفاظ عليها:
تحفيز الشركة لموظفيها يجعل منهم مستعدين لإظهار مواهبهم ونقاط تميزهم التي تحقِّق لهم مزيداً من الحوافز، ما يجعل الجو العام للشركة غنياً بالأشخاص المميزين الذين يكونون سبباً في تفوقها على المنافسين، وهذا ما يدفع أصحاب المواهب والقدرات المميزة على التقدم بطلبات التوظيف إليها كونها مؤسسة تقدِّر أفرادها.
5. تقليل معدل دوران الموظفين:
يتغيَّر الموظف المسؤول عن دور معيَّن كل فترة بسبب تقديم استقالته، فتضطر الشركة إلى توظيف شخص آخر، وتدريبه، والصبر على أخطائه، ولا يكاد يتقن مهامه حتى يجد فرصة أفضل ويستقيل هو الآخر، وهذا ما نسمِّيه دوران الموظفين، فتقليل معدل هذا الدوران يعدُّ من نقاط أهمية الحوافز، فهي تجعل الموظفين يشعرون بالتقدير فيتمسَّكون بالشركة.
شاهد بالفديو: 8 تقنيات لزيادة الحافز في مكان العمل
مزايا الحوافز:
بعد أن تحدَّثنا عن أهمية الحوافز لا بدَّ لنا من الإضاءة على مزايا الحوافز وفوائدها، والتي يمكن تلخيصها بما يأتي:
- تحفيز الموظفين على بذل مزيد من الجهد، ما ينعكس على جودة العمل والإنتاجية.
- تقليص التكاليف الإجمالية للشركة بسبب زيادة إنتاجيتها.
- تعزيز الدافع نحو العمل والرقابة الذاتية، ومن ثمَّ تقليل الحاجة إلى الإشراف.
- تحسين استغلال الوقت، والحد من تغيُّب الموظفين عن العمل؛ لأنَّ الجميع يرغب برفع إنتاجيته لينال الحوافز.
كما أنَّ مزايا الحوافز لا تتوقف على الشركة؛ بل يكون للموظفين نصيب وافر منها، فهم ينالون مكافآت مادية ومعنوية رائعة.
أمثلة عن الحوافز:
فيما يأتي بعض الأمثلة عن الحوافز:
- إعطاء مندوبي المبيعات نسبة من الأرباح على كل منتج يبيعونه.
- إعطاء الموظفين في شركات التوصيل حسومات خاصة عند شرائهم من المطاعم المتعاقدة مع الشركة.
- توزيع هدايا للأمهات العاملات في عيد الأم من قبل الشركة.
في الختام:
الحوافز هي بمنزلة منفعة متبادلة بين الشركة والموظف، فهي تشجِّع الموظفين على أداء مهامهم بكفاءة عالية من أجل الحصول على مكاسب معيَّنة، ما يجعل الموظف ينال ما تعب من أجله، ويجعل الشركة تحصد ثمار اجتهاد موظفيها، فتزدهر وتتفوَّق على المنافسين.
أضف تعليقاً