روابط مجتمعيَّة أكثر صلابة:
يقول الكاتب زياد ريس في كتاب "تجربتي لحياة أفضل": توجد دوماً فرصة للمُساهَمة في تأهيل جيل جديد يحمل القِيَم والمبادئ والخبرة لبناء حضارة، ويكون هناك طَرْح جديد في المحتوى وفي الخطاب المُتجدِّد؛ بحيث يحصل تأثير حقيقي مُواكِب للعصر والتكنولوجيا، ويعمل على بلورة طريقة تفكير جديدة.
من أجل هذا التَّأهيل الحضاري لا بُدَّ من اتِّباع قواعد أساسيَّة أصبحت عُرفاً في عالم النَّجاحات، من أهمها:
1. إطلاق الرُّؤيَة:
لتكن هنا بهدف تحقيق وعيٍ عام في الجيل الجديد مرتبط بالقِيَم وبالمبادئ السماويَّة تُفيده في العمل العام ونهضة المجتمع.
2. تحديد الرِّسالة:
إعمار الأرض وبناء حضارة المجتمع.
3. الهدف:
تأهيل حقيقي لأكبر قَدْر مُمْكِن من الجيل النَّاشئ، وعدُّه جزءاً هامَّاً من التَّأهيل الحضاري، ولتحقيق الرُّؤيَة والرِّسالة والهَدف نحتاج إلى منظومة متكاملة من خلال عدَّة محاور وأساليب في التَّطبيق والممارسة والتَّدريب للوصول إلى الهدف المرجو في الجيل الجديد.
رغم وجود كثير ممن يُؤمنون بأهميَّة الموضوع وضرورته وحساسيته، لكن توجد مُعوّقات في تحقيق نجاحات واضحة؛ وذلك يحتاج إلى جهود مُتضافرة مُتداخلة بين الجانب الأكاديمي التربوي من جهة، وبين الجانب العملي التجريبي من جهة أخرى؛ فثمة حقيقة جوهريَّة بأنَّ التَّطبيق العملي يختلف تماماً عمَّا نعلمه من نظريَّات ونصوص تربوية وأيديولوجيَّة، وأنَّ الجانب الأهم بالتَّطبيق هو أن يكون ضِمْن منظومة توعويَّة متكاملة في المجتمع؛ أي يحتاج إلى نَشْر وعي على نطاق عام وواسع وممارسة حقيقيَّة في جميع مناحي الحياة وعلى مختلف الأعمار والشَّرائح في المجتمع.
شاهد بالفيديو: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة
تحضرني هنا بعض النقاط والأفكار المساندة لذلك، منها ما يأتي:
- الحاجة إلى احترام الآخر.
- الحاجة إلى بناء الثقة.
- تحجيم الأنا.
- ضرورة استبعاد نظريَّة المؤامرة (عدم التعميم)، والنَّظر للموضوع من باب المصالح.
- ضرورة النَّظر للمصلحة العامة.
- ضرورة وجود قناعة أنَّ للحقيقة أكثر من وجهٍ.
- ضرورة الاقتناع بأنَّ الإحسان يعود بالمصلحة على الأمد البعيد.
- التماس الأعذار للآخرين، وعدم تصيُّد أخطائهم، وخاصة مَن يحمل الهُوِيَّة نفس الفكريَّة والأيديولوجيَّة.
- إصلاح الخلل في تطبيق المبادئ والمفاهيم.
- ضرورة الوعي بفقه الواقع ومقارنته مع ما نحمله من علوم شرعيَّة وأفكار أيديولوجيَّة.
- عدم استخدام سلاح التَّخوين.
- الحاجة إلى معرفة أصول التَّعامُل والاحترام المتبادل مع بعضنا بعضاً، ومع الآخرين من الأطياف الأخرى ذات القوميَّات أو الأعراق أو الأيديولوجيَّات المختلفة.
من الآليَّات التي تساعد على نَشْر هذا الوعي مراعاة ما يأتي:
- إضافة البُعد الإنساني والاجتماعي في الأعمال التي يتم تقديمها من مُؤسَّسات العمل العام الخدمي منها والخيري والتَّعليمي والطبِّي، وعدم حَصْرها في الجانب العملي أو الطِّبِّي أو الإغاثي المادِّي فقط، وتوضيح الجانب الآخر من هذا العمل، والذي يخصُّ الرِّسالة من وراء هذا العمل بتمرير معانٍ إنسانيَّة، توجيهيَّة، اجتماعيَّة، ومُعالَجة نفسيَّة وما إلى ذلك.
- إدراج مادَّة جديدة في المناهج تحمل الأساليب العمليَّة التطبيقيَّة التي يستطيع الطالب التَّشبُّع بها، ويستفيد منها ومن الدَّورات الإضافيَّة بتمرير مادَّة اجتماعيَّة ونفسيَّة، أو ما شابه ذلك.
- إضفاء البُعد الإنساني عند تقديم الوصفة للمريض، وليس الفكرة أن تُقدم فقط حبَّة الدواء، وإنَّما أيضاً إيصال فكرة أنَّنا نقوم بهذا العمل من باب الشُّعور بالمسؤوليَّة تِجاه المريض وذي الحاجة، وأن يصل له هذا الشُّعور ودون منَّة أو فَضْل، وإنَّما من باب المسؤوليَّة المجتمعيَّة.
- بث رسائل إيجابيَّة دوماً بالإعلام بهذا المضمون، والاستفادة من النَّشرات والدَّوريَّات.
- ضرورة الإشارة إلى بُعْد الرِّسالة والرُّؤية والهدف من كل ما يتبع العمل المدني العام (الإطفاء - الأحوال المدنيَّة - وما إلى ذلك).
إنَّ الاستمرار في طَرْح هذه الأفكار ونَشْرها، والشُّروع في متابعتها سوف يَخْلق تياراً إصلاحيَّاً يعمُّ المجتمع تدريجيَّاً، ويعزز روابط مجتمعيَّة أكثر صلابة، ويأتي بتغيير قِيَمِي حَقيقِي خلال بِضْع سنوات على عموم المجتمع.
أضف تعليقاً