العاطفة الاجتماعية قوة لا يُستهان بها
قد يكون الأطفال الموهوبون حسَّاسين بقدر ما هم أذكياء، ويمكن أن تكون مشاعرهم شديدة وتعكس نموهم الفكري، وغالباً ما يكون الطفل الموهوب، الذي يحقِّق نسبة ذكاء تتراوح بين 98% و99% وفق مقاييس مثل مقياس وكسلر لذكاء الأطفال (WISC-V)، أو مقياس ستانفورد بينيه للذكاء (Stanford-Binet Intelligence Scale)، حسَّاساً جداً تجاه أقرانه من الأطفال والبالغين.
من سمات الشخصية الموهوبة الفضول العميق، وقلق الانفصال عن الأسرة، والعناد، والتعاطف مع الضحايا أو المحرومين، والشعور بالأفضلية، والسعي نحو الكمال، وتؤدي هذه الشدة في العاطفة إلى مشاعر طاغية، وعندما تتدافع مشاعر الفضول والقلق والتحدي والتعاطف والسعي نحو الكمال في آنٍ واحد أو خلال فترة زمنية قصيرة، يصبح التعامل معها أمراً صعباً حتى على المثقفين من الآباء والأمهات.
غالباً ما تُحيِّر الخصائص الاجتماعية والعاطفية الفريدة للطفل الموهوب المعلمين، فيرى المعلمون أنَّ آباء هؤلاء الأطفال يفرضون آراءهم ويطلبون منهم أموراً غير واقعية، فقد يكون من الصعب جداً جذب الانتباه إلى الاحتياجات الخاصة لطفلك الموهوب، وفي الحقيقة، إنَّه أمر صعب التحقيق، إضافة إلى ذلك، فإنَّ ثقافتنا في معظم الأحيان، ترفض الاعتراف بالموهبة على أنَّها مصدر قلق حقيقي يتطلب مساعدة إضافية حقيقية في تنمية المهارات الاجتماعية.
ليس جميع الأطفال موهوبين
إنَّ الاعتقاد السائد بأنَّ جميع الأطفال موهوبون يضرُّ بتعليم الأطفال الموهوبين، وقد تكون هذه الفكرة السائدة بين المعلمين التي يقنع الآباء بها طريقة لتغطية أوجه القصور لدى بعض المعلمين في التعامل مع الأطفال الموهوبين وآبائهم، وبمعنى آخر، يقنعون الآباء بأنَّ ابنهم "غريب" بعض الشيء و"حسَّاس جداً" تجاه العالم من حوله، بدلاً من الاعتراف بموهبته، والحقيقة هي أنَّ ليس جميع الأطفال موهوبين، فالأطفال الذين يحقِّقون نسبة ذكاء تتراوح بين 98% و99% يُعَدُّون موهوبين، ويمكن أن يكونوا حادين جداً ومن الصعب التواصل معهم عندما يكونون منزعجين.
معرفة نقاط قوة طفلك وما يعاني منه
من الهام جداً تشجيع الاهتمامات الخاصة لابنك أو ابنتك، مهما كانت، ولكنَّك لا تستطيع تجاهل التحديات التي تواجههم، ونظراً لسرعة تعلم هؤلاء الأطفال؛ فقد يكون "تعلم كيفية التعلم" لغزاً بالنسبة إليهم، فقد يتخلَّون عن نشاط أكاديمي أو إبداعي لا يستطيعون إتقانه بسهولة أو بسرعة، فمثلاً، قد يقرأ طفلك بمستوى أعلى بخمس سنوات من صفه الفعلي، ولكنَّه غير قادر على حل مسائل الرياضيات للصف الأول أو تعلم الرسم، وعندما يشعر بالإحباط، فإنَّ التخلي عن النشاط قد يكون النتيجة المحتملة.
شاهد بالفيديو: 8 إشارات تدل على أنّ الطفل عبقري
التنمية الاجتماعية يمكن أن تشكِّل تحدياً
يفضِّل الأطفال الموهوبون قضاء الوقت مع أمثالهم من الأطفال الموهوبين الذين يتفهمونهم، ورغم أنَّ رفقة الأقران من ذوي التفكير المماثل ليس ممكناً دائماً، إلَّا أنَّه قد لا يكون مفيداً على الأمد الطويل، لأنَّ الأطفال الموهوبين يشعرون بأنَّهم منبوذون، وإنَّ قضاء الوقت مع الآخرين الذين يتمتعون بالسرعة في التعلم أمر هام، ومعرفة أنَّ الآخرين لا يتعلمون بالسرعة نفسها التي يتعلم بها ابنك أو ابنتك هو درس هام دائماً، لأنَّه يعلِّم التعاطف والرحمة والتفرد، وإنَّ الخجل الاجتماعي والارتباك في المواقف الجديدة، شائعان لدى الأطفال الموهوبين، ويجب على الآباء مواجهة هذا الأمر من خلال تنظيم لقاءات سلسة، وتقديم المساعدة عند الحاجة إليها.
إيجاد طرائق لتطوير الاهتمامات والصداقات
تُظهر الدراسات أنَّ الأطفال الموهوبين يواجهون تحديات فريدة في تكوين علاقات اجتماعية وتطوير مهارات التعامل مع الآخرين، وغالباً ما يجدون صعوبة في التكيُّف مع بيئات لا تلبِّي احتياجاتهم الفكرية والعاطفية المتقدمة، وهذا يؤدي إلى سلوكات قد تبدو صعبة على الوالدين مثل الإصرار الشديد على الحصول على ما يريدون، لذا، يجب على الوالدين توفير بيئة داعمة وتشجيع تطوير مهارات أطفالهم الاجتماعية، ومساعدتهم على النمو وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
6 نصائح لتربية الأطفال الموهوبين
- قدِّرْ استطاعتك، وابحَثْ عن المدرسة المناسبة للتعلم غير المتزامن لطفلك.
- تواصَلْ مع معلم الصف والآخرين الذين يرافقون طفلك خارج المنزل.
- ناقِشْ المواقف الصعبة مع طفلك.
- ساعِدْ طفلك على العثور على أصدقاء واهتمامات خاصة، وحافِظْ على استقرار هؤلاء الأصدقاء والاهتمامات مع نمو طفلك ونضجه.
- ابحَثْ عن آباء آخرين لديهم مشكلاتك نفسها.
- حافِظْ على سلطتك بصفتك صاحب القرار النهائي.
في الختام
قد ينجح الآباء الذين يفهمون الاحتياجات الخاصة لأطفالهم الموهوبين في إدارة عاطفة أطفالهم الشديدة وأسلوب التعلم غير المتزامن لديهم، فلا تستمع إلى الآباء والمعلمين والأصدقاء الآخرين الذين يصفون طفلك الموهوب بأنَّه "مدلَّل" أو "غير منضبط"، وتؤدي الموهبة طبيعياً إلى عاطفة شديدة، وغالباً ما يكون الطفل الموهوب أشد عاطفة من الآخرين.
أضف تعليقاً