تعريف الابتزاز الإلكتروني:
الابتزاز بمفهومه العام هو الحصول على مكاسب مادية أو معنوية، من خلال استغلال ضعف إنسان آخر سواء كان ضعفه بشكل دائم أم مؤقت ومحاولة الإيقاع به من خلال إلحاق الأذى النفسي أو الجسدي به.
يُعَدُّ الابتزاز الإلكتروني من الجرائم الإلكترونية التي ظهرت بظهور الإنترنت، وقد عرَّفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الجرائم الإلكترونية بأنَّها "كل فعل أو امتناع من شأنه الاعتداء على الأموال المادية أو المعنوية، ويكون ناتجاً بطريقة مباشرة عن تدخُّل التقنية المعلوماتية"؛ إذاً الجريمة الإلكترونية هي سلوك غير مشروع وغير أخلاقي يرتبط باستخدام التقنيات الحديثة مثل الحاسوب والإنترنت.
الابتزاز الإلكتروني هو التهديد بإفشاء أمور ماسة بحياة الفرد الشخصية والخاصة جداً وبشرفه في كثير من الأحيان، وتزداد خطورته إذا قام الجاني بإخضاع المجني عليه بالإكراه للامتثال إليه لتحقيق رغباته، وتنفيذ أعمال غير قانونية، ويتم تصيد الضحايا عن طريق الوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" وغيرها من البرامج، والتي أصبحت شائعة الاستخدام من قِبل مختلف الفئات في المجتمع.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح تحفظ خصوصيتك على الإنترنت
أنواع الابتزاز الإلكتروني:
تتنوع أشكال الابتزاز الإلكتروني وأساليبه، حيث يستخدم المهاجمون تقنيات متقدمة لإرباك وخداع الضحايا. في هذا السياق، سنستكشف في هذه المقالة بعض أنواع الابتزاز الإلكتروني التي يجب أن نكون على دراية بها:
1. الابتزاز الإلكتروني المادي:
يقوم على اختراق الجهاز الخاص بالضحية سواء الهاتف المحمول أم الحاسوب الشخصي أم حتى حاسوب العمل الخاص، وسرقة معلوماته وبياناته الخاصة وكذلك الصور، وتهديد الضحية التي يمكن أن تكون فرداً معيناً أو شركة أو جمعية أو أي جهة عامة أو خاصة بنشرها أو الامتثال لأمر الجاني ودفع مبالغ من المال مقابل التكتم عنها وعدم نشرها.
2. الابتزاز الجنسي الإلكتروني:
يتمحور هدف الجاني هنا في استغلال الضحية جنسياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتخذ عدة أشكالٍ منها "نزع محتوى جنسي من الضحية بالإجبار، وإجبار الضحية على إقامة العلاقات الجنسية، وسرقة محتوى خاص من صور أو فيديو جنسي خاص بالضحية والتهديد بنشره".
غالباً ما تقع الفتيات لا سيما القاصرات ضحية لهذا النوع بسبب عدم نضجهن العاطفي، فكثيراً ما تتعرف الفتيات إلى أحد ما عبر الإنترنت ويقوم بإيهامها بالزواج ويغدقها بعبارات الحب حتى يحصل على ثقتها، ومن ثم يقوم باستغلالها عبر الطلب منها إرسال صورها الخاصة ذات المحتوى الفاضح، ومن ثم يهددها ويجبرها على الامتثال لرغباته، وللأسف الكثير من حالات الانتحار التي حدثت مؤخراً لعدد لا يستهان به من الفتيات كان هذا السبب الرئيس وراء انتحارهن.
3. الابتزاز المنفعي:
هذا النوع ينتشر بين أوساط الإعلام وأصحاب النفوذ؛ إذ يكون هدف الضحية الحصول على منفعة باستغلال سلطة الضحية ونفوذه للحصول على منفعة ما أو تحقيق مطالب تخص نفوذ الضحية، مثل إخراج شخص ما من السجن باستغلال صاحب السلطة، أو القيام بحديث إعلامي للترويج لحدث ما يخدم مصلحته.
4. الابتزاز العاطفي:
هي عبارة عن أخذ موقف ما من قِبل المجرم الإلكتروني ليسبب لدى الضحية الإحساس بالخجل أو ليلقي عليه مسؤولية حدوث أمر ما، ويحدث هذا النوع بقصد السيطرة العاطفية على الضحية.
أسباب الابتزاز الإلكتروني:
الابتزاز الإلكتروني يشمل مجموعة من الأنشطة الخبيثة التي يقوم بها المُهاجمون عبر الإنترنت بهدف ابتزاز الضحايا وتهديدهم لتحقيق أهداف شخصية أو مالية. وعلى الرغم من أن الظاهرة قد اكتسبت شهرة سلبية في الآونة الأخيرة، وأبرز أسباب الابتزاز الإلكتروني هي:
- ضعف الوازع الديني والانحدار الأخلاقي لدى الجاني.
- رغبة الجاني بالحصول على منفعة مادية أو معنوية أو جسدية من الضحية.
- الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وعدُّها شيئاً أساسياً في حياة الأسر، وعدم الاستفادة منها بالشكل الأمثل، وإساءة استخدامها بطريقة خادشة للحياء.
- قيام الكثير من هذه المواقع ببث المحتوى الذي يعمل على تأجيج المشاعر العاطفية ويتأثر بها الشباب غير الناضج انفعالياً وعاطفياً ويصبح عرضة للوقوع ضحية الابتزاز.
- قلة الوعي بوسائل التكنولوجيا الحديثة وكيفية استخدامها والتحذير من عواقب استخدامها بشكل خاطئ.
- عدم مراقبة الآباء الأولاد وتركهم عرضة للاستغلال من قبل الآخرين.
- هوس الشباب بالتقليد ومحاولة عيش القصص المثيرة والمغامرات الشيقة وعدم إدراك عواقب ذلك.
أضرار الابتزاز الإلكتروني:
- الاضطرابات النفسية التي تصيب الضحية نتيجة تعرضه للضغط المستمر من قبل الجاني لتنفيذ ما يريد أو نشر ذاك المحتوى الشخصي للعلن؛ وهذا يؤدي إلى مروره بحالة من القلق والترقب والتوتر المستمر والخوف من نشر ذاك المحتوى الشخصي.
- من أهم آثار الابتزاز الإلكتروني هو تراجع مستوى الصحة النفسية لا سيما في حالات الابتزاز الجنسي وإجبار الضحية على القيام بأعمال جنسية لمصلحة المجرم الإلكتروني.
- غالباً ما يؤدي الضغط المستمر على الضحية إلى ظهور اضطرابات أخرى تؤثر ليس فقط في نفسيته؛ بل في جسده، مثل اضطرابات التغذية واضطرابات النوم وسوء اتخاذ القرارات واضطرابات في الجملة العصبية بسبب الإرهاق الشديد.
- لجوء الضحية إلى إنهاء الحياة عن طريق الانتحار عند شعوره بالعجز عن التخلص من هذا الابتزاز.
- العبث بأمن المجتمع واستقراره، فكثيراً ما يدفع المجرم بضحاياه إلى ارتكاب أفعال شائنة، مثل السرقة والقتل؛ لأنَّ المجرم الإلكتروني يطلب مبالغ مالية كبيرة من الضحية وهذا يدفعها للقيام بذلك لتأمين المبلغ المطلوب.
- انهيار العلاقات الاجتماعية والتفكك الأسري وتعرض الكثيرين لتشويه السمعة والخذلان الاجتماعي.
عقوبة الابتزاز الإلكتروني:
تختلف عقوبة الابتزاز الإلكتروني من دولة إلى أخرى، ولكن بشكل عام تعتبر جريمة جنائية. في مصر، تتراوح عقوبة الابتزاز الإلكتروني بين الحبس لمدة سنة إلى سبع سنوات، وغرامة من خمسين ألف جنيه إلى مائة ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين.
أما في السعودية تُعد جريمة الابتزاز الإلكتروني جريمة جنائية، ووفقًا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/7) وتاريخ 1438/06/20هـ، فإن عقوبة الجرائم الإلكترونية في السعودية ومنها الابتزاز الإلكتروني هي الحبس مدة لا تزيد على سنة، أو غرامة لا تزيد على 500.000 ريال، أو بهما معًا.
وفي الإمارات، فإن عقوبة الابتزاز الإلكتروني هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو غرامة لا تزيد على 500 ألف درهم، أو بهما معًا.
ضحايا الابتزاز الإلكتروني:
يمكن أن يكون أي شخص ضحية للابتزاز الإلكتروني، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي. ومع ذلك، هناك بعض الفئات التي قد تكون أكثر عرضة للخطر، مثل:
- المراهقون والشباب: هم أكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني بسبب طبيعتهم الفضولية والميل إلى مشاركة المعلومات الشخصية عبر الإنترنت.
- الأشخاص الذين لديهم معلومات حساسة: مثل السياسيين أو المشاهير أو الأشخاص العاملين في مجالات سرية.
- الأشخاص الذين لديهم سجل جنائي: قد يكونون أكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني من قبل مجرمين يحاولون ابتزاز المال منهم.
كيف يمكن مواجهة الابتزاز الإلكتروني؟
يمكن أن يكون الابتزاز الإلكتروني تجربة مروعة، ومن المهم أن تتذكر أنك لست وحدك وأن هناك أشخاصًا يمكنهم مساعدتك. لذا إليك كيفية التصرف عند حدوث الابتزاز الإلكتروني:
- الخطوة الأولى تكمن في الضبط الانفعالي للفرد والسيطرة على انفعالاته ومشاعره، وعدم ترك مجال للقلق والخوف أو التصرف بشكل غير واعٍ أو مسؤول.
- إغلاق سبل التواصل بين الضحية والجاني، وعدم التفكير في التوسل إليه وإظهاره بمظهر المتحكم بك وبمصيرك، وعدم الدخول في مفاوضات معه.
- الخطوة الثالثة هي اللجوء إلى مركز الأمن والشرطة المسؤول عن قسم الجرائم الإلكترونية مهما كان السبب الذي يقوم الجاني بابتزازك به، فمعظم الدول حالياً لديها القوانين الناظمة التي تحمي الأفراد عند تعرضهم لهذا النوع من الابتزاز لإنهاء القضية بسرية تامة.
- عدم حذف المحتوى الذي أرسله لك الجاني لاستغلالك عن طريقه مهما كان، ولا أي من رسائل التهديد التي وصلتك؛ بل يجب عليك أن تبقيها بوصفها دليلاً لإدانة ذلك المجرم.
- إخبار الأهل ومن تثق بهم للحصول على دعمهم والوقوف بجانبك عند حدوث أي أمر طارئ.
- إنَّ غرض المجرم دائماً هو الحصول على منفعة منك، وهو غالباً يهدد فقط دون تنفيذ بغرض الوصول إلى مبتغاه؛ لذلك تحلَّ بالصبر في التعامل معه واعمل على كسب الوقت معه فقط حتى تتمكن السلطات المتخصصة من القبض عليه ومحاكمته.
شاهد بالفيديو: كيف تحمي نفسك من الابتزاز الالكتروني؟
كيف أحمي نفسي من الابتزاز على الانترنت وسرقة بياناتي ومعلوماتي الخاصة؟
يمكن أن يكون الابتزاز عبر الانترنت وسرقة البيانات والمعلومات الخاصة تجربة سيئة، حيق يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالخوف والارتباك والقلق، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة على حياتك الشخصية والمهنية.
إليك نصائح لـ كيف تحمي نفسك من الابتزاز الإلكتروني:
- الاعتماد على كلمات السر القوية لكافة الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي والقيام بتغييرها بشكل دوري بحيث يصعب تخمينها، فابتعد عن اسمك أو تاريخ ميلادك أو المناسبات الهامة في عائلتك واجعلها خليطاً من الأرقام والحروف غير المتتابعة.
- التحلي بالقوة والذكاء الكافي وعدم السماح لنفسك بالوقوع ضحية لأفراد تم التعرف إليهم بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، فيجب عدم الثقة بهم والتعامل معهم بحذر شديد.
- عدم إرسال المحتوى الشخصي لشخص آخر مهما كان السبب.
- عدم إجراء محادثات صوتية أو فيديو مع الغرباء بصرف النظر عن الأسباب التي قد تدفعك لفعل ذلك.
- تنظيف الهاتف بشكل جيد قبل بيعه لشخص آخر مهما كانت صلة القرابة أو الصداقة التي تجمعك به؛ فيجب إخضاع الجهاز لعملية "فورمات" (format) بحيث لا يمكن استعادة أي بيانات محذوفة، ومن ثم اعمل على ملء ذاكرة الهاتف من جديد بأشياء مثل صور وفيديوهات لا معنى لها، مثل أغانٍ أو صور عن الطبيعة أو لنجوم السينما، وبالطبع عليك حذفها من جديد بحيث إذا أراد أحد ما استعادة ملفاتك المحذوفة فلن يجد إلا تلك الأشياء التي لا تخصك بشكل مباشر.
الخلاصة:
إنَّ ظاهرة الابتزاز الإلكتروني من الظواهر الخطيرة التي ظهرت بكثرة في السنوات الأخيرة، وتحتاج إلى تكاتف المجتمع والوقوف صفاً واحداً في وجهها ومحاربتها للحفاظ على أمنه واستقراره في وجه ضعاف النفوس الذين يُسمون بالمجرمين الإلكترونيين، والعمل على نشر الوعي الثقافي والانفعالي للوقاية منه ومنع حدوثه.
أضف تعليقاً