مؤسِّس الأزهر الشريف
- يعدُّ الأزهر الشريف من أهمِّ وأشهر المساجد في مصر والعالم الإسلامي، ويتميَّز بكونه مسجداً وجامعة علميَّة منذ أكثر من ألف عام.
- بدأ الأزهر بصفته مؤسَّسة تعليمية دينية، وتحوَّل مع انتشار كليَّاته ومعاهده في جميع أنحاء مصر إلى جامعة حديثة في عام 1961م، ويضمُّ الأزهر اليوم 62 كليَّة جامعية، و5 فروع، وما يزال له تأثير عميق في المجتمع المصري وفي مناطق عدَّة من العالم الإسلامي.
- أُسِّس الأزهر بأمر من الخليفة "المعز لدين الله الفاطمي" الذي وضع حجر أساس الجامع في 14 رمضان 359 هـ، الموافق لـ 4 أبريل 970م، وهو نفس العام الذي فتح فيه قائده "جوهر الصقلي" مصر وأمر بتأسيس مدينة "القاهرة"، واكتمل بناء المسجد في 17 رمضان 361 هـ الموافق 22 يونيو 972 م؛ ليصبح بذلك أوَّل جامع أُنشِئ في مدينة "القاهرة"، وهو أقدم أثر فاطمي قائم في مصر.
- أولى خلفاءُ الفاطميين الأزهرَ اهتماماً كبيراً، وخصَّصوا له أوقافاً كثيرة، واهتمُّوا بتمويله وتوسيعه وتعميره منذ سنة 365 هـ، وحتى نهاية دولتهم عام 567 هـ، وأصبح الأزهر مدرسة لنشر تعاليم المذهب الإسماعيلي في مصر والعالم الإسلامي، وتطوَّر الأزهر- مع مرور الزمن - ليصبح مركزاً رئيساً لتعليم ونشر الفكر الإسلامي الوسطي، وأسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، وأثَّر تأثيراً كبيراً في المجتمعات الإسلامية حول العالم.
- اختلف المؤرِّخون في أصل تسمية الجامع، ويشير الرأي الراجح إلى أنَّ الفاطميين أسموه "الأزهر"؛ تيمُّناً بالسيدة "فاطمة الزهراء"، بنت النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتي يلقِّبها الشيعة "الزهراء".
- يُعدُّ الأزهر ثاني أقدم جامعة قائمة حتى الآن في العالم بعد جامعة القرويين، ومن أوائل الجامعات الإسلامية المتخصِّصة في دراسة مذهب أهل السنَّة، وعلوم الشريعة الإسلامية، واللغة العربية وآدابها.
منهج الأزهر الشريف
- يجسِّد المنهج الأزهري الوسطيَّة في الإسلام، والفهم المعتدل للشريعة الإسلامية، مع إبداعات فكرية نابعة من هذا النهج، ويعتمد الأزهر على منهج حواري معتدل يعزِّز مبدأ التعدُّدية الفقهية، ويرفض الانغلاق على مذهب فقهي واحد، ويتيح هذا النهج للطلَّاب فهماً أعمق وأشمل للإسلام، ويشجِّع على الحوار البنَّاء وقبول الاختلاف.
- يُعدُّ منهج الأزهر من أكثر المناهج قدرة على معالجة أزمة العقل المعاصر، ويعتمد على ترسيخ مبدأ الحوار وشرعيَّة الاختلاف، وهذا يسهم في بناء بيئة تعليمية متسامحة ومنفتحة، ويكمن السرُّ وراء قبول العالم الإسلامي للخطاب الأزهري المعتدل في مزج الفكر العلمي بالروح الصوفية، والتمسُّك بالوسطية في العقيدة والعمل.
- يعزِّز هذا المزيج الفريد من الفكر العلمي والروحانية من قدرة الأزهر على تقديم تعليم متكامل ومتوازن يجمع بين الأصالة والابتكار، ويسهم في إعداد جيل من العلماء والمفكِّرين القادرين على مواجهة تحديات العصر بفاعليَّة وحكمة.
الأركان التي يقوم عليها المنهج الأزهري
يستند المنهج الأزهري إلى مجموعة من الأركان والقواعد التي تشكِّل جوهر رسالته في نشر الفكر الإسلامي.
إليك أبرز هذه الأركان:
1. رعاية مذاهب أهل السنَّة والجماعة، والانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى
يحرص الأزهر على تدريس مذاهب أهل السنَّة والجماعة، مع الانفتاح على دراسة المذاهب الإسلامية الأخرى، وهذا يعزِّز من الفهم الشامل والمتوازن للإسلام.
2. ترسيخ مبدأ الحوار وشرعيَّة الاختلاف
يعمل الأزهر على ترسيخ مبدأ الحوار البنَّاء وشرعيَّة الاختلاف في عقول طلَّابه، خصوصاً فيما يتعلَّق بعلاقة الإسلام بالأديان السماوية الأخرى، ويعزِّز هذا المبدأ التسامحَ والاحترام المتبادل بين الأديان.
شاهد بالفديو: عبارات وأقوال رائعة عن الإيمان
3. شعار الأزهر في عدم التكفير
يؤكِّد الأزهر على شعار (لا نكفِّر أحداً من أهل القبلة، ولا يخرجك من الإيمان إلا جحد ما أدخلك فيه)، ويحفظ هذا القانون كلُّ دارس في الأزهر، وهذا يعزِّز روح التسامح والاعتدال.
إنَّ الأزهر الشريف ليس مجرَّد معهد عريق أو جامعة عالمية، بل هو رسالة ومنهج وخطاب فكري متميِّز، ويعتمد الأزهري على مزج علوم النص والعقل والذوق، وهذا يتيح تكويناً علمياً شاملاً، ويُظهر هذا الامتزاج الفريد طبيعة التعليم الأزهري الذي يجمع بين الأصالة والابتكار، ويعدُّ الطلاب ليكونوا علماء ومفكِّرين قادرين على مواجهة تحديات العصر بروح متسامحة ومنفتحة.
أشهر علماء الأزهر الشريف
يتميَّز الأزهر الشريف بتاريخ طويل وحافل بالعلماء المتميزين والباحثين المبدعين، الذين أسهموا إسهاماً كبيراً في تطوير المعرفة والعلوم في مختلف المجالات.
إليك أبرز العلماء الذين نشؤوا وتألَّقوا في بيئة الأزهر الشريف، وأسهموا في ترسيخ مكانته:
1. الدكتور خالد مخيمر
أستاذ الرياضيات، ووكيل كليَّة العلوم للبنين في جامعة الأزهر في "القاهرة" للدراسات العليا والبحوث.
2. الدكتور جمال أبو السرور
أستاذ أمراض النساء والولادة في كليَّة طب الأزهر للبنين قي "القاهرة"، ومدير المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية، وعميد كليَّة الطب الأسبق.
3. الدكتورهشام البشبيشي
أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في كليَّة الصيدلة للبنين في "القاهرة".
4. الدكتور كمال علي
أستاذ الفيزياء في كليَّة العلوم للبنين في "أسيوط".
إقرأ أيضاً: السياحة في السعودية
5. الدكتور جمعة سند
أستاذ الفيزياء في كليَّة العلوم للبنين في "أسيوط".
6. الدكتور محمد بدران
أستاذ الصيدلانيات والصيدلة الصناعية في كليَّة الصيدلة للبنين في جامعة الأزهر في "القاهرة".
7. الدكتور محمد زين
أستاذ علوم النبات في كليَّة العلوم للبنين في "القاهرة".
8. الدكتور إسماعيل عوض
أستاذ الرياضيات في كليَّة العلوم للبنين في "القاهرة".
9. الدكتور عبد الرحمن علي
أستاذ الميكروبيولوجي وعلوم النبات في كليَّة العلوم للبنين في "القاهرة".
10. الدكتور صابر خميس شعبان
أستاذ الكيمياء في كليَّة العلوم للبنين في "أسيوط".
المواد الشرعية في الأزهر
يُقدَّم التعليم في المعاهد الأزهرية بطريقة مميَّزة تختلف عن المعاهد العادية والخاصة، ويتضمَّن تدريس المواد الشرعية والثقافية، إضافة إلى مادة اللغة الإنجليزية في مستويات متقدِّمة، وهذا يجعلها تشبه في بعض الجوانب مدارس التجريبي التابعة لوزارة التربية والتعليم، ويدرس طلَّاب المعاهد الأزهرية 16 مادة في مختلف مراحل التعليم.
تشمل المواد التي تُدرَّس في المعاهد الأزهرية:
- اللغة العربية.
- الحاسب الآلي.
- التربية الفنية.
- العلوم.
- الرياضيات.
- الدراسات الاجتماعية.
- الفقه.
- أصول الدين.
- التجويد.
- القرآن الكريم.
- الأدب والمطالعة والنصوص.
- التفسير.
- الحديث.
- علم العروض والقافية.
- السيرة النبوية.
- علم التوحيد.
- الصرف.
- اللغة الإنجليزية، بمستوى متقدم.
شروط الدراسة في الأزهر الشريف
يجب الالتزام ببعض الشروط للقبول في المعاهد الأزهرية العادية والنموذجية، ومن هذه الشروط:
- يجب أن يكون الحد الأدنى لعمر المتقدِّمين لرياض الأطفال 4 سنوات في شهر "أكتوبر"، والحد الأقصى 5 سنوات و11 شهراً و29 يوماً، أمَّا للصف الأول الابتدائي، فيجب أن يكون الحد الأدنى لعمر المتقدمين 6 سنوات في أوَّل "أكتوبر"، والحد الأقصى 9 سنوات.
- تعتمد المعاهد الأزهرية الخاصة في منهجها على دمج المواد الشرعية مع مواد تعليمية متقدِّمة، إضافة إلى تدريس المواد الثقافية باللغة الإنجليزية، وتتضمَّن أيضاً الرياضيات والعلوم، وتتفاوت مصاريف هذه المعاهد وفقاً لسياسة كل مؤسَّسة، وتتراوح بين 5 آلاف جنيه و30 ألف جنيه أو أكثر.
- تضمن الدراسة في المعاهد الأزهرية - سواء أكانت عادية، أم نموذجية، أم خاصة - لأبنائكم فهماً صحيحاً للدين الإسلامي من مصادره الأصيلة، إضافة إلى تنمية قدرتهم على التفاعل مع المواد التعليمية الأخرى.
مكتبة الأزهر الشريف
- أُسِّست مكتبة الأزهر الشريف بتوصية من الإمام "محمد عبده"؛ لجمع الكتب المتناثرة في المساجد الكبرى وجنبات الأزهر الشريف، وتحتضن الآن ما يقرب من 120 ألف كتاباً في أكثر من نصف مليون مجلَّد، إضافة إلى 40 ألف مخطوطة و880 مصحفاً، وتقع هذه المكتبة في مبنى يمتد على 14 طابقاً وتضم 21 قاعة للقراءة.
- تُعدُّ المكتبة الحالية امتداداً للمكتبة القديمة، والتي يُرجَّح أنَّها أُسِّست عام 517 هـ.
- صدر القرار بإنشاء المكتبة الحالية عام 1897، بتوصية من فضيلة الإمام "محمد عبده"، مفتي مصر آنذاك، ووُجِّهَت الجهود لجمع الكتب المتفرِّقة من أروقة جامع الأزهر ومكتبات المساجد الكبرى في مكان واحد؛ للحفاظ عليها، واستفادة الناس منها كما يجب.
- نُقِلَت المكتبة خلال العام 1994 إلى المبنى الحالي المكوَّن من 14 طابقاً في طريق "صلاح سالم" في حديقة "الخالدين"، وأُنشِئ فرع آخر للمكتبة في محافظة "الأقصر"، فرع "القرنة"، وتقدِّم المكتبة خدماتها للباحثين والطلاب يوميَّاً عدا يومي الجمعة والسبت.
- تهدف مكتبة الأزهر الشريف إلى حفظ التراث العظيم الذي تضمُّه، والذي يشمل أكثر من 116133 عنواناً في مختلف العلوم والفنون، وهي تُعدُّ مركزاً للمعرفة والبحث، وتُقسَم المكتبة إلى فروع وفئات متعددة تغطِّي جميع أنواع العلوم والمعارف التي تهمُّ المهتمين بالمعرفة والتعلُّم.
في الختام
يبرز الأزهر الشريف بصفته منارة بارزة للعلم والإسلام في قلب القاهرة، ويظهر تاريخه العريق ودوره الحيوي في نشر المعرفة والتعاليم الإسلامية، ويستمرُّ الأزهر في تعزيز التواصل الحضاري والتعليمي؛ بفضل مؤسساته الثقافية مثل مكتبته ومعاهده الدينية، وهذا يسهم في بناء جيل مثقَّف ومتحضِّر يحمل رسالة العلم والسلام.
أضف تعليقاً