يتعمَّق هذا المقال في عالم النعامة متعدِّد الأوجه، ويستكشف تشريحها، وبيئتها، ونظامها الغذائي، وعاداتها الإنجابية، ودورها في مختلف الثقافات والنظم البيئية، وسنعرف - في النهاية - لماذا تبرز النعامة في مملكة الطيور، وتُثبت أنَّها مخلوق ذو أهمية كبيرة.
ما هي النعامة؟
تنتمي النعامة إلى فصيلة النعاميات، وهي طائر ضخم لا يطير، وله أنواع عديدة منها:
١. النعامة الشائعة (Struthio camelus)
هي النوع الأكثر انتشاراً، وتوجد في مناطق واسعة من أفريقيا، وجنوب الصحراء الكبرى.
٢. النعامة الصومالية (Struthio molybdophanes)
تتميَّز بِرقبتها الزرقاء وريشها الأبيض على الساقين، وموطنها الأصلي هو القرن الإفريقي.
٣. النعامة العربية (Struthio camelus syriacus)
كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية، وانقرضت في القرن التاسع عشر؛ بسبب الصيد الجائر، وفقدان الموائل.
٤. النعامة المغربية (Struthio camelus numidicus)
كانت تعيش في شمال إفريقيا، وانقرضت في العصر الروماني؛ بسبب الصيد الجائر.
أساسيات تربية النعامة:
إليك شرح لأهم أساسيات تربية النعام:
١. تجهيز المزرعة
يمكنك اتِّباع النصائح الآتية:
- خصِّص مساحة مناسبة لكل طائر، وراعِ احتياجاته من الحركة والتجوُّل، وتوصي بعض المصادر بمساحة 1000م² على الأقل للطائر الواحد.
- ابنِ سياجاً متيناً يحيط بالمزرعة؛ لمنع هروب النعام، وحمايتها من الحيوانات المفترسة.
- وفِّر مأوى ملائماً يحمي النعام من أشعَّة الشمس الحارقة والمطر الغزير.
- تأكَّد من توفير مصدر دائم للمياه النظيفة؛ لضمان شرب النعام، وتوفير احتياجاتها الحيوية.
- جهِّز أعشاشاً مناسبة لوضع البيض، مع مراعاة تهويتها تهوية جيِّدة.
٢. الرعاية الفائقة
يمكن العناية بالحيوانات مثل طائر النعام من خلال تطبيق هذه النصائح:
- قدِّم للنعام نظاماً غذائياً متوازناً غنيَّاً بالبروتين والألياف؛ لضمان نموِّها.
- راقب النعام بانتظام؛ لمعرفة علامات المرض، وقدِّم التطعيمات الوقائية اللازمة، وعالِج أي أمراض تصيبها على الفور.
موطن النعامة
إليك هذه المعلومات عن موطن النعامة:
١. موطنها الأصلي
نشأت النعامة في سهول إفريقيا، وتحديداً في المناطق الواسعة جنوب الصحراء الكبرى، وكانت تنتشر في السهول، وتفضِّل المناطق الجافة وشبه القاحلة.
٢. انتشارها عبر القارات
لم تقتصر رحلة النعامة على موطنها الأصلي، بل عبرت القارات ووصلت إلى مناطق أخرى من العالم، ومنها:
- شبه الجزيرة العربية: كانت النعامة تعيش في شبه الجزيرة العربية في الماضي، ولكنَّها انقرضت؛ بسبب الصيد الجائر، وفقدان الموائل.
- الشرق الأوسط: أُدخِلت النعامة إلى بعض دول الشرق الأوسط، مثل سوريا والأردن، ولكن بأعداد قليلة.
- أستراليا: أُدخِلت النعامة إلى أستراليا في القرن التاسع عشر، وتوجد الآن في البريَّة، وفي مزارع التربية.
- أمريكا: أُدخِلت النعامة إلى بعض دول أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، ولكن بأعداد محدودة.
صفات النعام
تتمتَّع النعامة بالعديد من الصفات الجسمية والسلوكية التي تميِّزها عن غيرها، وأهمها:
١. الصفات الشكلية
تُعدُّ النعامة - المنتمية إلى فصيلة النعاميات - أكبر طائر حي على كوكب الأرض، ويصل طولها إلى 2.5 م، ووزنها إلى 130 كغ، متجاوزةً بذلك جميع منافسيها من الطيور، وتتميَّز بعنقها الطويل، ورأسها الصغير، وريشها الناعم غير الكثيف، الأسود للذكور والرمادي للإناث، كما تُعدُّ النعامة أسرع الطيور على وجه الأرض؛ لأنَّها تعتمد على أرجلها الطويلة والقوية في الجري للتنقُّل، ومطاردة الفرائس، والهروب من المفترسين.
٢. الصفات السلوكية
- العَدو السريع: تتميَّز النعامة بقدرتها على الجري بسرعة هائلة تصل إلى 70 كم / ساعة، وهذا يجعلها من أسرع الحيوانات البرية، وتستخدم هذه السرعة للهروب من الحيوانات المفترسة.
- التمويه: يساعد ريش النعامة البني على التمويه في بيئتها الطبيعية، مثل السافانا والأراضي العشبية.
- البقاء في مجموعات: تعيش النعامة في قطعان تتراوح من 15 إلى 20 فرداً، ويساعد العيش في مجموعات على حماية النعام من الحيوانات المفترسة، ويمكن للطيور تحذير بعضها من الخطر.
- التواصل: تتواصل النعام مع بعضها باستخدام مجموعة متنوعة من الأصوات، مثل الهدير، والزئير، والفحيح.
- الاستحمام بالرمل: تستحمُّ النعامة بالرمل؛ للتخلُّص من الطفيليات، والحفاظ على ريشها نظيفاً.
- الدفاع عن النفس: إذا شعرت النعامة بالخطر، فإنَّها ستركل بمخالبها القوية؛ للدفاع عن نفسها.
غذاء النعامة
تتمتَّع النعامة بنظام غذائي متنوِّع، وغني بالعناصر الغذائية، ويتكوَّن أساساً من:
- النباتات: تشكِّل الأعشاب والنباتات الجزء الأكبر من غذاء النعامة.
- الحشرات: تُعدُّ الحشرات مصدراً هامَّاً للبروتين في نظام النعامة الغذائي.
- الحيوانات الصغيرة: تتناول النعامة الحيوانات الصغيرة، مثل السحالي، والثعابين، والقوارض في بعض الأحيان.
تمتلك النعامة طرائق متنوِّعة للبحث عن الطعام، وتستخدم لتحقيق ذلك الميزات الأتية:
- الرؤية الحادَّة: تمتلك النعامة رؤية حادَّة تساعدها على رصد فرائسها من مسافات بعيدة.
- المنقار القوي: يُساعدها منقارها القوي على التقاط الحشرات والحيوانات الصغيرة.
- الأرجل الطويلة: تساعدها أرجلها الطويلة على الجري بسرعة وراء فرائسها، أو الهروب من المفترسين.
تكاثر النعامة
يتميَّز التكاثر عند النعام بطقوس خاصة، وهذه أبرز المعلومات عنه:
- الحياة الاجتماعية: تعيش النعامة في قطعان تتراوح بين 15 و20 فرداً.
- التكاثر: تضع النعامة بيضها في أعشاشٍ جماعية، وتتشارك في احتضانه لمدة 42 يوماً.
- موسم التزاوج: يبدأ موسم تزاوج النعام في "مارس"، ويستمرُّ حتى "ديسمبر".
- رقصة التزاوج: يعرض الذكور رقصات معقَّدة؛ لجذب الإناث.
- وضع البيض: تضع أنثى النعام 15 إلى 20 بيضة في العش.
- احتضان البيض: تتناوب الذكور والإناث على احتضان البيض مدة 50 يوماً.
- رعاية الصغار: تبقى الصغار بعد الفقس مع أمهاتها لمدة عام تقريباً.
معلومات عن الحضانة
فيما يأتي معلومات عن الحضانة
- المسؤولية المشتركة، يتقاسم الذكر والأنثى المسيطرة واجبات الحضانة، فيقوم الذكر عادة بالحضانة في الليل، بينما تتولَّى الأنثى مهمة الحضانة في أثناء النهار.
- تنظيم درجة الحرارة، تستخدم طيور النعام أجسامها؛ لتنظيم درجة حرارة البيض، فتبقيه دافئاً خلال الليالي الباردة، وتظلِّله من أشعة الشمس الحارقة في أثناء النهار.
- الفقس المتزامن، يفقس بيض النعام عادة في نفس الوقت تقريباً على الرغم من وضعه على مدى عدة أيام، وهي ظاهرة تعرف باسم "الفقس المتزامن".
فوائد النعامة وأهميتها في النظام البيئي
تُعدُّ النعامة كائناً هامَّاً للإنسان وللنظام البيئي على حدٍّ سواء؛ نظراً لما تمتلكه من فوائد، وأهمها:
١. فوائد النعامة للإنسان
- غذاء غني بالعناصر الغذائية: تُعدُّ لحوم النعام مصدراً غنيَّاً بالبروتين والحديد، وتتميَّز بانخفاض محتواها من الدهون والكوليسترول، وهذا يجعلها خياراً مثالياً للأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً صحياً.
- مادة خام متعددة الاستخدامات: يُستخدَم جلد النعامة في صناعة الملابس والأحذية والحقائب الفاخرة؛ بفضل متانته وجماله الفريد، كما يُستخدَم ريش النعامة في صنع الزينة والوسائد والأحزمة.
- سماد عضوي: يُعدُّ زبل النعامة سماداً عضوياً غنيَّاً بالعناصر الغذائية، ويُستخدَم لتحسين خصوبة التربة، وزيادة الإنتاجية الزراعية.
- عامل جذب سياحي: تُعدُّ النعامة من الحيوانات التي تجذب السياح إلى المناطق التي تعيش فيها، وهذا يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.
٢. أهمية النعامة في النظام البيئي
- التحكُّم في الآفات: تؤدي النعامة دوراً هامَّاً في التحكم في أعداد الحشرات الضارة؛ لأنَّها تتغذَّى على العديد من أنواع الحشرات، وهذا يسهم في الحفاظ على التوازن البيئي.
- نشر البذور: تساعد النعامة على نشر بذور النباتات من خلال برازها، وهذا يسهم في تجديد الغطاء النباتي وتنوُّعه.
- حفظ التوازن البيئي: تُعدُّ النعامة فريسة للعديد من الحيوانات المفترسة، مثل الأسود والفهود والضباع، وهذا يسهم في الحفاظ على توازن النظام البيئي، ومنع تكاثر بعض الحيوانات تكاثراً مفرطاً.
- تنظيف البيئة: تساعد النعامة على تنظيف البيئة من خلال أكل الفضلات والحيوانات الميِّتة، وهذا يسهم في الحفاظ على صحَّة البيئة ومنع انتشار الأمراض.
تأثير النعامة السلبي في البيئة
قد تؤثر النعامة سلباً في البيئة أيضاً، وذلك من خلال:
١. الرعي الجائر
- استنزاف الغطاء النباتي: قد يؤدي بحث النعام عن الطعام في المناطق التي تكثر فيها أعدادها إلى الرعي الجائر، وهذا قد يستنفد الغطاء النباتي، ويؤثر في تجديد النباتات، ويؤدي إلى تآكل التربة.
- التأثير في الحيوانات العاشبة الأخرى: قد يقلِّل الرعي الجائر أيضاً من الغذاء الموجود للحيوانات العاشبة الأخرى، وهذا قد يؤدي إلى المنافسة وانخفاض التنوُّع البيولوجي.
٢. تآكل التربة
- إزعاج التربة: قد تزعج النعامة - بأرجلها القوية - سطح التربة في أثناء البحث عن الطعام والتعشيش، وهذا قد يؤدي إلى تآكل التربة.
- فقدان التربة السطحية: قد يؤدي التآكل الناجم عن النعام إلى فقدان التربة السطحية الغنيَّة بالمغذيات، وهو أمر ضروري لنمو النبات والحفاظ على صحَّة النظام البيئي.
في الختام
تُعدُّ النعامة - بسرعتها المذهلة - طائراً رائعاً، واكتشفنا في هذا المقال أنَّ هناك ما يستحقُّ البحث في هذا المخلوق الرائع أكثر بكثير من قدرته على التغلُّب على الحيوانات المفترسة، بدءاً من تكيُّفاتها الفريدة وسلوكاتها الاجتماعية المعقَّدة، وحتى أدوارها البيئية الحيوية وأهميتها الثقافية، فهي تمثِّل التنوُّع الغني للعالم الطبيعي.
لا يعزِّز فهم هذه الجوانب تقديرنا لهذا الطائر الاستثنائي فحسب، بل يؤكِّد أيضاً على أهمية الحفاظ على موائله وضمان بقائه، وتُعدُّ قصَّة النعامة شهادة على التكيُّفات المذهلة والمرونة الموجودة في مملكة الحيوان، وتذكِّرنا بالعجائب التي لا نهاية لها، والتي تحملها الطبيعة.
أضف تعليقاً