ما هو مفهوم الشفافية والمصداقية؟
يمكن تلخيص مفهوم الشفافية بأنَّه الوضوح الذي يحكم تعاملات الشركة وسياساتها، فهي في جوهرها إظهار ومشاركة الأعمال والقرارات الداخلية للشركة مع الجميع، إنَّها طريقة لإثبات أنَّ لا أسرار تخفيها عن عملائك.
أما المصداقية، فهي تعني الاعتمادية والثقة التي يثق بها العملاء والشركاء في الشركة أو المؤسسة، فالشيء الوحيد الذي يحتاجه الأفراد دائماً لشراء منتج ما هو الثقة، ليس فقط في المنتج وإنَّما في الشركة التي تقف وراء تقديم هذا المنتج.
تساعد الشفافية العملاء، وتساعد الشركات أيضاً عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على المصداقية، ومع اللوائح المتغيرة باستمرار والمشهد التنافسي، ترغب الشركات في التأكد من أنَّها تستخدم الشفافية بوصفها إحدى الأصول التي تستثمر بها الشركات.
الشفافية والصدق ضروريان في عالم الأعمال، هذه القيم هي أساس الثقة والمصداقية، والتي تعد ضرورية لبناء علاقات طويلة الأمد مع العملاء والموظفين وأصحاب المصلحة، ومن دون الصدق والشفافية، يمكن أن تعاني الشركات من الإضرار بسمعتها، والعواقب القانونية، والخسائر المالية.
أهمية الصدق والشفافية في الأعمال:
في الأعمال التجارية، لا بد من وجود الصدق والشفافية بوصفهما أساساً لبناء الثقة مع العملاء والمحافظة عليها لأمد طويل، وغالباً ما تتصف الشركات التي تتبنى هذه الثقافة بكثير من الثقة بقول الحقيقة أمام جمهورها، وفيما يأتي نبين بعض الأسباب التي تجعل من الشفافية والصدق في غاية الأهمية:
1. بناء الثقة:
عندما تكون الشركات صادقة وشفافة، فإنَّها تبني الثقة مع عملائها، فتؤدي هذه الثقة إلى زيادة الولاء وتكرار الأعمال، ومن خلال الشفافية، يمكن للشركة بناء الثقة مع أصحاب المصلحة وإنشاء سمعة أكثر إيجابية في السوق.
تذكَّر، في عملية شرائك الأخيرة، كم استغرقت من وقت لتحصل على نتيجة بحثك؟ كم رفضت من عروض لمنتجات قد تبدو رائعة لكن حين قرأت مراجعتها وآراء الناس عنها تراجعت إلى الوراء خطوات وخطوات، فكر بالأمر، هذا ما سيفعله بالضبط عملاؤك.
2. تجنُّب العواقب القانونية:
يساعد الصدق والشفافية الشركات أيضاً على تجنب العواقب القانونية، فعندما تكون الشركة صادقة بشأن منتجاتها وخدماتها وعملياتها، فمن غير المرجح أن تواجه إجراءات قانونية من العملاء أو الجهات التنظيمية.
يمكن للشفافية أيضاً أن تساعد الشركات على الالتزام بالقوانين واللوائح من خلال توفير صورة واضحة عن عمليات الشركة، فما يبنى في النور لن يخاف العتمة أبداً.
3. علاقات قوية وداعمة:
تساعد الشفافية على بناء علاقات أقوى مع عملائك ومع موظفيك، وسيكون لدى الموظفين ثقة أكبر في القيادة والقرارات التي يتم اتخاذها داخل الشركة؛ لأنَّهم يعرفون بالضبط ما يحدث ولماذا يحدث، وهذا يجعلهم فخورين بالشركة التي يعملون لديها ويشعرون كما لو أنَّ عملهم يعني شيئاً ما.
4. تعزيز ثقافة الاحترام في المنظمة:
عندما تكون الشركة صادقة مع موظفيها وعملائها فإنَّها تحظى بالاحترام داخل هيكلها التنظيمي وخارجاً في السوق، ويمكن للشفافية أيضاً أن تساعد الموظفين على فهم أهداف الشركة وغاياتها، وهذا قد يؤدي إلى تعاون أفضل وعمل جماعي يعود بالفائدة على الشركة ككل.
5. التواصل الفعال:
عندما يسود المنظمة جو من الصدق والشفافية في التعامل بين الإدارة والموظفين يؤدي هذا إلى مزيد من الأفكار المبتكرة والإبداعية، وردود فعل أفضل، وما إلى ذلك من قدرة تواصل وفهم خلاق للمشكلات والمساهمة في وضع استراتيجية بناءة للحلول.
إنَّ القدرة على مشاركة الأفكار وفهمها والتعامل معها بجدية وبأعين مفتوحة وبشفافية، يؤدي إلى حصاد علاقات صحية أقوى بين الموظفين أيضاً وتبادل ثقافي معرفي.
6. زيادة الإنتاجية:
إنَّ تبني الشفافية والمصداقية في عرض رسالة الشركة ورؤاها وأهدافها، يؤدي إلى بناء نوع من الالتزام من الموظفين تجاه هذه الرسالة، والشعور بأنَّهم جزء لا يتجزأ من الشركة، وهذا بالطبع سينعكس إيجاباً على إنتاجيتهم وتحفيزهم على العمل.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل
كيف يمكن بناء الشفافية والصدق في الأعمال؟
يمكن بناء الشفافية والصدق في الأعمال من خلال اتباع بعض الإجراءات والسلوكات التي تساعد على بناء علاقات قائمة على الثقة والنزاهة مع العملاء والشركاء والموظفين، وفيما يأتي بعض الطرائق لتحقيق ذلك:
- تحديد قيم الشفافية والصدق بوصفها قيماً أساسية في ثقافة الشركة، وتفعيلها في جميع مجالات العمل.
- مشاركة المعلومات بشفافية ووضوح مع العملاء والشركاء والموظفين، وتوضيح القرارات والسياسات التي تؤثر فيهم.
- الالتزام بالوعود والتعهدات، وعدم تقديم معلومات غير دقيقة أو مضللة.
- الاستماع إلى آراء واقتراحات العملاء والموظفين والاهتمام بملاحظاتهم.
- بناء علاقات متينة ومبنية على الثقة مع الشركاء والموردين وتبادل المعلومات بشكل شفاف.
- تقديم تقارير شفافة ودقيقة عن أداء الشركة والنتائج المالية.
- توفير بيئة عمل تشجع على التواصل المفتوح والصادق بين الفرق والأقسام داخل الشركة.
- تحفيز وتشجيع الموظفين على التصرف والتعامل بشفافية وصدق في كل جوانب عملهم.
- باعتماد هذه الإجراءات والسلوكات، يمكن بناء الثقة والاحترام بين جميع الأطراف وتعزيز صورة الشركة بوصفها مؤسسة ملتزمة بالشفافية والصدق في جميع أعمالها.
ما هي أبرز التحديات التي تؤثر في تنفيذ الشفافية في بيئة الأعمال؟
يمكن أن تؤدي الشفافية دوراً كبيراً في نجاح الشركات بالاستحواذ على حصة سوقية كبيرة في الأسواق، كما أنَّها تعزز فكرة الولاء التنظيمي مع موظفيها والمتعاملين معها، لكن هل تظن أنَّه يمكن تطبيق الشفافية دون مواجهة تحديات كبيرة؟ فيما يأتي سنكتشف هذه التحديات:
1. مقاومة داخلية من أصحاب المسؤولية بالشركة:
بعض الشركات تتبنى ثقافة إخفاء أية معلومات عن عمل الشركة وخططها واستراتيجياتها المتبعة، فتخضع هذه البيانات والمعلومات إلى رقابة شديدة من الإدارة العليا، خوفاً من تسربها؛ فهم يمتلكون عقلية تقليدية متشبعة بالمخاوف، من أي تداعيات قد تترتب من تناقل هذه المعلومات.
2. الخوف من كشف خصوصية معلومات الشركة وموظفيها:
قد لا تفرق بعض المنظمات ما بين وضوح الرؤى والأهداف والتعامل الشفاف المبني على الثقة وبين كشف خصوصية المعلومات التي تتداول مقاييس الأداء التي تعود ربما لموظفين وإداريين في الشركة.
3. خشية فقدان معيار التنافسية في سوق الأعمال:
قد تخشى الشركات من عرض استراتيجياتها التسعيرية والتسويقية مثلاً، واستفادة المنافسين منها؛ وبذلك تعرِّض مكانة الشركة وقيمتها للخطر.
4. الخوف من ردود فعل سلبية:
قد يؤدي كشف سياسات الشركة والأخطاء المرافقة لبعض القرارات وتماهيها مع المصداقية والشفافية في العمل، إلى ردود فعل عنيفة من بعض الأشخاص الذين ليس لديهم مصلحة بكشف هذه المعلومات.
كيف يمكن أن نواجه تحديات تبني الشفافية والصدق؟
يمكن للشركات اعتماد الخطوات الآتية لمواجهة تحديات ثقافة المصداقية والشفافية في العمل:
- تعزيز ثقافة الانفتاح والحوار البنَّاء بين الموظفين والإدارة وتشارك الآراء والمقترحات.
- التوازن بين اعتماد الشفافية ومراعاة الخصوصية، وذلك عبر التركيز على المعلومات ذات الأهمية العامة وعدم المساس ببيانات الخصوصية الشخصية.
- مشاركة المعلومات غير الحساسة التي تعزز الثقة والوضوح ولا تمس جوهر العمل الفعلي وأسراره.
- الاعتراف بالعيوب وتبنيها وعدم التهرب من مسؤوليتها والعمل على إصلاحها.
لماذا يجب تطبيق الشفافية اليوم؟
الشفافية هي ثقافة تنظيمية صعبة لا يمكن إتقانها بسهولة، ومن المؤكد أنَّ هذا لا يحدث في فترة زمنية قصيرة، خاصة أنَّ معظم المنظمات وقادتها يكرهون الضعف والصدق الذي يصاحب ذلك، يمكن أن تكون الشفافية مخيفة لبعض الأشخاص، ولكنَّها هامة في تنمية الأعمال وتعزيز الولاء واستمرارية العمل.
نعم، قد يستغرق العمل على تبني استراتيجية الشفافية والمصداقية وقتاً طويلاً ربما ليفهمها الموظفون ويدركون إيجابياتها، ولكنَّهم مع الوقت سيدركون أهميتها.
تساهم المصداقية والشفافية في بناء سمعة جيدة للشركة، وهذا يعني أنَّ الشركة ستكون أكثر جذباً للعملاء الجدد وستحافظ على عملائها الحاليين، كما أنَّها تساعد على جذب المواهب الاستثنائية والشركاء الاستراتيجيين الذين يمكنهم تعزيز نمو وتطور الشركة.
من الجدير بالذكر أنَّ المصداقية والشفافية تساعد على تقليل المخاطر وتجنُّب الفساد والفشل في الأعمال، فعندما تكون الشركة شفافة في كافة نشاطاتها وتعاملاتها، يمكن للجميع رؤية ما يحدث وتقدير الأداء بشكل دقيق، وهذا يساعد على اتخاذ القرارات الصائبة وتجنُّب الأخطاء.
في الختام:
بناءً على ما ذُكِر، يمكن القول إنَّ المصداقية والشفافية هما عاملان حاسمان في نجاح الأعمال والمؤسسات؛ لذا ساعد موظفيك على فهم أنَّ الشفافية في مكان العمل تتعلق بالمعرفة ومشاركة تلك المعرفة، ولا تنسَ أن تشجِّع على مشاركة الأفكار ونقاط الضعف، وقبل أن تدرك لماذا فعلت كل ذلك، سوف يفيض مكان عملك بالشفافية، وبالطبع سيكون أكثر ازدهاراً.
أضف تعليقاً