تُعَدُّ المرحلة الجامعية من أهم المراحل التي تساهم في تشكيل شخصية الفرد وصقل مهاراته وتنمية قيَمه؛ إذ يعوِّل المجتمع على خريجي الجامعات لرفد سوق العمل بالكفاءات اللازمة، والتي تساهم في حركة تنمية المجتمع وتطويره وإدارته وإدارة المؤسسات الموجودة فيه بكفاءة وفاعلية.
نموذج جون هولاند Holland الاسترشادي للمساعدة على اختيار التخصص الجامعي:
هو أشهر النماذج والأكثر استخداماً في دول العالم لمساعدة الطلبة المقبلين على الدراسة الجامعية على اختيار التخصُّص الملائِم؛ إذ يرى هولاند أنَّ الفرد يعبِّر عن شخصيته من خلال اختياره لمهنته، والأفراد ضمن المهنة الواحدة تكون شخصياتهم متشابهة، وتوجد مجموعة من العوامل التي يمكن أن تؤثر في قرار الفرد باختيار التخصص الملائم؛ ومنها الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه وكذلك معرفة الفرد للفُرص المتوفرة والمتاحة أمامه، بالإضافة إلى أنَّ الكثيرين من الأفراد يختارون تخصصاتهم وفق ما هو شائع منها
لقد قسَّم هولاند في نموذجه المِهَن إلى ست بيئات مهنيَّة يقابلها ستة أنماط شخصية، وهذه الأنماط هي:
1. البيئة الواقعية ويقابلها النمط الواقعي:
يتَّصف أصحاب هذا الاتجاه بامتلاكهم الصبر والدقة والعقلانية، وهم أشخاص عمليون ويتمتعون بالمهارات اليدوية ويستطيعون التحكم بحركاتهم ولديهم حس ميكانيكي؛ إذ يستطيعون تشغيل الأجهزة والأدوات واستخدام الآلات والمهن التي تناسب هؤلاء هي: سائق الحافلات أو الآلات، الخبير الزراعي، العامل، مقاول البناء، النجار.
2. البيئة العقلية ويقابلها النمط المفكر:
يمتلك أصحاب هذا النمط قدر كبير من المعارف النظرية والمعلومات المتخصصة، ولديهم قدرة عالية على الملاحظة ويحبون الجديَّة والتعمُّق في الأفكار ويهوون البحث في المعرفة دائماً، ويتمتعون بمهارات التفكير الناقد، ويكونون حذرين في إطلاق أحكامهم ومنطقيين ومثقفين وصارمين في الأمور العلمية ويميلون إلى الاستكشاف والتجارب العملية، والمهن التي تتوافق مع هذا النمط هي: عالم الفيزياء وعالم الكيمياء ومتخصص الرياضيات والبيولوجي وعالم الأحياء ومهندس تصميم الأجهزة الإلكترونية والباحث وما إلى ذلك.
3. البيئة الفنية ويقابلها النمط الفنان:
يميل أصحاب هذا الاتجاه إلى التعبير الحر ويفضِّلون السير وفق إحساسهم، وتجذبهم الأعمال التي تحتوي على الإبداع ويمتلكون خيالاً واسعاً وموهبة ويكرهون النمطية والروتين في الأعمال، لكنَّهم عند عملهم بها يكونون ملتزمين منضبطين، ومن المهن التي تناسب هذا النمط هي: الشاعر والروائي والمسرحي والرسام والأديب والفنان والموسيقي.
4. البيئة الاجتماعية ويقابلها النمط الاجتماعي:
يهوِّن هذا النمط العملَ الذي يحتوي على الاتصال والتفاعل مع الآخرين ودائماً نجدهم حريصين على المحافظة على علاقاتهم الخارجية، ولديهم القدرة الكبيرة على الإصغاء الجيد والاستماع لغيرهم، ويكونون متعاونين متفانين في تقديم المساعدة، ويتأثرون بأوجاع الآخرين، ومن المهن التي تتوافق مع هذا النمط هي: المعلم والممرض والباحث الاجتماعي والمرشد والطبيب النفسي.
5. البيئة المغامرة ويقابلها النمط المقدام:
يتمتعون بالجرأة ولديهم قدرة خاصة على الإقناع، ويكونون طموحين، ويملكون سمات القيادة، ويرغبون في تحمُّل المسؤولية، مثل السياسيين والمحامي والصحافي ورجل الأعمال ومدير المؤسسة وبائع العقارات.
6. البيئة التقليدية ويقابلها النمط الامتثالي:
يسلك أفراد هذا النوع منهجاً محدداً وواضحاً، ويقضون أوقاتهم في الحسابات والترتيب والتصنيف، ويفضلون إمساك السجلات، ويكونون صارمين في مواعيدهم ويركزون في التفاصيل؛ مثل المحاسب وموظفي المكاتب ومدققي الحسابات والميزانية.
أفضل 10 تخصصات جامعية لعام 2025:
1. التسويق:
لقد أحدث التطور التكنولوجي ثورة في عالم التسويق أيضاً؛ إذ ظهرت الكثير من طرائق الدعاية والإعلان والترويج، واختصاص التسويق في مضمونه يعني تعليم الطلبة سلوك المستهلك والأسواق التجارية وكيفية اكتشاف رغبات العملاء وتلبية حاجاتهم لضمان تحقيق الأرباح للمنظمة أو المؤسسة التي يعمل لديها، وتطوير منتجاتها وسلعها وخدماتها.
2. هندسة الطاقات المتجددة:
يهدف هذا الاختصاص إلى تزويد الطلبة بالمعرفة عن أحدث تقنيات توليد الطاقات المتجددة؛ مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز الطبيعي وغيرها، ويفتح هذا المجال آفاق عمل كثيرة في مجال الصناعة وغيرها من المجالات؛ مثل العمل في المنظمات والهيئات غير الحكومية وشركات الأعمال التي تنفذ المشاريع الكبيرة في هذا المجال، والأعمال البحثية والأكاديمية.
3. العلوم الخاصة بالحاسوب وتقنياته:
نشأت هذه العلوم نتيجة التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر الحالي؛ إذ يعمل الطلاب ضمنه على تحليل الخوارزميات وتحليل أنظمة الحاسوب والبرمجيات المختلفة ومعالجة البيانات والنظريات والتطبيقات وأمن الشبكات وعلم الروبوتات وغير ذلك، ويُعَدُّ هذا التخصص من أكثر التخصصات رغبة لدى الطلاب
تملك الولايات المتحدة أفضل الجامعات لتدريسه؛ إذ يقصدها سنوياً عدد كبير من الطلاب من أجل ذلك، ومن الوظائف التي يمكن للطالب الحصول عليها بعد تخرُّجه يوجد: المبرمج ومحلل البيانات والمعلومات ومدير النظام الحاسوبي وصيانة أجهزة الحاسوب، ويستطيع العمل في قسم المعلوماتية لمختلف المنظمات والشبكات وغير ذلك.
4. الترجمة:
هو من بين أكثر التخصصات طلباً في سوق العمل؛ وذلك بسبب التطور الكبير لوسائل الاتصال والتواصل وانتشار العمل عبر شبكة الإنترنت، كما يتميَّز بمردوده المادي العالي بالمقارنة مع المهن الأخرى، ويهتم هذا التخصص بتدريب الطلبة ليصبحوا مترجمين محترفين ويمتلكون الطلاقة اللغوية
تتنوع مجالات العمل التي يمكن لخريج هذا التخصص العمل بها؛ فيوجد مجال البحث العلمي والعمل الأكاديمي والترجمة الشفهية والعمل في السفارات وفي مجال السياحة والإعلام وإعداد القواميس وترجمة ودبلجة الأعمال الفنية وغير ذلك.
شاهد بالفديو: أهمية التعليم عن بعد
5. الطب البشري:
يُعَدُّ الطب من أنبل المهن على الإطلاق؛ وهو من أهم وأصعب التخصصات ولكنَّه في نفس الوقت التخصص الأرقى والأكثر رغبة لدراسته من قِبل الطلبة، ويهتم هذا التخصص بدراسة الحالات المرضيَّة وتشخيصها ووصف العلاج المناسب لها، ومن الأماكن التي يمكن للطالب العمل فيها بعد التخرُّج هي المستشفيات الخاصة أو الحكومية العامة، أو يمكن للطبيب فتح عمل خاص به في عيادة أو العمل في مراكز البحوث الطبية وسوى ذلك.
6. الهندسة الطبية الحيوية:
هو من أشهر الاختصاصات الحالية؛ إذ يدمج بين الطب والهندسة ويقوم على أساس دراسة جسم الإنسان لإعداد وتطوير الأجهزة الطبية اللازمة له، وهذا المجال في توسُّع يوماً بعد يوم نتيجة التطور التكنولوجي والطبي الحاصل؛ إذ تتعدد التخصصات ضمنه ونذكر منها: الهندسة الطبية الحيوية العصبية، والرعاية الصحية عن بُعد، ومعالجة الإشارات الحيوية للهندسة الطبية الحيوية، والتصوير الطبي، والنمذجة الحسابية.
7. تخصصات القانون:
هو أحد العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ إذ يقوم على دراسة القوانين العامة لكل بلد، ويتمحور عمله في حفظ وصون حقوق الناس والدفاع عنهم، ويحوي مجموعة متنوعة من التخصصات منها: القانون العام ويحوي عدة تخصصات منبثقة عنه هي القانون الإداري والقانون الدستوري والقانون المالي، ويوجد قسم القانون الخاص الذي يحتوي على تخصصات ضمنه وهي القانون المدني والقانون الجنائي
أما بالنسبة إلى مجالات العمل بعد التخرُّج؛ فنذكر منها: المحامي والقاضي والمستشار القانوني والباحث القانوني والكثير من الأعمال الأخرى ضمن المؤسسات الحكومية والخاصة والمنظمات التي تطلب اختصاص القانون.
8. التمريض:
هو التخصص الذي يناسب الإناث بشدَّة وهو المهنة المساعدة للطب في المقام الأول؛ إذ إنَّه من التخصصات المطلوبة بشدة في سوق العمل، وتتعدد مجالات التخصص به ونذكر منها: مشرف التمريض والمدرب السريري ومشرف المختبر وممرض النسائية والتوليد وممرض الطفولة وممرض الجراحة ورئيس قسم التمريض في أقسام كلية التمريض في الجامعات والعديد من التخصصات الأخرى
يستطيع خريجو هذا الاختصاص العملَ في المستشفيات والعيادات الخاصة ومراكز التأهيل والعلاج ومراكز الرعاية الصحية والتمريض المنزلي وغير ذلك.
9. الذكاء الصنعي:
هو أحد تخصصات علم الحاسوب، ويعمل على محاكاة ذكاء الإنسان في الآلات والوصول إلى أنظمة ذكية تشبه في طبيعة عملها ذكاء الإنسان، ومن مجالات عمل دارسي هذا التخصص نذكر: عالم البيانات ومطور ذكاء الأعمال ومهندس البيانات، ويكون خريجو هذا الاختصاص محط طلب شركات التوظيف وشركات التكنولوجيا ومشاريع التعليم الآلي.
10. تخصصات العلوم المختلفة "الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، علم الأحياء":
هذه الأنواع من الدراسة حافظت على أهميتها عبر الزمن؛ وهي الأساس الذي تنطلق منه معظم العلوم الأخرى، وتنطوي تحت كل علم منها مجموعة من العلوم التخصصية الأخرى، وتتعدد مجالات العمل بها؛ فمثلاً يمكن للحاصل على شهادة الفيزياء العمل في أحد المصانع أو في الأرصاد الجوية أو المراكز الفلكية أو الأبحاث الفضائية ومجالات الأقمار الصناعية أو مراكز التنبؤ بالزلازل أو الطاقة النووية وغيرها
وكذلك يمكن لخريجي الكيمياء العمل في مجال صناعة الأدوية والتحاليل الكيميائية والصناعات البترولية والأبحاث العلمية ومراقبة جودة الوحدات المتخصصة والأمن الصناعي وشركات المياه التي تعتمد على تحليل المياه لحماية المواطنين وكذلك في التدريس
أما بالنسبة إلى مجالات توظيف خريجي قسم الرياضيات، فيوجد مثلاً التدريس في مدارس القطاع العام أو الخاص، كما يستطيع القيام بالأعمال المتعلقة بالتأمين والمحاسبة والعمل في البنوك وتدقيق الحسابات.
في الختام:
تُعَدُّ الجامعة مركز إعداد وتكوين شخصيات الأفراد، كما يمثل التخصص الجامعي المرحلة الحاسمة وحجر الأساس ونقطة الانعطاف الأهم التي ينطلق منها الفرد لرسم مستقبله والانتقال إلى الحياة العملية وضمان المكانة المرموقة في المجتمع والوصول إلى الاستقرار النفسي والمادي؛ لذا إنَّ اتِّخاذ القرار الصحيح في اختيار نوع الدراسة لا يجب أن يكون لحظة آنية؛ بل يجب أن يكون وفقاً لخبرات تراكمية في حياة الفرد، بالإضافة إلى ضرورة أن يطلب الفرد النصيحة من الآخرين من ذوي الخبرة عندما يختار؛ وذلك للوصول إلى الاختيار الصحيح.
المصادر:
أضف تعليقاً