تعني القدرة على التعلم بفاعلية قدرتك على تذكُّر المعلومات بشكل أفضل والاستفادة منها عند الحاجة، قد يبدو الأمر رائعاً، لكنَّه لا يحدث بين عشية وضحاها.
ومع ذلك، نقدم إليك في هذا المقال 7 تقنيات تساعدك على معرفة كيف تتعلم بفعالية كي تُحقق الأمور التي طالما أردت تحقيقها؛ لذا استخدم هذه التقنيات لاستيعاب المزيد من المعلومات خلال وقت قصير، واستيعاب المفاهيم على مستوى أكثر عمقاً، وتطبيق ما تعلمته لتحقيق النجاح وفقاً لشروطك الخاصة:
1. زيادة الصعوبة المرغوبة:
كما بناء العضلات، كلَّما تدربت أكثر وبشدة أكبر، أصبحت أقوى، وينطبق الأمر نفسه على فكرة التعلم؛ فكلما كان على عقلك العمل بجد لتذكُّر الأمور، حقَّقت درجةً أعلى من التعلم، وهذا ما يُميز الممارسة والاختبار عن مجرد الدراسة؛ فالممارسة والاختبار لا يتساويان مع الدراسة، فهما أعظم منها؛ وذلك لأنَّهما يتطلبان العمل للبحث عن المعلومات التي درستها وتعلمتها.
للتعلم بفاعلية أكثر، توقَّف عن تجنب التحديات والصعوبات، وبدلاً من ذلك زد الصعوبات المرغوبة؛ وبذلك سوف تتعلم وتحتفظ بالمعلومات بصورة أفضل على الأمد الطويل، وتقبَّل الخوف من الفشل لاغتنام الفرص واكتساب الخبرات العملية واختبار نفسك بانتظام.
2. التوقف عن تعدد المهام:
يربط معظم الناس القدرة المهنية مع القدرة على تعدد المهام، وينطبق الأمر نفسه على التعلم؛ حيث يعتقد الناس أنَّه إذا كان بإمكانهم تعلم أشياء متعددة في نفس الوقت، فيمكنهم التعلم أسرع.
في الحقيقة، إنَّ تعدد المهام هو مجرد وهم، فنحن نعتقد أنَّنا نتعامل مع العديد من المهام في آن واحد، ولكن كل ما نقوم به هو التبديل من مهمة إلى أخرى؛ لذا بدلاً من تعدد المهام، اختر موضوعاً واحداً لتتعلمه وتمارسه بتركيز في فترة زمنية محددة.
3. التغلب على النسيان:
علَّمتنا طريقة التعلم التقليدية أن ندرس ونتعلم كل شيء دفعة واحدة وأن نتحمل مسؤولية كوننا كثيري النسيان.
ووفقاً لمنحنى النسيان، تبين أنَّنا ننسى ما يصل إلى 75٪ مما تعلمناه بعد 24 ساعة، و 90٪ بعد 30 يوماً دون إجراء أي مراجعة؛ لذا من الواضح أنَّ طريقة التعلم التقليدية ليست هي الطريقة المثلى.
لحسن الحظ، يمكننا تحسين حفظ المعلومات بدرجة كبيرة عن طريق المراجعة؛ فكلَّما عدنا إلى دراسة نفس المادة، حفظناها وقلَّ نسياننا للمعلومات بعد فترة طويلة من الزمن؛ ولهذا السبب، بدلاً من دراسة كل شيء دفعة واحدة، استخدم ما يسمى بالتباعد الذهني لتتعلم على فترات.
تعتمد الوتيرة الأمثل للدراسة على حجم الموضوع الذي تدرسه وتعقيده ومدى تركيزك في أثناء الدراسة؛ فالقاعدة الأساسية هنا هي مراجعة الموضوع 4 مرات على الأقل للاحتفاظ بـ 90٪ من معلوماته.
شاهد بالفديو: 6 حيل بسيطة تساعدك على تذكّر أي شيء بسهولة
4. تحسين جودة النوم وأخذ قيلولة:
يلعب النوم دوراً أساسياً في التطور المعرفي، الذي يتضمن التعلم؛ حيث يزداد تدفق السائل الدماغي الشوكي في الدماغ في أثناء النوم، وهو يطرح السموم الضارة التي تراكمت خلال ساعات الاستيقاظ.
لتحسين قدرتك على التعلم، احرص على أن تحصل على قسط كافٍ وجيد من النوم كل يوم، وسنقدم إليك فيما يلي 3 نصائح سريعة:
- احصل على 7 إلى 8 ساعات من النوم يومياً.
- اجعل غرفتك مثالية بحيث تكون مظلمة وهادئة ومعتدلة الحرارة.
- حاول النوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع.
إذا كانت لديك فائضٌ في الوقت، فحاول أخذ قيلولة من 30 إلى 60 دقيقةً بعد الغداء، فالقيلولة تعادل النوم من حيث الفائدة.
5. الاستفادة من البيئة:
تشكل بيئتنا سلوكنا أكثر مما نعتقد أو نعترف بذلك، وينطبق الأمر نفسه على التعلم؛ حيث تلعب البيئة دوراً هاماً في تحديد جودة عملية التعلم، ويمكنك الاستفادة من ذلك بطريقتين:
- تصبح البيئة التي ندرس ونمارس فيها ما نتعلمه هي الدافع عندما نقوم بالأداء؛ فإذا كنت تتدرب على أداء ما، مثل إلقاء خطاب، فمارس ذلك في نفس البيئة التي ستؤدي فيها الخطاب؛ فالقيام بذلك يجعل التمرين أسهل إلى حد ما ويحاكي شكل الأداء الفعلي أيضاً.
- يمكنك الاستفادة من البيئة لتعرِّض نفسك لمجالات متعددة عندما تتعلم مفهوماً جديداً أو تمارس مهارةً جديدةً؛ حيث يساعد هذا الأمر عقلك على إنشاء المزيد من الروابط وتوسيع نطاق المحفزات العقلية لهذا المفهوم أو المهارة بالذات.
6. تبسيط وتدريس ما تتعلمه:
لا يعني التعلم الحفظ فحسب، فغالباً ما تكون أفضل طريقة لتعلم مفهوم أو موضوع معقد هي تبسيطه؛ فإذا لم تتمكن من تبسيطه، فأنت ربما لا تفهمه.
فمثلاً، عُرِفَ ريتشارد فاينمان (Richard Feynman) عالم الفيزياء النظرية والحائز على جائزة نوبل، باسم "المُفسِّر العظيم" لقدرته على نقل الأفكار المعقدة إلى الآخرين بطرائق بسيطة وبديهية، قد لا يكون معظمنا عالماً، لكنَّ تقنيته المعروفة باسم تقنية فاينمان (Feynman Technique) - والتي تعتمد على وجود استراحات من القراءة ومحاولة شرح ما تعلمته بحيث تعكس مدى فهمك للموضوع الذي تدرسه، والغرض من ذلك هو تحديد الثغرات في ما تعلمته - مفيدة وقابلة للتطبيق في أي شيء نريد تعلمه.
أولاً، اختر مفهوماً وادرسه، ثم حاول تعليمه لطفل صغير وليس لخبير؛ فذلك يخفف من الضغط لجعل كل شيء بسيطاً ومناسباً ويساعدك على مراجعة المفهوم الذي تعلمته للتو وفقاً لكلماتك الخاصة.
في هذا الوقت، تكون قد راجعت ما تعلمته بالفعل، وتساعدك هذه العملية في معرفة وتحديد المجالات التي لا تفهمها تماماً؛ والآن عليك أن تملأ الثغرات بمراجعة المواد مرة أخرى، وتكرار هذه العملية حتى تتمكن من شرح المفهوم الذي اخترته وفقاً لمفرداتك البسيطة.
7. الابتعاد عن المشكلات غير المحلولة:
عندما تواجه مشكلة عالقة، فبدلاً من العمل بجدية أكبر على حلها، حاول تركها وشأنها وافعل شيئاً آخر.
لا يعني الابتعاد عن مشكلة ما الاستسلام لها؛ وإنَّما يساعدك ذلك على إعطاء ذهنك المساحة التي يحتاجها للابتعاد عن ضغوطات المشكلة وابتكار سبل لحلَّها، وفي هذه الحالة يقوم عقلك الباطن بحل المشكلة عن طريق جمع بعض الأدلة من البيئة - التي ربما لم تلاحظها - والتشكيك في الافتراضات الثابتة.
لذا ابدأ العمل في مشروع كبير أولاً وتوقف عندما تتعثر، ففي هذه الحالة أنت لا تستسلم؛ وإنَّما تمنح عقلك الفرصة للقيام بعمله، والتعرف على المشكلة من زوايا جديدة وإيجاد الحل باستخدام الأفكار الجديدة.
أفكار أخيرة:
توجد طرائق لا حصر لها لمعرفة طريقة التعلم بفاعلية، ومع ذلك هناك فكرة واحدة يجب أن تفكر بها قبل كل ذلك:
تجنَّب أن تكون أذكى شخص في أي مكان تتواجد فيه، وهذا لا يعني التواجد مع الأشخاص الأذكياء فقط؛ بدلاً من ذلك تجنب ألا تقع فريسةً لتأثير دانينغ كروجر (Dunning-Kruger) ولا تعتقد أنَّك تعرف كل شيء؛ بل كن متفتح الذهن وفضولياً وجرِّب تقنيات التعلم السبع السابقة بنفسك اليوم.
أضف تعليقاً