هل تعتمد سعادتك على المكان الذي تعيش فيه؟

القيم التي تؤدي إلى حياة سعيدة في منطقة ما من العالم، قد تؤدي إلى البؤس في منطقة أخرى.



غالباً ما يتداول عامة الناس والخبيرون على حد سواء أفكاراً ونصائح تتعلق بالسعادة من قبيل: الامتنان، وممارسة التمرينات الرياضية، واللطف، وعدم السماح لتوقعات الآخرين بتحديد مسار حياتك، والإنصات إلى ما يمليه عليك ضميرك، وكل هذه النصائح والتوصيات معقولة إلى حد كبير؛ إذ تشير الكثير من الدراسات العلمية إلى أنَّ هذه الخطوات البسيطة يمكن أن تُحدِث فرقاً كبيراً في صحتنا العقلية، ولكنَّ هناك مشكلة واحدة فقط، وهي أنَّ جميع الأبحاث تقريباً التي تثبت فاعلية حيل السعادة المعروفة أُجريت في الدول الغربية الغنية، وقد أشارت إحدى الدراسات الجديدة إلى أنَّ السعادة لا تتعلَّق بهويتك وعملك فحسب؛ بل تتعلَّق بالمكان الذي تعيش فيه أيضاً.

إقرأ أيضاً: الراحة النفسية: تعريفها، وقوانينها، وأهم طرق الوصول إليها

جغرافيا السعادة:

غالباً ما نفكر في السعادة على أنَّها صفة شخصية؛ أي يكون الناس سعيدين أو غير سعيدين بناءً على ظروف حياتهم الشخصية وشخصياتهم، بالطبع، هذه الأمور هامة جداً، ولكنَّ هناك بُعداً اجتماعياً للسعادة أيضاً.

انقل شخصاً ما بقيمه وظروفه المادية إلى منطقة أو دولة مختلفة، وسترى كيف يمكن أن يتغير مستوى سعادته تغيراً جذرياً، فبعض الأماكن تساعد على الحصول على السعادة أكثر من غيرها، مما يجعلك تسأل أين توجد هذه الأماكن السحرية التي تجلب السعادة حتى تُجهز نفسك للرحيل إليها، لكنَّ الأمر ليس بهذه البساطة، فقد وجدت دراسة جديدة جمعت بيانات حول الرضا عن الحياة والقيم في جميع أنحاء العالم لمدة 15 عاماً أنَّ التطابق بين قيمك الشخصية والثقافة التي تعيش فيها يؤثر تأثيراً هائلاً في السعادة. 

بعض القيم تجعل الناس سعيدين أينما كانوا، فمحبة عائلتك وأصدقائك أمر جيد سواء كنت تعيش في ماليزيا أم ألمانيا، ولكن هناك قيم أخرى تؤثر في السعادة حسب الموقع الجغرافي، فإن كنت متديناً على سبيل المثال، ستكون أكثر سعادة في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، ولكن أقل سعادة في الصين، وفي حين أنَّ الاهتمام بالسياسة في الصين يعزز السعادة، فإنَّه يدفع الناس نحو البؤس في روسيا.

لماذا يجعل حضور الطقوس الدينية أو اجتماعات مجلس المدينة مواطني بعض البلدان أكثر سعادة من غيرهم؟ يعتقد الباحثون أنَّ هذه الاختلافات ترجع إلى مدى توافق القيم الشخصية للفرد مع قيم مجتمعه، فإن كان المكان الذي تعيش فيه يؤيِّد نهجك في الحياة، فمن المرجح أن تكون سعيداً أكثر مما لو كنت تعيش في بلد يرفض نمط حياتك الذي اخترته.

شاهد بالفديو: 20 قيمة في الحياة تقودك إلى السعادة والنجاح

ربما تقرر الرحيل في النهاية؟

هذا خيار جيد إلى حد ما، ولكن لماذا هو هام لأولئك الذين لا يشاركون بعمق في التفاصيل الدقيقة لأبحاث السعادة؟ إنَّ الفكرة العامة هنا أنَّه عندما يتعلق الأمر بالسعادة، فإنَّ "مكان واحد يناسب الجميع" ربما يكون غير صحيح، كما يقول الباحثون.

غالباً ما تكون ممارسات السعادة الموصى بها جيدة ولا غبار عليها، لكنَّ الظروف هامة أيضاً؛ إذ يمكنك تخصيص وقت لتدوين الأمور التي تشعر بالامتنان تجاهها، ولتمشي في الطبيعة حيثما تشاء، ولكن إذا كانت قيمك الشخصية لا تتوافق مع قيم جيرانك، فلن تجد السعادة بسهولة.

إذا كان هذا هو الحال بالنسبة إليك، فربما عليك الرحيل، والمكان المناسب لك أمر يخصك أنت وحدك، ولكن سيكون لديك بالتأكيد وقت للاستمتاع بحياتك إذا كانت قيمك تتطابق مع قيم مَن حولك.

المصدر




مقالات مرتبطة