هل تريد أن تكون سعيداً؟ إليك مفتاحان للسعادة

صديقتي التي أناديها "بولي"، واسمها الحقيقي "بوليانا"، لأسباب ستتضح؛ هي إنسانة إيجابية وجهها بشوش ومتحمسة دائماً، إنَّها أسعد شخص أعرفه. لكن بالنسبة لها فهي ليست كذلك، إذ تقول إنَّها غالباً ما تكون غير سعيدة، خاصةً عندما تشعر بالسعادة، ثم تعتقد أنَّها يجب أن تكون سعيدة حقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "جيف هادن" (Jeff Haden)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في نَيل السعادة.

مثلاً هي تستمتع عندما تكون في الخارج مع أصدقائها، لكن ألا ينبغي لها أن تحظى بمزيد من المرح؟ وعندما يأتي عميل جديد لشركتها؛ ألا ينبغي أن تكون راضية أكثر؟

نظراً لأنَّها تعلم أنَّ السعادة ليست مجرد شيء جيد؛ بل هي مفيدة لها أيضاً، فهي تريد أن تكون أكثر سعادة؛ لذا تعمل بجد لتحقق السعادة، وتقول إنَّها مركِّزة ومتحمسة، وتَهب كل حياتها تقريباً لنَيل السعادة.

إنَّها ليست وحدها؛ إذ وجدت الأبحاث المنشورة في مجلة "إيموشن" (Emotion) أنَّ الإفراط في التأكيد على السعي وراء السعادة - والذي يعني باختصار أن تحاول جاهداً أن تكون أكثر سعادة عندما تكون سعيداً بالفعل - يمكن أن يَضُرَّك ويسبب مستويات أعلى من التعاسة.

كما كتب الباحثون: "قد يكون تقدير السعادة بمنزلة هزيمة للذات؛ ذلك لأنَّه كلما زاد تقدير الناس للسعادة، زاد احتمال شعورهم بخيبة الأمل. ومن المفارقات، أنَّ تقدير السعادة قد يؤدي إلى أن يصبح الناس أقل سعادة فقط عندما تكون السعادة في متناول اليد".

والنتيجة هي شكل مما يُعرَف باسم "الإيجابية السامة"، ففي بعض الحالات، تنطوي الإيجابية السامة على محاولة إقناع شخص ما بأنَّ كل شيء على ما يرام، بدلاً من الاستماع والتعاطف، وإعطائه فرصة للتصرف تصرفات طبيعية وصحية خلال مشكلة خطيرة.

في حالة صديقتي، فإنَّ سعيها المستمر إلى إيجاد جانب أكثر إشراقاً من كل موقف إيجابي، شكَّل إيجابيَّةً سامَّةً داخلية، وجعلها تقلل من تقدير ما تشعر به بالفعل ومعالجته معالجة غير صحية؛ باختصار، محاولتها لتكون أكثر سعادة تجعلها أقل سعادة.

ماذا يمكنك أن تفعل إن حصل ذلك معك؟ إليك مفتاحان للسعادة

1. إعطاء الأولوية للإيجابية وليس للسعادة:

قسَّم الباحثون الذين أجروا دراسة عام 2020 منشورة في "مجلة علم النفس الإيجابي" (The Journal of Positive Psychology) المشاركين إلى مجموعتين أساسيتين:

شاهد بالفديو: 9 طرق لتزيد الإيجابية في حياتك

  • الأشخاص الذين أعطوا الأولوية للسعادة:

اتفقوا مع عبارات مثل، "أنا قلق بشأن سعادتي حتى عندما أشعر بالسعادة"، و"إذا لم أشعر بالسعادة، فربما يكون هناك خطأ ما يحصل معي"، واتفقوا أيضاً مع عبارات مثل، "أرى نفسي فاشلاً في الحياة عندما أشعر بالاكتئاب أو القلق".

  • الأشخاص الذين أعطوا الأولوية للإيجابية:

اتفقوا مع عبارات مثل، "أنا أُنظِّم يومي لتحقيق أقصى قدر من سعادتي"، و"أنا أبحث عن مشاعري الإيجابية وأغذِّيها".

والنتيجة كانت: يميل الأشخاص الذين قدَّروا السعادة، والذين توقعوا أن يكونوا سعداء، إلى المعاناة عندما يواجهون مشاعر سلبية، كما أنَّهم شعروا بالفشل.

من ناحية أخرى، رأى الأشخاص الذين أعطوا الأولوية للإيجابية المشاعر السلبية جزءاً من الحياة؛ والنتيجة هي درجة أكبر من التنوع العاطفي. وكما تُظهر الأبحاث، فإنَّ تجربة المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية هي جانب أساسي في الصحة العامة والسلامة الذاتية.

أحياناً قد تكون إيجابياً، وأحياناً أخرى محبطاً، ما يهم هو العمل خلال فترات الإحباط للعودة إلى الإيجابية، أو كما يقول أتباع المذهب الفلسفي الرواقي: "لا يمكنك التحكم بما يحدث، بينما يمكنك التحكم بطريقة ردك".

لذا ركِّز على كيفية استجابتك عندما لا تسير الأمور كما تريد، وعلى ما يمكنك فعله، وليس على ما تشعر به؛ ونتيجة لذلك، ستشعر بالسعادة على الأمد الطويل.

2. إعطاء الأولوية للسعادة في المستقبل:

بالعودة إلى الدراسة المنشورة في مجلة "إيموشن" (Emotion)، تظهر الأبحاث أنَّ السعي إلى زيادة مستوى سعادتك في الوقت الحالي، قد يؤدي إلى انخفاض في الشعور بالسلامة.

والحل من المرجح أن يؤدي تحديد أولويات السلوك في الوقت الحالي إلى السعادة في المستقبل، ومساعدة الآخرين، وكذلك تحقيق هدف بعيد الأمد وبناء عادات تجعلك أكثر صحة، وأكثر ثراءً إذا كان هذا هو الشيء الخاص بك، وأكثر حكمة.

باختصار: تجب رؤية السعادة بوصفها رحلة وليست وجهة، وشيئاً ثانوياً لما تفعله، وليس مَن تكون.

المصدر




مقالات مرتبطة