هل تجد نفسك ضحية وسط هذه الحياة؟

هل تلوم الآخرين على سير حياتك؟ وهل تشعر كأنَّ كل شيء يتحرك ضدك؟ وهل لديك مشكلة في التكيف مع النكسات؟ وهل لديك موقف سلبي في معظم الأوقات؟ وهل تميل إلى التسكع مع أشخاص آخرين يحبون أيضاً تقديم شكوى وإلقاء اللوم على الآخرين؟ وهل تجد صعوبة في إجراء تغييرات في حياتك؟ وهل تشعر كأنَّك تفتقر إلى الدعم من الآخرين؟ وهل تفتقر إلى الثقة بالنفس أو تشعر بتدني احترام الذات؟ وهل تشعر دائماً كما لو أنَّ الآخرين أفضل منك في الحياة؟ إن كان لديك واحد من هذه المشاعر، فتابع معنا قراءة هذا المقال.



ما هي عقلية الضحية؟

نمر جميعاً في تقلبات هذه الحياة، فقد تحدث أشياء سيئة لك أو للأشخاص الذين تعرفهم يومياً، لكن يوجد بعض الناس الذين يدَّعون أنَّ ذلك ليس ذنبهم أبداً، ويصرون على عدم قدرتهم على السيطرة خلال المواقف الصعبة والمشكلات التي يواجهونها؛ إنَّه ببساطة يحدث لهم دائماً.

هل تُعَدُّ عقلية الضحية حالة طبية قابلة للتشخيص؟

إنَّ عقلية الضحية ليست حالة قابلة للتشخيص، إلا أنَّها مصطلح مقبول عموماً وله بعض الأسماء البديلة الأخرى مثل متلازمة الضحية، لكن يوجد بعض الباحثين الذين يضعون لها 3 معايير أساسية:

  1. حدثت أشياء سيئة في الماضي وسيستمر حدوثها لك.
  2. يقع اللوم على الآخرين في محنتك.
  3. لا جدوى من محاولة إجراء تغيير لأنَّه لن ينجح.

كيف يتصرف الشخص الذي لديه عقلية الضحية؟

  1. الشخص الذي يتصرف بعقلية الضحية يدَّعي أنَّ الأشياء التي تحدث له هي خطأ شخص ما أو عامل خارجي لا علاقة له به، وقد يكون خطأ الشريك أو العائلة أو زميل العمل أو الأصدقاء، وغالباً ما يلقي بالمسؤولية على "الطريقة التي يكون عليها العالم".
  2. الأشخاص الذين يملكون عقلية الضحية يشتكون بشدة من الأشياء السيئة التي تحدث في حياتهم، ويخافون جداً من تحمُّل المسؤولية تجاه أزماتهم الشخصية، مؤكدين أنَّ الظروف ليست تحت سيطرتهم.
  3. جميع الناس يمرون بصدمات أو أوقات عصيبة، ولكنَّ نسبة منهم لا تُطوِّر طريقة صحية للتعامل مع هذه المصاعب؛ ونتيجة لذلك فإنَّهم يطورون نظرة سلبية عن الحياة عموماً؛ إذ يشعرون بانعدام السيطرة على ما يحدث لهم، ويعتقدون أنَّ أيَّة مشكلة هي بسبب العوامل الخارجية وليست ناجمة عن إهمالهم أو تقصيرهم.
  4. إذا حاول شخص ما المساعدة أو تقديم الحلول لصاحب عقلية الضحية، غالباً ما يواجهه بقائمة من الأسباب التي تجعل ذلك غير مجدٍ، وكثيراً ما يُصاب الأشخاص الذين يحاولون مساعدتهم بالإحباط والارتباك.
  5. بالنسبة إلى الأشخاص الذين لديهم عقلية الضحية، يكون الانغماس في السلبية أسهل من محاولة حل المشكلة، وقد يقوم صاحب هذه العقلية بفرض ذلك على الآخرين.
  6. يقود الشعور بالضعف والخوف المتجذر في عقلية الضحية إلى اختيار عدم تحمُّل المسؤولية أو إلقاء اللوم على الآخرين وتقديم الأعذار، حتى عندما تكون لديك إجراءات يمكنك اتخاذها.

شاهد: 10 قواعد للعقلية الناجحة!

ما هي الفائدة التي يجنيها الشخص من عقلية الضحية؟

  1. أن تكون مسؤولاً عن حياتك يعني أنَّك في مقعد القيادة، فأنت تتحمل المسؤولية، ويُعَدُّ هذا الأمر مخيفاً بالنسبة إلى شخص لديه عقلية الضحية، فيجب عليك أن تعترف بأنَّ الحياة ليست مجرد نتيجة لتصرفات الآخرين؛ لذا تحمَّل المسؤولية بوصفها خطوة أولى للتخلص من عقلية الضحية.
  2. تستمر مشكلات أصحاب عقلية الضحية لأنَّها تؤمِّن لصاحبها بعض الفوائد الثانوية؛ إذ يُعَدُّ التعاطف والاهتمام والحصول على الأدوية أو الأموال أمثلةً شائعة للمكاسب الثانوية للتبرم والشكوى.
  3. قد لا يدرك الشخص الذي لديه عقلية الضحية أنَّه يحصل على هذه الفوائد، وغالباً ما يشعر بالضيق من هذه الفوائد الثانوية.
  4. تلبي عقلية الضحية الاحتياجات اللاواعية؛ لذا يسعى أصحابها دون وعي إلى الحصول على المساعدة من الآخرين، وخاصةً أولئك القادمون من صدمة سابقة؛ إذ يؤدون دور المساكين باستمرار، وهذا ما يمكن أن يولِّد التعاطف والمساعدة من الآخرين.
  5. تميل عقلية الضحية إلى تجنب المخاطرة، وإلقاء اللوم على الآخرين هو جزء أساسي من تكوينها؛ إنَّها طريقة لتفادي المجازفة والبقاء في منطقة الأمان والراحة.

كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كان لديك عقلية الضحية؟

لأنَّ الخطوة الأولى لحل أيَّة مشكلة هي تحديدها والاعتراف بها، يجب عليك أن تبحث عن هذه العلامات في نفسك لمعرفة ما إذا كنت قد تبنيت عقلية الضحية:

  1. تلوم الآخرين على مشكلات حياتك.
  2. تعتقد أنَّ الحياة ضدك.
  3. لديك صعوبات في التأقلم مع مشكلات الحياة وتشعر بالعجز حيالها.
  4. تشعر أنَّك عالق في الحياة، وتتعامل مع المواقف تعاملاً سلبياً.
  5. عندما يحاول شخص ما تقديم ملاحظات مفيدة، تشعر وكأنَّه يهاجمك بشكل شخصي.
  6. الشعور بالسوء تجاه نفسك يمنحك الراحة أو المتعة.
  7. قد تأخذ الأمور على محمل شخصي حتى عندما لا تكون موجهة إليك.
  8. قد تقول في نفسك: "ماذا فعلت لأستحق هذا؟".
  9. قد تشعر أيضاً بالاستياء في كثير من الأحيان.
  10. تشعر بأنَّك تميل إلى مرافقة الأشخاص الذين يلومون الآخرين، ويشتكون حيال ظروف حياتهم.

ما هي العلاقة بين عقلية الضحية وتجارب الماضي؟

قد تنشأ عقلية الضحية بعد سلسلة من الأحداث المؤلمة، إلا أنَّ المشكلة تكمن في وجود عوامل متعددة متداخلة في أي موقف سيئ، على الرغم من أنَّك قد لا تكون قادراً على التحكم بما حدث لك في الماضي، فمن المحتمل امتلاكك درجة معينة من التحكم بما سيحدث لك في المستقبل.

مثال عملي يوضح العلاقة بين عقلية الضحية والصدمات السابقة:

على سبيل المثال، إذا كنت تحاول العثور على وظيفة دون أي نجاح، توجد فرصة للتعلم من محاولاتك الفاشلة، حتى تتمكن من محاولة إجراء بعض التغييرات تفيدك في محاولاتك القادمة، وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ الشخص الذي لديه عقلية الضحية لن يهتم كثيراً باتخاذ الإجراءات التي تحسن من وضعه وتمنحه فرصة أعلى بالنجاح في المرات القادمة لأنَّه يكون غارقاً في الندب والشكوى.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يحاول الآخرون مساعدته، يتراجع إلى الشفقة على الذات ويجادل بعدم وجود أي حل؛ أي وبعبارة أخرى، هو يريد أن يشعر بالأسف على نفسه، بدلاً من العمل على إحداث أي تغيير ذي معنى، في حين أنَّه من المقبول أن يشعر بالسوء حيال ما حدث له.

هل تُعَدُّ عقلية الضحية مشكلة قابلة للحل؟

يعتقد خبراء علم النفس أنَّ الإنسان طوَّر هذه العقلية بوصفها آلية للتكيف مع تجارب سلبية قاسية؛ فلا يجد أيَّة طريقة للسيطرة على الألم العاطفي المستمر الذي يجعله يشعر بالعجز سوى الاستسلام الكامل، كما يمكن أن تصبح عقلية الضحية جزءاً من هوية الشخص، ولكنَّها تبقى سلوكاً مكتسباً ويمكن تغييره، وغالباً ما تتطور هذه العقلية بوصفها آلية دفاع للتعامل مع أحداث الحياة القاسية.

شاهد: 4 طرق تساعدك على التخلّص من الشخصية الضعيفة

كيف تتوقف عن كونك ضحية؟

يجب عليك الاقتناع بأنَّ عقلية الضحية هي سلوك مكتسب؛ بعبارة أخرى، إنَّه شيء تتعلمه في بيئة اجتماعية، ولم يولَد معك، وقد تكون اكتسبته من أفراد الأسرة أو بعد الصدمة، ومع ذلك، فإنَّك تملك القوة للتغلب على هذا السلوك؛ وذلك من خلال اتباع النصائح الآتية:

1. تحمَّل المسؤولية:

أنت الوحيد الذي يتحكم بأفعالك، فقد لا تكون قادراً على التحكم بالآخرين، ولكنَّك تملك قدرة التحكم بطريقة تفاعلك معهم، وأنت قادر على تحديد من تقضي وقتك معه وأين تذهب، فافهم مكانتك جيداً، واجلس في مقعد القيادة، وتحكم بحياتك.

2. كن رحيماً مع نفسك:

يتم تبني عقليات الضحية لا شعورياً بوصفها طريقة للتكيف مع الصدمات النفسية؛ لذا كن رحيماً مع نفسك في فترة التعافي من الصدمة، وتقبَّل ذاتك وما حصل معك، فيمكن أن تكون كتابة اليوميات أداة مفيدة للتعامل مع المشاعر السلبية التي قد تسيطر عليك بعد الصدمة.

إقرأ أيضاً: عقلية المحارب!

3. ابدأ بقول "لا":

يمكنك أن تقول "لا" لشيء لا تريد القيام به، فهذا حقك الطبيعي، حتى لو شعر الآخرون أنَّك تخذلهم، فاعتنِ بذاتك وامنح الأولوية لنفسك.

4. ثقف نفسك:

اقرأ كتباً عن عقلية الضحية وكيف تؤثر في حياة صاحبها، وضع في حسبانك طلب المساعدة من صديق أو طبيب نفسي، وكلما ثقَّفتَ نفسك عن هذا الموضوع، زادت احتمالية شفائك وتجنب العودة إلى طريقة تفكيرك القديمة.

5. اجمع شتات نفسك:

نعم، حقوقك انتُهِكَت وأنت لا تستحق ما حدث لك؛ بل تستحق التعاطف والرحمة والتفهم، ويمكنك أن تعطي هذه الأشياء لنفسك دون انتظار قدومها من أي شخص آخر.

إقرأ أيضاً: لا تكن ضحيةً: بل تحمَّل المسؤولية

في الختام:

يحتاج كل شخص لديه عقلية ضحية إلى وضع حد للشفقة على الذات والعمل من أجل التغيير والشفاء، وكل ما يفعله خلاف ذلك، يعني أنَّ هذه العقلية قد ترافقه طوال العمل، والحقيقة هي أنَّ الحياة لن تتوقف أبداً عن إغراقك في التحديات، وإذا شعرتَ أنَّه لا يوجد أي حل، فاستعد للعيش في الشقاء بقية حياتك.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة