هل تتناسب المكاتب المفتوحة مع شركتك؟

باتِّباع خطى شركات مثل: "غوغل" (Google) و"ياهو" (Yahoo) و"إي باي" (eBay)، انتشرت المكاتب المفتوحة انتشار النار في الهشيم، بدءاً من الشركات الناشئة في "وادي السيليكون" (Silicon Valley)، وصولاً إلى المقرات الحكومية في المدن، لكن مع ازدياد التوجه نحو المكاتب المفتوحة، ازدادت الانتقادات ضدها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المُدوِّن "كريس كانسيالوسي" (Chris Cansialosi)، يُحدِّثنا فيه مكاتب العمل المفتوحة، وعن سلبياتها وإيجابياتها.

انتقد مقالٌ نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) تعدِّي المكاتب المفتوحة على خصوصية الموظفين؛ إذ أشار المقال إلى مساهمة المكاتب المفتوحة - على سبيل المثال - في فضح موعد تنظير القولون للموظفين الذين يعانون منه، وحدَّد الحاجة إلى توفير "غرف خاصة للجوء إليها" للحصول على الراحة من الأصوات المزعجة.

كما وجدت بعض الأبحاث المتزايدة أنَّ المكاتب المفتوحة قد تؤدي في بعض النواحي إلى زيادة تغيُّب وتوتر الموظفين، وانخفاض في الإنتاجية، وقلة الشعور بالرضى.

هل المكتب المفتوح مناسب لشركتك؟

حين تستخدم المكاتب المفتوحة بأساليب مناسبة، فلن يكون لها تأثير مدمر في الإنتاجية، كما يقول بعض الناس؛ ففي حين أنَّ المكاتب المفتوحة لها تحديات فريدة، مثل الضوضاء والمُشتِّتات وقلة الخصوصية، غير أنَّ شركاتٍ مثل "غوغل" تأخذها على محمل الجد، ونهجهم ليس خاطئاً البتة؛ إذ إنَّ استراتيجية المكتب المفتوح نجحت مع شركة "غوغل"؛ لأنَّها تناسب العلامة التجارية واستراتيجيتها وتأكيدها على مبدأ التعاون.

وقد عمدت الشركة إلى إنشاء بيئةٍ تشجِّع على التقاء الموظفين في الأقسام المزدحمة، مع السماح لهم في الوقت نفسه باتخاذ مساحات عملٍ خاصة حسب الحاجة، كما حدث الأمر نفسه مع شركاتٍ ناجحةٍ أخرى مثل "بيكسار" (Pixar).

لكنَّ المشكلة هي أنَّ معظم المقالات تدَّعي أنَّ "غوغل" ضللتنا جميعاً؛ إذ ينتقد الكاتبون المفهوم من دون التفكير حتى في الأسباب الكامنة وراء عدم نجاح هذا الأمر في شركاتهم، فبدلاً من اتخاذ القرارات بناءً على تجارب فردية سيئة، يجب على مديري الموارد البشرية التوصية بتصميم المكاتب بناء على احتياجات وأهداف الشركة.

إليك فيما يأتي ثلاثة أمور رئيسة يجب على مديري الموارد البشرية فهمها:

1. لن يلبِّي تصميمٌ واحدٌ احتياجات الجميع:

يتكون فريقك من أشخاص لهم خيارات وأساليب عمل مختلفة؛ لذا مهما كانت ثقافتك التنظيمية أو مجال عملك أو التركيبة السكانية في الشركة، فلكل امرئ ما يفضِّله؛ إذ سيفضِّل بعض الموظفين الخصوصية، بينما سيفضِّل بعضهم الآخر المساحة المشتركة، وتُوجد حالات خاصة يجب وضعها في الحسبان؛ إذ سبق لي أن رأيت موظفين يشتكون من نقص الخصوصية عند التعامل مع معلوماتٍ حساسةٍ أو نقاشاتٍ حادةٍ عن أداء الموظفين أو إعادة الهيكلة أو أحداث العمل غير العامة.

يكمن الحل الأمثل في توفير المرونة، فبدلاً من اختيار أن يكون المكتب مفتوحاً تماماً أو تخصيص مقصورة عملٍ لكل شخص، بإمكانك تصميم مكتب مفتوح يتضمن مساحات عملٍ خاصة، وسيسمح التنوع في المكاتب للموظفين باللجوء إلى المكاتب الخاصة منها، سواء لإجراء محادثات خاصة، أم للعمل في مجموعاتٍ صغيرة، أم لتأدية مهامهم بالطريقة الأكثر فاعلية.

إقرأ أيضاً: 9 أماكن عمل قليلة التكلفة لتنطلق في ريادة الأعمال

2. يجب أن تعزِّز بيئة العمل استراتيجية الشركة:

أيَّاً كان تصميم المكتب الذي تختار إنشاءه، تأكَّد من اختياره لأسباب مناسبة؛ فلن يؤدي اختيار مكتب مفتوح بغرض خفض التكاليف أو اتِّباع توجه ما، إلى الفوائد التي تتمنى الحصول عليها؛ فيجب أن يُستخدم لمعالجة مشكلات العالم الحقيقية وربطه بالحلول.

نقترح استخدام تصميم المكتب بوصفه استراتيجية لتحقيق نتيجةٍ محدَّدة؛ لذا اسأل نفسك ما إن كانت مساحة عملك تتوافق مع قيم شركتك وتعزِّزها؛ هل ستدعم العمل المطلوب منك يومياً؟ وكيف ستؤثر في إنتاجية فريقك؟ وهل ستعزِّز الهيكل التنظيمي الخاص بك؟ وهل قدَّمت أيَّ تنازلاتٍ لاحترام السرية وخصوصية الموظفين؟

وتماماً مثلما أنَّ مقصورات العمل الضيقة لن تحوِّل موظفيك إلى كائنات بلا روح بين عشيةٍ وضحاها، فلن تحوِّل المكاتب المفتوحة المليئة بالطاولات الخشبية الجميلة شركتك إلى مساحة إبداعية رائعة يشعر فيها الجميع بالراحة في مشاركة أفكارهم؛ إذ إنَّ بيئة عملك مجرَّد أداةٍ تدعم السلوكات التي تريد تشجيعها.

إذا لم تتمكن من تحديد كيف سيعمل المكتب المفتوح على تعزيز السلوكات التي تحتاج إليها للوصول إلى أهدافٍ محدَّدة، فلا بأس بالإقرار أنَّه ليس مناسباً.

شاهد بالفيديو: 4 تغييرات بسيطة تعزّز الإنتاجية في أماكن العمل

3. لا أحد يحب التغيير:

إذا قررت بأنَّ المكتب المفتوح سيساعد شركتك، فاستعد لمواجهة بعض المقاومة من موظفيك؛ ذلك لأنَّ جلوسهم حول طاولةٍ كبيرةٍ سيؤدي إلى تشتيتهم، فضلاً عن إجبارهم على التخلي عن سيطرتهم الشخصية في مساحة عملهم؛ لذا، يجب أن يكون الانتقال إلى بيئة عملٍ مفتوحةٍ أمراً طبيعياً يتم التعامل معه تماماً مثل أيِّ تحوُّلٍ كبير آخر في الشركة.

يستغرق الموظفون وقتاً حتى يستوعبوا ويتقبلوا التغييرات الجديدة، مهما كان ذلك التغيير؛ إذ يتطلب تغيير طريقة العمل نهجاً مُتعمداً ومدروساً، وتوفير فرصٍ للموظفين لإبداء آرائهم قبل إجراء التغيير وتعزيز الحوار ووضع معايير وتوقعاتٍ جديدة، هو أساس النجاح.

لا يمكنك تغيير شخصية الموظفين وما يفضلونه في العمل؛ لذلك لا فائدة من المحاولة، ويمكنك بدلاً من ذلك مساعدة الموظفين على فهم قواعد وآداب مساحة العمل، وسوف يساعد وضع توقعاتٍ واضحةٍ الموظفين على الشعور بالراحة، وسيجعلهم يعلمون متى ينسحبون إن لم يكن التغيير مؤاتياً لهم.

إقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات تساعدك على التركيز في مكاتب العمل المفتوحة

في الختام:

تؤدي مساحات العمل دوراً كبيراً في كيفية عمل الموظفين؛ لذا لا تتبع التوجهات السائدة وحسب، أو تنشئ أماكن عمل مفتوحة لحشر مزيدٍ من الأشخاص فيها؛ إنَّما عليك التفكير فيما تأمل بتحقيقه، وتقرر أيَّ التصاميم سيساعدك على الوصول إلى أهدافك.

المصدر




مقالات مرتبطة