هل إعادة التدوير سلاح ضد الاحتباس الحراري؟

يعرض الاحتباس الحراري إمدادات الغذاء والمياه والأماكن التي يسميها الناس منازلهم للخطر، فمن الصعب إنكار تأثير تغير المناخ في عالم تتقلص فيه الأنهار الجليدية وتنقرض فيه الأنواع وظروف الطقس تشكل خطراً على حياة البشر وممتلكاتهم، فلم يفت الأوان بعد لوقف الاحتباس الحراري، ومع ذلك يجب اتخاذ إجراءات على الفور، فماذا نستطيع أن نفعل؟



حسناً، يمكننا إعادة تدوير المزيد؛ إذ يمكن أن تساعد إعادة التدوير على إبطاء تغير المناخ، ولهذا السبب من الهام جداً البدء باستخدام إعادة التدوير لإدارة النفايات، فإذا لم تكن قد تلقيت الرسالة، فإنَّ كوكبنا في ورطة؛ إذ إنَّ إعادة التدوير هي أداة جديدة لمكافحة الاحتباس الحراري، فكيف تساعد بالضبط؟ تعالوا معنا لنتعرف.

إعادة التدوير تقلل من انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون:

تساهم انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون مساهمةً مباشرةً في ظاهرة الاحتباس الحراري، فقد يؤدي تراكم الغازات مثل ثنائي أوكسيد الكربون والميثان إلى إحداث تأثير الاحتباس الحراري عن طريق امتصاص الحرارة، ومن الناحية العملية فإنَّها تحبس الحرارة القادمة من الشمس التي بدورها تجعل الكوكب أكثر دفئاً مما ينبغي.

انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون ضارة جداً بالبيئة، فقد يتم إنتاجها بكميات كبيرة لدرجة أنَّ تلك الكميات الموجودة الآن في الغلاف الجوي تُعَدُّ خطيرةً للغاية؛ لذا تؤدي إعادة التدوير دوراً أساسياً في تقليل كمية انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون، كما يمكن أن تؤدي إعادة التدوير وكذلك تقليل النفايات إلى خفض ثنائي أوكسيد الكربون بملايين الأطنان سنوياً.

ما يحدث هو أنَّ المواد المعاد تدويرها يتم استخدامها في صنع منتجات جديدة، فلا حاجة إلى استخراج أو استخدام المواد الخام، فقد اكتشف العلماء أنَّه من الممكن إعادة تدوير ثنائي أوكسيد الكربون المنبعث من محطات الطاقة وتحويله إلى وقود ومواد كيميائية قيمة، كما يعتقدون أنَّ بإمكانهم تقليل ثنائي أوكسيد الكربون إلى جزيئات قصيرة، مثل الميثان وأول أوكسيد الكربون؛ لذا يفكر الاتحاد الأوروبي في نطاق تمويل تكنولوجيا احتجاز ثنائي أوكسيد الكربون، مع التركيز على البنية التحتية للنقل، فلا يبدو تقليص البصمة الكربونية هدفاً مستحيلاً.

إعادة التدوير تحافظ على الموارد الطبيعية الثمينة:

قريباً سوف تنفد الموارد الطبيعية، فهناك طلب كبير على الفحم والنفط والغاز، إضافة إلى ذلك فإنَّ مواردنا المائية آخذة في التدهور نتيجة النشاط البشري، ولقد أصبح الوصول إليها غير ممكن حتى تلك الموارد التي يمكن الوصول إليها وتوزيعها بشكل غير متساوٍ، لذلك من الهام الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل النفايات.

تقلل إعادة التدوير من الحاجة إلى استخدام الموارد الطبيعية، فإنَّها تقلل تقليلاً كبيراً من استنفاد الموارد وتحمي البيئة من الآثار المدمرة للتعدين والحفر وإزالة الغابات، ونظراً لحقيقة أنَّ بقاءنا بوصفنا نوعاً يعتمد على الموارد الطبيعية، فمن الضروري الحفاظ عليها.

يتطلب إنشاء منتج من مواد خام قدراً كبيراً من الطاقة مقارنةً بصنع نفس المنتج من مواد معاد تدويرها، فقد يبذل أصحاب المنازل والشركات العناية الواجبة من خلال توفير المواد والتأكد من وصولها إلى مراكز إعادة التدوير، كما تلتزم العلامات التجارية العالمية المعروفة تجاه الكوكب باستخدام حاويات إعادة التدوير التي تمنع التلوث وتقلل من النفايات التي يتم إخمادها.

شاهد بالفديو: 10 طرق سهلة لتكون صديقاً للبيئة

فيما يأتي ثلاث شركات ملتزمة بالحفاظ على الموارد الطبيعية:

1. مستحضرات تجميل "ماك":

إذا قمت بإرجاع ست عبوات من المنتجات، فستتلقى في المقابل أحمر شفاه مجانياً أو ظل عيون، فقد تم إطلاق برنامج إعادة التدوير (Back to MAC) لتحديد العملاء لإعادة التدوير، ولدى (MAC Cosmetics) برامج مبادرات اجتماعية أخرى.

2. بيبسي (PepsiCO):

أعلنت الشركة مؤخراً أنَّها ستستخدم 25% من المحتوى المعاد تدويره في عبواتها البلاستيكية بحلول عام 2025 في محاولة لمكافحة النفايات البلاستيكية، وستكون جميع عبواتها قابلةً لإعادة التدوير وقابلةً للتحلل والتفكك.

3. نايكي (Nike):

إلى جانب حقيقة أنَّ (Nike) تصنع معظم أحذيتها من القمامة الخاصة بها، انضمت الشركة إلى ميثاق الأمم المتحدة لتغير المناخ وصناعة الأزياء للعمل المناخي منذ وقت ليس ببعيد، وتعهدت بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فربما تلهمك هذه الأمثلة لاتخاذ بعض الإجراءات.

إعادة التدوير تحمي التنوع البيولوجي:

على الرغم من أهمية التنوع البيولوجي، إلا أنَّه يتم التعامل معه بشكل سيئ، فلا يدعم الناس الطيور أو الزواحف أو الثدييات التي تعيش في أحيائهم، ولا يقومون بإعادة التدوير، وتذهب النفايات إلى مدافن النفايات، وهذا يؤدي إلى إطلاق الملوثات في التربة والمياه والهواء، كما تحدث تغييرات فيما يتعلق بالأنواع المحلية والثدييات والطيور التي يتم استبدالها بمحبي القمامة، مثل الجرذان والغربان.

من الهام إعادة التدوير لوقف فقدان التنوع البيولوجي على نطاق عالمي، ومن خلال إعادة التدوير يتم التحكم في التلوث؛ لذلك ما يزال لدى الطيور والحيوانات منزل، بمعنى آخر لا تضر النفايات بالتنوع البيولوجي؛ إذ تعمل إعادة التدوير على تخفيف بعض العبء الواقع على مساحة المكب المحدودة.

لا يوجد شيء أكثر أهميةً من وقف تدهور التنوع البيولوجي، فكل ما نقوم به ينتج عنه تأثيرات غازات الاحتباس الحراري التي تهدد الكوكب، وهذا يشمل تدفئة المنزل ومكان العمل والسفر وتناول الطعام وارتداء الملابس وما إلى ذلك.

إضافة إلى إعادة التدوير فإنَّ استهلاك الأطعمة الموسمية وركوب الدراجة أو تقاسم وسائل النقل والحد من النفايات وغيرها هي حلول فعالة للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة، ولا يوجد حد لكمية المواد التي يمكنك إعادة تدويرها، فتأكد من الحصول على سلة إعادة التدوير.

ما هي فائدة إعادة تدوير القمامة المنزلية؟

حسناً، تذهب كمية أقل من النفايات إلى مدافن النفايات، ولا يوجد المزيد من الضغط على التعدين للحصول على مواد جديدة، جرِّبها.

إعادة التدوير تحمي الناس:

لا ينبغي أن تكون حقيقة أنَّ إعادة التدوير تحمي البشر مفاجأة؛ إذ تقدِّم هذه الممارسة العديد من الفوائد الصحية، ومن ذلك منع النفايات الخطرة، فإعادة تدوير زيت المحرك المستخدم - على سبيل المثال - يحمينا ويحمي الحياة البرية من تلوث المياه، فلا يصل الزيت إلى موارد المياه؛ لذا فإنَّ إمدادات مياه الشرب ليست في خطر.

دعونا لا ننسى النفايات الإلكترونية التي تعرض صحة الإنسان للخطر، فقد تحتوي الإلكترونيات المهملة على مواد خطرة مثل الزئبق والكادميوم، وإذا تمت إعادة تدوير فائض الأجهزة الإلكترونية، فلن تلوث هذه المواد الخطرة مصادر المياه العذبة، والنقطة الهامة هي أنَّ إعادة التدوير مفيدة للصحة العامة.

إقرأ أيضاً: نصائح للتخلص من التلوث البيئي

كيف تقلل كمية القمامة؟

نحتاج إلى مجموعة متنوعة من المنتجات كل يوم لتلبية احتياجاتنا الأساسية سواء كنا في المكتب أم المنزل أم في أي مكان آخر، لكن حان الوقت لتعلُّمنا تقليل كمية النفايات التي ننتجها كل يوم، وفيما يأتي بعض الأساليب:

  • تختلف معايير إعادة التدوير من مكان إلى آخر، وهذا يتطلب منك معرفة القواعد المحددة لمنطقتك، ومن الأفضل تطبيق حاويات قابلة لإعادة الاستخدام كلما أمكن ذلك، ولا تخف من الرموز المعقدة وقواعد الفرز لإعادة التدوير على العبوة.
  • توجد طريقة أخرى لتقليل النفايات وهي استخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام وتجنب الأكياس البلاستيكية والورقية؛ إذ يمكن أن تساعدك أكياس القماش أو الأكياس الورقية إذا كنت ذاهباً إلى شراء البقالة.
  • يُعَدُّ استخدام عبوات قابلة لإعادة الاستخدام لمطبخك أمراً صديقاً للبيئة؛ إذ يمكنك تخزين الأطعمة الجافة في أوعية زجاجية أو خشبية ويمكنك استخدامها مراراً وتكراراً.
  • في حياتنا المزدحمة، الأشخاص الذين لا يهمهم المال ولكنَّ الوقت هام يشترون الأشياء بدلاً من إصلاحها في حالة كسر شيء ما، لكن انتظر، هل تعتقد أنَّه أفضل حل؟ أود أن أقول لك: "لا"؛ وذلك لأنَّ التخلص من هذه الأشياء يؤدي فقط إلى زيادة كمية النفايات، فقد تتمكن من استخدامها لبعض الوقت أكثر إذا قمت بإصلاحها.
  • خطوة حيوية أخرى يمكن أن تساعد على تقليل كمية هائلة من النفايات هي التوقف عن استخدام الأطباق التي تُستخدم لمرة واحدة أو أكواب الماء وحتى أكواب القهوة أيضاً، فكفى من كل هذه المواد البلاستيكية أو الأوراق في كل مكان.
  • التوقف عن شراء قوارير المياه البلاستيكية؛ إذ يتم التخلص من أكثر من 35 مليار قارورة مياه بلاستيكية على مدار العام.

كم هي ضرورية إعادة التدوير لأجيال المستقبل؟

إعادة التدوير

يجب علينا الاتفاق على نقطة وهي أنَّ كل ما نفعله الآن ولاحقاً إنَّما نفعله من أجل الأجيال القادمة، لكن إن بقينا على هذه الوتيرة مستمرين في تدمير بيئتنا وأرضنا واستهلاك مواردها فلن يبقى للأجيال المستقبلية أي شيء، ولن تفيد أيَّة إجراءات مهما كانت فعالةً إن فات الأوان.

فقط إعادة التدوير والحد من استخدام الوقود الأحفوري هما الحل، فإنَّهما الحلان اللذان سيخففان من التدهور السريع لنظامنا البيئي وغلافنا الجوي؛ لذا يجب ألا نضيع أيَّة دقيقة في اتخاذ أبسط الخطوات للحدِّ من هذه المشكلة، ولنضمن حياةً ومستقبلاً صحياً ومشرقاً لأبنائنا وأحفادنا.

إقرأ أيضاً: 3 إجراءات يمكن اتخاذها لرفع معايير الاستدامة البيئية في حياتنا

في الختام:

خلاصة القول هي أنَّ الاحتباس الحراري يحتاج إلى أن يتوقف وأنَّ إعادة التدوير يمكن أن تصبح سلاحاً فعالاً ضده، كما يمكن حل مشكلة تغير المناخ من خلال القضاء على دور الوقود الأحفوري وإزالة ثنائي أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، لذلك بمعنى بسيط، من الضروري التقليل وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، فالأمر ليس معقداً ويمكن أن تساعد إعادة التدوير على مكافحة هذه الكارثة.




مقالات مرتبطة