هل أنت على وشك فقدان موظفيك؟

في بداية الجائحة، أدت حالة انعدام اليقين في سوق العمل والافتقار إلى الوظائف المتاحة إلى إيقاف الموظفين الشروعَ في البحث عن وظائف، ولكن الآن، وعلى الرغم من أنَّ العديد من الأمريكيين ما زالوا يعانون من التأثير الاقتصادي للجائحة، فقد بدأ سوق العمل بالانتعاش ببطء، وفي شهر آذار/ مارس أضاف أرباب العمل 916 ألف وظيفة؛ الأمر الذي فتح الباب أمام حركة الموظفين، ومع الشعور الجديد بالأوضاع الطبيعية، يعمل الناس على إعادة تقييم موظفيهم الحاليين لتحديد ما إذا كان الوقت قد حان للبحث عن فرصة جديدة لموظفين آخرين أم لا. والواقع أنَّ 52% من الموظفين سوف يبحثون عن وظيفة في عام 2021، بعد أن كانوا 35% في عام 2020.



تُعَدُّ هذه الأخبار سيئة بالنسبة إلى المنظمات مع تزايد احتياجات التوظيف؛ وذلك لأنَّها لن تحتاج فقط إلى زيادة عدد موظفيها فحسب؛ وإنَّما ستحتاج أيضاً إلى استبدال أولئك الموظفين الذين قرروا المغادرة. ومع أخذ ذلك في الحسبان؛ كشف تقرير الإنجاز السنوي الرابع لمشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم عما سوف يتطلبه الاحتفاظ بالموظفين حتى عام 2021؛ وفيما يأتي بعض النقاط البارزة:

التوازن غير الصحي بين العمل والحياة:

يُعَدُّ من العوامل الرئيسة التي تدفع هذا التغير المتوقع إلى عدم تحقيق التوازن بين العمل والحياة، الذي عانى منه الناس طوال فترة الجائحة، ومن المفارقات أنَّ العديد من المنظمات افترضت أنَّ التوازن بين العمل والحياة قد تَحسَّن منذ ظهور الجائحة، ولا سيما بالنسبة إلى أولئك الذين يعملون عن بُعد بعد فترات الحظر المنزلي، وأبدت العديد من الشركات مزيداً من المرونة في عملها، ومع ذلك، واحد من كل أربعة موظفين ذكروا التوازن بين العمل والحياة كسبب للبحث عن وظيفة.

أكثر من نصف 51% من الموظفين يشعرون بالقلق من أن يَشُكَّ مديرهم في إنتاجيتهم اليومية في أثناء العمل عن بعد، وقد تحوَّل هذا الشك إلى إرهاق في العمل؛ إذ يعمل أكثر من 40% من الناس ساعات أطول من المعتاد، وعلاوةً على ذلك أفاد 44% من العمال بأنَّهم يبدؤون العمل في وقت مبكر أو في وقت متأخر جداً، و37% منهم يتغيَّبون عن استراحة الغداء؛ وهذا الأمر الذي يتسبب في الإحباط والإرهاق.

إذن، كيف تستطيع المنظمات معالجة هذا الخلل في التوازن؟ من خلال منهج يتعلق بعمل القادة على إظهار السلوكات التي تساعد الموظفين على الشعور بأنَّه لا بأس بأخذ إجازة أو الخروج من العمل في الوقت المحدد، ويتعيَّن على المديرين أن يحددوا المسار اللازم لتحقيق التوازن بين العمل والحياة من خلال التشجيع على أخذ الإجازات واستثمارها لأنفسهم، وأيضاً تبنِّي عادات سهلة مثل تقليل فترات الراحة أو العمل كفريق.

أهمية الإصغاء واتخاذ الإجراءات:

لخلق ثقافة تنظيمية تقوم على التوازن الصحي بين العمل والحياة يتعيَّن على القادة أن يقيِّموا احتياجات موظفيهم باستمرار، ومن ثم العمل معهم عن كثب لفهم الإجراءات اللازمة لإجراء التغيير، وعلى الرغم من أنَّ السياسة الجديدة التي تكون فيها ساعات العمل سلسة قد تكون مفيدة لبعضهم، إلَّا أنَّها يمكن أن تسبب المزيد من الضغط للآخرين الذين يحتاجون إلى تحديد ساعات عملهم، وسيكون لكل منظمة وعامل احتياجات مختلفة قليلاً؛ وهذا يسلط الضوء على الحاجة الأساسية لفهم ما يحتاج إليه الموظف.

ولكن بعيداً عن فهم الاحتياجات فحسب، يتعيَّن على الشركات أن تركز في العمل انطلاقاً من هذه المعرفة التي من شأنها أن تخلق التغيير الإيجابي، في حين أنَّ ما يصل إلى 60% من الموظفين يقولون إنَّ منظمتهم قد سعت إلى الحصول على تغذيتهم الراجعة حول القضايا الرئيسة؛ من خبرة الموظفين وثقافتهم إلى تعزيز التنوع والإنصاف والشمول، فإنَّه تقريباً واحد من كل خمسة موظفين يقولون إنَّ رب العمل لا يُحسِن التصرف بناءً على التغذية الراجعة.

وعدم اتخاذ إجراءات على هذا النحو يمكن أن يجعل الناس يشعرون بأنَّه لا يُصغى إليهم وأنَّه ليست لهم قيمة، وقد يُحبط محاولات الموظفين عن تقديم إسهامات جيدة في المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الفشل في إحداث التغيير مستنداً إلى أساس التغذية الراجعة التي يقدمها الموظفون وانعدام الثقة والافتقار إلى المشاركة، ومن ثم ارتفاع معدل دوران العمالة.

إقرأ أيضاً: 4 مشاكل تواجه الموظفين في العمل

تعزيز المشاركة الهادفة:

يشير العدد المذهل من الموظفين الذين يبحثون عن وظائف جديدة، إلى الحاجة الملحة إلى التفكير في حالة مكان العمل. ولتنمية بيئة عمل تتسم بالمساندة والمشاركة والسعادة، فإنَّ تشجيع مشاركة أرباب العمل على نحو هادف يشكل أساس تحقيق هذه الغاية، وفي حين ركزت المنظمات في كثير من الأحيان في استراتيجياتها للمشاركة في "المزايا الممتعة"؛ مثل وجبة إفطار مجانية أو الحصول على أرباح من الشركة، إلَّا أنَّه في البيئة التي كانت موجودة قبل الجائحة، كانت هذه المزايا ليست كافية؛ فالمشاركة تعتمد الآن اعتماداً أكبر على القيم الأساسية للشركة؛ أي تجسيدها فعلياً من خلال أفعال ملموسة وليس مجرد تصريحات.

مرةً أخرى، إذا أخذنا حسابات تعزيز التنوع والإنصاف والشمول كمثال، فقد وجدت أبحاث أرباب العمل ذوي التحصيل العالي أنَّ 52% منهم سيكونون أكثر انشغالاً في العمل إذا حسَّنوا معدل التنوع والإنصاف والشمول؛ إذ إنَّه هام بشكل خاص لجيل الألفية؛ إذ يُعَدُّ أكبر جيل للقوى العاملة، 83% منهم يعملون بنشاط في أماكن عمل متنوعة؛ فعندما يبني رب العمل شعوراً بالانتماء والاندماج في مكان العمل، فإنَّ هذا يعني زيادة في الأداء الوظيفي بنسبة 56%، وهبوطاً بنسبة 50% من مخاطر دوران العمالة.

الحصول على قوة عاملة أفضل:

لقد كانت فترة الجائحة وقتاً جيداً للتفكير؛ إذ تراجعنا جميعاً خطوة إلى الوراء عن تلك الحياة السريعة التي كنا نعيشها لإعادة تقييم ما هو هام حقاً بالنسبة إلينا، ومع ذلك فإنَّ العديد من أرباب العمل لم يلبوا الاحتياجات المتغيرة باستمرار لقوتهم العاملة؛ ونتيجةً لذلك سيخسرون أفضل المواهب.

ولكي تتمكن الشركات من الاحتفاظ بأفضل المواهب وجذبها في المستقبل؛ يتعيَّن عليها أن تركز في جوانب مكان العمل التي تشكل أكبر قدر من الأهمية بالنسبة إلى الموظفين، وتؤمِّن التوازن بين العمل والحياة وقيم الشركة.

المصدر




مقالات مرتبطة