نوم الطفل بجوار والديه: الإيجابيات والسلبيات

يلوِّن الأطفال بحركاتهم وضحكاتهم شكل الحياة ويعطونها بريقاً مميزاً، فهم زينة الحياة الدنيا وهدية الله سبحانه وتعالى إلى عباده؛ لذا كانت تلك اللحظة التي ينجب فيها الأب والأم طفلاً جديداً إلى الحياة، واحدةً من أكثر اللحظات سعادة بالنسبة إليهما، وغالباً ما تدفع هذه السعادة الوالدين إلى وضع الطفل بجانبهم في أثناء نومهم. لكن على الرغم من وجود إيجابيات لذلك، إلا أنَّه أمرٌ ينطوي على العديد من السلبيات، التي سوف نتناول كلاً منها في هذا المقال.



ما هو النوم والنوم المشترك؟

يُعَدُّ النوم أساساً للنمو السليم؛ إذ إنَّه يؤثِّر في مختلف العمليات العقلية والذهنية، وكذلك في نشاط الإنسان وأدائه وتعلُّمه، وهو عملية ديناميكية متغيرة مع التقدم في العمر. وحيث إنَّ الطفل يكتسب عادات النوم خلال الأشهر الأولى، تكون تلك العادات جيدة أو سيئة حسب نمط معاملة الوالدين له، كتعويده مثلاً على النوم المشترك، الذي يُقصَد به نوم الطفل برفقة والديه، ومشاركتهما غرفتهما وسريرهما الخاص.

متوسط عدد ساعات النوم اللازمة للطفل حسب عمره:

لقد بيَّن مشروع "نييتي" (Niitty) النموذج العائلي الموجه، عدد ساعات النوم اللازمة لكل طفل في مختلف مراحله العمرية من الولادة وحتى عمر السنتين؛ إذ بيَّن أنَّ الأطفال حديثي الولادة يحتاجون إلى عدد ساعات من النوم تتراوح بين (16 إلى 17) ساعة يومياً، كما يحتاج الطفل بين عمر 3 إلى 4 أشهر إلى (14 حتى 15) ساعة، ويحتاج الطفل في عمر 6 أشهر إلى (13 حتى 14) ساعة، وفي سنِّ السنة الأولى من عمره يحتاج الطفل إلى (12 حتى 13) ساعة يومياً، وفي السنة الثانية من عمره يحتاج إلى 12 ساعة.

أمَّا الجمعية الوطنية للنوم فقد حددت ساعات النوم على النحو الآتي:

  • الأطفال حديثو الولادة (0-2 شهر) يحتاجون إلى ساعات نوم بين (12-18) ساعة.
  • الأطفال الرضَّع (3-11 شهر) يحتاجون إلى ساعات نوم بين (14-15) ساعة.
  • الأطفال بين (سنة-3 سنوات) يحتاجون إلى ساعات نوم بين (12-14) ساعة.
  • الأطفال قبل سن المدرسة (3-6 سنوات) يحتاجون إلى (12-13) ساعة نوم.
  • الأطفال في سن المدرسة يحتاجون إلى (10-11) ساعة نوم يومياً.

إيجابيات نوم الأطفال بجانب الوالدين:

  1. راحة الطفل: إنَّ وضع الطفل في سرير الوالدين، أو سرير منفصل بجانب سرير الوالدين، يمنح الطفل الشعور بالراحة ويقلل شعوره بالقلق؛ وهذا يؤدي إلى حصوله على النوم الكافي، ويقلل فرصة الإصابة باضطرابات النوم، ومن ثمَّ يساعد على نمو الطفل نمواً سليماً.
  2. راحة الوالدين: فمثلاً بالنسبة إلى الأم المرضع، لن تضطر إلى الاستيقاظ من أربع إلى خمس مرات في أثناء الليل والتنقل في أرجاء المنزل؛ الأمر الذي يبدو مُتعباً؛ بل مرهقاً في كثير من الأحيان؛ لذا فوجود الأطفال بالقرب من الأم يجعل الأمر أسهل. ناهيك عن أنَّ بقاء الطفل تحت أعين والديه يمنحهما الشعور بالطمأنينة؛ وذلك بسبب الانتباه المستمر للطفل، والتدخل السريع عند الحاجة.
  3. أثبتت الدراسات أهمية احتضان الأم للطفل؛ إذ إنَّه في عام 1979 اكتُشِفت فوائد ملامسة الأم للطفل؛ وذلك في مستشفى في "كولومبيا"؛ إذ عمد الأطباء في محاولة لإبقاء الأطفال دافئين، إلى وضعهم في أحضان أمهاتهم، وقد لاحظوا أنَّ الأطفال الذين احتضنتهم أمهاتهم قد تمكنوا من الخروج من المستشفى في وقت أبكر من الأطفال الآخرين في الحاضنات.
  4. مساعدة الأمهات اللواتي غالباً ما يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، على التعافي بسرعة أكبر.
  5. تقوية العلاقة التي تربط بين الطفل ووالديه: إنَّ الآباء غالباً ما يتركون المنزل في كل صباح، متوجهين إلى أعمالهم ومصادر رزقهم، تاركين أطفالهم بمفردهم؛ لذا فإنَّ تشاركهم السرير أو حتى الغرفة مع أطفالهم، يُعَدُّ وسيلة ليشعر الطفل بوجودهم إلى جانبه، وتقوية الارتباط بهم.
  6. بناء إحساس عميق بالحب والأمان لكلٍّ من الأبوين والطفل: إنَّ قضاء الوالدين ساعات الليل الطويل مع طفلهما، يعمل على تعزيز وتعميق العلاقة بينهما.
  7. قد يتعرض الطفل الذي ينام بمفرده للحوادث، مثل سقوطه من على السرير أو تعرُّضه للسع بعض الحشرات؛ لكنَّ نوم الطفل بجانب والديه يقلل من تلك الحالات.
  8. تنظيم أوقات نوم الطفل.
  9. أثبتت الدراسات أنَّ نوم الطفل مع والديه يجعل ضربات قلبه مستقرة ودرجة حرارته ثابتة.
إقرأ أيضاً: أطعمة تساعد على نوم الطفل وأخرى تمنعه

سلبيات نوم الطفل إلى جانب الوالدين:

  1. متلازمة موت الرضيع (SIDS): إنَّ أخطر ما يمكن أن يحدث عند نوم الطفل بجانب الأبوين، هو متلازمة موت الرضيع المفاجئ، أي وفاة الطفل من دون أيِّ سبب. وفي حين أنَّه لم يتم حتى الآن إيجاد تفسير علمي لهذه الحالة؛ غير أنَّ احتمال إصابة الطفل بها يزداد في حال كان أحد الوالدين أو كلاهما مدخناً أو كحولياً. يشدد الأطباء على وجوب منع نوم الأطفال الرضع مع الوالدين لا سيَّما إذا كان أحدهما أو كلاهما مدمناً للمخدرات أو ذا وزن زائد أو يتناول أيَّ نوع من الأدوية التي تسبب النعاس أو يحمل أيَّ نوع من الأمراض المعدية والخطيرة.
  2. يؤدي نوم الطفل بجانب والديه إلى انتقال الفيروسات والبكتيريا منهما إليه بسهولة؛ وذلك بسبب حساسية جسم الطفل وبنيته الضعيفة.
  3. قد يؤدي نوم الطفل بجانب الأبوين إلى حدوث اضطرابات النوم كلما تقدم في العمر، مثل:
    • اضطراب حدود النوم: ويعني مقاومة الطفل للنوم؛ إذ يرفض الطفل الخلود إلى النوم، وقد يشترط وجود أحد الوالدين للقيام بذلك.
    • اضطرابات المزاج: ويعني فقدان العوامل الصحية للنوم، التي تؤدي غالباً إلى وجود صعوبة في النوم.
    • الاستيقاظ في أثناء الليل: غالباً ما يستيقظ الطفل في أثناء الليل، ثم يبدأ موجات البكاء ولا يتوقف إلا عند تدخل الوالدين.
    • صعوبة إيقاظ الطفل من النوم.
    • اضطرابات التنفس في أثناء النوم: مثل (الشخير، ونقص التهوية، والانسداد الجزئي، ومتلازمة مقاومة مجاري الهواء العليا).
    • النوم المتوتر: الذي يُستدل عليه من كثرة تحركات الطفل في السرير.
    • الباراسومنيا: وتشمل التجارب التي تحدث في أثناء النوم، مثل (المشي خلال النوم، والتبول الليلي، والأحلام والكوابيس المزعجة).
  4. إضعاف العلاقة بين الوالدين: إنَّ نوم الأطفال بجانب الوالدين يُفقِدهم الخصوصية، ومن ثمَّ يُضعِف العلاقة بينهما.
  5. صعوبة نقل الطفل إلى غرفة مستقلة فيما بعد: إنَّ الطفل قد اعتاد على قربه من الوالدين خلال ليله ونهاره؛ لذا يصبح من الصعوبة انفصاله عنهما.
  6. صعوبة التوافق الاجتماعي مع الآخرين: يعاني الطفل منه كلما تقدم في العمر بسبب تعلقه الشديد بوالديه.

نصائح لحماية طفلك في أثناء نومه:

  1. ترى الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أنَّه يجب ألَّا ينام الطفل بجانب والديه لا سيَّما في الأشهر الستة الأولى من عمره.
  2. يجب ألَّا يكون الفراش ليناً جداً، كما يجب الحرص والتأكد من عدم وجود فراغات وأن يكون ذا جوانب محددة؛ لذا أول شيء يمكن القيام به هنا، هو إغلاق الفراغات بين السرير والحائط لمنع انزلاق أو سقوط الطفل عن السرير.
  3. يجب عدم وضع الأطفال في أسرَّة الأشخاص البالغين، لا سيَّما إذا كانت نوعية الفراش غير مناسبة، كأن يكون الفراش من جلد الغنم مثلاً.
  4. يمكن أن ينام الطفل في سرير منفصل ضمن الغرفة نفسها، وهذا يقلل من خطر متلازمة الموت المفاجئ، ويمنح الطفل الأمان في الوقت نفسه.
  5. عند التفكير في نقل الطفل إلى غرفة بمفرده، يجب جعل الطفل بدايةً معتاداً عليها؛ لذا يجب السماح له باللعب والتنقل فيها بحرِّية كاملة فترةً من الزمن.
  6. عند التخطيط لانتقال الطفل إلى غرفة أخرى، يجب أن يتم ذلك بشكل تدريجي؛ لذا يجب أن يعمل الوالدان على البعد التدريجي؛ مثلاً يمكن وضعه في سرير في غرفة منفصلة والبقاء بجانبه فترة، ثم مغادرة الغرفة لبضع دقائق والعودة إليه ثانية. بهذه الطريقة، سوف يعتاد الطفل على وجود أحد الوالدين بالقرب منه، ومن ثمَّ سوف يستغرق في النوم مدة كافية.
  7. اختيار وضعية جيدة لنوم الطفل؛ إذ ينصح الأطباء بوضعه في حالة الاستلقاء على ظهره، مع الحرص الشديد على تجنب أن تنام الأم والطفل موضوع على صدرها.
  8. يجب تجنب وضع الوسائد أو الأغطية على سرير الطفل.
  9. يُفضَّل وضع موسيقى هادئة تمنح الوالدين والطفل الاسترخاء، والقدرة على النوم.
  10. يجب إبعاد الحيوانات الأليفة عن سرير الطفل.
  11. يجب ترك الطفل الرضيع نائماً على ظهره.
  12. يجب أن تكون درجة حرارة الغرفة مناسبة، بحيث تكون أقرب إلى الاعتدال.
  13. تنظيم أوقات نوم الطفل خلال الليل وكذلك في أثناء النهار، بحيث تكون واحدة خلال كل الأيام قدر الإمكان.
  14. ليس من الجيد نقل الطفل بعد نومه من سرير إلى سرير آخر؛ لذا يُفضَّل أن ينام في سريره المخصص منذ البداية.
إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتجنَّب التوتر الذي يسبق توجّه الطفل إلى السرير

في الختام:

كثيراً ما يُبدي الوالدان تساهلاً في مسألة نوم الأطفال، وهو شيء لا يدركون مدى خطورته إلا مع تقدم الطفل في العمر وزيادة تعلقه بهم، ناهيك عن فقدانهم لخصوصية حياتهم من دون أن يدركوا ذلك إلا في وقت متأخر؛ لذا يجب على الآباء التحلي بالوعي الكافي منذ ولادة طفلهم، واتباع ممارسات النوم الصحية.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة