نهر الأمازون: بدايات وحقائق مثيرة للاهتمام

إنَّ نهر الأمازون هو نهر لا مثيل له ولا يُقارَن بأي نهر آخر على وجه الأرض، وتغذِّي الكميات الهائلة من مياهه غابات الأمازون المطيرة المجاورة له؛ مما يجعل من المستحيل بناء أيَّة جسور فوقه، بالإضافة إلى دوره بوصفه قوة عالمية ومصدراً للمياه العذبة وماضيه الجيولوجي والحياة البرية الفريدة حوله وأثره في تاريخ البشرية؛ وهذا جعلَ منه أحد أكثر الأماكن أهمية وروعة على سطح الأرض.



في مقالنا هذا سنتعرَّف إلى هذا النهر العظيم وبداياته وبعض حقائقه المثير للاهتمام؛ لذا تابعوا معنا.

ما هو نهر الأمازون؟

نهر الأمازون هو أحد أطول وأكبر وأقدم الأنهار في العالم، ونشأ قبل 11 مليون سنة كنهرٍ عابر للقارات إلى أن اتَّخذ شكله الحالي منذ حوالي 2.4 مليون سنة.

يُعَدُّ نهر الأمازون نظاماً نهرياً هاماً للغاية؛ وذلك لأنَّه يمر ويغذي أكثر المناطق الطبيعية تنوعاً بيولوجياً، ويُعَدُّ أطول نهر في العالم بطول 6800 كم، وبمعدل تصريف وتدفق مائي يبلغ 7381000 قدم مكعبة في الثانية/ 209000 متر مكعب في الثانية، ويصب في المحيط الأطلسي، ويُعَدُّ هذا التفريغ المائي أكبر من الأنهار السبعة مجتمعةً.

تمتلك منطقة الأمازون أيضاً أكبر حوض تصريف في العالم بمساحة 2.720.000 ميل مربع/ 7.050.000 كيلو متر مربع، ويُمثِّل خمس إجمالي تدفق الأنهار في العالم.

لقد أكسبه العرض الواسع لغابات الأمازون لقب بحر النهر، ويختلف هذا العرض خلال المواسم؛ ففي الموسم المنخفض يتراوح عرض النهر من ميل واحد إلى 6.2 ميل، وخلال موسم الأمطار تتمدد منطقة الأمازون إلى عرض 30 ميلاً/ 48 كيلو متراً، وعادة ما تحدث الفيضانات بين شهري يونيو وأكتوبر.

يتدفق نهر الأمازون عبر أمريكا الجنوبية مارَّاً بالبرازيل والبيرو وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور وفنزويلا وغانا؛ إذ يغطي حوض الأمازون 40% من أمريكا الجنوبية.

أصول نهر الأمازون:

ينبع نهر الأمازون من تيار جليدي في قمة تُسمى نيفادو، ويوجد على ارتفاع 18363 قدماً/ 5597 متراً، في جبال الإنديز في البيرو، ويوجد صليب خشبي بسيط مثبت على القمة يمثل علامة واسمة له.

البدايات القديمة لنهر الأمازون:

تتكوَّن منطقة نهر الأمازون من بقايا أجزاء من عصر ما قبل الكامبري، وتُعَدُّ منطقة سييرا دي كاراجاس الواقعة في وسط الأمازون أهم مقاطعة غنية بالمعادن في البرازيل؛ إذ يبلغ عمر "أحزمة الحجر الأخضر" الخاصة بها حوالي 3 مليارات عام، وتمثِّل أقدم الصخور في الأمازون.

خلال عصر البروتيروزويك كان نهر الأمازون يتدفق من الشرق إلى الغرب، ليصبَّ في المحيط الهادي، وكان مصدره سابقاً ينبع من منطقة إفريقيا الحالية "قبل تفكك القارات"، وبعد انهيار المحيط الأطلسي وانفتاحه خلال حقبة الميزوزويك، تحرَّكت صفيحة أمريكا الجنوبية غرباً حين اصطدمت صفيحة المحيط الهادي مع نازكا، وهي منطقة من الساحل الجنوبي للبيرو.

أدى هذا الاصطدام إلى رفع جبال الأنديز ووقف تدفق نهر الأمازون إلى المحيط الهادي، وبعد ذلك تشكَّلت بحيرات كبيرة في الجزء الشرقي من جبال الأنديز، وقد أدى ميلان طفيف في قارة أمريكا الجنوبية إلى الشرق إلى انعكاس مسار نهر الأمازون نحو المحيط الأطلسي.

خلال حقبة السينوزويك نحتَ نهر الأمازون وروافده تدريجياً حوض الأمازون الذي يضم اليوم الهضاب والسهول والوديان، ولدى نهر الأمازون حالياً أكثر من 1100 رافد، ويبلغ طول 17 رافداً منها أكثر من 930 ميلاً/ 1500 كيلو متر، وأطول ثلاثة روافد هي: ماديراوه والذي يمر عبر بوليفيا والبرازيل، ويبلغ طوله 2020 ميلاً/ 3250 كيلو متراً، وبوروس الذي يمر عبر البيرو والبرازيلات بطول 1995 ميلاً/ 3211 كيلو متراً، ويابورا الذي يمر عبر كولومبيا والبرازيلات بطول 1750 ميلاً/ 2820 كيلو متراً.

حقائق عن نهر الأمازون:

فيما يأتي بعض الحقائق عن نهر الأمازون:

1. يؤثر نهر الأمازون في مستوى البحر الكاريبي:

يضخ نهر الأمازون كميات كبيرة من المياه العذبة، ويغيِّر مستوى البحر في منطقة الكاريبي؛ إذ يلتقط التيار الكاريبي المياه العذبة عندما تغادر مصب الأمازون وينقلها إلى جزر الكاريبي.

في المتوسط، تنبأت النماذج بأنَّ نهر الأمازون وحده تسبَّب بارتفاع منسوب مياه البحر الكاريبي بنحو 3 سم عما كان عليه دون مساهماته في ضخ المياه سابقاً.

2. يعدُّ نهر الأمازون موطن أكبر دولفين نهري:

دولفين نهر الأمازون المعروف أيضاً باسم دولفين النهر الوردي، وهو واحد من أربعة أنواع معروفة من دلافين الأنهار، وعلى عكس نظيراتها من دلافين البحار تعيش الدلافين النهرية حصراً في موائل المياه العذبة، واستناداً إلى دولفينٍ متحجرٍ اكتُشِفَ في حوض بيسكو في البيرو، يقدَّر أنَّ دولفين نهر الأمازون تطور منذ حوالي 18 مليون سنة.

رغم أنَّه يوجد بكثرة في مياه نهر الأمازون ونهر أرينوكو، إلَّا أنَّه يُعَدُّ حالياً من الأنواع المهددة بالانقراض بسبب الانخفاض الأخير في أعداده الناتج عن النشاطات البشرية الجائرة؛ كبناء السدود وتلوث نهر الأمازون، وقتل الصيادين لهم لاستخدامهم طعماً لصيد سمك السلور.

3. يعدُّ نهر الأمازون موطناً لأسماكِ سلور دورادو:

أسماك سلور دورادو هي واحدة من ستة أنواع من أسماك السلور الموجود في نهر الأمازون مثل سمك الكاباز والموتا، وتُعَدُّ هذه الأسماك من الأنواع الهامة تجارياً، وسمك دورداو خاصة هو الأهم بين جميعها.

ينمو سمك سلور دورادو ليبلغ طوله أكثر من ستة أقدام ويهاجر لمسافات طويلة تزيد عن 7200 ميل لإكمال دورة حياته.

4. سُمِّي نهر الأمازون نسبة إلى أسطورة يونانية:

أطلقَ فرانسيسكو دي أوريلانا اسم نهر وغابات الأمازون المطيرة، وهو أول مستكشف أوروبي يصل إلى المنطقة عام 1541، وعندها التقى بشعب بيرا تابويا الأصليين، ونشبت بينهم معركة قاتلَ فيها رجال ونساء بيرا تابويا جنباً إلى جنب ضد الغازي الجديد.

وفقاً للأساطير اليونانية كانت "الأمازون" عبارة عن مجموعة من المحاربات الرُّحل اللواتي تنقَّلن حول البحر الأسود، وعلى الرغم من كونها أسطورةً خياليةً، إلَّا أنَّها تستند إلى مجموعات كانت تُدعى السيكثيين؛ وهي مجموعات معروفة بأنَّ أعضاءها خبراء ومحترفون في ركوب الخيل والرماية.

لم يكُن السيكثيون مجموعات من النساء فقط كما وصفت الأسطورة اليونانية مجموعة الأمازون؛ بل كانوا يتشاركون مع الرجال في الصيد والمعارك.

بناءً على هذه الميثولوجيا اليونانية يُعتَقد أنَّ دي أوريانا أطلق على النهر اسم الأمازون نسبةً إلى نساء بيرا تابويا اللواتي وقفن وقاتلن في المعركة ضدهم، فشبههنَّ بأمازونات الأساطير اليونانية.

5. يُسمَع أنَّ عائلة جذَّفت بزورقها من كندا إلى نهر الأمازون:

في عام 1980 غادرَ دون ستاركيل وأبناؤه دانا وجيف من كندا على متن زورق باتِّجاه نهر الأمازون.

تخلى جيف عن الرحلة عند وصولهم إلى المكسيك، ولكنَّ دون ودانا تابعا المغامرة، وبعد حوالي عامين من التجذيف وصل الثنائي الأب والابنة إلى نهر الأمازون قاطعين مسافة 12000 ميل، 19311.6 كيلو متر.

6. على نهر الأمازون أكثر من 100 سد:

وفقاً لدراسةٍ أُجريَت عام 2018، فإنَّ منابع نهر الأمازون في الأنديز يوجد بها 142 سداً، بالإضافة إلى 160 سداً مقترحاً للبناء.

توفِّر هذه السدود الكهرباء بفعل الطاقة المائية، ولكنَّها تضر ببيئة ونظام النهر الأمازونية؛ إذ أبلغَ صيادو الأسماك في الجزء البرازيلي من نهر الأمازون "نهر ماديرا" عن انخفاض ملحوظ في أعداد الأسماك ونفوقها، والعلماء يعزون السبب إلى السدود الكهرومائية.

7. لا يحتوي نهر الأمازون على جسور:

يعيش على ضفاف نهر الأمازون أكثر من 10 ملايين شخص، ولا يستطيع أحد منهم عبور النهر إلَّا بواسطة القوارب.

يعزى عدم وجود جسور تربط بين ضفاف النهر إلى التغيُّرات الموسمية في مستوى المياه والتغيرات الجيولوجية في ضفاف النهر؛ فخلال موسم الأمطار قد يرتفع منسوب نهر الأمازون أكثر من 30 قدماً؛ الأمر الذي يضاعف عرضه ثلاث مرات على الأقل، وتبدأ ضفاف النهر الهشَّة بالتآكل وخاصةً في مواسم الفيضانات والتدفق الشديد للماء؛ مما يجعل الضفاف غير مستقرة ولا يمكنها حمل جسر.

8. يمر نهر الأمازون بأربعِ دول:

يمر نهر الأمازون عبر البرازيل وكولومبيا والبيرو وفنزويلا، مع امتلاك البرازيل أكبر جزء منه، وتشمل مجمعات المياه وروافده وسواقيه المزيد من البلدان أيضاً.

يزوِّد هطول الأمطار في بوليفيا وكولومبيا والإكوادور والبيرو وفنزويلا نهرَ الأمازون بكميات كبيرة من التغذية المائية، ويرتفع منسوبه ارتفاعاً كبيراً في مواسم الأمطار وينتهي مطاف 40% من مياه قارة أمريكا الجنوبية في هذا النهر.

إقرأ أيضاً: 7 مصادر خطيرة لتلوث التربة

سكان حوض الأمازون:

لطالما كان حوض الأمازون غير مأهول نسبياً، وقبل الغزو الأوروبي كانت الأراضي المنخفضة والمرتفعة من نهر الأمازون وروافده الرئيسة مأهولة بالسكان الأصليين المستقرين فيها، والذين اعتمدوا على زراعة المحاصيل الجذرية كالبطاطا والجزر وغيرها، بالإضافة إلى صيد الأسماك والزواحف.

كانت وما تزال بعض المناطق النائية والمرتفعة تسكنها قبائل شبه بدوية صغيرة ومتفرقة من الهنود الحمر "السكان الأصليين"؛ والتي تعتمد حتى الآن على صيد الحيوانات الكبيرة والصغيرة وعلى جمع الفاكهة البرية والتوت والمكسرات وزراعة المحاصيل في تلبية احتياجاتها من الغذاء.

في أوائل التسعينيات من القرن الماضي كان عدد الهنود الحمر الذين سكنوا حوض الأمازون حوالي 600000 شخص، يعيش ثلثهم في البرازيل والباقي في مناطق شرقية من بلدان الأنديز الأربع، وقد انخفض تعداد السكان الأصليين حالياً إلى أقل من 200000 نتيجة إزالة الغابات والاستغلال التجاري لأراضيهم.

إقرأ أيضاً: أكبر 10 بلدان مساحة في العالم، من بينها بلد عربي

في الختام:

لقد تعرَّفنا في هذا المقال إلى نهر الأمازون وأصوله وبداياته القديمة، وذكرنا بعضاً من الحقائق المثيرة للاهتمام المتعلقة به.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة