نجاح الاستثنائيين في الحياة
هل فكرت يوماً ما الذي قاد الناجحين إلى التميز وأصبحوا استثنائيين في الحياة؟ وما هي العوامل التي قادتهم إلى النجاح والتميز؟
النجاح والتميز غاية الكثير من الناس وهو الهدف لكل صاحب همة عالية، ولكن هل النجاح والتميز هو حكراً على أصحاب المواهب الطبيعية والملكات الفطرية، وأصحاب معامل الذكاء العالي، فالموهوب بالفطرة هو الذي سينجح، والباقي عليه أن ينتقل لمقاعد المفعول بهم في الحياة ولا يامل في اي نجاح أو تفوق!!
إذا كان ما قلناه صحيحاً فكيف نفسر ظاهرة صديقي "عبد الرحيم" والذي كان المعروف بين زملائة بقلة الاستيعاب ويطلق عليه لفظ "غبــــــ ....." وهو الآن يدير شركة أوراق مالية محترمة هي الأولى في بلدي علماً بأنّ هذا الشاب وصل بجهده بدون أي محسوبية أو واسطة ولم يبلغ من العمر عتيا (لم يتجاوز العقد الثالث من العمر).
هذه الحالة وغيرها من الحالات التي قد مرّت في مخيلتك وأنت تقرأ مثال صديقي، هذه الحالات جعلت الباحثين والأستاذة الجامعيين والمتخصصين وعلماء النفس والاجتماع يبحثون فيها كثيراً، وقد خرجوا بأنّ نجاح الاستثنائين في الحياة لم يأتي إلّا بتظافر عوامل عدة وهي:
1. التدريب:
التدريب المحترف من أهم العوامل وأبرزها، دراسة قيمة تلك التي قام بها عالم النفس الدكتور "اندريرز إريكسون" مع زملائه في أكاديمية الموسيقى في برلين على ثلاث مجموعات من العازفين الموسيقيين:
- طلاب الموسيقى ولكن غير محترفين وقد يصبحون معلمي موسيقى فقط.
- العازفين المحترفين للعزف في الفرق الموسيقية.
- الاستثنائيون والذي يملكون بذور النجومية العالمية ويشهد لهم بالتفوق والتميز على أقرانهم.
ووجّه لهم السؤال الآتي: كم عدد الساعات التي قضيتها في التدريب على العزف؟
فكانت النتائج مذهلة فالاستثنائيون قضوا ما يعادل 10000 ساعة تدريب خلال مراحل مختلفة من حياتهم المهنية، بينما الآخرين قضوا ما يعادل 4000 ساعة، فكانت النتيجة طبيعية فقد بذل الاستثنائنيون جهد إستثنائي وصل إلى 16 ساعة في اليوم جعل منهم عازفين غير عاديين "اسثنائين" والغريب في الامر أنّ الدكتور اريكسون لم يجد عازفاً واحداً أصبح استثنائياً بسبب موهبته فقط ما لم يبذل جهداً استثنائيا في التدريب.
2. قانون الفرصة:
والذي أشار إليه الاستراتيجيون بقانون الفرصة والذي يؤكد أنّ الفرصة تأتي في اللحظة التاريخية والتي تصل إلى شهور أو سنوات ولكن من الذي سيستغلها؟
يقولون أن بيل غيتس وجد الفرصة عندما درس في مدرسة بها معمل كمبيوتر في نهاية ستينات القرن الماضي، وهنا السؤال البديهي هل كان بيل غيتس هو الطالب الوحيد الذي كان هناك؟
فالفرص كثيرة ومتنوعة ولكن لن يستثمر الفرصة إلّا من كان الأكثر جاهزية والأسرع في اقتناصها، وهذا منشأه حسن التدريب والإعداد الجيد للمستقبل، لذلك يقال اعمل بجد تكن محظوظاً فالسيد إيفان سايد نبرج ظل يكنس الأرضيات ويغسل الجدران بجد وإجهاد إلى أن حصل على منحة نفقات دخوله الجامعة من قبل رئيسه في العمل، وعندما سأله لماذا انتظرت كل هذه المدة لكي تعطيني هذه المنحة؟ فقال: "أردت أن أعرف ما إذا كنت تستحق ذلك أم لا" السيد إيفان نفسه أصبح فيما بعد رئيس شركة فيرايزون والمدير التنفيذي لها.
3. معامل الذكاء:
يبلغ معامل الذكاء الشخص العادي والذي يعرف بــ IQ 100 والذي يريد أن يلتحق بالدراسات العليا ينبغي أن يكون 115 بينما المتخلف عقلياً لا يتجاوز معامل ذكاءه 70.
فما هي طبيعة العلاقة بين الذكاء والنجاح قرر العلماء أن بعد معامل معين من الذكاء (130) تلعب عوامل كثيرة في تحقيق التميز والنجاح مثل الجد والاجتهاد والمثابرة والصبر والاعداد الدءوب والتدريب بلا شك في تحقيق التميز.
ولتقريب الفكرة يمكننا تمثيل معامل الذكاء بطول لاعب كرة السلة فما أن يصل إلى مستوى 180 سنتيمتر يصبح قادراً على أن يصبح لاعب محترف ولكن بعد ذلك تتدخل العوامل التي أشرنا إليها سابقاً في تحديد مستوى اللاعب.
وإذا سألتني عن العبقرية فإنّني أرشدك إلى المعادلة الحياتية التالية:
التركيز في مجال محدد + التحسن اليومي + إدارة الوقت = العبقرية
فخلاصة القول: إنّ النجاح في الحياة والتميز يأتي بتضافر عوامل التدريب أولاً ثم الاعداد الدءوب والجد والاجتهاد، وعندما تحين الفرصة يكون النجاح السبيل الأكثر جاهزية واستعداداً.
يقول أحد أبرز مدربي القيادة "لا أحد من الأشحاص فائقي النجاح الذين تعاملت معهم كمدرب على القيادة قد بلغ هذه المكانة إلّا لأنه كان يعمل أكثر من كل من حوله"
المراجع:
- قوانيين النهضة (د.جاسم سلطان 2005)
- الطريق إلى العظمة (روبين شارما 2008)
- Talent is overrated - Geoff Colvin
- Outliers - Malcolm Glanwell