مهارة التعبير عن نفسك في 30 ثانية

الحياة عبارة عن وصف موجز؛ فأنت تروج لمهاراتك عندما تسعى إلى الحصول على وظيفة، أو تروج لمنتجاتك عندما تريد العمل؛ وحتى عندما تطلب موعداً مع شريك العمر فأنت تروج لنفسك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب سكوت إتش يونغ (Scott H Young)، ويخبرنا فيه عن تجربته في كيفية الترويج لنفسه في عرض تقديمي مختصر.

يعدُّ الوقت ببساطة أكبر مشكلة تواجهها للتعبير عن نفسك في أي مجال من مجالات الحياة؛ إذ لديك تاريخٌ حياة كامل، واهتمامات وشخصية فريدة، فكيف تختصر كل ذلك إلى بضع ثوانٍ عند مقابلة شخص ما لأول مرة؟

يبدو التعبير السريع عن نفسك كأنَّه مهارةٌ لا يحتاجها سوى رواد الأعمال المبتدئين أو المسوقين عبر الهاتف؛ ومع ذلك، فالحقيقة هي أنَّه يتعين علينا جميعاً التعبير عن انفسنا كل يوم، في كثير من الأحيان مع قيودٍ أكبر.

التواصل وليس البيع:

غالباً ما تزعجني فكرة البيع؛ فهي تستحضر في ذهني صوراً لبائعي السيارات المستعملة أو برامج دعائية لحبوب دوائية لها تأثير المعجزة، أو الترويج لمنتجات مشبوهة بسعرٍ مخفض؛ ألا يمكننا أن نكون صادقين، ولماذا علينا التنازل عن مبادئنا؟

أنا أتفق تماماً مع هذا الطرح؛ إذ يجب علينا أن نكون صادقين وألا يكون الهدف من مقابلة شخص جديد، أو إرسال أول بريد إلكتروني، أو طلب موعد، هو الغش أو التلاعب.

مع ذلك، هذا لا يغير المشكلة الرئيسة: فحتى إذا كنت لا تحاول التلاعب، ما زلت بحاجة إلى التعبير عن نفسك بمهارة، حتى يرغب الأشخاص المناسبون في معرفة المزيد عنك،  وألا تهدر وقتك مع الأشخاص الخطأ، وسواء كان هدفك هو البيع أم مجرد الترويج لنفسك، فأنت ما تزال بحاجة إلى تقديم عرض موجز.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتطوير مهارة التواصل الفعّال

أهمية حديث المصعد (Elevator Pitch):

يأتي اسم حديث المصعد (Elevator Pitch) من الموقف الافتراضي:

أنت في مصعد مع عميل كبير أو مستثمر محتمل؛ ولديك فقط وقت قصير بين الطابق الأرضي والطابق الأخير لجذب اهتمامه بفكرتك قبل مغادرته، فماذا تقول؟

ربما كانت أكبر قيمة تلقيتها من تعليمي الكامل في كلية إدارة الأعمال هي الحصول على فرصة لممارسة أحاديث المصعد، أنا بالتأكيد لست ماهراً، لكنَّ هذه الممارسة فتحت عيني على مدى تكرار حاجتنا إلى الترويج لأنفسنا في وقت قصير، ومدى صعوبة القيام بذلك بمهارة.

في الواقع، إنَّ حديث المصعد التقليدي يجعل المهمة تبدو سهلة؛ فعندما تقابل شخصاً صدفةً، فليس من المتوقع أن تسرد سماتك أمامه بسرعة، بل يجب أن تعبر عن نفسك بدقة ومهارة في كثير من الأحيان.

ما هي مقومات العرض الترويجي الجيد؟

توجد عدة عناصر لتقديم خطاب جيد، فالثقة والإيجاز وجذب الاهتمام والاسترخاء كلها نقاط واضحة؛ وكذلك التفاني في الممارسة، وطلب التغذية الراجعة، وملاحظة ما ينجح وما لا ينجح.

أحد العناصر التي كانت تصدمني مراراً وتكراراً هي الأفكار المخزنة في ذاكرتنا، وهي فكرة تتلخص في أنَّ البشر عموماً، يجمعون المزيد من المعلومات عن شخص ما من خلال الإشارات النمطية التي يبديها.

الأفكار المخزنة: هل نفكر في الصور النمطية؟

الفكرة الأساسية هي أنَّه بسبب عدم قدرة الدماغ البشري على معالجة الأفكار المعقدة بسرعة، يعتقد الباحثون الإدراكيون أنَّ الطريقة الكبيرة التي يمكن للدماغ من خلالها اتخاذ قرارات مثيرة للاهتمام هي عن طريق معالجة الأفكار مسبقاً؛ وهذا يعني أنَّه من الأسهل بكثير اتباع فكرة محفوظة مسبقاً بدلاً من التفكير في شيء جديد في كل مرة تصادفها.

خير مثال على كتابة المقالات أن تحزر نوع الحجج التي سأدعم وجهة نظري بها إذا استخدمت الكلمات الآتية:

  1. بساطة.
  2. ترتيب.
  3. تدفق.

قارن الآن ذلك إذا استخدمت الكلمات الآتية:

  1. تركيز شديد.
  2. تنظيم.
  3. دمج إلى أقصى حد.

في الواقع، قد تكون أزواج الكلمات أيضاً مرادفات؛ فغالباً ما تُستخدم البساطة والتركيز الشديد في سياقات أنواع مختلفة تماماً من المقالات، لكنهما يمثلان في الأساس نفس الفكرة.

مع ذلك، عندما أستخدم كلمة البساطة، أحصل على كم كبير من الارتباطات العقلية المخزنة مسبقاً، والتي تختلف عندما أستخدم كلمة تركيز شديد، وإذا كنت مثلي، فإنَّ البساطة تستحضر حالة من الهدوء والسلام الداخلي بعيداً عن القلق، بينما التركيز الشديد يعني طموحاً مهووساً، حتى لو كان للكلمتين نفس النتائج العملية.

هل حديث المصعد أصعب بالنسبة إلى الأشخاص المميزين؟

تعني الأفكار المحفوظة بالذاكرة أنَّه من الأسهل بكثير التعبير عن نفسك إذا كنت تبدي صورة نمطية؛ فإذا كنت لاعباً محترفاً أو خبيراً في الكمبيوتر، فعلى الأرجح ستعزز طريقة تعبيرك عن نفسك تلك الارتباطات في ذهن الطرف الآخر.

لكن ماذا عن هذا الرياضي والذي هو نباتي وبارع في الرياضيات؟ أو خبير الكمبيوتر والذي هو مدرب رقص تانجو عالمي وممثل كوميدي؟

أعتقد أنَّ فرصة نجاح المميزين في هذه المواقف أكبر بكثير؛ فإذا صُنِّفت بسهولة، فمن الصعب أن تفسد عرضك التقديمي الأولي، لكن من الصعب أيضاً إثارة فضول الناس، وإذا تمكَّنت من إخفاء أي صورة نمطية، فمن المحتمل أن تثير اهتمام الآخرين، لكن في هذه الحالة، قد يسيء الآخرون فهمك.

تحسين حديث المصعد في العمل والحياة الشخصية:

كما قلت سابقاً، لستُ خبيراً في الترويج لنفسي؛ فقد استغرق الأمر ما يقرب من أربع سنوات لإنشاء وصف لائق مكون من جملتين للمدونة وسيرتي الذاتية، وما زلت غير راضٍ عنها؛ فقد كان تحسين حديث المصعد وقدرتي على التواصل هدفاً مستمراً خلال السنوات القليلة الماضية.

إليك فيما يأتي بعض الخطوات التي اتخذتها لصياغة أول ثلاثين ثانية بشكل أفضل:

1. الانتباه الجيد لتأثير الكلمات:

أحاول عدم استخدام كلمات تقنية محضة لتلافي أي سوء فهم.

2. إظهار التناقض في بداية العرض الترويجي:

من خلال إظهار التناقض والتباين في تعبيرك عن نفسك في بداية عرضك، تجد أنَّك تستطيع مؤقتاً تعطيل الاستجابة العادية للتصنيف؛ فإذا قابلتُ مبرمج لغة ويدرب على الرقص أيضاً، سأكون أكثر استعداداً لقبول الخصائص الأخرى التي لا تتناسب مع الصور النمطية التي رسمتها في ذهني عن ذلك الشخص.

3. انسجام كل شيء مع الصورة التي تريد أن تبديها:

الملابس التي ترتديها والطريقة التي تتحدث بها ولغة الجسد وكل شيء يعبر عن عرضك، فأنا أحاول جاهداً أن ألاحظ عندما لا تتطابق هذه الأشياء مع الصورة التي أريد إبداءها للطرف الآخر.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات لتقدّم نفسك للآخرين في الوظيفة الجديدة

4. إيجاد الطريقة الأكثر طبيعية لإعطاء المعلومات:

إنَّ أفضل العروض التقديمية هي التي لا تفضح ما تحاول الترويج له، إذ يسهل على المتحدثين البارعين ترك انطباع لدى الطرف الآخر بأنَّهم لا يحاولون الترويج لشيء.

إقرأ أيضاً: كيف تعبر عن نفسك بشكل يعكس جوهر شخصيتك وثقتك بنفسك؟

5. ملاحظة الأفكار المحفوظة في ذاكرة الآخرين:

حاول معرفة ما تحفزه الانطباعات الأولية في أذهان الآخرين.

المصدر




مقالات مرتبطة