مفهوم النجاح وطرق الوصول إليه

يُعَدُّ مفهوم النجاح مفهوماً يرافق الإنسان طيلة حياته ويسعى إليه دائماً؛ فهو يعني له الكثير منذ بداية مرحلة التعليم ونجاحه في صفوفه وكسب علاماتٍ عاليةٍ، إلى تحقيق أهدافٍ كبرى وسامية عندما يكبر ويتقدَّم في العمر، وفي هذا المقال سنتعرَّف إلى هذا المفهوم الواسع وطرائق الوصول إليه؛ لذا تابعوا معنا.



مفهوم النجاح لغةً واصطلاحاً:

كلمة النجاح تُعرَف في اللغة العربية أنَّها مصدرٌ للفعل نجح؛ "نجح، ينجح، نجاحاً"، وتعني الوصول إلى الهدف، وتحقيق الغاية المرجوة، والتوفيق في العمل.

ويُعرَّف مفهوم النجاح اصطلاحاً بمفاهيم عدة تختلف من شخصٍ لآخر حسب تأويله وكما يراه، فأحدهم يرى أنَّ النجاح هو كسبه دخلاً أعلى مما كان يكسبه، وغيره يرى الوصول إلى النجاح يتم عن طريق الأعمال الخيرية ومساعدة الآخرين، وآخر يرى النجاح في حصوله على علاوةٍ أو ترقيةٍ في العمل، وفي المجمل يتعلق مفهوم النجاح بمعنىً مشابهٍ لذلك وهو تحقيق الغاية المرجوة، والسعي إليها، والحصول على ما كد وجهد لكسبه مع جميع العقبات وكثرة المحاولات الفاشلة التي أفضت بعدها إلى النجاح النهائي.

ومعنى النجاح لا ينحصر في إمكانية الوصول إلى الرغبات والأهداف الموضوعة وتحقيقها فقط، كالأهداف المادية والعملية والاجتماعية والجسدية وغيرها؛ بل يتعداها إلى المشاعر؛ إذ إنَّ الشعور الغامر بالفرح والفخر والرضى والقناعة والعزم والإصرار على تحقيق هذه الأهداف والمشاعر الجياشة التي تظهر حين الوصول إليها هي نجاحٌ بحد ذاته، وتُعَدُّ من العوامل الهامة والأساسية التي تُمكِّن من الوصول إلى قمم النجاحات.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

مفهوم النجاح من وجهة نظر الناجحين:

معظم الأشخاص يحددون نجاحهم ضمن مجالٍ ضيقٍ، ويرون أنَّ تحقيق بعض الأهداف، مثل كسب المال أو الشهرة أو النفوذ أو الترقية هي النجاح الأقصى الذي من الممكن أن يصلوا إليه، ومن الممكن أن يتوقف سير نجاحهم بعد وصولهم لأهدافهم؛ الأمر الذي قد يسبب تثبيطاً وخمولاً للشخص نفسه ويمنعه من الاستمرار في التقدم والترفع والمحاولة.

ونرى بعض الناس ينظرون بدهشةٍ أو غيرةٍ، وخاصة إلى الناجحين الذين يُذكَر اسمهم بالصحف والمجلات والتلفاز، الذين أحدثوا فروقاتٍ في العالم، وتركوا نتائج نجاحاتهم فيه، وجعلوه في مستوىً من التقدم والتطور والتغيير أفاد جميع البشر، وينظر آخرون إلى الناجحين المبدعين بوصفهم مثالاً يُحتذى به، وقد يحاول بعضهم الوصول إلى مستواهم، وهذا الأمر يفضي إلى العديد من النجاحات الإضافية التي تسمو بالمجتمعات ويستفيد منها الجميع.

وفيما يأتي بعض مفاهيم النجاح التي ذكرها أحد أهم الناجحين في العالم؛ إذ اختلف كلٌّ منهم في إدراك النجاح بالنسبة إلى الآخر:

  • الملياردير "بيل غيتس" مؤسِّس شركة "مايكروسوفت" قال: مع قيمة شركتي السوقية والنجاح الباهر الذي حققته والثروة والتغيير الذي أحدثَتْه شركة "مايكروسوفت"، فإنَّ ما يصب في أولوياتي هو تحقيق علاقاتٍ اجتماعيةٍ حسنةٍ وصحيةٍ، ومحاولة تحسين حياة الآخرين، وإحداث فروقاتٍ في حياة الناس وخاصةً المحتاجين".

وأكد أيضاً أنَّ النجاح يُقاس بدورك في سعادة الأشخاص المقربين منك، وحبهم لك؛ فمن الهام والرائع شعورك حين تُحدِث فرقاً عند اختراعك لشيء، أو تربية أطفالٍ أو تبنِّي أطفالٍ يتامى، أو مساعدة المحتاجين والمعدومين.

  • قالت المؤلفة "مايا أنجيلو": "إنَّ التركيز على الشغف في العمل هو الأساس، وأن تحب الأمر الذي تقوم به وتمارسه بكل شغفك، واستمتاعك والرضى والإعجاب بطريقتك التي اخترتها لتحقيقه هي النجاح بالنسبة إليَّ".
  • قال "ريتشارد برانسون" مؤسِّس شركة ومجموعة "فيرجين": "هناك العديد من الأشخاص الذين يقيسون مستوى النجاح الذي وصلوا إليه بكمية الأموال التي كسبوها، أو عدد الأشخاص الذين يرتبطون بهم، ولكن برأيي لا بُدَّ أن يُقاس النجاح الحقيقي بمقدار فرحك وسعادتك ورضاك عما تفعله وتحقِّقه.

وكما ذكرنا آنفاً، إنَّ النجاح ومفهومه يختلف بين شخصٍ وآخر؛ فمنهم مَن يرى السعادة نجاحاً، ومنهم مَن يرى تفوقه نجاحاً، ومنهم مَن يرى مساعدة الآخرين نجاحاً، ومنهم مَن يرى الارتباط بالشخص المناسب نجاحاً، أو كسب مالٍ أكثر أو ترقيةٍ، وغيرها كثيرٍ.

ولكن بمقارنة جميع الناس مع الناجحين المشهورين، نرى أنَّ معظمهم يحددون ويقيدون نجاحاتهم ضمن الصعيد الشخصي، ولا يحاولون أن يستمروا في تحقيق غيره؛ فعند وصولهم إلى هدفهم، يتوقفون عن المضي قدماً وتحقيق مزيدٍ من النجاحات، بينما الناجحون المشهورون يربطهم شيءٌ محددٌ وهو أنَّهم تميزوا بشيءٍ معينٍ أثَّر في حياة العديد من الناس - إن لم يكن جميع الناس - وحقَّق نجاحهم ووصل إلى العالمية؛ إذ أحدثت نجاحاتهم نقلاتٍ نوعيةً، وطوَّرت من الحياة التي نعيشها، وغيَّرت فيها تغييراً جذرياً؛ وهذا ما جعلهم ناجحين ومشهورين أيضاً.

إقرأ أيضاً: 8 عادات يجب أن نتعلّمها من الناجحين

مفهوم النجاح في الإسلام:

لطالما كان النجاح في تحقيق الأهداف من أبرز الأسس التي دعا إليها الدين الإسلامي، وتُعَدُّ كلمة النجاح من الكلمات التي تضخ الفخر والفرح في قلوب المؤمنين؛ إذ يسعى المسلمون كافةً إلى جعل حياتهم مليئةً بالنجاحات، كما يسعون إلى الوصول إلى كسب رضى الله والعمل على الفوز بالجنة ونعيم الآخرة.

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنَّي أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات"، وقد شدَّد رسول الله على الاجتهاد والجد بالعمل الصالح، والالتزام بالواجبات الدينية والعملية، ومساعدة الآخرين، والسعي إلى النجاح في جميع المجالات؛ وذلك لأنَّ النجاح هدفٌ سامٍ ولا يحققه سوى المتوكِّل على الله والمُجدُّ الصبور.

مقياس النجاح في الإسلام:

إنَّ للنجاح في الإسلام مقاييس محددة تُتَّبَع للوصول إليه، وهذه المقاييس هي:

  1. التضرع إلى الله والتقرب منه؛ وذلك بالصلاة والقيام بالواجبات الدينية على أكمل وجهٍ، وعمل الخير، ومساعدة الآخرين لوجه الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحاشي كل حرامٍ يُغضِب الله.
  2. برُّ الوالدين، والتعامل الحسن معهم، والتماس رضاهم؛ وذلك لأنَّ نجاح العلاقات الأسرية سبيلٌ ليُسخِّر الله لعبده سبلَ النجاح وتحقيق الأهداف الأخرى.

عوامل النجاح في الإسلام:

فيما يأتي العوامل التي حددها الإسلام لتحقيق النجاح:

  1. وضع الأهداف والعمل على تحقيقها: مثالٌ عن ذلك سعي النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى نشر الدين الإسلامي والدعوة إليه، واتِّباعه العديد من الطرائق والسبل لتحقيق هدفه في نشر الدين الصحيح، والدعوة لعبادة الله الواحد الذي لا شريك له، وقد نجح نجاحاً باهراً.
  2. العزيمة والتصميم على تحقيق الأهداف: مثالٌ عن ذلك إصرار النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الدعوة وتبليغ رسالة الله، مُتحدِّياً جميع الصعوبات التي واجهته، والإغراءات التي قدمتها له قريش للتخلي عن دينه ورسالته.
  3. مواجهة الصعوبات: مثالٌ عن ذلك ما قد واجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من صعوباتٍ وأذىً وحملاتٍ مسلحةٍ وحروبٍ وتكفيرٍ برسالته من قِبل قريش وغيرها، ومع ذلك، كان النبي وأصحابه مستعدين دائماً لمواجهتها وقمعها وإعلاء راية الدين الصحيح عالياً.
  4. التخطيط ومعرفة الأسباب والطرائق للوصول إلى النجاح: مثالٌ عن ذلك أنَّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان دائم التخطيط والوعي للأهداف كافة التي يريد تحقيقها؛ الأمر الذي سهَّل وجعل تحقيقها يسيراً ومؤكَّداً، وهذا كله نتيجة إيمانه بالله تعالى ورغبته في إيصال رسالته إلى العالم أجمع.
إقرأ أيضاً: لماذا لم نُبَلِّغ رسالتنا السامية؟

طرائق الوصول إلى النجاح:

طرائق الوصول إلى النجاح سهلةٌ وفعالةٌ أيضاً، وسنذكرها فيما يأتي:

  1. البداية السهلة الواضحة، والبعيدة عن التكلف؛ لذا، اجتهد وضع أمامك خيارين إما أن تنجح أو تفشل، وفي النهاية ستعلم أنَّك إن فشلت، فيمكنك البداية والمحاولة من جديد.
  2. وضع الأهداف نصب عينيك؛ لذا، ركِّز دائماً على تحديد الأهداف المراد تحقيقها، واعمل على إتمامها على أكمل وجه.
  3. تنسيق الأهداف؛ لذا، ضع الأهداف ضمن قائمة التحقيق والأولويات ونسِّقها تنسيقاً صحيحاً، وحاول إتمام كل هدفٍ إتماماً صحيحاً وعلى حدة، ولا تخلط الأهداف وتعمل على تحقيقها مع بعضها؛ فعندها ستقع بكثيرٍ من المشكلات وتخسر الوقت والجهد.
  4. المواظبة على التعلم؛ لذا، يجب على الإنسان أن يستمر في التعلم فلا أحد وُلِدَ عالماً، والإنسان طموحٌ ويبحث عن التطور والتقدم على صعيده الشخصي؛ لذا، يجب عليك أن تتعلم وتستفيد من خبرات غيرك وتواظب على القراءة، وتحيط بجميع الجوانب المعرفية الخاصة بأهدافك لتساعدك على تحقيقها.
  5. الاختلاط بالناس وتجنُّب العزلة؛ فالعلاقات الاجتماعية تزيد الخبرة والتشجيع وروح المنافسة على تحقيق الأهداف والنجاح فيها.
  6. الثقة وتقبُّل الفشل: يجب أن تظل واثقاً بنفسك وبأهدافك مهما كثرت المحاولات الفاشلة والعقبات في طريقك، وتقبَّل فشلك واعلم أنَّه لولا الفشل، لما كان هناك نجاح أصلاً.

عبارات عن النجاح:

تعددت الأقوال المأثورة التي تحدثت عن النجاح، واخترنا لكم بعضها فيما يأتي:

  • "النجاح ليس نهايةً، والفشل ليس قاتلاً؛ إنَّما الشجاعة والإصرار على الاستمرار هي ما يهم" - "وينستون تشيرشيل".
  • "ضع نصب عينيك أنَّ تصميمك على النجاح أهم من أي شيءٍ آخر" - "أبراهام لينكولن".
  • "حاول ألَّا تكون رجلاً ناجحاً؛ بل كن رجلاً ذا قيمةٍ" - "ألبيرت أينشتاين".
  • "النجاح ليس عدم فعل الأخطاء، النجاح هو عدم تكرار الخطأ" - "برنارد شو".
  • "إن كنت لا تخاف مما سيقوله الناس، فقد اجتزت الخطوة الأولى للنجاح" - "باولو كويلو".
  • "الفشل يصيب الذين يجلسون دائماً، وينتظرون النجاح أن يأتيهم" - "إبراهيم الفقي".

والكثير الكثير من العبارات التي قالها مؤثرون وأعلام وعلماء وأدباء ذاع صيت نجاحاتهم في التاريخ وإلى وقتنا هذا.

في الختام:

مَن طلب العلا سهر الليالي، ومَن أراد النجاح فعليه السعي إلى تحقيقه؛ فلا يستطيع أحدهم النجاح بلا جهدٍ، ولا يتساوى الذي يتكاسل ويتكل على الآخرين مع مَن يجتهد ويصبر ويواجه الصعوبات ويعتمد على نفسه، وكما أنَّ الكسل خيارٌ، كذلك النجاح خيارٌ ويعود الأمر لصاحب الخيار؛ لذا اختر بحكمة.

المصادر: 1،2،3،4،5




مقالات مرتبطة