مفهوم الذكاء الاجتماعي وأهميته

يُعرَّف الذكاء الاجتماعي بأنَّه القدرة على الانسجام والتآلف الجيد مع الآخرين، وكسب تعاونهم وتعاطفهم؛ وكما يقول "فيكتور هوجو": "هناك دائماً شيء أقوى من كل جيوش العالم، ألا هو الفكرة الجديدة التي حان وقت تطبيقها". نعم، إنَّه ذكاء من نوع مختلف، وهو يتجاوز حدود حاصل الذكاء (IQ).



ما هو الذكاء الاجتماعي؟

مفهوم الذكاء الاجتماعي: وضع "أرل ألبرخت" في كتابه الذكاء الاجتماعي أبعاداً لهذا الذكاء وجمعها بخمسة أبعاد، وهي:

  • الوعي الموقفي (أو الرادار الاجتماعي): وهو القدرة على قراءة المواقف وتفسير سلوكيات الآخرين في تلك المواقف وفقاً لأهدافهم المحتملة، وحالتهم العاطفية، وميلهم إلى التواصل.
  • الحضور: ويشار إليه غالباً بمصطلح التأثير، وهو مجموعة كاملة من الإشارات التي يعالجها الآخرون ليتوصلوا منها إلى انطباع تقييمي للشخص.
  • الأصالة: أي الخروج بأفكار غير مطروقة تخصُّك وحدك.
  • الوضوح: أي القدرة على تفسير أفكارك وصياغة آرائك.
  • التعاطف: وهي الإحساس المشترك بين شخصين، دون أن يكون منبعه الشفقة.

أهمية الذكاء الاجتماعي:

يقول "مارك توين" واصفاً قائده: "لقد كان عنيفاً قاسياً في جداله، في حين كنت أرد عليه بحذرِ وهدوءِ مرؤوس لا يريد أن يتلقى إنذاراً يؤدي إلى تدهور علاقته مع مديره الأعلى".

يجسِّد مثل هذا القائد المعنى الحرفي لقلة الوعي الاجتماعي (أو الوعي الموقفي)؛ فهو يفتقر إلى الذكاء الاجتماعي، ولا يتعاطف مع المرؤوسين الذين يعملون لصالحه؛ ممَّا يدفع هؤلاء المرؤوسين إلى العمل بدافع الخوف من بطشه، لا بدافع الرغبة في العمل؛ ويمكن لذلك أن يزيد المواقف سوءاً.

لذا، لكي نكون أذكياء اجتماعياً، علينا أن نفهم السياق الاجتماعي والمكاني، ونتعاطف مع الآخرين، ونكون واضحين، ونكون حاضرين بكل كياننا، وقادرين على التأثير فيمَن حولنا، ونتمتع بالأصالة الفكرية والاجتماعية.

يقول روبرت بيرنر: "يا لها من قوة عظيمة تلك المنحة الإلهية التي تمكِّننا من أن نرى أنفسنا كما يراها الآخرون، حيث يُحرِّرنا هذا من التخبط والكثير من الأفكار الحمقاء".

ويقول "جيمس دين": "عِش سريعاً، ومُت شاباً، واترك جثة حسنة المظهر؛ فلا شك أنَّ المظهر يلعب دوراً كبيراً وهاماً في الذكاء الاجتماعي".

إقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن الذكاء العاطفي؟

كيف تكوّن علاقات اجتماعية إيجابية؟

لكي تكوِّن مزيداً من العلاقات الاجتماعية، ينبغي عليك:

1. دراسة أثر "الكلمة" وأبعادها:

يؤكِّد مارك توين على أهمية الصمت فيقول: "الفارق بين الكلمة المناسبة والكلمة غير المناسبة فارق شاسع تماماً؛ لذا عليك تحديد الوقت المناسب لتتحدث، فأحياناً يكون الصمت هو الخيار الأفضل"، ويقول أحد الفلاسفة: "أن يشك بعض الناس بأنَّك أحمق لأنَّك تقف صامتاً، خير من أن تتكلم فتقطع الشك باليقين".

كما يقول لورانس كوجلين: "لا تتكلم إلَّا بعد أن تتقن فن السكوت؛ وإذا تحدَّثت، فيجب أن تكون كلماتك مقصودة ومصوبة نحو الهدف مباشرة؛ وحتى تكون أكثر وضوحاً، ينبغي أن يكون متوسط طول الجملة التي تقولها 20 كلمة وما دون، وتتجنب لغة المصطلحات، ويكون كلامك مبنياً للمعلوم قدر الإمكان".

شاهد بالفيديو: 10 استراتيجيات للوعي الاجتماعي (الذكاء الاجتماعي)

2. تنمية التعاطف:

هناك العديد من السلوكات التي تهدم التعاطف، كالمزاح المستفز، والإهانات غير اللفظية، وإفشاء الأسرار، وكثرة الشكوى، وتقديم نصائح غير مرغوب فيها، وغيرها من الأمور الكثيرة الأخرى؛ ولتقوية التعاطف، علينا أن نقوي الانتباه، ونعزز تقديرنا للآخرين، وننمِّي روحاً إيجابية.

إقرأ أيضاً: الذكاء العقلي (IQ) والذكاء العاطفي (EQ)

3. الشعور بالامتنان:

تقول "هيلين كيلر": "أستطيع أنا العمياء أن أقدِّم نصيحة صغيرة لأولئك الذين يرغبون في تحقيق أقصى استفادة من نعمة البصر: استخدموا أعينكم كما لو أنَّكم ستفقدون البصر غداً؛ وينطبق الأمر نفسه على الحواس الأخرى؛ لذا استمعوا إلى أصوات الموسيقى وغناء الطيور وعزف الأوركسترا وكأنَّها آخر ما ستسمعونه، والمسوا كل شيء وكأنَّكم لن تلمسوه مرة أخرى أبداً، واشتموا عبير الزهور وتذوقوا اللقمة مبتهجين وكأنَّكم ستفقدون حاستي الشم والتذوق إلى الأبد".

يعني هذا أن تنظر إلى ما تملتلكه من نعم، وتمتنَّ لكل العطايا التي حُبِيت بها مهما صغُرَت أو قلَّت قيمتها؛ فهناك الآلاف ممَّن يتمنون أن يحظوا بما تحظى به.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان

4. إتقان مهارة التواصل:

للتواصل عدة أنماط وفقاً لارتكازه على النتائج أو على العلاقات الاجتماعية، وهذه الأنماط هي:

ففي العلاقات الاجتماعية، تكون وتيرة التواصل منخفضة أو مرتفعة؛ أمَّا في التركيز على النتائج، يكون التركيز على الناس أو على المَهمَّة؛ ولكن في كلتا الحالتين، عليك ألَّا تصدر أحكاماً مسبقة.

5. إتقان مهارات المحاورة:

يقول "ويليام بلاك": "إنَّ الشخص الذي يُجبَر على الاقتناع لا يقتنع أبداً"، وهذا صحيح؛ فلكي تجري حواراً حاسماً، عليك أن تفهم الموقف فهماً عميقاً وكاملاً، وتحدد مصالحك بوضوح، وتحدد استراتيجية تعاملك، وتتبنَّى روحاً بنَّاءة، وتعمل على الوصول إلى نتيجة واضحة؛ ولكي تحصل على موافقة، حدد المصالح وعناصر القيمة، وصمم مجموعة من حزم الاتفاقات المقترحة (ثلاثة على الأقل)، وتعاوَن لتحقيق أفضل اتفاق، وحَسِّن الاتفاق المختار.

6. محبة الآخرين والتفاعل معهم:

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وليس له غنى عن التعامل مع الأشخاص المحيطين به؛ ولكنَّ التعامل مع الآخرين ليس بالأمر الهين.

يقول إبراهيم الفقي في كتابه "كيف تكون نجماً اجتماعياً": "قد يسبب التعامل مع الآخرين مشكلات كثيرة للشخص؛ ذلك لأنَّ طباع الناس مختلفة، وأمزجتهم متباينة"؛ لذا لا بد للشخص أن يكون لبقاً ومرناً وذكياً في تعامله مع المحيطين به.

وكما قال أبو الفتح البستي:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم       لطالما استعبد الناس إحسان

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؛ فهذه هي القاعدة الذهبية في العلاقات الجيدة، إذ يرغب الجميع بالاحترام والعدل والأمانة.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي وأهميته في العلاقات مع الآخرين

7. الصدق والوضوح:

عندما تقول الحقيقة دائماً، يثق الناس بك؛ وعندما تفعل ما قلت أنَّك ستفعله، يحترمك الناس؛ وعندما تُشعِر الآخرين بالتميُّز، سيبادلوك الحب والامتنان؛ لذا عليك أن تكون صادقاً، وتستخدم الدعابة عند حديثك مع الآخرين، وتقدِّرهم وتُظهِر لهم الاهتمام والاحترام، وتكون أميناً ومتعاوناً.

أخيراً:

يعدُّ الذكاء الاجتماعي أساساً لنجاح المنظمات والشركات، وهو قابل للتعلم، وضروري لتكسب القلوب ويحبِّك الناس.




مقالات مرتبطة