مفهوم الإدارة الإلكترونية وأهميتها

شهد العالم في العقود الأخيرة - وبالتحديد الألفية الثالثة - ثورةً عظيمة في جميع المجالات العلمية والأدبية، ويشهد العالم حالياً طفرةً واسعة النِّطاق في مجال المعلوماتية والتكنولوجيا؛ حيث نجد قفزات هائلة وتطبيقات مذهلة تُبرز مدى تطوُّر فكرة توظيف المعلومات في شتى المجالات.



ولاسيَّما الإدارة؛ فقد نجد بدايةً أنَّه بات هناك تقارير تُعَبِّر عن ما حدث فعلاً داخل المؤسسة، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى تحليل تلك التقارير لمعرفة الأسباب التي أدت إلى حدوث التغيرات، ومن ثمَّ التنبؤ بما سيحدث مستقبلاً بناءً على تلك المعلومات، وبعد ذلك سيكون لدينا نظرة شاملة لتلك المعلومات، وإدراك لتأثيراتها المختلفة في القرارات بكل المستويات، وفي النهاية سنجد أنفسنا في مرحلةٍ أكثر تقدُّماً من التطور؛ ألا وهي توظيف المعلومات من أجل تحقيق الأهداف.

وكل ذلك أحدث تغييرات جذرية في الحياة اليومية للإنسان ونشاطاته كلها، وأصبحت من الركائز الجوهرية والمُعَوَّل عليها في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وسائر مجالات التنمية الأخرى.

وبالنتيجة، انعكس ذلك على الإدارة العامة في شتَّى المجتمعات والتنظيمات حول العالم، والتي تُعَدُّ هي الآلية التي تُحرِّك عجلة التنمية في الدولة، وتخدم المواطنين، وبذلك أُدرِجَت البرمجة المعلوماتية داخل نسق عمل الإدارة، لتنبثق عن ذلك الإدارة الإلكترونيَّة.

وانطلاقاً مما سبق، فإنَّه لا يمكِن لنا تصوُّر كيفية تقديم خدمات إلكترونيَّة متاحة عبر الشبكة العالمية "الإنترنت" دون اللجوء إلى التبسيط والمرونة في الإجراءات؛ حيث يُعَدُّ الآن مشروع الإدارة أو الحكومة الإلكترونيَّة نتيجةً حتميةً لتفاعلات مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتبسيط وتحسين العلاقة بين المواطن والإدارة وتسهيلها.

هذا ما يدفعنا إلى تقديم المزيد من الشرح والتوضيح عن الإدارة الإلكترونيَّة بالحديث عن النقاط التالية:

  1. مفهوم الإدارة الإلكترونيَّة.
  2. أهمية الإدارة الإلكترونيَّة.

1. مفهوم الإدارة الإلكترونية:

يشير مفهوم الإدارة الإلكترونيَّة إلى:

أنَّها منهجية علمية جديدة ومتطورة تقوم على الاستيعاب الشامل والوافي، والاستخدام الواعي والمُدرَك، والاستثمار الإيجابي والمُضطَّرِد لتقنيات المعلومات والاتصالات في ممارسة الوظائف الأساسية للإدارة، وتطبيق مفاهيمها ومبادئها على مختلف المستويات التنظيمية في المنظَّمات الحديثة والمعاصرة.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح

وقد يعني أيضاً مصطلح الإدارة الإلكترونيَّة:

استخدام نِتاج الثورة التكنولوجية في تحسين مستويات أداء المؤسسات، ورفع كفاءتها الإنتاجيَّة، وتعزيز فاعليتها، وزيادة نموِّها، عن طريق تحقيق الأهداف المرجوة منها؛ ويشمل ذلك: الاستفادة من تراكم المعرفة والتقدم التقني المرافق لها في توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات العامة؛ أي إنَّ الإدارة الإلكترونيَّة عبارة عن مجموعة من العمليات التنظيمية، التي تربط بين المستفيد ومصادر المعلومات، بواسطة وسائل إلكترونيَّة، لتحقيق أهداف المنشأة من تخطيط، وإنتاج، وتشغيل، ومتابعة، وتطوير.

والمستفيد هو: المُراجع في الدوائر الحكومية، أو العميل لدى الشركات التجارية، أو الموظف في أيَّة منشأة، أو المدير ومُتَّخِذ القرار في أيَّة منظَّمة.

وتُعَرَّف الإدارة الإلكترونيَّة:

بأنَّها منظومة إلكترونيَّة متكاملة، تهدف إلى تحويل العمل الإداري العادي (الإدارة التقليديَّة)، من إدارة ورقية إلى إدارة تستخدم الحاسب والوثائق الإلكترونيَّة؛ وذلك بالاعتماد على نظم معلوماتية قوية ومشفَّرة ومحمية، لتنفيذ كافَّة الوظائف والمهام التي تحدِّدها الإدارة للموظفين من خلال الاعتماد على وسائل اتصال حاسوبيَّة، وتشمل رسائل البريد الإلكتروني، وقنوات الاتصال الرقمي، ويؤدي هذا النوع الحديث من الإدارة إلى سهولة الرَّبط بين المديرين، والموظفين، والعملاء؛ وبالتالي المساعدة في اتخاذ القرار الإداري بأسرع وقت، وتقديم الخدمات بأقل التكاليف الممكنة.

وتُعدُّ الإدارة الإلكترونيَّة فلسفةً متكاملة، وتحوُّلاً جذرياً في عالم الإدارة على المستوى العملي، وهي أيضاً نقلة نوعية، وثورة في المفاهيم والنظريات والأساليب، حيث تنعكس إيجابياً على الصورة الكلِّيَّة للإدارة بشكل عام، والإدارة الإلكترونيَّة للمنظمات التقنية بشكل خاص.

إقرأ أيضاً: مهارات القيادة الرقمية الضرورية في عصر العمالة الافتراضية

2. أهمية الإدارة الإلكترونيَّة:

تبرز أهمية التَّحوُّل إلى الإدارة الإلكترونيَّة من قِبَل الحكومة والمؤسسات والمنظمات من خلال أمور كثيرة نذكر منها ما يلي:

  1. تسهيل تقديم المعلومات بشكلٍ كبير للمواطنين والشركات، مما يساعد في صنع القرار.
  2. إحداث ثورة في وظائف الحكومة، وضمان الشفافية في الأعمال، وقطع الطريق على الوسطاء والرشوة، حيث يمكِن من خلالها مراقبة كل قسم وقطاع في المؤسسة وأعماله عن كثب؛ وبالتالي تقليل الفساد.
  3. تقديم خدمات أفضل وأعلى جودةً، وتوضيح الرؤية المستقبلية للمؤسسات والسعي إلى تنفيذها.
  4. السرعة في إنجاز العمل.
  5. المساعدة في اتخاذ القرار بالتوفير الدائم للمعلومات بين يدي متخذي القرار.
  6. خفض تكاليف العمل الإداري مع رفع مستوى الأداء.
  7. تجاوُز مشكلة البعدَين الجغرافي والزمني، والتقليل من مخاطر التنقلات من مكان إلى مكان آخر.
  8. تطوير آلية العمل ومواكبة التطورات.
  9. رفع كفاءة العاملين في الإدارة.
  10. المساعدة على تحوُّل المنظمات التقليدية إلى منظمات إلكترونيَّة.
  11. الحد من التدخل البشري؛ وبالتالي الحد من الأخطاء، وإنهاء استخدام الطرائق الملتوية للتحايل أو الغش أو الخداع.
  12. تعزيز قِيَم الشفافية وروح تطبيق القانون.
  13. التطوير الجذري في نظم وآليات عمل المؤسسات، والقضاء على البيروقراطية.
  14. تقليل الضغط الاجتماعي والثقافي.
  15. تغيير أساليب إنجاز المعاملات وسرعتها.
  16. ترشيق عمل المؤسسة وإضافة المزيد من المرونة.
  17. إعادة هندسة المؤسسة داخلياً بما يتناسب وأداء الأعمال.
  18. التوسُّع في الأتمتة الإدارية.
  19. تبسيط الإجراءات وزيادة تدفُّقها.
  20. الرقابة الآنية على كل مفاصل المؤسسة، لأنَّ المنظومة لا تقبل المعاملات غير المطابقة للمعايير القانونية.
  21. الاعتماد على اقتصاد المعرفة بدلاً من الاقتصاد التقليدي.
  22. الاعتماد على فِرَق العمل بدلاً من التكوينات التقليدية.
  23. تغيير الأنظمة الداخلية بما يتناسب والإدارة الإلكترونيَّة.
  24. التفاعل الدائم مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
  25. الاستثمار الدائم للمعدات والوقت والخبرات.
  26. الترابط العالي بين المنظومات الإدارية والإنتاجية.
  27. التبادل السريع للمعارف والمعلومات والخبرات.
  28. إحداث المزيد من التطور في الأداء الخاص بالإدارة، وذلك من خلال تقليل صور عملية التنقل الورقية للمعلومات.
  29. زيادة التحول بشكل سهل وسلس في التعامل ما بين الموظفين والعملاء والمواطنين، فتكون هناك واجهة واحدة للعملاء والمواطنين عندما يتم التعامل مع الموظفين.
  30. تحسين بيئة الأعمال، وزيادة القدرات التنافسية خاصة بالنسبة إلى الشركات المتوسطة أو الصغيرة في دخول مجال التجارة العالمية، حيث كان هناك صعوبة كبيرة في القيام بذلك في ظل الوسائل الاعتيادية.
  31. تقليل حجم النفقات العامة، وذلك بسبب وجود قدر كبير جداً من المعلومات التي يتم استخدامها في اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تكاملية النظم الداعمة للإجراءات سواء كانت الداخلية والخارجية.
  32. تجاوُز صعوبة السياسات البيروقراطية، وذلك الأمر الذي أدى إلى زيادة الشعور بالرضا الوظيفي من قِبَل الموظفين، وتحسين المستويات الخاصة بالموظفين في قدرتهم على مواكبة التحديات والصعوبات بمختلف صورها.
  33. على الصعيد السياسي: توسيع دائرة المشاركة في صناعة القرار، وتحقيق قدر كبير من الشفافية والصراحة بين الجماهير والحُكَّام.
  34. على الصعيد الاقتصادي: الرغبة في الاتجاه نحو العالمية، واتساع دائرة السوق، وتزايد الاهتمام، والتركيز على الجودة.
  35. على الصعيد التكنولوجي: الثورة المتزايدة في مجالات الاتصالات ومجال المعلومات.
  36. على الصعيد الاجتماعي والتربوي: يتمثل في زيادة الطلب على التعليم بشكل غير مسبوق أو معهود.

بالطبع هذه ليست جميع المميزات التي تبرز أهمية التَّحول من النظام العادي للإدارة إلى الإدارة الإلكترونيَّة؛ ولذلك أصبحَت المؤسسات الحكومية الكبيرة تعتمد عليها، كما أنَّ أي بنك تتعامل معه في الوقت الحالي، أو أيَّة شركة دولية مثل: (ويسترن يونيون، أو آرامكس)، أو أيَّة شركة محلية، لكنَّها تخدم ملايين العملاء، كما ستجد أنَّها تعمل بنظام الإدارة الإلكترونيَّة؛ ما يُسهِّل العمل كثيراً؛ لذلك فالفوائد متعددة وكثيرة والأهميَّة كبيرة، حتى أنَّه قد لا يتمكن البعض من إحصاء تلك المميزات وإدراك تلك الأهمِّيَّة، لأنَّها تختلف أيضاً تبعاً للمؤسسة أو النشاط الذي تُستخدَم به الإدارة الإلكترونيَّة.

إقرأ أيضاً: تطوير القيادة: ضبط القيادة لمواكبة الاقتصاد الرقمي

وأخيراً إنَّ التحول إلى الإدارة الإلكترونيَّة ليس درباً من دروب الرفاهية، وليس خياراً قابلاً للجدال؛ وإنَّما حتمية تفرضها التغيرات العالمية؛ ففكرة التَّكامل والمشاركة وتوظيف المعلومات أصبحَت أحد محددات النجاح لأيَّة حكومة، أو مؤسسة، أو منظمة، أو حتى لأيَّة وحدة تنظيمية مهما كان حجمها ونوعها وشكلها والغرض منها.   

وقد فرضَ التقدم العلمي والتقني، والمطالبة المستمرة برفع جودة المخرجات على اختلاف وتنوُّع أشكالها، وضمان سلامة العمليات، وكلها من الأمور التي دعت إلى التطور الإداري والارتقاء بالإدارة نحو الإدارة الإلكترونيَّة، ويمثل عامل الوقت أحد أهم المجالات التنافسية بين المؤسسات، فلم يَعُد من المقبول الآن تأخُّر تنفيذ العمليات بدعوى التحسين وزيادة الجودة، وذلك لارتباط الفرص المتاحة أمام المؤسسات بعنصر التوقيت.

فكُلَّما أُدِّيَت المهام وانتُهِيَ من الإنتاج بوقت أسرع وأقصر، دَّل ذلك على حسن سير العملية الإدارية وسلامة النِّظام الإداري من أي خلل أو عيب، وأدَّى ذلك إلى رفع قيمة هذه المؤسسة والمنظمة وكل ما يتعلق بها من مخرجات أمام باقي المنافسين.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة