مضيعات الوقت الشائعة وطرق إدارة الوقت بفاعلية

مع تقدّم الحياة وزيادة المسؤوليات زادت الأعباء على أفراد المجتمع، وانبثق عن ذلك مزيداً من الضغوط والالتزامات في العمل والبيت، ولعبت الثورة التكنولوجية دوراً مهماً في ذلك، فأصبحنا لا نجد وقتاً كافياً لإنجاز كل ما هو مطلوب منا أو حتى استثمار وقتنا الاستثمار الأمثل. فأمسينا في صراع دائم في سبيل عدم إضاعة وقتنا في أمور غير مجدية ولا تنفعنا أو حتى لا تحقق أهدافنا.



ومضيعات الوقت هي نشاط يأخذ وقتاً غير ضروري أو يستخدم الوقت بطريقة غير ملائمة. ومن المقولات الشهيرة في تضييع الوقت قول الدكتور إبراهيم الفقي عن الوقت "إن الذين لا يدركون أهمية أوقاتهم هم أكثر الناس تضييعاً له".

مضيعات الوقت الشائعة:

إن سبب جميع مضيعات الوقت هو أنت أو الآخرون أو أنت والآخرون، فالوقت لا يضيع لوحده بل يحتاج إلى من يضيعه وتقسم مضيعات الوقت إلى:

  • مضيعات الوقت الداخلية (الذاتية): وهي مرتبطة بالفرد نفسه (من الأسباب ضعف التخطيط، عدم معرفة ما يريده بالتحديد، العادات السلبية المضيعة للوقت...).
  • مضيعات الوقت الخارجية: وهي مرتبطة بتعامل الفرد مع الآخرين (العائلة، الأصدقاء....).

أهم مضيعات الوقت:

1- غياب خطة للعمل:

معظمنا يبدأ يومه دون خطة عمل واضحة، ويترك المهام توجهه كيفما كانت وليس العكس. أن تحدد ما تود إنجازه خلال اليوم يساعدك على تحديد الأهم فالمهم ثم الأقل أهمية، كي لا تجد نفسك ضائعاً بين كثرة التفاصيل والمهام. وتساعدك نظرية ترتيب الأولويات على تنظيم وإدارة الوقت في حياتك اليومية لتستطيع إنجاز المهام اليومية والتركيز على أهمها وأكثرها فائدة بالنسبة لحياتك.

2- تفقد البريد الالكتروني بشكل مستمر:

من أكثر ما يشتت انتباهك ووقتك في العمل هو أن تتفقد بريدك الإلكتروني بشكل مستمر، دون أن تكون في انتظار رسالة محددة. فاكتف بمراجعته لدقائق بسيطة في أوقات معينة، حيث أن هدر الوقت مع عشرات الرسائل الإلكترونية يومياً يساوي إنجاز مهمة كاملة كل أسبوع. هذا ينطبق أيضًا على البريد الصوتي والرسائل النصية وكل الأنشطة المتعلقة بالهاتف الذكي.

3- مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي:

من أخطر مضيعات الوقت انتشاراً وأكثرها شيوعاً، هو تفقّد مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عبر الهواتف الذكية خلال ساعات العمل، فهذا سلوك غير مهني لأنك تقتطع من وقت عملك في أمور خاصة لا تفيد العمل. لذلك خصص وقتاً معيناً لتفقدها خارج أوقات عملك.

إقرأ أيضاً: هل تُلحِق مصادر الإلهاء الرقمية الضرر بالإنتاجية في العمل؟

4- التعب والإرهاق:

حتى مع وجود الكثير من المهام التي يجب تنفيذها، من المهم جداً أن تدرك أنك بحاجة إلى الوقت للاستراحة. فالكثير من الناس وخصوصاً أولئك المثقلين بالأعمال والمهام يعتقدون أنه من الضروري العمل دون أي توقف طوال الوقت. ولكن هذا يعد مؤشراً كبيراً على أنك لا تتمتع بتنظيم الوقت كما يجب.

والمشكلة تتفاقم عندما يؤثر الإجهاد والضغط النفسي على الحالة الصحية، وهذا أمر خطير يجب ألا يستهان به، لأنه على المدى البعيد يؤدي إلى مشاكل صحية حقيقية أنت في غنى عنها، فالذهن الشارد والإرهاق من أسوأ مهدرات الوقت.

امنح جسدك الراحة الكافية من النوم والاسترخاء، وروّح عن نفسك في يوم عطلتك لتتمكن في بداية الأسبوع من إنجاز عملك بسرعة وكفاءة وفاعلية.

5- مقاطعات الآخرين:

قد يبادر أحد الزملاء بالرغبة في الحديث في وقت تكون فيه منهمكاً في عملك، لا تسمح للآخرين بسرقة وقتك، اعتذر بلباقة بسبب انشغالك وبادر إلى معاودة التواصل معه بعد الانتهاء من مهمتك.

احرص على عدم تبني سياسة الباب المفتوح، وإغلاق الباب في أوقات معينة، أو فتحه في أوقات معينة، هذا بالنسبة للموظف أو المدير في مكتبه، أما في البيت فيمكنك تحديد موعد أسبوعي مع أقاربك وأصدقائك تقضيه معهم.

شاهد بالفديو: خمس نصائح لتكون أكثر إنتاجاً في العمل من المنزل

6- عدم القدرة على قول (لا):

عندما يطلب منك الآخرون شيئا فأنت تخلط بين الطلب كعمل وبين علاقتك الشخصية بهم، وعندما تفصل بين الأمرين تتمكن من اتخاذ قرار واضح وسليم وتمتلك الجرأة الكافية لتبوح بما يدور في الصدور.

هناك طرق عديدة للرفض بوضوح وأدب من دون استخدام كلمة لا مباشرة، مثل "كنت أود ذلك ولكنني مشغول جداً"، "ربما في وقت آخر"، "سأفكر في الأمر"، "غير مناسب لي حالياً"، "الوقت ليس مناسب لي".

عندما نصد الآخرين بصرامة واحترام فإننا أنما نؤكد لهم أنّ وقتنا ثمين وأنهم مهمّون ولكن أهدافنا وغاياتنا الكبرى أهم.

7- التسويف (التأجيل):

التسويف هو عدم إنجاز عمل أو نشاط معين في وقته، ويرى بعض علماء النفس أن الشخص قد يلجأ إلى التسويف فراراً من القلق الذي عادة ما يصاحب بداية قيامه بمهمة ما أو وقت العمل بها.

يعدّ التسويف عادة سيئة جداً وكلما ازداد تسويفك للأشياء ازدادت احتمالية مواصلة التسويف في المستقبل، وكلما ازدادت مقاومتك للميل نحو التسويف سيصبح من الأسهل الاستمرار في المقاومة، وفعل كل ما تستطيع لاكتساب عادة تنفيذ الأشياء في وقتها دون تأجيل وتسويف.

تدرب كل يوم على بذل مجهود ولو صغير في مقاومة المماطلة، وعوّد نفسك على عادة الانتقال للفعل والتطبيق مباشرة، ولا تتأخر.

8- الفشل في التفويض:

ويعتبر الفشل في التفويض خطأ إداريّاً شائعاً جدّاً. وهو أمر غير مفهوم. ففي بعض الأحيان يكون من السهل أن تقوم بالعمل بنفسك فقط.

وقد يؤدي عدم التفويض إلى مشاكل عديدة، فالعديد من الأشياء لن يتم إنجازها إذا كان كل شيء يقع على عاتقك وحدك، ولأن العمل سينخفض، فسيتزايد غضب الإدارة والعملاء بطبيعة الحال. فشعور الموظف أنّ الإدارة غير راغبة أو غير قادرة على التفويض سيؤدي إلى انخفاض المعنويات، وستتعرض قدرة المدير على القيادة للخطر.

والمفاتيح الأساسية لتجنب الأخطاء الناجمة عن التفويض هي الثقة والمراقبة. بأن يتحلى المدير بالثقة في نفسه وفي موظفيه حتى يتم تفويض العمل بفاعلية، ومعرفة ما يُمكن تفويضه، وما لا ينبغي تفويضه.

إضافة إلى أنه لا يمكن للمدير المفوض تسليم المُهمة ثم الانصراف بعيدًا. يجب أن يشعر الموظف بالثقة، ولكن عليه أيضاً أن يعرف أنه سيحاسب، وإذا لزم الأمر، فإن المدير على استعداد تام للمساعدة وتقديم التوجيه.

إقرأ أيضاً: كيف تفوِّض المهام بكفاءة!

9- محاولة القيام بأكثر من عمل في وقت واحد:

من المحتمل أن تكون لديك أمور كثيرة يجب عليك القيام بها على مدار اليوم. لذا إذا حاولتَ القيام بكل شيء دفعة واحدة، لن تتمكّن من إتمام أية مهمة من هذه المهام، وستصل حتى المنتصف في كل مهمة من هذه المهام، وهذا ما قد يجعل ذهنك متعباً أكثر.

لهذا أنت بحاجة إلى التركيز على مهمة أو وظيفة واحدة كي تتمكن من استخدام كامل طاقتك لإتمامها. من خلال ذلك، سوف تلاحظ أنك سوف تتمكن من إنهاء كل شيء وفي الوقت الذي حددته مسبقاً، وسوف تقوم أيضاً بمهامك بطريقة أكثر تكاملاً قدر الإمكان.

مع مرور الوقت، سوف تلاحظ أن التنظيم والتركيز على نشاط واحد فقط في كل مرة سوف يساعدك على إدارة الوقت بأفضل الأساليب، وسوف تصبح أفضل مدير لوقتك.

10- عدم تنظيم بيئة العمل:

ليس مهماً أن يكون مكان عملك كبيراً ومتسعاً المهم أن يكون منظماً، لأنه حتى لو كان كبيراً وبدون تنظيم فلا فائدة، والتنظيم يساعدك في سرعة الوصول إلى الأدوات والمعدات التي تحتاجها سواء كنت في العمل أو في المنزل، فالترتيب يساعد في اختصار الوقت المبذول على البحث عن ما تريده وتوفيره لإنجاز أمور أخرى.

إذا كنت في أي مكان حاول الترتيب على أساس النوع، الصنف، الحجم،...... أو أي ترتيب معين تضعه أنت ويكون مريحاً بالنسبة لك، المهم أن يكون الترتيب على أساس تصنيف معين يسهّل عملية وصولك لما تريده. وعندما تريد القيام بشيء معين استعمل الأدوات اللازمة فقط ولا تجعل المكان ممتلئ بكل شيء حتى لا يكون عائقاً لك.

لذلك فإن التمتع ببيئة عمل منظمة جيداً يعد أمراً هاماً لضمان تنظيم الوقت، وهذا لأنه من خلال وجود مكان منظم لن تضيع وقتك في البحث عن شيء تحتاج إليه.

11- الاجتماعات غير الفعالة:

تمثل الاجتماعات أحد النشاطات التي يمارسها القادة الإداريين، لذلك يجب المحافظة عليها وإدارتها بفعالية، ومن الأهمية تجنب الاجتماعات التي ليست لديها أهداف ولا معنى ويجب أن تسال نفسك قبل عقد أي اجتماع هل من الضروري فعلاً عقد هذا الاجتماع؟ هل يناسبك هذا النوع من الاجتماعات ويخدم غايتك؟

لذلك فإن أفضل حل لظاهرة الاجتماعات الضرورية في منشآت الأعمال أو على المحيط الخاص هو عقد الاجتماعات الضرورية فقط، وأن تكون إدارتها حازمة وتستخدم فيها أقصى درجات الانضباط والموضوعية، ويكون ذلك بوضع هدف وخطة للاجتماع، وتحديد وقت مناسب للاجتماع، وتسجيل ملخص للاجتماع للاستفادة منه.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لضبط الوقت وزيادة الإنتاجيّة

نصائح لإدارة وقتك بفاعلية:

  • ضع أهدافك ليس فقط الحالية بل بعيدة المدى وفكر بدورك في الحياة.
  • قم بإنجاز مهامك بمهارة وذكاء وفي وقتها المحدد ولا تركز فقط على المجهود الذي تبذله.
  • ضع خطة أسبوعية أو شهرية لتنظيم أعمالك وقيم أدائك في نهايتها وتدارك تقصيرك إذا وجد.
  • حاول أن تستمتع بكل عمل تقوم به ثم خصص بعض الدقائق من أجل تخيل نفسك وقد أتممت إنجاز هذه المهام، كيف ستشعر عند إتمامها؟
  • خذ وقتك في الراحة من المهم معرفة متى عليك التوقف عن العمل والاستراحة، مثلا يمكنك تقسيم وقت عملك إلى فترات وجعل وقت للراحة بينها، واعلم أن وقت الراحة هو بنفس أهمية وقت العمل لأنه يجعلك تعود للعمل بنشاط أكبر.
  • استخدم مبدأ الأهم ثم المهم في تنظيم أعمالك وأوقاتك، فعندما تكون في بداية عملك وفي أوج نشاطك الذهني والجسدي، فإن عليك أن تقوم بالمهام الصعبة التي تتطلب جهداً بدنياً وذهنياً وتركيزاً عالياً، ويمكنك تأجيل المهام غير المهمة والمستعجلة لتقوم بأدائها في وقت يكون نشاطك الذهني والجسدي ضعيفاً.
  • أستفد من وقتك الضائع في انتظار اجتماع أو في طريقك إلى العمل بإجراء بعض المكالمات والقيام بالمرسلات، أو قراءة كتاب في مجال عملك أو في إدارة الوقت.
  • عندما تنتهي من مهمة كافئ نفسك، حيث يجب أن يكون لديك دافع وحافز للعمل وإذا لم تجد من يدفعك لذلك، اجعل من نفسك دافعاً وحافزاً واعمل على مكافئة نفسك عن كل عمل تنجزه بإتقان، وعاهد نفسك على أن تنجز أعمالك بدقة أفضل في كل مرة. مثلاً: أخرج في نزهة مع شخص تحبه، أو شاهد برنامجك المفضل أو أي شيء أخر تفضله.
  • لا تيأس إذا أخطأت أو وجدت صعوبة في البداية فقد قيل: "ليس هناك أسرار للنجاح فهو حصيلة الإعداد الجيد والعمل الشاق والتعلم من الأخطاء والفشل".

إنّ الإدارة الصحيحة لوقتك تضيف ساعات أكثر إلى حياتك، فإذا أحسنت استثمار الأوقات الضائعة في حياتك سيكون لديك أوقات فراغ أكثر وتنجز أعمالك في أوقاتها المحددة أو أقل من الوقت المطلوب لتنفيذها، فمثلا إذا عملت نصف ساعة إضافية كل يوم فهذا يعني 26 يوم عمل في العام أي شهر إضافي.

وإدارتك السليمة لوقتك تجعل لديك متسع من الوقت لقضائه مع عائلتك وأصدقائك، ويساعدك على تحسين علاقاتك الاجتماعية بالإضافة إلى أنك ستتمكن من تنمية وتطوير نفسك.

وأخيراً إضاعة الوقت جريمة انتحار بطيء ترتكب على مرأى ومسمع من الناس، ولا يعاقب عليها أحد، فمن قتل وقته فقد قتل في الحقيقة نفسه. فهل ستعيد التفكير في وقتك الضائع؟




مقالات مرتبطة