مشاعر الاستياء في العلاقات: 4 إجراءات احترازية لتفاديها

كان لزاماً علينا في العلاقات الإنسانية الملتزمة والحقيقية، سواء كانت علاقات عاطفية أم غيرها من العلاقات الوثيقة والحميمية، أن نتعلم التعامل مع بعض المواقف بفاعلية ونمارسها برغبة كاملة، كي نحافظ على استمرارية العلاقة وروابطها الداعمة، ونجد كمثال على ذلك المصداقية في التعامل، والتواصل الجيد مع الأشخاص، والولاء والثقة بين أفراد العلاقة.



يمكن أن يقود غياب بعض ممَّا سبق أو جميعه إلى ما أشار إليه الطبيب النفسي "جون غوتمان" (John Gottman) والكاتبة "نان سيلفر" (Nan Silver)؛ إذ بيَّنا في كتابهما "المبادئ السبعة لنجاح الزواج" (The seven principles for making marriage work) أنَّ المشكلات الأربع لنهاية العلاقات الإنسانية تتضمَّن توجيه الانتقادات، وإظهار الاحتقار والازدراء للطرف الآخر، والمواقف الدفاعية، والمعارضة أو المماطلة.

يُعَد احتقار الأشخاص لبعضهم بعضاً هو الأكثر تدميراً للعلاقة ممَّا سبق، ويُعرَّف على أنَّه الإحساس بأنَّ شخصاً أو شيئاً ما قليل الشأن أو معدوم الفائدة أو يستحق الاحتقار، ومن ثم ينبغي الاختيار ما بين الالتزام بعلاقة حقيقية مع شخصٍ ما، أو اختيار اتباع طريقة تفكير تعكس الاحتقار مع ذاك الشخص، والتي لن ترضي أيَّاً من طرفي العلاقة في حال اتباعها.

يُنظر إلى الشعور المستمر بالكراهية والاستياء على أنَّه أسهل الطرائق وأكثرها جاذبيةً للوقوع في فخ مشاعر الاحتقار تجاه الآخرين؛ إذ يُعرف الاستياء بأنَّه الشعور بالغضب لمرة واحدة أو بصورة متكررة نتيجة التعرض للظلم أو المعاملة السيئة، وبعد تكرار ذلك، وفي حال عدم تمتع الشخص بمهارات تواصلٍ تمكِّنه من حلِّ تلك الخلافات في العلاقة مباشرةً، فإنَّه سيحاول غالباً الدفاع عن نفسه تجاه مشاعر الاستياء، إمَّا من خلال تحويلها نحو الداخل وإلقاء اللوم على نفسه بطريقة غير منطقية، أو من خلال تحويلها تجاه الخارج وبدء الشعور بالازدراء والاحتقار تجاه الشريك، علماً أنَّ كلا الطريقتين ليست مُجديةً للتخلص من الاستياء أو للاستمرار في العلاقة.

على أيِّ حال، يمكن اتباع بعض التدابير الاحترازية لمساعدتك على حماية نفسك من مشاعر الاستياء والبغض:

1. التدرُّب على التحدث عن مشاعر الاستياء والبغض مع الطرف الآخر:

إنَّ الإفصاح عن مشاعرك ومكنوناتك هو أمرٌ يمكن بناؤه وتعلُّمه والتدرُّب على ممارسته، إن لم تكن تتمتَّع بمهارة طبيعية للقيام به مع شريك حياتك، أو أيِّ شخص تتشارك معه علاقة حقيقية.

تصبح هذه المهارة أكثر فاعليةً حين تُناقش تلك المشاعر مع مراعاة الحالة المزاجية الجيدة لدى طرفي الخلاف؛ ذلك لأنَّ الإفصاح عنها خلال الجدال مع الآخر يحدُّ من قدرته على سماعها وفهمها كاملاً، وقدرتك على إيجاد الفرص المناسبة للتحدث عن أفكارك ومشاعرك، ستساعد على التخفيف من حدة التوتر لديكما، والإقرار بمشاعر الاستياء، والتعبير عنها قبل أن تتحول إلى مشاعر احتقار للأطراف الأخرى في العلاقة.

2. العناية بالنفس مع إبقاء الأولويَّة للتواصل الكامل في أيِّ علاقة:

يمكن للعناية بنفسك والاهتمام بصحتك، أن يساعدك على تقليل مشاعر الانزعاج الناجمة عن علاقاتك مع الآخرين، ثم إنَّ السماح لشريكك وتشجيعه على العناية بنفسه لتحقيق التوازن في حياته من دون إطلاق الأحكام من قبلك، يمكنه أيضاً تقليل المشكلات ومشاعر الاستياء في العلاقة.

إقرأ أيضاً: لماذا يجب أن تعتني بنفسك أولاً؟ وكيف تفعل ذلك؟

3. أن تفرض نفسك بحزم عند التعامل مع الآخرين في حياتك:

يساعدك هذا على توضيح رغباتك وحاجاتك في موقف معيَّن، ويمكن بذلك تحقيق أقصى قدر من العدالة لنفسك ولشركائك في العلاقة.

قد نستاء بسهولةٍ حين نشعر بعدم الإنصاف بين أطراف العلاقة، لكنَّنا في المقابل لا نستطيع الافتراض بأنَّ الآخرين يستطيعون قراءة أفكارنا ومعرفة ما يبدو عليه الإنصاف من وجهة نظرنا بالتحديد؛ لذا كان من الهام جداً تجنُّب إصدار الأحكام بحق الآخرين، وكذا السماح لهم بمعرفة الأشياء الهامة بالنسبة إليك.

مشاعر الاستياء في العلاقات

4. إن وجدت صعوبةً بتنفيذ ما سبق، فاكتب على ورقة:

استخدم وسيلة تواصل مكتوبة بطريقة العقود لتوضيح التغييرات الضرورية؛ إذ يمكن التعامل مع ذلك بطريقة أشبه باجتماع العمل، من دون الخوف من الانتقادات، فضلاً عن امتلاك كلا الطرفين فرصةً كاملةً للإفصاح عمَّا يجول في خاطرهما، إضافة إلى القدرة على التفاوض فيما يتعلق بشروط ما يمكن الاتفاق عليه في ذلك الوقت وما لا يمكن الاتفاق عليه.

يمكن علاوة على ذلك إعادة التفاوض على شروط هذا العقد في وقت مُتَّفق عليه في المستقبل، وما دام العقد مقبولاً من قبل الجميع، فينبغي إعطاؤه لكلا الطرفين واستخدامه كمحفِّز لتغيير العادات بطرائق معيَّنة تلبي حاجات الطرفين بطريقة أفضل وتقلِّل مشاعر الاستياء.

تُعَد الإجراءات السابقة أمثلة عن طرائق تقليل المشكلات في العلاقات، وذلك كونها تزيد القدرة على التواصل المتعلق بالحاجات والأفكار والمشاعر، إضافة إلى كونها تعبيراً عن قدرة تحمُّل الشخص للظروف غير المنصفة التي تحدث بصورة طبيعية، أو يسببها الطرف الآخر ضمن العلاقات.

إذاً عليك استثمار الوقت في العمل على الطريقة التي تناسبك لزيادة قدرة تواصلك في علاقاتك مع الآخرين، بينما تحارب بانتباه وحرص مشاعر الاستياء في داخلك.

المصدر




مقالات مرتبطة