متى يجب على القادة التعبير علناً عن آرائهم؟

هل القضايا الاجتماعية والقرارات السياسية خارج حدود الموضوعات التي يجب على المديرين التنفيذيين التحدث عنها؟



سلطت الأحداث الأخيرة مزيداً من الضوء على ما إذا كان ينبغي على المديرين التنفيذيين التحدث عن القضايا الاجتماعية أو القرارات السياسية؛ وذلك لأنَّ هذا قد يؤثر سلباً في أعمالهم، لقد سعى القادة في كل جيلٍ سابقاً إلى نَيل هذا الحق، وسيستمرون في ذلك مستقبلاً.

في خريف عام 2018، كتبت أليسون تايلور (Alison Taylor)، المدير الإداري في شركة بي إس آر (BSR)؛ وهي مجموعة شركات استشارية تهتم بقضايا الاستدامة، في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review) أنَّ "نشاط الرؤساء التنفيذيين، والاتجاه المتزايد لكبار المديرين التنفيذيين الذين يتحدثون علناً عن القضايا الاجتماعية والسياسية الحساسة، أصبح يطلق عليه "الوضع الطبيعي الجديد"، لكنَّ وراء الكواليس، لا يشعر الرؤساء التنفيذيون بالسيطرة، إنَّهم يكافحون بسبب توقعهم المزيد من الضغوط من الجمهور والمستثمرين وموظفيهم - قبل الجميع - والاستجابة لها".

أطلقت شركة العلاقات العامة ويبر شاندويك (Weber Shandwick) بالشراكة مع شركة أبحاث كي آر سي ريسيرش (KRC Research) تقرير "نشاط الرؤساء التنفيذيين في 2018" (CEO Activism in 2018): الرؤساء التنفيذيين الهادفين (The Purposeful CEO)"، والذي يسلط الضوء على دور الرؤساء التنفيذيين والاتجاهات المتعلقة باستخدام منصة أعمالهم لتسليط الضوء على الأفكار التي تتعلق بالقضايا الاجتماعية، فيما يلي بعض النقاط البارزة في التقرير:

  • يؤكد ما يقرب من 8 من كل 10 مستهلكين 77% على أنَّ الرؤساء التنفيذيين بحاجة إلى التحدث علانيةً، عندما يتم انتهاك قيم شركاتهم أو تهديدها.
  • يؤثر نشاط الرؤساء التنفيذيين إيجاباً في نسب الشراء؛ حيث إنَّه من المرجح أن يشتري ما يقرب من نصف المستهلكين 46% من شركة يقودها رئيس تنفيذي يتحدث عن قضية يتفقون معها.
  • أهم القضايا التي يريد الناس أن يعالجها الرؤساء التنفيذيون هي: التدريب، والمساواة في الأجور والتحرش الجنسي، ومن القضايا الثانوية: السيطرة على السلاح والقضايا القومية والإجهاض.
  • يقول 31% من الأمريكيين العاملين إنَّهم سيكونون أكثر ولاءً لمنظمتهم إذا اتخذ رئيسهم التنفيذي موقفاً عاماً في قضية تحتل نقاشاً هاماً، وتقول النسبة نفسها تقريباً 29% إنَّها لن تهمهم، وأقل 23% سيكونون أقل ولاءً.
إقرأ أيضاً: 3 أمور يجب على المدراء التنفيذيين التوقف عنها

متى يكون صوت الرؤساء التنفيذيين ضرورياً؟

يجب على كل قائد جعل التواصل أولوية؛ ويجب أن يشمل هذا التواصل كلاً من عمليات التواصل الداخلية والخارجية، وعلى كلمات القادة أن تكون:

1. نابعة عن قناعاتهم:

المبادئ الموثوقة هي مبادئ جيدة، وعندما يتحدث القائد بكلمات الحكمة، يمكن الاطمئنان إلى أنَّ هذه الكلمات مناسبة لأيِّ وقت وفي أيِّ موقف، يكون القادة حكماء عندما يدرسون الحقيقة ويتعلمون كيفية تطبيقها في الحياة والظروف اليومية، بما في ذلك الأعمال.

عندما يرى القائد شيئاً يتعارض مع ما هو صحيح وعادل، يجب أن يصبح القائد متحدثاً باسم ما هو حق وعادل، وعندما يعلم القائد حقيقة ما هو صواب، فإنَّه سيؤدي إلى الاقتناع بأنَّه عليه مشاركة هذه الحقيقة مع الآخرين، تثير القناعات النقاشات غالباً.

2. صحيحة وصادقة:

لأنَّ كلمات القائد مهمة، فيجب أن يكون الكلام صحيحاً وصادقاً، ليس من الحكمة أن يسهب القائد في الحديث عن الشائعات أو المفاهيم أو العبارات الغامضة التي يمكن إثبات خطئها وليس جيداً أن يفعل ذلك؛ حيث عليه أن يكون دقيقاً في كلماته وكلامه، شجع المؤلف مارك توين (Mark Twain) فكرة الدقة في الكلام عندما قال: "الفارق بين الكلمة الصحيحة تقريباً والكلمة الصحيحة هو حقاً مسألة كبيرة - هذا هو الفارق بين اليراعة - حشرة مضيئة - والبرق بحد ذاته".

يجب أن يكون للكلمات غاية دائماً، عندما يتحدث القائد، ينبغي أن يكون المستمع مليئاً بالبصيرة والحكمة؛ حيث يقضي الكثير من القادة وقتاً طويلاً في الحديث دون قول أي شيء من شأنه تغيير من يستمعون، سيكتشف رجال الأعمال الذين يتحدثون أنَّ كلماتهم تحتوي على قيمة أكبر.

إقرأ أيضاً: فن القيادة ومهارات القائد الناجح

3. تشجع السلام والسُّلوكات الصحيحة:

الرؤساء التنفيذيون لديهم القدرة على التأثير من خلال كلماتهم؛ لذلك يجب عليهم التفكير فيها بعناية؛ أي عندما يقول الرؤساء التنفيذيون الحقيقة، فإنَّهم يبنون الأمانة والثقة.

في تعليقات حول مقياس إيدلمان للثقة (Edelman Trust Barometer)، والذي يقيس سنوياً ثقة الجمهور في الأعمال والحكومة والمؤسسات الأخرى، كتب الرئيس التنفيذي والمدير ريتشارد إيدلمان (Richard Edelman): "أنَّ هناك توقعات جديدة لقادة الشركات؛ حيث يقول ما يقرب من 7 من كل 10 مشاركين إنَّ بناء الثقة هو الوظيفة الأولى للمديرين التنفيذيين؛ أي قبل المنتجات والخدمات عالية الجودة.

ويقول ما يقرب من الثلثين من المشاركين إنَّهم يريدون من الرؤساء التنفيذيين أن يأخذوا زمام المبادرة في تغيير السياسة بدلاً من انتظار الحكومة، التي تحتل الآن مرتبة أدنى بكثير من ثقة الشركات في معظم الأسواق، هذا هو الوقت المناسب للشركات لمعالجةِ ركود أجور الطبقة العاملة على مدار العقدين الماضيين مع الإقرار بالحاجة إلى إعادة تدريب الموظفين الذين على وشك أن تحل الأتمتة محلهم".

يستمتع العديد من القادة بحقيقة أنَّ كلماتهم غالباً ما تثير الأفعال، ومع ذلك، سيأخذ القائد الحكيم بالحسبان ما إذا كان هذا الإجراء هو الإجراء الصحيح، غالباً ما يتفوق الموظف الذي يمكنه الوثوق بكلمات قائده على الموظف الذي يتبع دائماً كلمات قائده الغريبة والمشحونة بالعواطف.

4. تُظهر للآخرين الحكمة:

في كتابه "صناع النجاح: علم الرواج الشعبي في عصر تشتت الانتباه" (Hit Makers: The Science of Popularity in an Age of Distraction)، يقول الكاتب ومؤلف الكتاب ديريك طومسون (Derek Thompson) "إنَّ جميع كتبي المفضلة تؤدي هذه الحيلة، في البداية، يبدو أنَّها تنقلني إلى حياة أخرى ولكنَّها في نهاية المطاف تجعلني أغوص في أعماق نفسي؛ حيث إنَّني أنظر من النافذة إلى منزل شخص آخر، لكنَّ وجهي هو الذي أراه في الانعكاس".

ليست مهمة القائد كسب النقاش؛ بل كسب النفوذ، يجب ألا يتعب القائد أبداً من التواصل مع الآخرين بالإحسان والرحمة اللَّذَين يساعدان على توجيه شخص آخر إلى تفكير أعمق؛ حيث يقول المثل القديم: "كلام الطائش يجرح كالسيوف ولسان الحكيم يجلب الشفاء"، في أوقات الأزمات والصعوبات، يجب أن يكون صوت القائد ذا قيمة؛ حيث يُطلب من القادة التحدث بحكمة وبصيرة.

المصدر




مقالات مرتبطة