متوسط العمر المتوقع لا يزيد من جودة الحياة

يميل البشر إلى الخوف عندما يفكرون في متوسط ​​العمر المتوقع؛ وذلك ربما لأنَّهم يواجهون واقع أنَّ هذا هو الوقت المُتوقَّع لهم للبقاء على قيد الحياة، ومن ثم عليهم أن يواجهوا موتهم، لكن بالنظر إلى التجاعيد على وجهي، أعلم أنَّها مناسبة لي، فلا يمكن تجنُّب الموت لكن يمكن تأجيله، ويرجع الفضل في ذلك إلى حدٍّ كبير إلى العلم والتكنولوجيا، وهذا أيضاً شيء لا يمكننا تجنُّبه؛ إذ ارتفع إجمالي متوسط ​​العمر المتوقع من أقل من 50 عاماً، في عام 1950 إلى ما يقرب من 70 عاماً حالياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثُنا فيه عن كيفية أنَّ متوسط العمر المتوقع لا يزيد من جودة الحياة.

بالنسبة إلى البلدان المتقدمة، فقد أصبح من 65 عاماً في عام 1950 إلى أكثر من 80 عاماً اليوم، و80 عاماً تبدو كأنَّها الكثير من الوقت لتفعل كل شيء، أليس كذلك؟ ومن المريح بعض الشيء أن ترى خطَّ النهاية وتستخدمه بوصفه محفزاً؛ أي مواجهة الأمر.

بحلول الوقت الذي يموت فيه أي شخص يقرأ هذا لأسباب طبيعية، من المحتمل أن يكون العمر المتوقع قد وصل إلى أكثر من 100 عام في البلدان المتقدمة؛ أي يمكننا استخدام الرقم 100 بأمان كمعيار لمتوسط ​​العمر؛ لذا إنَّ متوسط ​​العمر المتوقع سيرتفع في النهاية بنحو 53% في أقل من 100 عام، وإذا أردنا العودة إلى الوراء، فسنجد المزيد من الأرقام المذهلة.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع تغيّرات الحياة المفاجئة؟

سنوات الذروة في حياتنا:

كل ما نحتاج إلى معرفته هو: لقد زاد متوسط ​​العمر المتوقع، وما يزال مستمراً في الازدياد، ومع ذلك، فإنَّ سنوات الذروة في حياتنا لم تأتِ بعد، وعندما أتحدث عن سنوات الذروة؛ أعني سنوات الذروة الجسدية "اللياقة البدنية"، وبالنظر إلى الرياضيين، من الآمن أن نقول إنَّ سنوات الذروة لأي شخص تتراوح ما بين 26 إلى 35 عاماً.

هذا لا يعتمد على العلم؛ بل مجرد منطق، وارجع في الزمن وانظر إلى أفضل سنوات الرياضيين من أي عصر، وستكون على الأرجح بين تلك الحدود؛ وهذا يعني أنَّه في عام 1950 كانت سنوات الذروة تقريباً في منتصف حياتك، وهي قدرتك على الاستمتاع بوقتك على الأرض.

مع ذلك، بينما ما تزال سنوات الذروة الخاصة بك تحدث في نفس الوقت، يستمر متوسط ​​العمر المتوقع في الزيادة؛ وهذا يعني أنَّه إذا كان المنطق السابق صحيحاً، فإنَّه في حين أنَّ متوسط ​​طول العمر قد زاد، إلَّا أنَّ متوسط ​​الجودة على مدار حياة الشخص بالكامل لم يُعوَّض.

شاهد بالفيديو: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

متوسط العمر المستقبلي:

إذاً، كيف يمكننا تحسين نوعية حياتنا؛ إذ نستمر في العيش حتى عامنا الـ 100؟ وفي حين أنَّ الرقم 100 قد يبدو عمراً كبيراً، عندما تفكر في أنَّ الكون كبير جداً لدرجة أنَّه يقيس الثواني بآلاف السنين، فإنَّك تبدأ بإدراك أنَّ قرناً ليس وقتاً طويلاً، ومع كل التقنيات لتحسين صحتنا الجسدية، فإنَّ سنوات الذروة لدينا لن تتغير أبداً، لكن اليوم، يمكننا الاعتماد عليها، ويمكننا أيضاً الاعتماد على حقيقة أنَّ منع أيَّة وفيات غير طبيعية، سيتيح لنا العيش حتى سن الـ 100؛ إذاً، كيف نزيد من جودة الحياة قبل وبعد سنوات الذروة المادية، دون أن نكون في ذروتنا الجسدية؟

من الواضح أنَّنا لسنا مضطرين إلى قياس جودة حياتنا على أدائنا البدني وحده، وبدلاً من ذلك، يجب أن نعرِّف الجودة على أنَّها الشيء الذي يمنح حياتنا المعنى الأكبر في مرحلتنا الحالية، ثم نستمتع بهذه المرحلة وفقاً لذلك، ومع الدخل الإضافي والعمل عن بُعد أصبحت الحياة أسهل.

لا يوجد سبب يمنعنا من الحصول على جودة كاملة لحياتنا من سن 1 إلى 100؛ وذلك لأنَّه - بصرف النظر عن المرحلة أو الموسم الذي تعيش فيه - من الهام والممكن تحقيق أقصى قدر من هذه المرحلة، فإن كنتَ في المدرسة الثانوية أو الكلية، فكُن طفلاً وشاباً بالغاً غير مستقر عاطفياً، واستمتع واخدش ركبتيك وافقد الحب، وابحث عنه مرة أخرى وافقده مرة أخرى وكرر العملية برمتها وتعلَّم منها، وجرِّب أشياء جديدة، واكتشف ما يعجبك وما لا يعجبك ولماذا قد يعجبك أو لا يعجبك؛ ففي هذه المرحلة، الأمر كله يتعلق باكتشاف الذات.

إن كنتَ في العشرينيات أو الثلاثينيات من عمرك، فهذه هي السنوات التي تضع فيها أساساً متيناً بناءً على ما تعلمته في مرحلتك السابقة، فأنت تفهم الآن أهمية النمو الشخصي، فاذهب إلى الصالة الرياضية واقرأ كتاباً ووسِّع شبكتك وأسِّس شركة، وافشل واكتشف سبب فشلك، وما إذا كان الأمر يستحق الفشل مرة أخرى، ومن ثم أعِد المحاولة وافشل وتعلَّم من تجربتك، وابحث عن المهارات واحتياجات السوق وتابعها.

أما إن كنتَ في السبعينيات أو الثمانينيات من العمر، فهذه المرحلة من الحياة هي مرحلة التأمُّل الذاتي وتقوية الروابط بين مَن تحبهم، فهل يمكنك إدارة الشركة عندما تبلغ من العمر 80 عاماً؟ هذا أمر ممكن.

هل يمكنك جرح ركبتيك؟ ربما يكون ذلك ممكناً لكن في الغالب لا، فقد أنجزتَ جميع الإنجازات الجسدية والاجتماعية التي كنت ترغب فيها في المراحل السابقة من الحياة، ولقد أنشأتَ عائلة ناجحة واهتممت بها وحملت أحفادك وأقمت سهرات عائلية.

أنا لا أبلغ من العمر 80 عاماً، لكن يمكن القول إنَّ شخصاً ما في العقد السابع أو الثامن من حياته يتمتع بنوعية حياة أعلى من أي شخص في العشرينيات أو الثلاثينيات من عمره، فهل من شيء أروع من رؤية الجيل الثاني أو الثالث من أحفادك يحقق الإنجازات في الحياة؟

إقرأ أيضاً: 22 حقيقةً يصعب سماعها عن الحياة، لكنها ستجعلك شخصاً أفضل

في الختام:

من الهام أن تفهم أنَّ سنوات الذروة الجسدية لا ترتبط مباشرة بنوعية حياتك، ومع زيادة متوسط ​​العمر المتوقع، سنحتاج إلى إيجاد طرائق أخرى لزيادة جودة حياتنا، ومن خلال تحديد الأهداف أو الإجراءات أو الأشياء التي ستعطي لحياتك المعنى الأكبر في مرحلتها الحالية والتركيز فيها ثم متابعتها، تضمن الاستمتاع بنوعية حياة عالية بصرف النظر عن متوسط ​​العمر المتوقع.

المصدر




مقالات مرتبطة