ما هي القراءة السريعة؟ وكيف تتعلمها؟

هل لديك نهم للقراءة، لكنَّك لا تجد لها وقتاً؟ إذاً فالقراءة السريعة مهارة يجب تعلمها في حياتك، وإن أنت رغبت في تعلم القراءة بشكلٍ أسرع واستيعاب المعلومات دون نقصان، فتابع معنا قراءة هذا المقال الذي نطرح فيه تقنية تعلُّم القراءة السريعة الفعالة، متطرقين لجميع النقاط حولها:



ما هي القراءة السريعة؟

يمكن للشخص الراشد أن يقرأ وسطياً ما بين 200 - 300 كلمة في الدقيقة؛ في حين تزيد مهارات القراءة السريعة من وتيرة قراءتك إلى ما يقارب 1500 كلمة في الدقيقة، وعلى الرغم من أنَّك قد ترى أنَّ الرقم مبالَغٌ فيه، إلَّا أنَّك تستطيع تحقيقه.

لتعلُّم كل شيء يخص هذه المهارة وفهم آليتها، عليك أولاً أن تعرف كيف تسير عملية القراءة داخل دماغ الإنسان.

عملية القراءة:

الخطوة الأولى في عملية القراءة هي نظرة العينين إلى كلمة ما، ويستغرق هذا التركيز على كل كلمة حوالي 0.25 ثانية؛ بعد ذلك، تأخذ في نقل عينيك إلى الكلمة التالية، حيث يستغرق الدماغ 0.1 ثانية للانتقال من كلمة إلى أخرى بجوارها، ويُسمى هذا بـ "حركة العين الرمشية" (Saccade).

يستوعب ذهنك عادةً 4-5 كلمات، أو حتى جملة في نفس الوقت، بعد كل التركيز والحركة الرمشية، يمحِّص الدماغ العبارة بأكملها مرة أخرى بغية معالجة المعنى، ويستغرق ذلك حوالي نصف ثانية.

عموماً، هذا يعني أنَّ الأشخاص العاديين يقرؤون من 200 إلى 300 كلمة في الدقيقة.

تسريع عملية القراءة:

يتمثل مفهوم القراءة السريعة، في تسريع هذه العملية بمقدار 5 أضعاف على أقل تقدير. وطالما أنَّه من غير الممكن اختصار زمن الحركة الرمشية أكثر من ذلك، تركز القراءة السريعة على تسريع عملية التركيز.

لتحقيق ذلك، يوصي العلماء بأن نتجنب القراءة الصامتة: وهي أن ننطق الكلمات ضمنياً في أذهاننا حتى حينما نقرأ بصمت.

تعدُّ القراءة السريعة تقنيةً للنظر إلى الكلمات فقط بدلاً من القراءة الصامتة؛ لكن احذر الخلط بينها وبين التصفُّح السريع، فعندما يتصفح القارئ نصاً ما، فإنَّه يتخطى الأجزاء التي يعتبرها دماغه غير ضروريةً، وقد تضيِّع عليك هذه العملية معلومات هامةً، إضافةً إلى أنَّ التصفُّح السريع يمنع الدماغ من اختزان المعلومات التي قرأها.

شاهد بالفيديو: كيف يقرأ الأذكياء؟ 5 نصائح تساعدك على القراءة بذكاء

أهمية القراءة السريعة:

لا تختصر عليك القراءة السريعة الوقت فحسب؛ بل تجعل قراءتك أكثر فاعلية، فتوفر هذه المهارة عليك كثيراً من الوقت دون إغفال أيَّة معلومات.

وقد ثبت دورها في تحسين الذاكرة، فتعزز القراءة السريعة أداء الدماغ، مما يسمح للقارئ بتذكر معلومات أكثر من ذي قبل؛ كما تعمل القراءة السريعة على استقرار حالة الدماغ، مما يضمن معالجة المعلومات أسرع، وبكفاءة أكبر.

قد تشك في صحة ذلك؛ لكن تساهم هذه التقنية في تحسين التركيز أيضاً، وتحد من تأثير عوامل التشتيت، نظراً لتلقي الدماغ كثيراً من المعلومات أثناء القراءة السريعة، فيركز الدماغ فقط على الوظيفة التي بين يديك.

تخيَّل الدماغ عضلةً تحتاج إلى التدريب الدائم كغيرها من العضلات لتحافظ على قوتها، لذا تعد عملية القراءة السريعة بمثابة تمرين فعال.

يحسِّن الدماغ ذو التركيز العالي التفكير المنطقي، فعندما يعتاد دماغك على تلقي وتنظيم كثير من المعلومات بسرعة، تُسرَّع عملية تفكيرك، وبمجرد أن تصادفك مشكلة، سيعمل عقلك بسرعة على حلها بفاعلية، وستكون قادراً على استرداد المعلومات المخزنة، ومعرفة الروابط والتوصل إلى حلول جديدة، كل ذلك في غضون ثوانٍ!

الفوائد العظيمة للقراءة السريعة:

كلما ازدادت صحتك العقلية، جرت الأمور لمصلحتك في نواحٍ أخرى من حياتك، أحدها تعزيز تقدير الذات.

يساعدك استيعاب المعلومات بوتيرة أسرع، على اكتشاف مزيد مِن الفرص المحيطة بك، كما تساعد القدرة على فهم المعلومات العميقة خلال مدة زمنية أقصر، على تعزيز ثقتك بنفسك دون مجهود يُذكر؛ وعلاوةً على ذلك، تخفف جميع الفوائد المذكورة أعلاها حدة التوتر لديك.

ومع كل هذه المزايا، ستغدو صحتك العاطفية أفضل من أي وقت مضى، وستتراجع مستويات التوتر، نظراً لتعلم عقلك معالجة المشكلات بكفاءة، وستحظى بفضل القراءة السريعة بنمط حياة مريح وخالٍ من التوتر.

إقرأ أيضاً: 8 أسباب تُوضح لك لماذا يجب أن تُتقن القراءة السريعة

كيف تتعلم القراءة السريعة؟

لا تستهن بمهارة القراءة السريعة، ولحسن الحظ، تلك مهارة يمكن تعلمها على عكس المهارات الأخرى. تختلف التقنيات التي يمكن استخدامها لإتقان هذه المهارة، وفيما يلي بضعٌ منها فاختر الأنسب لأسلوب التعلم خاصتك:

1. طريقة المؤشر:

ابتكرت "إيفلين وود" (Evelyn Wood)، المرأة التي يُعزا إليها الفضل في الترويج للقراءة السريعة، طريقة المؤشر: وهي تقنية بسيطة يستخدم فيها القارئ السبابة لتتبع النص الذي يقرأه.

بينما يتحرك الإصبع، يتحرك الدماغ باتساق معه، فتساعد هذه التقنية الفعالة على الإبقاء على تركيز العينين حيث يذهب الإصبع، دون تشتت. يميل القراء إلى الرجوع في القراءة للخلف؛ في حين تساعد طريقة المؤشر على تجنب حدوث ذلك، وبالتالي تختصر وقت القراءة إلى نصف على أقل تقدير.

2. طريقة المسح البصري:

في هذه التقنية، تتحرك عينا القارئ على طول جزء واحد فقط من الصفحة، كأن يكون الجانب الأيسر أو الأيمن، ولكنَّه عادةً ما يكون المنتصف كونه الأكثر ملاءمةً؛ فبدلاً من التنقُّل عبر النص بأكمله من اليمين إلى اليسار، تنتقل الرؤية من أعلى إلى أسفل.

تعتمد هذه الطريقة بالتركيز على الكلمات المفتاحية، مثل الأسماء أو الأشكال أو غيرها من المصطلحات دون غيرها، وبالتالي تتراجع الحركة الرمشية للعين.

3. توسيع مجال الإدراك:

يركز القارئ عموماً على كل كلمةٍ وحدها؛ بينما تشجع هذه التقنية الدماغ على قراءة مجموعة من الكلمات بآن واحد، مما يعزز الرؤية المحيطية للقارئ (peripheral vision).

الفكرة هي أنَّه على الرغم من أنَّ المدة التي تحتاج إليها للتركيز وتوسيع مجال الإدراك هي نفسها؛ لكن يتضاعف عدد الكلمات التي تركز عليها العين، ويتلقى الدماغ أساساً معلومات أكثر بخمسة أضعاف خلال الفترة الزمنية نفسها.

إتقان هذه التقنية هو الأصعب وتستغرق معظم الوقت للتعلم، لذلك جرب استخدام أدوات القراءة السريعة من أجل ممارسة طريقة توسيع مجال الإدراك؛ لكنَّك وبمجرد إتقان هذه التقنية، ستضمن زيادة وتيرة قراءتك، واكتساب أكبر كمًّ من المعرفة.

إقرأ أيضاً: 10 طرق تسهّل تعلّم القراءة السريعة

أفضل تطبيقات القراءة السريعة:

استفد من هاتفك الذكي الذي بين يديك، ليكون لك أداةً مساعدةً للقيام بالعمليات في أي مجال يخطر ببالك.

يمكنك أن تتعلم استخدام تطبيقات الهاتف المحمول لتعلم القراءة السريعة في وقت فراغك، وقد تبيَّن أنَّ ممارسة القراءة السريعة بانتظام هي أسرع طريقة لتعلم هذه المهارة. فيما يلي بعض التطبيقات الرائعة لتعلُّم القراءة السريعة:

1. ريدي (Reedy):

في حال امتلاكك هاتفاً ذكياً يعمل بنظام أندرويد (Android)، فيمكنك تنزيل تطيبق ريدي (Reedy) عليه، أو تحميله كإضافة على متصفح كروم (Chrome) على حاسوبك المحمول للاستمتاع بالقراءة السريعة.

يدرِّب هذا التطبيق القرَّاء على القراءة بشكلٍ أسرع، عن طريق عرض الكلمات واحدةً تلو الأخرى على الشاشة؛ بدلاً من الاضطرار إلى تتبع الأسطر أو النصوص الطويلة، يدرِّب تطبيق ريدي (Reedy) المستخدِم على التركيز على كلمة واحدة في كل مرة.

قد لا تكون هذه عمليةً فعالةً لتعلم قراءة النصوص الطويلة بسرعة، إلا أنَّها طريقة عظيمة للبدء.

2. ريدمي (ReadMe!):

يمكنك تحميل التطبيق على كل من نظامي التشغيل "أندرويد" (Android) أونظام "آي أو إس" (iOS) لهاتف الآيفون، ويتضمن هذا التطبيق بعض الخيارات المرتبطة بالكتب الإلكترونية للتدرُّب على القراءة السريعة.

ابدأ باختيار حجم الخط الذي تريد واللون وطريقة العرض وغيرها من الخيارات، إضافةً إلى كثير من أوضاع القراءة المختلفة التي تمنح المستخدم حرية الاختيار بينها.

اختر وضع القراءة المركَّزة (focused reading mode) في حال رغبت في ممارسة القراءة جملة بجملة، أو فقرة قصيرة تلو فقرة. يغيِّر وضع قارئ الخط المباشر (beeline reader mode) لون النص، لتوجيه العين للقراءة من البداية إلى النهاية بوتيرة معينة.

وأخيراً يمكنك اختيار وضع الرش (spritz)، الذي يركز فيه التطبيق على مجموعة كلمات دفعةً واحدةً، مما يسمح بالتحكم بالرؤية المحيطية للقارئ؛ لكنَّ هذا الوضع غير موجود بالكامل في الإصدار المجاني من التطبيق.

3. سبريدر (Spreeder):

يكمنك تحميل التطبيق على كل من نظامي التشغيل "أندرويد" (Android) أو أونظام "آي أو إس" (iOS) لهاتف الآيفون، كما بإمكان المستخدمين الاستفادة من موقع سبريدر (Spreeder) الإلكتروني، حيث يتيح هذا التطبيق للقارئ لصق أي نص يرغب فيه وقراءته بسرعة.

يبدأ التطبيق بسرعة منخفضة إلى حدٍّ ما، فتومض الكلمات واحدةً تلو الأخرى، وتزداد السرعة تدريجياً كلما اعتاد المستخدم التطبيق؛ وهو يُدرّب المستخدم على القراءة السريعة بتأنٍّ، دون أن يضطر إلى تخطي أيَّة كلمة.

يختلف هذا التطبيق عن البقية، كونه يتتبع تقدم قراءة المستخدم، ويسجل وقت القراءة الإجمالي والسرعة.

إقرأ أيضاً: أفضل تطبيقات قراءة الكتب الإلكترونية للهواتف المحمولة

الجدل المحيط بسرعة القراءة:

لا زالت القراءة السريعة موضع شك رغم محاسنها؛ فمن الصعب تصديق أنَّ بإمكان شخص الوصول إلى هذه الوتيرة السريعة دون تأثر جودة المعلومات التي يتلقاها.

ربما نتيجةً لذلك، هناك أشخاص لا يثقون في عملية القراءة السريعة؛ لأنَّهم يعتقدون أنَّ سرعة القراءة تؤثر على جودة الفهم.

لكن في الحقيقة، لن تستفيد من القراءة السريعة إن لم تفهم النص الذي بين يديك، بغضِّ النظر عن السرعة التي تقرأ بها.

وبالمثل، فلن تستفيد شيئاً إذا كنت تقرأ ببطء ولم تختزن المعلومات التي تقرأها أو تستوعبها.

ومع ذلك، هناك بعض العوامل التي يجب مراعاتها هنا، فقد تعطي القراءة بوتيرة طبيعية وقتاً زائداً بين كل خطوة من العملية، فيتشتت انتباه الدماغ.

في حين تستحوذ القراءة السريعة على جلِّ تركيزك فلا يلهيك شيء؛ وعلى عكس التصفُّح السريع، لا تسمح لك بتخطي أي جزء من النص، مما يدل على أنَّ الدماغ يتلقى جميع المعلومات دون نقصان.

الخلاصة:

إن استوعبت تقنية القراءة السريعة، فستختفي جميع شكوكك حول كونها خدعةً أو تقنيةً فاشلةً، وقد حظيت هذه التقنية بمباركة العلم، واستخدم العديد من القراء هذه المهارة لتحسين قدرتهم على التعلم واستيعاب القراءة؛ حتى ولو كانوا يقرؤون لمجرد التسلية.

لكن في النهاية يعود القرار لك فيما إن أردت الوثوق بهذه العملية أم لا، ومع ذلك، ثق أنَّ القراءة السريعة ستفتح أمامك أبواباً كثيرةً، وتتيح لك فرصاً تنتظرك لاستثمارها.

نحن نعيش اليوم في عالم متسارع يتطلب منا اللحاق بالركب وإلا لن ننجو، لذا يساعدك اكتساب المعلومات بوتيرةٍ أسرع على مواكبة هذه الوتيرة وتحقيق المزيد من النجاح.

 

المصدر




مقالات مرتبطة