ما هي الرفاهية الاجتماعية؟ وكيف يمكن تحسينها؟

اهتمت بلدان العالم سواء المتقدمة منها أم حتى النامية بالسعي إلى تحقيق رفاهية مواطنيها ولو كان ذلك بنسب متفاوتة بين الدول وكل منها حسب وضعها الاقتصادي الذي تعيشه، فكثيراً ما يتبادر إلى مسامعنا مصطلحات مثل الحماية الاجتماعية والرفاهية الاجتماعية أو الكفالة الاجتماعية أو دولة الرفاه.



وعلى الرغم من الاختلاف في الكلمات، لكن يوجد اتفاق واضح في المعنى؛ إذ يقصد بها النظام الذي يُقدَّم للأفراد جميعاً - لا سيما المحتاجين والمهمشين - المساعدة وكافة الخدمات التي يحتاجونها معتمدة في ذلك على سياستها الاجتماعية وآليات تنفيذها.

السياسة الاجتماعية للحكومات قائمة على أساس وجود عقد اجتماعي بين الدولة والمواطنين يتم من خلال الوصول إلى اتفاق يتضمن الحقوق والواجبات التي تكون مقبولة من قِبل الطرفين بحيث تتضمن المساواة وعدم الإقصاء لأيَّة فئة أو تهميشها وأي شيء آخر يمكن أن يصل بالمجتمع إلى التفكك وحلول النزاعات بين أفراده وطبقاته المختلفة.

تعريف الرفاهية الاجتماعية:

غالباً ما يكون استخدام مصطلح الرفاهية الاجتماعية للإشارة إلى الدولة التي تتوسع بتقديم الخدمات الاجتماعية لمواطنيها بما يضمن أعلى قدر من المساواة وتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والتوزيع المتساوي للثروة والمساواة في الفرص المتاحة والمسؤولية العامة عن الأفراد غير القادرين على العيش ضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة والعادلة.

1. الأمم المتحدة:

مجموعة متسقة من النشاطات والبرامج الموجهة نحو الخدمات الاجتماعية لتحسين حالة المجتمع المحلي والفرد.

2. الرفاهية:

حالة تمس حياة الفرد والجماعة وتعمل على إشباع الحاجات البيولوجية الأساسية للإنسان من مأكل وملبس ومسكن، والحاجات التي تطلبها الحياة الاجتماعية مثل التعليم والخدمات الطبية والأمن الاجتماعي، وبعضهم يوجز هذه المتطلبات كلها بالقول إنَّ الرفاهية هي تحقيق مستوى لائق للمجتمع في وجوه حياته جميعاً.

3. الرفاهية:

مصطلح يدل على السعادة ورغد العيش.

4. الرفاهية:

هي نشاطات مؤسسية وبرامج تهتم بالمشكلات الاجتماعية كالفقر أو توفير فرص التعليم أو تأمين الرعاية الصحية أو تأمين فرص العمل ومحاربة البطالة وبرامج العناية بالفئات المحتاجة كالمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والمتقاعدين وبرامج خاصة بالمرأة وقضية تمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وفي كافة المجالات الأخرى.

كيف يتم بناء نظام لتحقيق الرفاهية الاجتماعية في المجتمع؟

1. الحالة الاقتصادية للدولة:

يتميز الوضع الاقتصادي لكل دولة بمجموعة فريدة ومتميزة من الظروف والأوضاع التي يمكن لها أن تزيد أو تقلل من فرص وجود برامج تدعم تحقيق الرفاهية الاجتماعية؛ إذ تُصمم هذه البرامج والنشاطات بناءً على الوضع الاقتصادي والمالي الموجود في المجتمع.

2. أولويات الدولة:

تعمل كل دولة على ترتيب وجوه إنفاق أموالها بما يتماشى مع حاجاتها الأساسية؛ إذ ترتب تلك الأولويات من الأكثر أهمية وصولاً إلى الأقل أهمية بينها، وبناءً عليه تعمل على تنفيذ البرامج المعدة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية، كما تقوم بترتيب الأفراد الذين يحتاجون إلى هذه البرامج من خلال معايير عدة، مثل حالة الفرد الصحية والعمر والحالة التعليمية والوضع الاقتصادي وقربه أو بعده عن المستوى الذي تَعُدُّه الدولة مقبولاً وغير ذلك.

شاهد بالفديو: 7 طرق للتغلب على الظروف الاقتصادية العصيبة

أهداف الرفاهية الاجتماعية:

  1. ضمان حق المواطن في الإقامة والعناية بما يتفق مع صون الكرامة الإنسانية.
  2. توفير الخدمات الاجتماعية وتحقيق الدخل الآمن.
  3. تقديم الرعاية والدعم والمساندة إلى الأفراد والأسر المحتاجة.
  4. تمكين الأفراد من المساهمة والمشاركة الفعالة في حياة المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
  5. تحقيق المساواة بين الجنسين.
  6. زيادة المساواة لتحقيق سعادة الجميع.
  7. معالجة مشكلة التهميش الاجتماعي لفئات أو أفراد محددين.
  8. علاج المشكلات الاجتماعية التي تحد من تحقيق الرفاهية مثل مشكلات البطالة والفقر والحرمان من التعليم.
  9. تحقيق النمو المتوازن بين قطاعات النشاطات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع.
  10. تحقيق السلام الاجتماعي في المجتمع.
  11. حماية حقوق الأفراد الاجتماعية مثل ضمان الحصول على التعليم الجيد ورعاية المرضى.
  12. تحقيق العدالة الاجتماعية عند توزيع الفرص وخيرات المجتمع بصرف النظر عن الجنس والأصل.
  13. يجب على الدول المضي في رحلة التنمية وتعزيز العلاقات مع الدول الأخرى من أجل إحلال السلام أولاً وضمان شعور مواطنيها بالأمن والأمان ثانياً وتحقيق الرفاهية ثالثاً.
إقرأ أيضاً: التطور والنهضة العمرانية وتأثيرها على المجتمع

كيف يتم تحقيق الرفاهية الاجتماعية؟

  1. إعادة النظر في جميع القرارات المؤثرة في الوضع الاجتماعي مثل السياسات البيئية والعمالة والإسكان والتعليم وسواها.
  2. تحقيق التعاون بين مختلف الأجهزة المعنية بالرعاية الاجتماعية والتخطيط لتحقيق التنمية في المجتمع، الأمر الذي ينعكس انعكاساً أفضل على تحقيق الاستثمار الأمثل للإمكانات والموارد المتاحة البشرية والمادية والتنظيمية الموجودة.
  3. إعادة توزيع الأموال والفرص؛ إذ تحصل الدول على تمويل البرامج الداعمة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية من خلال ما يدفعه المواطنون من ضرائب ورسوم؛ لذا يجب أن تحرص الدول على تطبيق مبدأ "من لديه أكثر يستطيع أن يدفع أكثر"؛ إذ يجب توزيع الأعباء الاجتماعية بحسب استطاعة كل فرد ووضعه الاقتصادي.
  4. إحلال العدالة، ولكنَّ العدالة هنا لا تعني أن يحصل كل فرد على ما يريد؛ بل أن يحصل على ما يحتاج فعلاً ويضمن له حياة كريمة، وبمعنى أدق أن يحصل من لديه القليل من مقومات الحياة على مساعدات إضافية، بينما يجب على من لديه الكثير أن يدفع شيئاً مما لديه.
  5. تحقيق المساواة؛ أي التوزيع المتساوي في كل شيء دون أي تمييز بين فرد وآخر، فالجميع يجب أن يخضع للقانون ويقف أمامه، والجميع يستحق الحصول على فرصة التعلم، والجميع يستحق أن يحظى بالرعاية الصحية وأن يمارس كافة حقوقه، مثل التصويت في الانتخابات مثلاً أو الحصول على حماية الدولة أينما وُجد أو الحصول على بدل البطالة وغير ذلك.
  6. إعداد برامج محاربة البطالة؛ إذ يجب على الدولة تأمين فرص عمل لشبابها بالشكل الذي يجعل منهم عناصر فعالة ضمن المجتمع ومستقلين مادياً، كما يوجد عدد كبير من أفراد المجتمع يعانون من البطالة وربما لا تكون الدولة قادرة على تأمين فرص العمل للجميع بالأجر المناسب لهم؛ لذا يجب عليها إعطاء هذه الفئة تكاليف المعيشة الأساسية بالشكل الذي يضمن لهم حياة كريمة ووقايتهم من السلوكات المنحرفة والضارة بهم وبالمجتمع في نفس الوقت.
  7. إعداد برنامج لتقديم الرعاية الصحية للأفراد الأكثر احتياجاً إليها، إضافة إلى ضرورة حصول أفراد المجتمع على التأمين الصحي.
  8. اتخاذ الأداء معياراً في المجتمع، على سبيل المثال توجد ضرورة حتمية في تأمين فرص التعليم للجميع، لكن يجب أن يتخذ من معيار الأداء أساساً في الدخول إلى قسم بعينه، فالدرجات هنا هي التي يجب أن تؤدي دوراً رئيساً وليس أي شيء آخر.
  9. إعداد برنامج خاص برواتب المتقاعدين؛ إذ إنَّ فئة المتقاعدين فئة حساسة من جهة التعامل معهم، فإنَّهم قدموا جهداً كبيراً وخدمات عديدة للدولة في أثناء مسيرة عملهم؛ لذا يجب عليها إحاطتهم بعناية خاصة، فمن حق هؤلاء الحصول على راتب تقاعدي يضمن لهم العيش الكريم، أما من هو في سن التقاعد ولم يكن ضمن فئة الموظفين فيجب أن يحصل على مساعدات اجتماعية تكفيه للعيش.
  10. إعداد برامج خاصة بتوفير التعليم ومتطلباته لجميع الأعمار وضرورة التأكد من حصول جميع الأطفال عليه، ولا يكون ذلك عن طريق تقديم الأموال لهم؛ بل عن طريق تقديم الخدمة كاملة لهم بشكل مجاني.
  11. تحسين دخل الفرد والأسرة، فمن المعروف أنَّ هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع دخل الأسرة وتحقيق مستويات أعلى من الرفاهية وأنَّ مستويات السعادة تبدأ بعد تحقيق مستوى معين من الدخل.
  12. تسهيل حصول الأفراد على المسكن سواء عبر توفيره من خلال أقساط مريحة أم تقديم قروض أم غير ذلك، فامتلاك كل مواطن لمنزل يُشعره بالأمن والسلام يحقق مستوى عالياً من رفاهية المجتمع.
  13. تعزيز موارد المجتمع المادية والبشرية لمصلحة البعد الاجتماعي في الدولة.
  14. تقديم المساعدات الغذائية للفئات الأكثر حاجة مثل النساء الحوامل والأطفال في سنواتهم الأولى.
  15. تقليص التفاوت الكبير في المدخول والثروات التي تمزق المجتمع، ووضع الآليات المناسبة لإعادة توزيع الثروة بحيث يضمن التقارب بين الطبقات الذي بدوره يحقق رفاهية المجتمع.
  16. نشر ثقافة الالتزام بالقوانين والمعايير الأخلاقية السائدة في المجتمع.
  17. تشجيع الأعمال الخيرية والعمل التطوعي الخاليين من مفهوم الربح، وهذا له آثار إيجابية في حياة الفرد خصوصاً وحياة المجتمع عموماً، فهذه الأعمال تمثل أكبر داعم للدولة في تحقيق رفاهية المجتمع.
إقرأ أيضاً: عمل الخير وآثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع

في الختام:

يقول "كارل ماركس": "عندما يُعطي كل شخص بحسب قدرته ويأخذ كل إنسان بحسب حاجته، فسيكون حال الجميع بخير"، وفي الواقع تسعى جميع الدول على اختلاف إمكاناتها إلى محاولة تحقيق رفاهية المجتمع والعيش السعيد لأفرادها، وذلك من خلال تحملها للمسؤولية الاجتماعية وجعل كافة المؤسسات والمنظمات والأفراد يتحملونها كذلك.

لذا يجب عليها اتخاذ كافة السبل والتدابير وإيجاد الآليات المناسبة لضمان تحقيق مشاركة عادلة ومنصفة للجميع في الحقوق والواجبات، وكذلك إعداد البرامج الخاصة بالفئات الضعيفة في المجتمع من أطفال ونساء ومتقاعدين ومسنين وذوي احتياجات خاصة وسواهم بهدف تمكينهم اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً بالشكل الذي يضمن تحقيق الرفاهية والعيش الرغيد لهم ولأفراد المجتمع كافة.




مقالات مرتبطة