ما هي الخلايا الجذعية؟ وما هي أنواعها وفوائدها؟ ومن أين تؤخذ؟

من المعروف أنَّ الخلايا الجذعية أحدثت ثورةً هائلة في مجال الطب وعلاج بعض الأمراض والشفاء التام منها، وفي هذا المقال أعزائي القراء سنخبركم عن أهم الأمور المتعلقة بالخلايا الجذعية: ما هي؟ وما أنواعها؟ والفائدة منها؟ ومن أين تؤخذ؟ وغير ذلك، فتابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هي الخلايا الجذعية؟

تُعد الخلايا الجذعية بمثابة المواد الخام في الجسم، كما أنَّها خلايا غير متخصصة يمكن أن تتولد منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة في حال توافرت الظروف الملائمة سواء في الجسم البشري أم في المعمل؛ حيثُ تنقسم لتشكل العديد من الخلايا التي تدعى بـ "الخلايا الوليدة"، وهذه الخلايا إما أن تتجدد ذاتياً لتعطي خلايا جذعية جديدة، أو تتمايز لتعطي خلايا متخصصة ذات وظيفة محددة، مثل: خلايا الدماغ، أو خلايا الدم، أو الخلايا العظمية، أو خلايا عضلة القلب، أو خلايا أخرى ذات وظيفة معينة.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه لا توجد خلايا أخرى في الجسم تمتلك القدرة الطبيعية على توليد أنواع جديدة من الخلايا.

ما هي فوائد الخلايا الجذعية؟

  1. تفتح دراسة الخلايا الجذعية الطريق أمام فهم كيفية الإصابة ببعض الأمراض.
  2. تستخدم الخلايا الجذعية في إصلاح وتجديد الخلايا والأنسجة المتضررة في الجسم.
  3. يمكن أن يفيد العلاج بالخلايا الجذعية المصابين بالسكري من النوع الأول، ومرض باركنسون، والذين تعرضوا لإصابة في النخاع الشوكي، والسرطان، وعلاج الندوبات الحروق، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والزهايمر، والفصال العظامي، والعيوب الخلقية، والتوحد، وإعادة نمو الشعر لمن يعاني من الصلع، وعلاج مشاكل العيون.
  4. يمكن استخدام الخلايا الجذعية في تطوير بعض الأنسجة لاستخدامها في زراعة الأعضاء، وهو ما يعرف باسم "طب التجديد".
  5. يمكن فحص فعالية الأدوية وأمانها بتجريبها على الخلايا الجذعية قبل أن يأخذها البشر.
إقرأ أيضاً: التبرع بالكلى: شروطه وأضراره وحكمه الشرعي

ما هي أنواع الخلايا الجذعية؟

1. الخلايا الجذعية البالغة:

يوجد هذا النوع من الخلايا الجذعية في غالبية أنسجة البالغين ولكن بمخزونٍ قليلٍ جداً، حيثُ تقوم بمهمة استبدال الخلايا المفقودة أو الخلايا المعطوبة التي تُفقد فقداناً طبيعياً في الحياة اليومية العادية أو بسبب التعرض لإصابة، مثل: الخلايا الموجودة في الجلد أو الدم.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الخلايا الجذعية البالغة تمتلك القدرة على تكوين أنواع متخصصة من الخلايا مقارنةً مع الخلايا الجذعية الجنينية التي بإمكانها أن تتحول إلى جميع أنواع خلايا الجسم، وذلك لأنَّها متعددة القدرات، أي أنَّ الخلايا الجذعية المسؤولة عن تكوين خلايا الدم والموجودة في نخاع العظم يمكنها تكوين الصفيحات الدموية وخلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، ولكن لا تستطيع تكوين خلايا الدماغ أو الرئة أو الكبد أو غيرها من خلايا أجهزة الجسم المختلفة.

بالإضافة إلى أنَّ استخراج الخلايا الجذعية ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، وذلك بسبب ندرة وجودها في الأنسجة البالغة، ولم يتمكن العلماء من اكتشاف أي طريقة أو وسيلة لجعلها تتكاثر مخبرياً حتى الآن، بينما يمكن زراعة الخلايا الجنينية في المختبر بكل سهولة.

2. الخلايا الجذعية الجنينية:

يُؤخذ هذا النوع من الخلايا الجذعية من الأجنة التي يتراوح عمرها بين 3 إلى 5 أيام فقط، وفي هذه المرحلة يدعى الجنين "كيسة أريمية" ويتكون من 150 خلية تقريباً، وتتميز بأنَّها خلايا متعددة القدرات أي أنَّ كل خلية منها يمكن أن تنقسم إلى العديد من الخلايا الجذعية، أو يمكنها أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم.

تجعل هذه الخاصية الخلايا الجذعية مصدراً لدراسة تطور النمو الطبيعي، ويمكن من خلالها اختبار الأدوية، كما أنَّها تسمح باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية لإعادة تكوين الأنسجة والأعضاء المريضة أو إصلاحها، وبعد أن يقوم العلماء باستخراج الكتلة الداخلية من الخلية البدائية يتم تنمية هذه الخلايا في ظروف مختبرية خاصة مع الحفاظ على خواصها.

3. الخلايا الجذعية المستحثة عالية القدرة:

تمكن العلماء من تحويل الخلايا المنتظمة لدى البالغين إلى خلايا جذعية من خلال استخدام إعادة البرمجة الوراثية، حيثُ تمكن الباحثون من إعادة برمجة الخلايا حتى تصبح مشابهة في وظائفها مع الخلايا الجذعية الجنينية بتغيير الجينات لدى البالغين.

يمكن من خلال هذا الأسلوب الجديد استخدام الخلايا المُعاد برمجتها عوضاً عن الخلايا الجذعية الجنينية، وتفادي رفض الجهاز المناعي للخلايا الجذعية الجديدة، والذي يعد من أهم العقبات في عملية زراعة الخلايا الجذعية، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ العلماء لم يتأكدوا بعد إذا كان استخدام هذه الخلايا المعدلة سيتسبب بحدوث آثار ضارة للبشر أم لا؛ ولكنَّهم تمكنوا من أخذ خلايا النسيج الضام العادية وإعادة برمجتها لتصبح خلايا قلب وظيفية، كما بينت الدراسات أنَّ الحيوانات التي أصيبت بفشل قلبي قد ظهر عليها تحسن كبير في وظائف القلب بعد حقنها بهذه الخلايا.

4. الخلايا الجذعية قبل الولادة:

لقد تمكن العلماء من اكتشاف خلايا جذعية في كلٍ من دم الحبل السري والسائل السلوي (وهو السائل الذي يملأ الكيس المحيط بالجنين الذي ينمو في الرحم ويحميه). تمتلك هذه الخلايا الجذعية القدرة على التغيير لتصبح خلايا متخصصة.

ويمكن اختبار وجود تشوهات في الأجنة من خلال الخلايا الجذعية الموجودة في عينات السائل السلوي المسحوب من النساء الحوامل، وهذا الاختبار يدعى باسم "بزل السلى"، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه لا تزال هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات على الخلايا الجذعية المأخوذة من السائل السلوي لفهم وتحديد قدراتها.

إقرأ أيضاً: السمنة الزائدة وتداعياتها الخطيرة على صحة الكبار والصغار

من أين تؤخذ الخلايا الجذعية؟

يمكن أخذ الخلايا الجذعية والحصول عليها من المصادر التالية:

1. نخاع العظم:

حيثُ يتم أخذ الخلايا الجذعية لنخاع العظم من الشخص المتبرع كما يلي:

  1. تؤخذ خلايا النخاع من الجزء الخلفي لعظم الورك (الحوض)، ويتم ذلك في غرفة العمليات بعد إخضاع الشخص المتبرع للتخدير العام، وتستغرق العملية من ساعة إلى ساعتين.
  2. تعتمد كمية الخلايا المأخوذة من التبرع على وزنه.
  3. غالباً ما يتم أخذ حوالي 10% من نخاع عظم الشخص المتبرع، حيث يعوض الجسم هذه الخلايا المفقودة خلال فترةٍ زمنية تتراوح ما بين 4 إلى 6 أسابيع.
  4. يمكن للشخص المتبرع في معظم الحالات أن يغادر المشفى بعد عدة ساعاتٍ فقط من انتهاء العملية أو في صباح اليوم التالي.
  5. يمكن أن يُعاني الشخص المتبرع من بعض الأعراض الجانبية للعملية لفترة لا تتجاوز بضعة أيام.
  6. يمكن أن تكون بعض العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية مفيدة للمتبرع، مثل: الإيبوبروفين، أو الأسبرين، أو نابروكسين.
  7. يمكن للشخص المتبرع أن يعود إلى روتين حياته اليومي خلال يومين أو ثلاثة أيام كحدٍ أقصى، ولكن لا يمكنه العودة إلى وضعه الطبيعي قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع على الأقل.
  8. إنَّ المضاعفات الناتجة عن التبرع نادرة جداً، ولا توجد أي مخاطر على حياة الشخص المتبرع.

ما هي الإجراءات التي تخضع لها الخلايا الجذعية التي تؤخذ من نخاع العظم بعد التبرع بها؟

بعد الحصول على خلايا نخاع العظم، تُصفَّى من جزيئات الدهون أو العظم، وبعد ذلك يمكن إعطاؤها للمريض من خلال الوريد، ويمكن تجميدها لتكون جاهزةً للاستخدام فيما بعد.

2. خلايا الدم الجذعية الطرفية:

تُؤخذ خلايا الدم الجذعية الطرفية من الشخص المتبرع كما يلي:

  1. يعطى الشخص المتبرع حقناً يومية من "فليغر ستيم"، وذلك قبل البدء بعملية التبرع بعدة أيام، والهدف من استخدام هذا الدواء تحفيز خلايا نخاع العظام لإنتاج الكثير من الخلايا الجذعية في الدم.
  2. يمكن أن يُسبب دواء "فليغر ستيم" للشخص المتبرع بعض الآثار الجانبية المزعجة، مثل: مشاكل النوم، والغثيان، والحمى الخفيفة، وألم العظام، والصداع، والتعب، ولكن جميعها تزول بعد التوقف عن أخذ الحقن، وفي هذه الحالة فإنَّ الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات تكون مفيدةً للمتبرع في هذه المرحلة، مثل: الإيبوبروفين، أو الأسبرين، أو نابروكسين.
  3. تتم عملية التبرع كإجراء في العيادات الخارجية وتستغرق فترة زمنية تتراوح ما بين ساعتين إلى أربع ساعات، وفي أغلب الأحيان يجب أن تتكرر عملية التبرع عدة أيام للحصول على الكمية الكافية من الخلايا الجذعية.
  4. يمكن أن يشعر الشخص المتبرع بالقشعريرة في أثناء عملية التبرع أو الدوار أو تقلص العضلات، ولكن جميع هذه الأعراض تزول بعد الانتهاء من عملية التبرع.
  5. في بعض الحالات الخاصة، يمكن أن يستخدم بالإضافة إلى دواء "فليغر ستيم" دواء آخر معه يدعى بـ "بليريكسافور"، ولكن في حال شعر الشخص المتبرع بأي ألم في كتفه الأيسر أو تحت القفص الصدري فإنَّه يجب أن يُخبر الطبيب مباشرةً.

3. دم الحبل السري:

وهو الدم الموجود في المشيمة والحبل السري للجنين، ويمكن أخذه بعد ولادة الطفل ولا يشكل أي خطر على حياته، حيثُ يتم الاحتفاظ به في حاوية معقمة وتجميده لوقت الحاجة إليه، ويمكن للأهل أن يطلبوا الاحتفاظ بدم الحبل السري في حال كان لدى الأسرة تاريخ من الأمراض الوراثية التي يمكن معالجتها من خلال زرع الخلايا الجذعية، أو يمكنهم التبرع بها لأنَّه لم يتم التأكد من فترة صلاحيتها حتى الوقت الحالي.

إقرأ أيضاً: التبرع بالدم: أنواعه، وفوائده، وشروطه، وموانعه

كيف يتم العثور على متبرع مناسب للخلايا الجذعية؟

من المهم جداً أن تتطابق أنسجة المريض مع أنسجة الشخص المتبرع لتجنب فشل عملية زرع الخلايا الجذعية، حيثُ يرفض جسم المريض الخلايا الجذعية التي تمت زراعتها، فيهاجمها الجهاز المناعي ويحاول تدميرها كما لو كانت بكتيريا أو فيروس.

ولإيجاد متبرع مناسب يجب البدء بالأبوين، وإذا لم يكن هناك تطابق يتم البحث بين الأخوات والإخوة الأشقاء، وبعد ذلك الإخوة والأخوات غير الأشقاء، ثم أخوات وإخوة الأب والأم وأبنائهم، وفي حال لم يُعثر على تطابق من الأقارب، سيتوسع البحث إلى الأشخاص الغرباء، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه غالباً لا يحدث تطابق بين أنسجة الزوج والزوجة.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة