ما هي الحلول لمشكلة فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة؟

ليس سراً أنَّ علاج فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة قد يكون أمراً صعباً؛ إذ إنَّ إيجاد الحل الحقيقي يتطلب اتباع نهج شامل يتضمن إجراء تغييرات في نمط النظام الغذائي وفي نمط الحياة، لتحقيق التوازن في القناة الهضمية.



نبذة سريعة عن فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة:

يحتوي الجهاز الهضمي على أقسام عدة لها أدوار محددة؛ فبعد أن تبتلع لقمة طعام، فإنَّها تتجه إلى الأمعاء الدقيقة؛ إذ يتم هناك الجزء الأكبر من عملية استخلاص العناصر الغذائية، وما يتبقى من طعام يمر عبر الأمعاء الغليظة؛ إذ توجد مجموعة من البكتيريا والفطريات تساعد على إنهاء هذه العملية، ثم تخرج الفضلات من جسمك.

وفي حين أنَّ وجود هذه البكتيريا ضروري في الأمعاء الغليظة، إلا أنَّها عندما تتكاثر في الأمعاء الدقيقة، فإنَّها تسبب فرط نمو البكتيريا فيها، ويمكن أن تسبب عسر الهضم وأمراضاً مختلفة.

التداخلات الغذائية في علاج فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة:

من المحتمل أن يكون أهم تداخل غذائي في علاج فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، هو التخلص من الأطعمة التي تسبب حدوث الالتهاب؛ إذ إنَّ الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات المكررة والسكريات والمواد الحافظة والمكونات المصنعة، تُغذِّي البكتيريا التي تتكاثر بعد ذلك في جميع أنحاء الأمعاء الدقيقة، وليس ذلك فحسب؛ بل تؤدي هذه الأطعمة أيضاً إلى حدوث التهاب جهازي يمكن أن يضعف الجهاز المناعي؛ وهذا قد يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بفرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

في المقابل، يساعد التركيز على الأطعمة الصحية الغنية بالمغذيات مثل البروتين عالي الجودة والخضروات والفواكه والدهون غير المسببة للالتهاب على موازنة الميكروبيوم.

يصف العديد من الأطباء أنظمة غذائية أخرى لفرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، بما في ذلك النظام الغذائي منخفض الفودماب (FODMAP) - السكريات المُخمَّرة قليلة التعدد، والسكريات الثنائية (اللاكتوز)، والسكريات الأحادية (الفركتوز)، والكحولات السكرية (البوليولات) - والحمية العنصرية والنظام الغذائي الخاص بالكربوهيدرات (SCD)، والنظام الغذائي لمتلازمة الأمعاء وعلم النفس (GAPS)، والنظام الغذائي منخفض التخمير (LF) أو النظام الغذائي الخالي من النشاء.

إنَّ ما تشترك فيه معظم هذه الأنظمة الغذائية هو الحد من أنواع الكربوهيدرات المستهلكة لتجنب تغذية فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة؛ إذ تساعد العديد من هذه الحميات الغذائية على التئام بطانة الأمعاء، ولكنَّها تقدم أحياناً انعكاساً غير كامل لنمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

أكثر هذه التداخلات الغذائية تقييداً لنمو البكتيريا هو اتباع النظام الغذائي الأساسي، الذي يتضمن أسابيع عدة من عدم تناول الطعام، مع الاكتفاء بشرب محلول مكون من العناصر الغذائية التي تُهضَم بسهولة، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والدهون وبعض السكريات التي لن تصل إلى الأمعاء الدقيقة.

وفي حين أنَّ هذا الأمر قد أظهر بعض الأمل بشأن إيجاد علاج لفرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، إلى جانب تناول الأدوية المغذية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات والمنشطة للحركة، فإنَّ امتثال المريض لهذا النظام يُعَدُّ أحد الأمور التي تُؤخَذ في الحسبان في هذا الصدد؛ بعبارة أخرى، قد لا ينجح دائماً اتباع هذا النظام الغذائي؛ لأنَّ المرضى لا يستطيعون الالتزام به.

ربما يكون النظام الغذائي الأكثر استخداماً لمعالجة فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، هو النظام الغذائي منخفض "فودماب" (FODMAP)، والذي يحد من الكربوهيدرات قصيرة السلسلة (وسهلة التخمر) التي لا تُمتَص بالكامل في الجهاز الهضمي، والتي يمكن أن تبقى في الأمعاء الدقيقة وتغذي فرط نمو البكتيريا؛ وهذا يؤدي إلى أعراض معدية معوية مختلفة.

في كثير من الأحيان، تؤدي إزالة الـ "فودمابس" من النظام الغذائي إلى توفير راحة قصيرة الأمد لأنَّه يقلل من الأعراض، ومع ذلك، فإنَّ هذا النظام الغذائي لا يقضي على فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، ثم إنَّ أولئك الذين يلتزمون بنظام غذائي منخفض الـ "فودماب" لفترة طويلة من الزمن، يتعرضون لخطر الإضرار بالبكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء الغليظة، والتي تُعَدُّ ضرورية للصحة العامة؛ إذ تحتاج الأمعاء الغليظة إلى كربوهيدرات قابلة للتخمر لتغذية البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء الغليظة.

في الواقع، تُنتِج البكتيريا المفيدة في الأمعاء الغليظة حمض البوتيرات عند استهلاك الكربوهيدرات الكافية القابلة للتخمر، والبوتيرات هو حمض دهني قصير السلسلة له العديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك وجود آلية مضادة للالتهابات ووقائية على صحة الأمعاء، وهي الأمعاء الغليظة.

هناك فارق كبير بين عدم المعاناة من الأعراض، وهو ما تقدمه بعض الأنظمة الغذائية، وبين إنهاء النمو الزائد للبكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

إقرأ أيضاً: أهم الفيتامينات الضرورية للجسم ومصادرها الغذائيّة

تحسين صحة القناة الهضمية:

من الهام دعم صحة جدار الأمعاء للتعافي من فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة؛ إذ سيساعد دمج الكولاجين ومرق العظام في نظامك الغذائي على تهدئة الالتهاب داخل الأمعاء وشفائها؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد العناصر الغذائية مثل حمض الجلوماتين (L-glutamine) وملح زنك كارنوزين (zinc carnosine) واللَّبأ الخالي من اللاكتوز ومختلف الغلوبولينات المناعية، على إعادة بناء مفاصل الخلايا داخل بطانة القناة الهضمية.

علاوة على ذلك، يمكن أن يكون حمض المعدة المنخفض (حمض الهيدروكلوريك أو HCI) عاملاً مساهماً في فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، كما يمكن أن تكون مكملات حمض الهيدروكلوريك مفيدة بطرائق عدة، مثل تعزيز حركة المعدة ودعم إطلاق إفرازات المعدة والبنكرياس والمرارة وإعاقة عمل الأنواع البكتيرية الضارة أو قتلها.

يُرجى ملاحظة أنَّ استخدام مكملات البروبيوتيك (المُعينات الحيوية) أمرٌ مثيرٌ للجدل في علاج فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، ولكن إذا كان بإمكان الفرد التعامل معها، فمن الممكن أن تساعد هذه المكملات على دعم القناة الهضمية.

دعم جهاز المناعة:

غالباً ما يعاني الأفراد المصابون بفرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة من ضعف في جهاز المناعة؛ إذ يُعَدُّ نظام المناعة الصحي أمراً هاماً للوقاية من الأمراض، بما في ذلك تكرار فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، ولحسن الحظ، فإنَّ المركبات مثل الكركمين (الموجود في الكركم) والريسفيراترول (الموجود في قشرة العنب والتوت البري والتوت وغيرها) والجلوتاثيون الدهني، لها تأثير عميق في دعم جهاز المناعة.

غالباً ما يكون مرضى فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، قد استنفدوا المواد المغذية ولديهم مستويات منخفضة من فيتامين د؛ إذ إنَّ انخفاض مستويات فيتامين (د) يرتبط مع انخفاض وظيفة المناعة؛ لذلك يمكن الإشارة إلى تناول فيتامين (د) بشكل مناسب.

يمكنك أيضاً تعزيز وظيفة الجهاز المناعي عن طريق إزالة التعرض المحتمل للسموم البيئية والعفن ومسببات الأمراض الأخرى مثل الفيروسات والالتهابات الفطرية، بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ النوم مدة كافية وممارسة الرياضة وإدارة الإجهاد، جميعها من الأمور الضرورية أيضاً لنظام المناعة كي يعمل على النحو الأمثل.

تداخلات الأعشاب:

تُعَدُّ مضادات الميكروبات الحيوية الطبيعية، أدوات قوية في المساعدة على إعادة توازن المستعمرات البكتيرية في الأمعاء، والقضاء على فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

بعض مضادات الميكروبات الحيوية الطبيعية الشائعة المستخدمة في علاج فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، هي البربرين والأوريجانو والأليسين (من الثوم) واثنين من المركبات الحيوية الطبيعية تسمى بيوسيدين (Biocidin) وأترانتيل (Atrantil).

ونظراً إلى أنَّ السبب المحتمل لفرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة هو انخفاض نشاط الوظيفة المكنسية المحركة أو تباطؤ نشاط العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، فغالباً ما يُوصَى باستخدام العوامل المحركة؛ إذ تشمل الأعشاب التي تزيد من تقلصات العضلات في الأمعاء الدقيقة، الزنجبيل والخرشوف ومكملاً غذائياً يسمى "إيبروجاست" (Iberogast) والعديد من التركيبات العشبية الصينية.

تحفيز العصب المبهم:

يُعرَف العصب المبهم باسم المتجول، وهو أطول عصب قحفي يربط الدماغ بالأمعاء وببقية الجسم، ويُعَدَّ المسؤول عن تنظيم الجهاز العصبي اللاإرادي والوظائف اللاإرادية للجسم، مثل التنفس والوميض ونبض القلب وتحفيز عمل الأعضاء والهضم.

عندما يكون هناك خلل وظيفي في العصب المبهم، فإنَّه يضعف الوظيفة المكنسية المحركة والهضم عموماً، وعلى الرغم من أنَّه يصعب تحديد أيهما أتى أولاً، فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة أم بطء الوظيفة المكنسية المحركة، إلا أنَّ هناك علاقة مباشرة مع تحفيز العصب المبهم.

هناك استراتيجيات مختلفة لتهدئة العصب المبهم، بما في ذلك الغناء والطنين والغرغرة والاستحمام بالمياه الباردة والتنفس في صندوق والتدليك والصلاة والتأمل واليقظة وإدارة الإجهاد، وربما تكون الاستراتيجية الأكثر أهمية هي إدارة الإجهاد؛ إذ إنَّ الإجهاد له تأثير عميق في وظائف الأعضاء في الأمعاء.

إقرأ أيضاً: الصحة المعوية هي الصحة العقلية

الأدوية المستخدمة في حالة فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة:

قد تتطلب بعض الحالات الشديدة من فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة استخدام الأدوية، بما في ذلك المضادات الحيوية؛ وذلك لتقليل البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، ويُعَدُّ "ريفاكسيمين" (Rifaximin) و"نيوميسين" (neomycin) من المضادات الحيوية الآمنة إلى حد ما وجيدة التحمل والتي ثبت أنَّها فعَّالة بنسبة 85% في علاج فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، اعتماداً على نوع فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة.

وكما هو مذكور آنفاً، يمكن أن تساعد الأدوية المسببة للحركة أيضاً في العلاج؛ إذ غالباً ما تنجح الوصفات الطبية الشائعة، بما في ذلك جرعة منخفضة من الـ "نالتريكسون" (naltrexone LDN) والـ "إريثروميسين" (erythromycin)، في تنشيط الوظيفة المكنسية المحركة.

المصدر




مقالات مرتبطة