ما هي الانفعالات وأنواعها؟ وما مدى تأثيرها على الصحة

تُثير فينا بعض المواقف التي نتعرَّض إليها يومياً مشاعر الغضب، والقلق، والخوف، أو السعادة؛ وهذا ما يسمى بالانفعال، والذي يعرَّف بأنَّه: حالةٌ نفسيةٌ ذات تأثيرٍ قويٍّ على الإنسان، يُصاحِبها اضطراباتٌ عضويةٌ، مثل: ضيق التنفس، وتسارع ضربات القلب، والتعرُّق الزائد، واتخاذ الإنسان قراراتٍ قد تصبُّ في مصلحته الشخصية، أو العكس؛ بهدف تخفيف حدَّة هذه الحالة. ولكن مهما كانت هذه الأسباب التي تقف وراء انفعالنا، لابدَّ لنا من السيطرة عليها والتحكُّم بها. إنَّ لمخنلف أنواع الانفعالات قيمةً كبيرةً في الحياة الاجتماعية، فهي تساعدنا على فهم الآخرين، وبالتالي التعامل معهم من خلال إدراكهم لما نرمي إليه، وماذا نقصد منه.



بحث عن الانفعالات في علم النفس:

1. نظرية الانفعالات لشاشتر:

وفقاً لهذه النظرية فإنَّه لابدَّ من وجود عنصرين أساسيين للانفعال، وهما: الإثارة الجسدية، والعلامة المعرفية. ويمكن القول أنَّ تجربة الانفعال تتضمن وجود نوعٍ من الاستجابات الفسيولوجية أولاً، والتي تُحدَّد من العقل بعد ذلك.

2. نظرية جيمس لانج:

إنَّ الانفعالات - تبعاً لهذه النظرية - مجموعة إحساساتٍ مختلفةٍ ناشئةٍ عن تغيُّراتٍ عضوية. إذ تُعتبَر المظاهر الجسمية والعضوية التي تصاحب الانفعال السبَّب في ظهوره، فنحن سعداء لأنَّنا نضحك، وليس العكس، أي أنَّ الضحك هو سبب السعادة لنا.

3. نظرية مكدوجل:

تتلخَّص فكرة هذه النظرية في: أنَّ كلَّ التغيُّرات الجسمية والعضوية المصاحبة للانفعال لها غرضٌ أساسيٌّ، وهو خدمة الفعل الغريزي، بحيث يحدث الفعل على أتمِّ وجهٍ ممكنٍ؛ فإذا ما أثير انفعال الخوف مثلاً، فإنَّ الغرض الحيوي المطلوب يتحقق بسرعةٍ للخلاص من الموقف.

4. نظرية كانون ـ بارد:

تفترض هذه النظرية: أنَّ المنبهات البيئية تثير كلَّاً من الاستجابات الجسمية (التنبُّه والفعل) وخبرة الانفعال في آنٍ واحد، وتفصيل ذلك أنَّه: عند إدراك الحادثة، فإنَّ المخ ينبِّه النشاط العضلي (التنبه والفعل)، والنشاط المعرفي (خبرة الانفعال).

إقرأ أيضاً: "لا تغضب" وأدِر المواقف بإيجابية

تعريف الانفعال:

تؤدي الانفعالات دوراً هاماً ومؤثراً في حياة الإنسان، فهي نتاج تطور الإنسان وتفاعله مع محيطه وعالمه الخارجي، فتمتلئ حياة الفرد نتيجة ذلك التفاعل بانفعالات مختلفة، مثل: الفرح، السرور، الحزن، البكاء، الحب، الكره، القلق، الضيق، الخوف، الغضب وغيرها من الانفعالات التي تعدُّ جزءاً لا يتجزأ من الشخصية الإنسانية.

إنَّ مفهوم الانفعال من المفاهيم الشائعة وكثيرة الاستخدام في مجال علم النفس، لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق على تعريف واحد بين المتخصصين، وعموماً تشير الانفعالات إلى الحالات النفسية التي تصف جوانب معرفية خاصة وردود فعل فيزيولوجية تظهر في أشكال عدة، وسبب حدوث الانفعالات منبهات تعمل بوصفها عوامل استثارة داخلية مثل ألم مفاجئ، أو خارجية مثل رؤية شيء مخيف، والانفعال مهما كان نوعه فهو يؤثر في عقل الفرد وجسمه وصحته.

نورد فيما يأتي بعض التعريفات التي حاولت توضيح معنى الانفعال:

جورج ملر:

عبارة عن أي خبرة ذات شعور قوي، وغالباً ما یصاحب هذه الخبرة الانفعالیة تعبيرات جسمیة، مثل تغیر الدورة الدمویة، وإفراز العرق، وفي الغالب ما تصاحب أیضاً بأفعال قهریة عنیفة أو كثیفة أو شدیدة أو حادة.

أحمد عزت:

الانفعال حالة جسمیة نفسیة ثائرة؛ أي یضطرب لها الإنسان كله جسمیاً ونفسیاً.

ميلفن ماركس:

الانفعال هو اضطراب حاد يشمل الفرد كله، ويؤثر في سلوكه، وخبرته الشعورية ووظائفه الفيزيولوجية الداخلية، وينشأ في الأصل عن مصدر نفسي، وهو اضطراب حاد لأنَّه يتميز بحالة شديدة من التوتر والتهيج العام، ولأنَّه في أثناء الانفعال تتوقف جميع أنواع النشاط الأخرى التي يقوم بها الفرد، ويصبح نشاطه مركزاً على الشيء أو الموقف الذي أثار غضبه، كما أنَّه يؤثر في جميع كيان الفرد سواء سلوكه أم خبرته الشعورية أم الوظائف الفيزيولوجية الداخلية.

يونغ:

حالة وجدانية تتسم بالاضطراب الشديد لدى الفرد، ويشتمل على ثلاثة مظاهر أساسية هي: السلوك، الخبرة الشعورية، العمليات الفيزيولوجية الداخلية.

إذاً فالانفعال حالة سارة أو غير سارة تحدث للفرد كنتيجة لموقف ما يمر به، فهو تغير مفاجئ يصيب الفرد نفسياً وجسدياً، تصحبه تغيرات فيزيولوجية ومظاهر جسمية متنوعة تختلف باختلاف نوع الانفعال. 

انواع الانفعالات:

تعبر الانفعالات عن مشاعرنا ومواقفنا تجاه الأحداث المحيطة بنا وتساهم في تشكيل شخصيتنا وسلوكنا. تختلف أنواع الانفعالات بين الفرح والحزن والغضب والخوف والحب والإثارة وغيرها الكثير. ويُصنف الأطباء النفسيين الانفعالات إلى:

1. الانفعالات السلبية:

الانفعالات التي تزيدنا تعاسةً، وتعمل على التقليل من النشاط، وتُعزِّز فينا روح الكره والضجر والملل، ونتائجها غير مفيدةٍ للصحة النفسية والجسمية، ممّا يُؤثِّر على المشاعر لدى الإنسان، ويجعله فاقداً للإحساس بموقفه في النظام الاجتماعي.

2. الانفعالات الإيجابية:

لا تثير فينا أو توجِّهنا إلى سلوكاتٍ خاطئةٍ، مثل: الهروب، أو الضرب؛ وليس لها أيُّ تأثيرٍ على تعابير وجوهنا، وتعمل على زيادة النشاط والطاقة، وتكون نتائجها مناسبةً بالنسبة إلى صحة الإنسان الجسمية والنفسية؛ لذا يمكن القول بأنَّ هذه النوع من الانفعالات يُساهِم في زيادة الأفكار الإيجابية، على عكس السلبية منها.

3. الانفعالات الفطرية:

تظهر في بداية العمر، وتكون تلقائية، وممكن أن تكون لأتفه الأسباب.

4. الانفعالات المُكتسبة:

تأتي في نهاية العمر وتكون نابعة من تراكمات مختلفة، مثل الغيرة أو الازدراء.

إقرأ أيضاً: الغضب: خطيئة قد تدفع ثمنها غالياً

شاهد: 8 طرق لهدوء النفس

التعامل مع الشخصية الانفعالية:

معظمنا يفقد صوابه في بعض المواقف لاإرادياً، لذا لابد من وجود شخصٍ يعمل على تهدئتنا ليتمكَّن من إعادة التوازن العقلي إلينا، وذلك من خلال اتباع النصائح التالية:

  • الابتعاد عن طريقة الاستفزاز أو النقاش مع الشخص العصبي بشكلٍ حاد؛ لأنَّ ذلك سيؤدِّي إلى انفعاله وزيادة عصبيَّته. واختيار عباراتٍ منمَّقةٍ ومحترمة.
  • إنهاء النقاش عندما تشعر بأنَّ الشخص المقابل بدأ يتوتر وينفعل.
  • تجنُّب الحديث مع الشخص العصبي عند الشعور بأنَّه في مزاج غير جيد، من خلال ملامحه المرسومة على وجهه.
  • الاستماع لما يقوله من دون مقاطعته في أثناء حديثه حتى لا يفقد أعصابه، مع تكرار بعض العبارات التي يقولها حتى ينتابه الشعور بأنَّ الشخص المقابل مهتمٌّ بما يقوله.
  • التحدُّث بصوتٍ منخفضٍ مع الشخص العصبي؛ لأنَّ الصوت العالي يزيد من توتره واضطرابه.
إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الناس حسب شخصياتهم؟

طرق علاج الانفعالات:

طرق العلاج:

  • تجنُّب المواقف التي تتسبَّب لنا بالتوتر والانفعال.
  • محاولة ضبط الأعصاب والانفعالات عند التعرُّض لمواقف تتسبَّب لنا بالتوتر.
  • التقرُّب من الله من خلال ممارسة العبادات اليومية والدعاء؛ لأنَّها تُساعِد على تهدئة النفس. وفي حال عدم القدرة على تمالك الأعصاب ما عليك إلَّا أن تقوم وتتوضأ بمياهٍ باردة.
  • تغيير المكان المتواجد فيه مع تغيير وضعية حركة الجسم. فإذا كان واقفاً، فليجلس، أو العكس.
  • الاستحمام بماءٍ باردٍ حين تشعر بأنَّك غاضب.
  • ممارسة التمرينات الرياضية يومياً، كتمرينات الاسترخاء والتأمل.
  • التحدُّث مع الأشخاص المقرَّبين؛ لتفريغ هذه المشاعر السلبية المتراكمة.
إقرأ أيضاً: بالصور: 8 إرشادات بسيطة لعلاج سرعة الغضب

شاهد: كيف تتحكم بانفعالاتك؟

أضرار الانفعال على الصحة:

عندما ينفعل الإنسان فإنَّ هرمونيِّ الكاتيكولامين الخاص بالضغط والتوتر، وهرمون الأدرينالين الخاص باستثارة الخلايا العصبية للإنسان يرتفعان، ممَّا يؤدَّي إلى حدوث أضرارٍ على مستوى القلب، وترسُّب الكوليسترول على جدار الشرايين. وفيما يلي سنذكر أهمَّ الأعراض التي تؤثّر على الصحة:

  1. مشاكل في الجهاز التنفسي: بعض الأشخاص الذين تنتابهم حالة العصبية لا يستطيعون التنفس بسهولة، ممَّا ينعكس سلباً على صحتهم، وتزداد فرص إصابتهم بمرض الربو.
  2. صداع الرأس: تؤدّي بعض المواقف العصبية إلى زيادة تقبُّض الأوعية الدموية، والتي قد تتسبَّب بالصداع الشديد.
  3. اضطرابات النوم: عند الغضب فإنَّ إفراز بعض الهرمونات قد يضطرب، يبرز ذلك من خلال التفكير الزائد في الموقف الحاصل، وعدم أخذ قسطٍ كافٍ من النوم والذي قد يسبِّب لك عدَّة أمراض.
  4. ارتفاع ضغط الدم: يتعرَّض الشخص العصبي إلى اضطراباتٍ في ضغط الدم، نتيجة ضخ كمياتٍ كبيرة من الدم، والذي بدوره يُشكِّل ضغطاً على الأوعية الدموية، وقد تزداد فرص الإصابة بأمراض القلب.
  5. التأثير بشكلٍ سلبيٍّ على الذاكرة والتركيز، ممَّا يؤدّي إلى التدهور في المجال الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.

عزيزي القارئ: عليك أن تدرك أنَّ الصحة النفسية من أهمِّ المفاتيح للحفاظ على الصحة، وأنَّ العصبية لها أثارٌ سلبيةٌ من خلال تأثيرها على علاقاتنا الاجتماعية؛ لذا عليك بالابتعاد عنها، لكي تحافظ على هذه العلاقات.




مقالات مرتبطة