ما هي أهمية كسر الروتين؟

يؤدي اتباع روتين ثابت إلى الحفاظ على الإنتاجية اليومية، ومن خلال تعوُّد ممارسة بعض التصرفات، مثل الاستيقاظ في الصباح الباكر والتمرُّن واتِّباع حمية غذائية متوازنة، يمكننا توجيه قوة الإرادة والانضباط؛ حيث إنَّ كليهما موارد محدودة تجاه المتغيِّرات غير المتوقعة التي نواجهها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المؤلِّف والمحامي ورجل الأعمال "جاي هارينجتون" (Jay Harrington)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن تجربته في كسر الروتين.

وفي الوقت نفسه يصبح الروتين مملاً؛ إذ إنَّ الحياة التي يميزها التعنُّت غير القابل للمساومة يمكن أن تُشعِرُك وكأنَّك تدور في مكانك دون إحراز أيِّ تقدُّم، وتمرُّ الأيام بسرعة وقبل أن تشعر بالأمر، تمر السنوات وتبدأ التساؤل: أين ذهب كل هذا الوقت؟ فكيف يمكنك التخلُّص من دوامة العجز المملة؟

فيما يلي بعض الخطوات التي تستطيع من خلال اتِّباعها اتباعاً مدروساً والالتزام بها التخلُّص من الروتين وإضفاء لمسة تجديد على حياتك:

1. زيادة الوقت الشخصي:

وبالحديث عن الدوران، كانت تدريباتي مؤخراً روتينية للغاية؛ إذ إنَّني كنت أتمرَّن على جهاز المشي بشكل متكرر، ولم تَعُد هذه التمرينات تنتج كمية كافية من الدوبامين؛ فبدلاً من أن أشعر بالنشاط بعد هذه التمرينات؛ تركتُ الصالة الرياضية وأنا أشعرُ بالانزعاج؛ لذا في صباح الثلاثاء الماضي، بدلاً من التوجُّه إلى صالة الألعاب الرياضية كما أفعل عادةً، جريتُ لمدة 45 دقيقة على مسار بالقرب من منزلي.

وكانت السماء مظلمة عندما بدأتُ ولكن عندما وصلتُ إلى أعلى نقطة في المسار، كانت قد أشرقَت الشمس لتوِّها في الأفق وكان الهواء نقياً ونظيفاً وكان الجو هادئاً، ورأيتُ شخصاً واحداً في ذلك الصباح على المسار؛ حيث كانت طريقة رائعة لبدء اليوم، وشعرتُ بموجة من الطاقة عندما انتهيت، فكانت تجربة مؤثرة جداً بالنسبة إليَّ.

وعلى الرغم من حقيقة أنَّني استيقظت في الوقت نفسه ومارستُ الروتين العام "التمرين" نفسه، إلَّا أنَّ المسار الذي ركضتُ فيه يوم الثلاثاء كان أفضل بكثير؛ ففي الواقع، لا يمكنني أن أتذكر على وجه التحديد تفاصيل أي صباح آخر الأسبوع الماضي، بينما يبدو أنَّ معظم فترات الصباح تمرُّ في ومضة ولا يمكن تمييزها عن بعضها، إلَّا أنَّ صباح الثلاثاء كان مميزاً - على الأقل في ذهني - وربما استمر تدريبي لمدة 45 دقيقة فقط، وهو الوقت نفسه الذي أقضيه في كل تدريباتي الأخرى، ولكنَّها جعلَتني أشعرُ بأنَّها استغرقَت وقتاً أطول.

ويسمي علماء النفس هذه الظاهرة "زيادة الوقت الشخصي"، فقد يكون سير الوقت في ساعتك مختلفاً عن سيره في عقلك؛ إذ إنَّ الوقت - بالمعنى الحرفي - موضوعي ولدينا جميعاً الـ 24 ساعة نفسها في اليوم، ولكنَّ الطريقة التي نختبر بها الوقت هي تجربة فردية للغاية، فعندما نتحرَّر من الروتين ونختبر أشياء جديدة ومُبتَكرة، يُصبِح الوقت أبطأ.

وكتب "جوشوا فوير" (Joshua Foer) مؤلِّف كتاب "السير على سطح القمر مع أينشتاين: فن وعلم تذكُّر كل شيء" (Moonwalking With Einstein: The Art and Science of Remembering Everything): ينهار الوقت بسبب الرتابة، والتجديد يكشف خباياه".

إقرأ أيضاً: 8 تقنيات لإدارة الوقت

2. تأثير التجارب الجديدة:

أُجرِيَ قدر كبير من الأبحاث لمحاولة شرح سبب إبطاء "التجارب الجديدة والحديثة" للوقت؛ حيث أدَّت إحدى الدراسات إلى ظهور ما يُعرَف باسم "تأثير التجارب الجديدة"، وفي أثناء الدراسة عُرِضَت صور على الأشخاص بشكل متكرر لحذاء بني متواضع، وبعد أن اعتاد الأشخاص بشكلٍ كافٍ على الروتين وتكرار صورة الحذاء البني نفسها، أُدخِلَت صورة لساعة بين مجموعة الصور.

وعلى الرغم من حقيقة أنَّ صورة الساعة عُرِضَت على الشاشة للفترة الزمنية نفسها تماماً مثل صور الحذاء، إلَّا أنَّ الأشخاص قد ظنوا أنَّها عُرِضَت لفترة أطول بكثير مما عُرِضَت عليه في الواقع، فكانوا قد تكيفوا للغاية واعتادوا على صورة الحذاء لدرجة أنَّ صورة جديدة صدمت أدمغتهم لتتحوَّل إلى تصورٍ مختلفٍ تماماً للوقت.

وتكرار عرض الحذاء البني جعلهم متعطشين إلى التغيير، وانشغلت أدمغتهم بتجربة مختلفة قُدِّمَت في هذه الدراسة، والنقطة الهامة هي: إذا كنت مهتماً بعيش حياة مليئة بالتجارب الغنية والمتنوعة والمليئة بالذكريات، فأنت بحاجة إلى إيجاد طرائق متنوعة لكسر الروتين وإدخال المزيد من الحداثة و"التجارب الجديدة" إلى أيامك.

ومن الهام تخصيص وقت للتصرف بعفوية؛ حيث كتبَ الشاعر الإنجليزي "وليام كوبر" (William Cowper): "التنوع هو نكهة الحياة، وهو الذي يضفي عليها كل نكهة"، فقد يبدو الأمر مجنوناً لأنَّنا نعمل بجد لإنشاء إجراءات روتينية جيدة، ولكنَّ التحرُّر من الأنماط الروتينية ذاتها التي تمنح حياتنا هيكلاً هو ما يمنح حياتنا "نكهة".

وفي حين أنَّنا قد نشعر براحة أكبر عندما تكون الأمور روتينية، إلَّا أنَّنا نشعر بأنَّنا على قيد الحياة أكثر عندما لا تكون كذلك، فهل تريد إضافة المزيد من "التجارب الجديدة والحديثة" إلى أيامك؟ إليك بعض الأفكار التي ستساعد:

1. التخطيط للقيام بتجارب عفوية:

في ظاهر الأمر قد يبدو التخطيط للعفوية متناقضاً، ومع ذلك فهو ضروري، وإذا كنتَ تريد الانفتاح على تجارب جديدة، فأنشِئ قائمة بالنشاطات التي تريد أن تجربها؛ كالعزف على آلة موسيقية وتجربة روتين جديد للتمرين أو تجربة وصفة جديدة، وحدِّد لنفسك بعض الوقت المفتوح كل أسبوع لتجربتها.

2. قراءة الكتب:

إذا كنتَ ترغب في تجربة أشياء جديدة، فأنت بحاجة إلى الانفتاح على الأفكار الجديدة، والكتب الخيالية والواقعية والتاريخية والسير الذاتية مليئة باكتشافات عن التجربة الإنسانية، بالإضافة إلى أنَّها مصادر غنية للإلهام لطرائق جديدة ومبتكرة لتحقيق أقصى استفادة من الحياة.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح تساعدك على قراءة الكتب بفعالية

3. تبديل الأمور الصغيرة:

إحدى الأسباب التي تجعل الكثيرين منا يواجهون صعوبة في التحرر من روتينهم، هي أنَّهم يسعون إلى تحقيق أهداف صعبة جداً، ويريدون إحراز تغييرٍ جذري والشعور مباشرةً بالرضى، ولكنَّ التغيير يحدث بشكل تدريجي، وليس دفعة واحدة؛ فمن خلال التركيز في إجراء تغييرات صغيرة - كركوب الدراجة إلى العمل مرة واحدة في الأسبوع على سبيل المثال - يمكننا خلق دافعٍ لأنفسنا، فبعد كل شيء، يحدث التحول من خلال إجراء التغييرات الصغيرة واحداً تلو الآخر، فماذا ستفعل بشكل مختلف اليوم؟

المصدر




مقالات مرتبطة