ما هو مرض الصرع؟ وما هو علاجه؟

كثيرة هي الأمراض التي نواجهها في حياتنا والتي ما يزال العلماء والباحثون ماضين في التغلب عليها، فلقد أدى التقدم العلمي والطبي إلى إيجاد الحلول لكثير من الأمراض التي كنا نَعُدُّها أمراضاً مستعصية، لكن لا بد أن تكون لدينا ثقافة طبية عن أبرز الأمراض الشائعة؛ لذلك سنستعرض في هذا المقال أحد أبرز الأمراض النفسية الشائعة في مجتمعاتنا بكثرة ألا وهو مرض الصرع، وسنتطرق إلى أبرز أسبابه وأعراضه وأنواعه، فإذا كنت من المهتمين فتابع معنا.



ما هو تعريف الصرع؟

الصرع هو اضطراب النوبات غير المستثارة وهو مرض متعدد الأوجه يصيب الأفراد من جميع الأعمار مع ميل خاص للصغار والكبار في السن، إضافة إلى النوبات غالباً ما يصاب العديد من المرضى بمشكلات معرفية ونفسية مرتبطة بالنوبات نفسها وطرائق علاجها؛ إذ يحتوي الصرع على العديد من المسببات المجهولة والمكتسبة مع مجموعة واسعة من الاستجابات العلاجية.

على الرغم من العلاجات العديدة المتاحة للسيطرة على النوبات المتكررة بما في ذلك الأدوية والوجبات الغذائية والعلاج المناعي والجراحة وأجهزة تعديل الجهاز العصبي، لكن ما تزال نسبة كبيرة من المرضى تعاني من عواقب النوبات غير المنضبطة التي تشمل حالة خطيرة من التأزم النفسي وقد تؤدي إلى الوفاة.

الصرع أيضاً هو اضطراب قديم وُصف تاريخياً من زمن البابليين القدماء إلى العصر الحديث، وعلى الرغم من أنَّ الصرع يتميز بنوبات لا يمكن التنبؤ بتواترها، إلا أنَّه اضطراب عصبي شائع يصيب الأشخاص من جميع الأعمار، وفي الواقع الصرع له بداية ثنائية النمط تحدث غالباً في مرحلة الطفولة وكبار السن، ومع ذلك فهي أيضاً مجموعة من الاضطرابات ذات مجموعة متدرجة من حيث الشدة تختلف على نطاق واسع في أنواع النوبات وأسبابها وتأثيرات متفاوتة في الأفراد وعائلاتهم.

إلى جانب التعايش الفعلي مع الصرع ونوباته والظروف الصحية اليومية، فإنَّ التحديات التي تواجه ملايين الأشخاص المصابين بالصرع تشمل صعوبة القدرة على الوصول إلى رعاية صحية عالية الجودة، والتعلم، وتنسيق الرعاية الصحية، وتلقي الأدوية المناسبة، ومزاولة الحياة المهنية، والعيش بالاعتماد على الذات وغيرها من الأمور، وعلى هذا النحو يفرض الصرع عبئاً هائلاً على الأفراد والأسر والمجتمع ككل.

ماذا يحوي تقرير معهد الطب عن مرض الصرع؟

لخَّص تقرير معهد الطب "الصرع عبر الطيف" بعض الإحصاءات الهامة المتعلقة بالصرع؛ إذ يشمل الصرع 2.2 مليون شخصاً في الولايات المتحدة، وأكثر من 65 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ويتم تشخيص 150000 حالة صرع جديدة في الولايات المتحدة سنوياً، وواحد من كل 26 شخصاً في الولايات المتحدة سيصاب بالصرع في مرحلة ما من حياته، فالأطفال وكبار السن هم أسرع الشرائح السكانية تعرضاً لحالات الصرع، وقد يزداد خطر الوفاة للأشخاص المصابين بالصرع بعد مرور ما يقدر بـ 10 سنوات من العمر مع المرض.

التشخيص:

سيراجع الطبيب التاريخ الطبي للفرد والأعراض التي عانى منها، ومن ذلك الوصف والجدول الزمني للنوبات السابقة لتشخيص الصرع بدقة، وقد يطلب أيضاً اختبارات لتحديد نوع الصرع ونوع النوبات التي يعاني منها الشخص، وبناءً على هذه النتائج سيكون الطبيب قادراً على التوصية بخيارات العلاج مثل الأدوية المضادة للنوبات.

ما هي أنواع الصرع؟

1. النوبة الجزئية:

تحدث النوبة الجزئية عندما يحدث نشاط الصرع في جزء واحد من دماغ الشخص المصاب، ويوجد نوعان فرعيان من النوبة الجزئية:

  • النوبة الجزئية البسيطة: خلال هذا النوع من النوبات يكون الشخص واعياً، وفي معظم الحالات يكون أيضاً على دراية بما يحدث في محيطه حتى عندما تكون النوبة جارية.
  • النوبة الجزئية المعقدة: خلال هذا النوع تُضعِف النوبة وعي الشخص، فلن يتذكَّر ماذا حدث قبل النوبة عموماً، وإذا تذكَّر بعض الأشياء فستكون ذاكرته غامضة.

2. النوبة المعممة:

تحدث النوبة المعممة عندما يؤثر نشاط الصرع في نصفي الدماغ، فعادة ما يفقد الشخص وعيه في أثناء حدوث النوبة.

3. النوبة المعممة الثانوية:

تحدث النوبة الثانوية المعممة عندما يبدأ نشاط الصرع بوصفه نوبة جزئية ولكنَّه ينتشر إلى نصفي الدماغ، ومع تقدُّم هذه النوبة سيفقد الشخص وعيه.

نوبة الصرع

ما هي أعراض مرض الصرع؟

العرض الرئيس للصرع هو النوبات المتكررة، ومع ذلك إذا تعرَّض الشخص لواحد أو أكثر من الأعراض الآتية فعليه التماس العناية الطبية، فقد يشير ذلك إلى الإصابة بالصرع، ومن هذه الأعراض:

  1. تشنج مع عدم وجود حمى.
  2. حالات إغماء قصيرة أو ذاكرة مشوشة.
  3. نوبات إغماء متقطعة يفقد خلالها السيطرة على الأمعاء أو المثانة ويتبعها في كثير من الأحيان إرهاق شديد.
  4. عدم استجابة مؤقتة للتعليمات أو الأسئلة.
  5. تصلب مفاجئ دون سبب واضح.
  6. السقوط المفاجئ دون سبب واضح.
  7. نوبات مضغ مفاجئة دون سبب واضح.
  8. يبدو المريض مؤقتاً في حالة ذهول وغير قادر على التواصل.
  9. حركات متكررة تبدو لا إرادية.
  10. الخوف من غير سبب واضح.
  11. الذعر أو الغضب.
  12. تغيرات غريبة في إدراك الحواس مثل الرائحة واللمس والصوت.
  13. اهتزاز الذراعين أو الساقين أو الجسم، الذي سيظهر بوصفه مجموعة من حركات الرجيج السريع عند الأطفال.

من الضروري استشارة الطبيب في حالة تكرار حدوث أي من هذه الأعراض.

إقرأ أيضاً: 5 عادات تساعد دماغك على البقاء في ذروة نشاطه

ما هي الأعراض التي تخادع الإنسان ويفكر بظهورها أنَّه مصاب بالصرع؟

قد تسبب الحالات الآتية أعراضاً مشابهة لتلك المذكورة آنفاً، لذلك يمكن لبعض الأشخاص أن يخطئوا في عَدِّها أعراض الصرع، ألا وهي:

  1. ارتفاع في درجة الحرارة مع أعراض تشبه الصرع.
  2. إغماء.
  3. الخدر أو نوبات النوم المتكررة في أثناء النهار.
  4. الجمود أو فترات ضعف العضلات الشديد.
  5. اضطرابات النوم.
  6. كثرة الكوابيس.
  7. نوبات ذعر شديدة.
  8. حالة الشرود وهي حالة نفسية نادرة يذهب التفكير بصاحبه إلى مكان آخر.
  9. النوبات النفسية أو النوبات لأسباب نفسية.

ما هي أسباب مرض الصرع؟

تتحكم الأنظمة العصبية في الدماغ في كل وظيفة في جسم الإنسان، ويتطور الصرع بسبب اضطراب في هذا النظام الذي قد ينتج عن خلل في وظائف الدماغ، وفي كثير من الحالات لا يعرف المتخصصون في الرعاية الصحية السبب الدقيق لهذا المرض، لكن تشير بعض الدراسات إلى أنَّ بعض الأشخاص يرثون العوامل الوراثية التي تزيد من احتمالية حدوث الصرع، وتشمل العوامل الأخرى التي قد تزيد من مخاطر الإصابة بالصرع ما يأتي:

  1. رضوض الرأس بسبب حادث سيارة مثلاً.
  2. أمراض الدماغ ومن ذلك السكتة الدماغية والأورام.
  3. الأمراض المُعدية مثل التهاب الدماغ الفيروسي.
  4. داء الكيسات المذنَّبة.
  5. إصابة ما قبل الولادة أو تلف الدماغ الذي يحدث قبل الولادة.
  6. بعض الأمراض مثل التوحد والورم العصبي الليفي.

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنَّ الصرع على الأرجح يظهر لدى الأطفال ذوي الأعمار الأقل من عامين والبالغين فوق 65 عاماً.

نوبة الصرع

ما هي الاختبارات التي يجريها الطبيب لتشخيص مرض الصرع؟

يمكن أن تساعد أنواع عدة من اختبارات التصوير الطبيب على تشخيص الصرع، وتشمل هذه الاختبارات:

  1. رسم المخ للبحث عن موجات دماغية غير طبيعية.
  2. فحوصات التصوير المقطعي المحوسب.
  3. التصوير بالرنين المغناطيسي لاكتشاف الأورام أو المخالفات الهيكلية الأخرى.
  4. فحوصات الرنين الوظيفي التي يمكنها تحديد وظائف المخ الطبيعية وغير الطبيعية في مناطق معينة منه.
  5. التصوير المقطعي المحوسب بإصدار فوتون واحد الذي قد يكون قادراً على العثور على الموقع الأصلي للنوبة في الدماغ.
  6. مخطط الدماغ المغناطيسي الذي يمكنه تحديد المخالفات في وظائف المخ باستخدام الإشارات المغناطيسية.
  7. قد يستخدم الطبيب أيضاً اختبارات فحص الدم لتحديد أيَّة حالات أساسية يمكن أن تسبب الصرع، فقد تساعد الاختبارات العصبية الطبيب أيضاً على تحديد نوع الصرع الذي يعاني منه الشخص.

هل الصرع مرض وراثي؟

بحسب مراجعة البحث المرضي لعام 2015 ميلادي أكدت أنَّ نحو 70-80% من حالات الصرع تحدث نتيجة العوامل الوراثية، فقد ربطت أيضاً مراجعة أجريت عام 2017 ميلادي للبحوث بين أكثر من 900 جين وبين مرض الصرع، ويستمر هذا العدد في النمو مع إجراء المزيد من الدراسات، وقد ترتبط الجينات بالصرع ارتباطاً مباشراً أو قد ترتبط بالتشوهات الدماغية التي يمكن أن تؤدي إلى الصرع أو بحالات وراثية أخرى يمكن أن تسبب نوبات الصرع.

بعض الناس يرثون العوامل الوراثية، ومع ذلك قد تتسبب بعض الطفرات الجينية أيضاً في الإصابة بالصرع لدى الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي لهذه الحالة، كما قد يطلب الطبيب أحياناً إجراء اختبارات جينية لتحديد سبب الصرع ونوعه.

إقرأ أيضاً: ما هي الأمراض الوراثيّة، وماهي أنواعها، وكيف تحدث؟

علاج مرض الصرع:

عادةً ما يوصف لمرضى الصرع أدوية مضادة للتشنج، لكن لا بد من الإشارة إلى عدم وجود علاج شافٍ كلياً لمرض الصرع، إلا أنَّ الأدوية تقلل من مخاطر نوبات الصرع عن طريق تثبيط عمل الخلايا العصبية أو التقليل من استثارتها.

في الختام:

بذلك نكون قد شرحنا بشكل مقتضب جميع حيثيات مرض الصرع، ونكون بذلك قد أصبحنا مدركين ما هو المرض؟ وما هي أبرز أعراضه وأسبابه؟ وهذا يجعلنا أكثر وعياً في التعامل مع هذا المرض سواء إن أصبنا به نحن أم أُصيب أحد ما من حولنا به، لذلك ننصح الجميع بالإكثار من قراءة المقالات الطبية وزيادة الثقافة الطبية ونشرها بين الناس وإقامة الندوات الطبية التثقيفية في المدارس وبعض المرافق العامة، لكي نتمكن من اكتشاف المرض في مراحله المبكرة قبل تفشيه وتطوره ليصبح مرضاً عضال لا شفاء منه، وكما يقال: "العقل السليم في الجسم السليم".




مقالات مرتبطة