ما هو علم نفس الألوان وما فوائده؟ وما هو العلاج بالألوان؟

يزداد تحدِّي الوصول إلى السلام والسعادة الداخلية صعوبةً يوماً بعد يوم، حيث أثَّر كلٌّ من متطلَّبات الحياة الكثيرة، وسرعتها الفائقة، وعدم الفهم الكامل لقوانينها، والتخبط مع الأفكار والموروثات الخاطئة؛ في فهمنا العميق لذواتنا، إلى أن أصبحنا متردِّدين في الإجابة عن الكثير من الأسئلة الشخصية الجوهرية مثل: ما الذي يُسعِدنا؟ وما الذي نريده من الحياة على وجه التحديد؟ وأين تكمن قيمتنا وشغفنا؟ وما هي رسالتنا؟ حيث يتطلَّب الوصول إلى جوابٍ مُثمِرٍ غوصاً عميقاً في ذاتنا، وتأمُّلاً حقيقياً في أفكارنا ومشاعرنا، وذلك من أجل محاكاة حالة التوازن النفسي السليم.



يعدُّ علم نفس الألوان أداةً تشخيصيَّةً للغوص في النفس البشرية وإدراك اضطراباتها ومكنوناتها، حيث يتكلَّم اللون ليُحاكِي الحياة؛ وهذا ما سنتعرَّف عليه من خلال هذا المقال.

ما هي إدارة الذات؟

يهدف "علم نفس الألوان" إلى إدارة الذات بطريقةٍ سليمة؛ لذلك دعونا بدايةً نتعرَّف على معنى إدارة الذات.

الذات منظومةٌ متكاملةٌ من العقل (التفكير)، والجسد والمشاعر (النفس)، وكلَّما استطاع الإنسان تحقيق التوازن بين هذه المكونات الثلاثة، زادت متعته وراحته النفسية في الحياة؛ لكن، كيف نُحقِّق الإدارة المُثلى لذواتنا؟

تكمن الإدارة في إدراك إمكانياتنا الشخصية، ومعرفة آلية تحويلها إلى وسائل مفيدةٍ لنا، حيث يسير معظمنا في هذه الحياة دونَ وعيٍ حقيقيٍّ لحجم قدراتنا، أو قد نتوقَّف عند صفةٍ نمتلكها ونُسارِع إلى تصنيفها كنقطة ضعف، وذلك لمجرَّد أنَّها صفةٌ غريبةٌ عن الوسط المحيط، غير مُدركين أنَّه بإمكاننا جعلها أكبر فرصةٍ إيجابيةٍ في حياتنا. على سبيل المثال: يتشاءم شخصٌ طوله متران بسبب صعوبة عيشه تفاصيل الحياة الروتينية، إذ قد يجد صعوبةً لدى دخوله من الباب، أو قد يخجل من نظرة الناس إليه؛ لكن، في حال استثماره لهذه الصفة، والتحاقه بفريق كرة سلَّة، وعمله جاهداً ليكون لاعب كرة سلةٍ موهوب؛ سيُحوِّل ما كان يعتقده عيباً إلى فرصةٍ حقيقيَّة.

إذاً، فالذكاء هو تحويل نقاط الضعف إلى فرصٍ ونقاط قوة.

ما هو علم نفس الألوان؟

يعدّ "علم نفس الألوان" تخصُّصاً كاملاً في قسم علم النفس، وقد بدأ على يد "ماسك لوشر" الذي درس علم النفس التحليلي في سويسرا، وانبهر بتأثير الألوان في حياتنا، فقرَّر الغوص في دراسة العلاقة بين الألوان والمشاعر الإنسانية.

تعدُّ المشكلة الأساسيَّة في المشاعر الإنسانيَّة أنَّها غير قابلةٍ للوصف والقياس، ولا تستطيع اللغة أو الكلمات أن تفيها حقَّها؛ لذلك نلجأ إلى استخدام تقنية "البكاء" كأداةٍ تعويضيَّةٍ فعَّالةٍ لدى عجزنا عن التعبير. سأل "لوشر" نفسه: "هل من الممكن أن تكون الألوان بمثابة رموزٍ للمشاعر، نستطيع من خلالها قياس مشاعرنا بدقة أكبر، والتعبير عنها بوضوحٍ أكبر؟".

كان هذا السؤال بداية بحثٍ عميقٍ قام به "لوشر"، وتوصَّل من خلاله إلى "علم نفس الألوان"، والذي يتبنَّى مبدأ أنَّ "كلَّ حالةٍ نفسيَّةٍ يُقابِلها لون، بحيث يصفها وصفاً مباشراً ودقيقاً"، فعلى سبيل المثال: سيميل الإنسان عند إحساسه بالطمأنينة والسكينة والهدوء إلى حبِّ اللون الكحلي، أي يوجد علاقةٌ مباشرةٌ بين الحالة النفسية واللون الذي يُعطِي راحةً للإنسان.

ما الفائدة من "علم نفس الألوان"؟

يُعطي اختبار "لوشر" التشخيصي الأشخاصَ العاملين في مجال العلاج غير التقليدي قياساتٍ دقيقةً للنفس البشرية، حيث يعرف المُعالِج من خلاله الكثير من المعلومات الدقيقة عن الشخص العميل دون أن يتكلَّم أيَّ كلمة؛ كما ويكشف الاضطرابات النفسية لديه، بحيث يستنبط المشاعر الدفينة التي يشعر بها العميل، والتي لا يستطيع التعبير عنها.

تعدُّ مشاعرنا أساس كلِّ شيء، وهي محصلة كلِّ عملٍ نقوم به، فنحن نريد أن نكون ناجحين مهنياً لكي نشعر بالقيمة والإنجاز، ونريد أن نحبَّ ونؤسِّس عائلةً لكي نشعر بالسعادة والمتعة والراحة؛ لذلك فإنَّ عملية قياس هذه المشاعر وفهمها وملامستها واحتوائها، من أهمِّ العمليات التي تحقق التوازن النفسي.

إقرأ أيضاً: كيف تؤثر الألوان على المزاج والعواطف؟

كيف نحدد ملامح الشخصية من خلال الألوان؟

  • يمتدُّ اختبار "لوشر" لمدة عشر دقائق فقط، ويُعرَض خلالها صفحاتٍ متعددةٍ من الألوان المختلفة ودرجاتها على العميل، ليختار منها ما يميل إليه من ألوان، بحيث يكون لكلِّ لونٍ رمزٌ معيَّن، تُحلَّل الشخصية بناءً على الرموز الناتجة، بحيث يكشف الاختبار كيفية معاملة العميل الناس، ومعاملته نفسه، وطريقته في التعامل مع المتغيرات والمستقبل والمشكلات، بشكل يُعرِّي مخاوفه ونقاط ضعفه.
  • علينا معرفة أنَّ للألوان تأثيراً ثابتاً في البشر، بحيث لا يتعلَّق الأمر بالخلفية الثقافية أو النفسية للإنسان، فتأثير اللون متشابهٌ تماماً عند البشر على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم؛ لكنَّ الاختلافات في الحبِّ والميل والتمييز بين الألوان هي ما يصنع الفارق، حيث يعكس ميل الإنسان إلى لونٍ معيَّنٍ أكثر من غيره حالته النفسية بدقةٍ ووضوح.
  • يعكس اختبار "لوشر" الحالة النفسية للعميل لحظة الاختبار، وقد تختلف نتائج الاختبار بين فترةٍ وأخرى، حيث سيختار الإنسان الذي يكون في وضع انفعالٍ وعصبيَّةٍ ألواناً مختلفةً عن تلك التي سيختارها في وضع الرَّاحة والسعادة؛ وعند حصول هكذا موقف، على المُعالِج أن يُعِيد الاختبار. لكن، وبجميع الحالات، تبقى الأساسيات النفسية المُستنبطة من الاختبار ثابتةً حتَّى وإن اختلفت حالة العميل المزاجية، إذ لا تتغيَّر الأساسيات بسهولة، وإن تغيَّرت، فإنَّها تأخذ وقتاً طويلاً لذلك؛ إلَّا في حالة العميل الذي يعمل على تحسين مهاراته باستمرار، فسيختلف الاختبار لديه جذرياً بعد فترةٍ معيَّنةٍ من الزمن.
  • يوجد أربعة ألوانٍ أساسيَّةٌ في حياة الإنسان، وهي: الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر، ومن الهامِّ جداً أن نَعِي البُعد السلوكي لكلِّ لونٍ منها، حيث يرمز اللون الأخضر إلى حالة القوة والثبات والاستقلالية والإيمان بمعتقداتك وأفكارك؛ بينما يرمز اللون الأحمر إلى الإنجاز والطاقة والتوكل في العمل، بحيث تكون واثقاً من بلوغك الهدف حتَّى في ظلِّ ضبابية طريقة الوصول إليه؛ ويرمز اللون الأزرق إلى الاكتفاء والطمأنينة والسلام، بحيث تكون راضياً ومُقتنعاً بما تملك؛ في حين يرمز اللون الأصفر إلى الحرية والتجدد والمرح والفرح، وإلى التطور ومراقبة الذات.
  • يكون مَن يميل إلى اللون الأزرق شخصاً ودوداً واجتماعياً؛ أمَّا من لديه كرهٌ للأزرق، فهو يعيش حالة سخطٍ دائمة، حيث يعيش حالة رفضٍ للناس أو لوضع البلد وظروفه؛ بينما يميل مَن لديه تفضيلٌ مبالغٌ فيه للأزرق إلى التَّفاني في خدمة الآخرين.
  • مَن كان يتقبَّل الأخضر ثمَّ أصبح رافضاً له، فهذا دليلٌ على أنَّه كان مؤمناً بمبادئ معينةٍ ثمَّ تخلَّى عنها.
  • يمتلك مَن يعشق اللون الأخضر القوة والإيمان، لكنَّ الاضطراب في الميل إلى هذا اللون - سلباً أم إيجاباً - مؤذٍ، فقد يميل الذي لديه حبٌّ مبالغٌ فيه للأخضر إلى الغرور والتمسك الشديد بمبادئه وأفكاره، أي عدم المرونة؛ أمَّا من لديه حبٌّ ضعيفٌ للأخضر، فقد يميل إلى الوصول إلى أهدافه دون مراعاةٍ للمبادئ والقيم.
  • يعشق مَن يرفض الأسود الحرية، ولا يحبُّ التحكُّم؛ بينما يميل مَن يحب الأسود إلى أن يكون ضعيفاً في إدارة ذاته والتحكُّم برغباته.
  • يدلُّ اللون البني على الراحة، فمَن يكره البني لديه رغبةٌ شديدةٌ في التميُّز والإنجاز.
  • يدل اللون البنفسجي على تكامل لوني الأزرق والأحمر، ويميل أشخاص هذا اللون إلى الاستيعاب الشديد للآخرين، فهم يُقدِّسون العلاقات التي تحوي على حالة استيعابٍ واحتواءٍ عالية؛ بينما يميل مَن يحب البنفسجي الفاتح إلى الاهتمام الشديد بنظرة الناس إليه.
  • يميل مَن يحب اللون الزهري إلى العاطفة والحلم، ويميل من يكره هذا اللون إلى الجدية في تعاملاته.
  • يعشق مَن يميل إلى الألوان الفاتحة الحياة، في حين يميل مَن يحبُّ الألوان الغامقة إلى الكآبة والبعد عن الحياة.

ما المعنى النفسي للألوان؟

  • يوجد أربعة ألوانٍ أساسيَّةٌ في حياة الإنسان، وهي: الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر، ومن الهامِّ جداً أن نَعِي البُعد السلوكي لكلِّ لونٍ منها، حيث يرمز اللون الأخضر إلى حالة القوة والثبات والاستقلالية والإيمان بمعتقداتك وأفكارك؛ بينما يرمز اللون الأحمر إلى الإنجاز والطاقة والتوكل في العمل، بحيث تكون واثقاً من بلوغك الهدف حتَّى في ظلِّ ضبابية طريقة الوصول إليه؛ ويرمز اللون الأزرق إلى الاكتفاء والطمأنينة والسلام، بحيث تكون راضياً ومُقتنعاً بما تملك؛ في حين يرمز اللون الأصفر إلى الحرية والتجدد والمرح والفرح، وإلى التطور ومراقبة الذات.
  • يكون مَن يميل إلى اللون الأزرق شخصاً ودوداً واجتماعياً؛ أمَّا من لديه كرهٌ للأزرق، فهو يعيش حالة سخطٍ دائمة، حيث يعيش حالة رفضٍ للناس أو لوضع البلد وظروفه؛ بينما يميل مَن لديه تفضيلٌ مبالغٌ فيه للأزرق إلى التَّفاني في خدمة الآخرين.
  • مَن كان يتقبَّل الأخضر ثمَّ أصبح رافضاً له، فهذا دليلٌ على أنَّه كان مؤمناً بمبادئ معينةٍ ثمَّ تخلَّى عنها.
  • يمتلك مَن يعشق اللون الأخضر القوة والإيمان، لكنَّ الاضطراب في الميل إلى هذا اللون - سلباً أم إيجاباً - مؤذٍ، فقد يميل الذي لديه حبٌّ مبالغٌ فيه للأخضر إلى الغرور والتمسك الشديد بمبادئه وأفكاره، أي عدم المرونة؛ أمَّا من لديه حبٌّ ضعيفٌ للأخضر، فقد يميل إلى الوصول إلى أهدافه دون مراعاةٍ للمبادئ والقيم.
  • يعشق مَن يرفض الأسود الحرية، ولا يحبُّ التحكُّم؛ بينما يميل مَن يحب الأسود إلى أن يكون ضعيفاً في إدارة ذاته والتحكُّم برغباته.
  • يدلُّ اللون البني على الراحة، فمَن يكره البني لديه رغبةٌ شديدةٌ في التميُّز والإنجاز.
  • يدل اللون البنفسجي على تكامل لوني الأزرق والأحمر، ويميل أشخاص هذا اللون إلى الاستيعاب الشديد للآخرين، فهم يُقدِّسون العلاقات التي تحوي على حالة استيعابٍ واحتواءٍ عالية؛ بينما يميل مَن يحب البنفسجي الفاتح إلى الاهتمام الشديد بنظرة الناس إليه.
  • يميل مَن يحب اللون الزهري إلى العاطفة والحلم، ويميل من يكره هذا اللون إلى الجدية في تعاملاته.
  • يعشق مَن يميل إلى الألوان الفاتحة الحياة، في حين يميل مَن يحبُّ الألوان الغامقة إلى الكآبة والبعد عن الحياة.
إقرأ أيضاً: تأثير الألوان على الحالة المزاجية للإنسان

العلاج بالألوان:

يميل معظمنا إلى تبنِّي لونٍ أو لونين من الألوان الأربعة الأساسية في حياتنا، وإهمال باقي الألوان؛ ممَّا يخلق الاضطرابات السلوكيَّة واضطرابات المشاعر، فكلَّما استطاع الإنسان أن يعيش ألوانه الأربعة بتوازن، زادت مشاعر استقراره ومتعته وراحته النفسية.

  • الخطوة الأولى من العلاج هي التدريب النفسي على قبول الألوان الأساسية، والتخلُّص من حالة رفض لونٍ منها، فمثلاً: يرتدي الإنسان لوناً معيَّناً لكي يتقبَّله أكثر، أو يدخل في سلوكات هذا اللون. على سبيل المثال: يعدُّ مَن يكره اللون الزهري شخصاً جدياً، وعليه أن يدخل في سلوكات اللون الزهري للوصول إلى حالة القبول المطلوبة، كأن يصبح أكثر مرونةً وتعاطفاً في حياته.
  • الخطوة الثانية من العلاج هي إدراك أنَّ المصدر الأساسي للمشاعر هو القلب، وليس الخارج؛ حيث تبدأ حالة الاضطراب النفسي عندما ينتظر الإنسان مشاعر القيمة من الخارج، كأن ينتظر الزواج لكي يشعر بمشاعر الأمان، وينتظر السيارة لكي يشعر بالغنى، وينتظر الشهادة الجامعية لكي يشعر بالإنجاز. في حين أنَّ على الإنسان أن يشعر بالاكتفاء والرضا والقدرة والثقة، سواءً بوجود تلك الأمور الخارجية أم عدم وجودها، فهو مُكتمِلٌ بذاته وربِّه، وسيسعى دوماً إلى خلق قيمةٍ مضافةٍ في العالم.
  • الخطوة الثالثة من العلاج هي مراقبة الذات والأفكار والمشاعر على الدوام، والعمل على تصويبها باستمرار، وذلك للوصول إلى حالة التوازن السليم؛ على أن يكون ذلك بحبٍّ واحتواءٍ للذات، وليس برفضٍ وجلدٍ لها.

سيجعل تحقيق الإنسان للتوازن بين الألوان الأربعة منه شخصاً مستقراً وقوياً ومرناً في مواجهة المشكلات، بحيث يكون قادراً على تجاوز المشكلة والتعلُّم منها، ومن ثمَّ الانطلاق من جديدٍ في الحياة؛ على عكس الشخص غير المنسجم مع ألوانه الأربعة، حيث يتوقَّف لديه الزمن لدى حدوث مشكلة، ولا يكون قادراً على تجاوزها والبدء من جديد.

الخلاصة:

يمتلك الشخص الصادق قدرةً متميِّزة على إدارة ذاته، فكُن صادقاً في مشاعرك، وراقب أفكارك على الدوام، وصحِّحها بحبٍّ وامتنان، وتبنَّى ألوان الحياة، وابتعد عن ألوان الشقاء، واخلق من الأحمر والأزرق والأصفر والأخضر رباعياً متكاملاً في كلِّ تفصيلٍ من  تفاصيل حياتك.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة