ما هو داء الملوك؟ ولماذا سمي هكذا؟

الجسد هبة من الله عز وجل وهبنا إياه وجعله أمانةً في أنفسنا، لذلك يجب نحافظ عليه وندعمه لكي يقوم بوظائفه على أكمل وجه، وعليه من الواجب علينا أن نزور الطبيب بين الحين والآخر وأن نجري التحاليل المناسبة التي من شأنها أن تجعلنا على بينة من الوضع الذي عليه حال جسدنا، ولكي لا نتفاجأ بأنَّ المرض مستفحل لدينا بينما نحن لم ندرك أنَّنا مصابون به إلا في النهاية، وفي هذا المقال سنتحدث عن أحد أمراض الجسد ألا وهو النقرس (داء الملوك)، لذلك تابع معنا في هذا المقال.



ما هو النقرس؟

هو شكل شائع من التهاب المفاصل يمكن أن يصيب أي شخص، ويتميز بنوبات مفاجئة وشديدة من الألم والتورم والاحمرار في مفصل واحد أو أكثر، وغالباً يكون في إصبع القدم الكبير.

يمكن أن تحدث نوبة النقرس بشكل مفاجئ وغالباً ما توقظك في منتصف الليل مع إحساس بأنَّ إصبع قدمك الكبير مشتعل؛ أي تكون حرارته مرتفعة، ويكون المفصل المصاب ساخناً ومنتفخاً وليناً، وقد تزداد الآلام في بعض الأحيان وتختفي أحياناً أخرى، إلا أنَّ هذا الداء ليس له دواء شافٍ، لذلك يمكننا علاج أعراضه فقط والتخفيف من آثاره، وتجدر الإشارة إلى أنَّ داء الملوك هو نفسه داء النقرس.

لماذا سمي داء النقرس بداء الملوك؟

من أهم أسباب داء النقرس هو أكل الطعام الدسم كاللحوم والبقوليات وغيرها، لذلك كان في الزمن الماضي هذا المرض منتشراً انتشاراً كبيراً بين الملوك؛ وذلك لأنَّهم أكثر الناس حصولاً على الطعام الفاخر الغني بالدسم، بينما نجد قلة قليلة من الفقراء يصابون بهذا المرض، لذلك كان يوصف أيضاً هذا المرض بمصيبة الأغنياء؛ وذلك لأنَّ هذا المرض يحرم الأغنياء من التلذذ بالكثير من الأطعمة الدسمة، كما يحرمهم من النوم والمشي أيضاً.

شاهد: 8 نصائح هامة لتتمتع بأسلوب حياة صحية

ما هي أعراض مرض النقرس؟

تظهر علامات النقرس وأعراضه دائماً بشكل مفاجئ، وغالباً ما تأتي في أوقات متأخرة من الليل، وقد تتطور الأعراض بسرعة على مدار بضع ساعات وتستمر عادةً من ثلاثة إلى عشرة أيام، وبعد هذا الوقت يجب أن يزول الألم ويعود المفصل إلى وضعه الطبيعي، وسيواجه كل شخص مصاب بمرض النقرس تقريباً مزيداً من النوبات في غضون عام.

تشمل هذه الأعراض:

1. آلام المفاصل الشديدة:

يؤثر النقرس عادةً في إصبع القدم الكبير، لكن يمكن أن يحدث في أي مفصل آخر، فتشمل المفاصل الأخرى المصابة بشكل شائع الكاحلين والركبتين والمرفقين والمعصمين وأصابع اليدين، ومن المرجح أن يكون الألم أكثر حدةً خلال أول 4 إلى 12 ساعة بعد أن يبدأ.

2. الانزعاج المستمر:

بعد أن يهدأ الألم المبرح قد يستمر الشعور بعدم الراحة في المفاصل من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، ومن المرجح أن تستمر النوبات اللاحقة لفترة طويلة وتؤثر في عدد أكبر من المفاصل.

3. التهاب واحمرار:

تصبح المفاصل المصابة متورمة ومؤلمة ودافئة وحمراء اللون بشكل ملحوظ.

4. امتلاك المصاب نطاقاً محدوداً من الحركة:

مع تقدُّم مراحل النقرس قد لا تتمكن من تحريك مفاصلك بشكل طبيعي، وقد تضطر إلى استخدام العكاز في أثناء المشي.

من هم أكثر الناس إصابةً بداء النقرس؟

ارتفع معدل انتشار النقرس في الولايات المتحدة خلال العشرين عاماً الماضية ويصيب الآن 8.3 مليون (4%) أمريكي، ويُعَدُّ النقرس أكثر شيوعاً عند الرجال منه عند النساء، وأكثر انتشاراً بين الرجال الأمريكيين من أصل أفريقي مقارنة بالرجال البيض، كما تزداد فرص الإصابة بالنقرس مع التقدم بالعمر؛ إذ يبلغ سن الذروة 75 عاماً.

تحدث نوبات النقرس عند النساء عادةً بعد انقطاع الدورة الشهرية، وبين سكان الولايات المتحدة يعاني نحو 21% من ارتفاع مستويات حمض اليوريك في الدم، وهي حالة تعرف باسم فرط حمض يوريك الدم، ومع ذلك فإنَّ جزءاً صغيراً فقط من المصابين بفرط حمض يوريك الدم سيصابون فعلياً بالنقرس، وإذا كان والدك أو والدتك مصابين بالنقرس، فستكون لديك فرصة بنسبة 20% للإصابة به.

متى تعرف أنَّك بحاجة إلى طبيب؟

إذا شعرت بألم حاد ومفاجئ في أحد المفاصل فاتصل بطبيبك على الفور؛ إذ يمكن أن يؤدي النقرس الذي لا يتم علاجه إلى تفاقم الألم وتلف المفاصل، وقم بطلب الرعاية الطبية على الفور إذا كنت تعاني من الحمى وكان المفصل ساخناً وملتهباً، فهذا قد يكون علامة على الإصابة بمرض النقرس، وإياك والمكابرة على الآلام والعناد وعدم تقبل الطبيب، فلربما تأخرك في العلاج يكون سبباً في تفاقم حالتك وتدهورها.

ما هي أسباب مرض النقرس؟

يحدث النقرس بسبب حالة تُعرف باسم فرط حمض اليوريك في الدم؛ إذ يوجد الكثير من حمض اليوريك في الجسم، ويصنع الجسم حمض اليوريك عندما تُكسر البيورينات الموجودة في جسمك والأطعمة التي تتناولها، فعندما يكون لديك الكثير من حمض اليوريك في الجسم، يمكن أن تتراكم بلورات حمض اليوريك (يورات أحادية الصوديوم) في المفاصل والسوائل والأنسجة داخل الجسم.

لكن لا يتسبب فرط حمض يوريك الدم دائماً في النقرس، ولا يحتاج فرط حمض يوريك الدم دون أعراض النقرس إلى العلاج؛ لذلك يمكن أن نقول إنَّ وجود الأعراض هو الدليل المؤكد لمرض النقرس، إضافة إلى حالة فرط حمض اليوريك.

ما هو النقرس الكاذب؟

النقرس الكاذب هو حالة مشابهة لمرض النقرس، ولكنَّه يؤثر عادةً في مفصل الركبة أولاً؛ إذ إنَّه شكل من أشكال التهاب المفاصل يسبب الألم والتصلب والاحمرار والدفء والتورم في واحد أو أكثر من مفاصلك، وعادةً يكون في الركبة أو الرسغ، لذلك علينا زيارة الطبيب قبل البدء بالعلاج لنستطيع أن نفرق بين النقرس الحقيقي والنقرس الكاذب.

متى تزداد فرصة الإصابة بمرض النقرس؟

تتفاوت نسبة الإصابة بمرض النقرس بين شخص وآخر حسب طبيعة كل شخص وحسب الظروف المحيطة به، لكن تتأثر الإصابة بهذا المرض في الحالات الآتية؛ إذ:

  1. تزداد عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن.
  2. عند الإكثار من شرب الكحول.
  3. إذا كانت المرأة في سن اليأس.
  4. تناول بعض الأدوية مثل مدرات البول (أقراص الماء) أو أدوية ارتفاع ضغط الدم (مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين).
  5. تزداد نسبة إصابتك إذا كان لديك ارتفاع في نسبة الكوليسترول أو ارتفاع ضغط الدم أو مشكلات في الكلى أو هشاشة العظام أو مرض السكري.
  6. تزداد نسبة الإصابة إذا كنت قد خضعت لعملية جراحية.

ما هي مضاعفات داء النقرس؟

من النادر أن تصاب بالكثير من النوبات (النقرس المزمن)، لكن إذا حدث ذلك، فقد يؤدي إلى حدوث تلف في مفاصلك، ويمكن أن يتسبب النقرس المزمن أيضاً في ظهور كتل بيضاء صغيرة تسمى التوفي، تظهر تحت الجلد وتكون عادةً على أذنيك أو أصابعك أو حتى مرفقيك.

المكان الذي تتشكل فيه بلورات اليورات تحت جلدك يمكن أن تسبب آلاماً مبرحة، كما قد تكون مهدداً بالإصابة بحصوات الكلى إذا كانت مستويات حمض اليوريك عالية جداً لديك؛ لذا ستحتاج إلى علاج للتقليل من هذه المستويات العالية، وذلك عبر الأدوية التي يصفها لك الطبيب وتحت إشراف طبي متخصص.

إقرأ أيضاً: نصائح لمرضى النقرس في عيد الأضحى

نصائح من شأنها أن تخفف من نوبات داء النقرس:

  1. ابقَ في وزن مثالي بعيداً عن السمنة؛ إذ يمكنك اتباع نظام غذائي تبتعد فيه عن الأطعمة الدسمة التي من شأنها أن تحرض على مرض النقرس، لذلك أنصحك باتباع خطة (NHS) لفقدان الوزن.
  2. قلِّل من تناول الكحول تقليلاً كبيراً، واذا استعطت امتنع عنه بشكل تام؛ وذلك لأنَّه يُعَدُّ مسبباً لنوبات النقرس.
  3. اشرب أكبر كمية من السوائل الغنية ببعض الشوارد؛ لأنَّ ذلك سيجنبك الإصابة بالجفاف، وهذا سوف يكون له دور إيجابي في تخفيف نوبات النقرس.
  4. التزم ببرنامج رياضي يومي تواظب فيه على الرياضة واللياقة، لكن احذر من التمرينات المكثفة والمجهدة التي من شأنها أن تضغط على المفاصل، ومن ثمَّ يحدث أثر عكسي للفائدة المرجوة.
  5. تجنَّب التدخين أو حتى امتنع عنه تماماً.
  6. اسأل طبيبك عن مكملات فيتامين (c).
  7. تجنَّب شرب المشروبات السكرية.
  8. لا تُكثِر من تناول المأكولات البحرية كالسمك وغيره.
  9. تجنَّب أكل الكلى أو الكبد عند تناول اللحوم.
  10. استخدم أكياس الثلج لتخفيف الأعراض في أثناء نوبة داء النقرس، وتناوَل بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) أو الكولشيسين أو  الكورتيكوستيروئيدات وغيرها من الأدوية التي يصفها لك الطبيب، وتجنَّب تناول الأدوية بشكل ذاتي دون إشراف طبي؛ لأنَّ ذلك قد يسبب لك تسمماً دوائياً.
إقرأ أيضاً: النقرس: أسبابه وأعراضه، طرق الوقاية، ووصفات للتخلّص منه

في الختام:

بذلك نكون قد تعرفنا إلى داء الملوك وإلى أهم أسبابه وأعراضه وما هي العادات الصحية التي يجب أن نقوم بها عند إصابتنا به، ونكون بذلك قد أصبحنا على بينة من هذا المرض بشكل كامل، كما نكون مدركين إذا تعرضنا لأحد أعراض هذا المرض التي ذُكرت في المقال أنَّنا أمام احتمال أن نكون مصابين به؛ لذلك أنصح الجميع بدوام الاطلاع على المقالات الصحية والعمل على زيادة الثقافة الصحية؛ لأنَّ ذلك يعزز من مقدرتنا على اكتشاف المرض بشكل أبكر، ومن ثمَّ العلاج بشكل أسهل وأسرع، وكما قيل: "العقل السليم في الجسم السليم".




مقالات مرتبطة