ما هو تأثير التمتع بضبط النفس على مستقبل الأطفال؟

في دراسة جديدة، وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الذين كانت لديهم مستويات أعلى من ضبط النفس في طفولتهم، يشيخون ببطء أكثر من أقرانهم في سن 45؛ إذ قال الباحثون إنَّ صحة أجسادهم وأدمغتهم أفضل وأنَّها تبدو أصغر سناً من الناحية البيولوجية.



الدراسات والأبحاث:

وفقاً للدراسة التي تتبعت 1000 شخص من الولادة وحتى سن 45 في "نيوزيلندا"، يُعَدُّ ضبط النفس والقدرة على تحكم الفرد في أفكاره ومشاعره وسلوكاته، ووضع خطط لتحقيق الأهداف واتباعها، إحدى السمات الشخصية التي تحدد ما إذا كان الطفل جاهزاً للمدرسة ومستعداً للحياة.

في المقابلات، أظهرت المجموعة التي تتمتع بمعدلات ضبط نفس أعلى أنَّها جاهزة بشكل أفضل للتعامل مع التحديات الصحية والمالية والاجتماعية في وقت لاحق من الحياة أيضاً؛ إذ استعمل الباحثون المقابلات المنظمة والتحقق من الحالة الائتمانية لتقييم الاستعداد المالي، وقد أعرب المشاركون الذين تمتعوا بضبط النفس خلال مرحلة الطفولة عن آراء إيجابية أكثر عن الشيخوخة، وشعروا بمزيد من الرضى عن الحياة في منتصف العمر.

قالت "ليا ريتشموند-راكيرد" (Leah Richmond-Rakerd) الأستاذة المساعدة في قسم علم النفس في "جامعة ميتشيغان" (University of Michigan)، ومؤلفة الدراسة التي نشرتها مجلة "بي إن إيه إس" (PNAS): "من الهام تحديد طرائق لمساعدة الناس على الاستعداد بنجاح للتعامل مع تحديات الحياة لاحقاً والعيش سنوات خالية من الإعاقة؛ إذ إنَّنا وجدنا أنَّ ضبط النفس في الطفولة قد يساعد في تهيئة الناس ليشيخوا متمتعين بصحة جيدة".

إقرأ أيضاً: 6 مهارات سيحتاج إليها أطفالك مستقبلاً حينما يكبرون

تأثير وضع العائلة على ضبط نفس الطفل:

يميل الأطفال الذين يتمتعون بضبط أفضل للنفس إلى أن ينتموا إلى عائلات مستقرة مالياً أكثر، وأن يكون معدل ذكائهم أعلى، لكن يمكن فصل النتائج التي تعزو بطء التقدم في العمر في سن 45 إلى معدلات ضبط النفس الأعلى، عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية خلال مرحلة الطفولة ومعدل الذكاء؛ إذ أظهرت التحليلات أنَّ ضبط النفس هو العامل المسؤول عن النتائج.

سارع الباحثون إلى الإشارة إلى أنَّ الطفولة لا تحدد مصير الفرد؛ إذ تحسنت مستويات ضبط النفس لدى بعض المشاركين في الدراسة حين أصبحوا بالغين، ومعها حققوا نتائج أفضل من الناحية الصحية ممَّا كانت تتوقعه التقييمات في طفولتهم.

يمكن أيضاً التدرب على ضبط النفس، ويقترح الباحثون أنَّ استثمار المجتمع في مثل هذا التدريب يمكن أن يحسن طول ونوعية الحياة في مرحلة الطفولة وبعدها خلال مرحلة منتصف العمر، وهناك أدلة كثيرة تشير إلى أنَّ تغيير السلوكات في منتصف العمر، مثل الإقلاع عن التدخين أو ممارسة الرياضة، يؤدي إلى نتائج أفضل.

شاهد بالفيديو: 8 طرق تساعد بها طفلك لتطوير نفسه.

آراء علماء النفس:

قال "تيري موفيت" (Terrie Moffitt) أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في "جامعة ديوك" (Duke University) ومؤلف آخر للبحث: "يخشى الجميع عيش الشيخوخة وهم مريضون وفقراء ووحيدون؛ لذا فإنَّ التقدم في السن يتطلب منَّا الاستعداد له جسدياً ومالياً واجتماعياً.

وجدنا أنَّ الأشخاص الذين مارسوا ضبط النفس منذ الطفولة كانوا مستعدين استعداداً أفضل بكثير للشيخوخة من أقرانهم في العمر نفسه الذين لم يتحلوا بضبط النفس".

تتبعت دراسة "دنيدن للصحة والتنمية متعددة التخصصات" (The Dunedin Multidisciplinary Health and Development Study) في "نيوزيلندا" هؤلاء الأشخاص منذ ولادتهم بين عامي 1972 و1973، وأخضعوهم لمجموعة من التقييمات النفسية والصحية على فترات منتظمة منذ ذلك الحين، وآخرها حين كان المشاركون في سن 45.

إقرأ أيضاً: أفضل 3 استراتيجيات لضبط سلوك طفلك

مشاركة الأباء والمعلمين:

شارك المعلمون والآباء والأطفال أنفسهم في تقييم مستويات المشاركين في ضبط النفس خلال مرحلة الطفولة في أعمار 3 و5 و7 و9 و11 عاماً، وقيَّموا مستويات العدوان الاندفاعي وأشكالاً أخرى من الاندفاعية وفرط النشاط والمثابرة وقصور الانتباه لدى الأطفال.

قيَّم الباحثون المشاركين من سن 26 إلى 45 عاماً، بحثاً عن العلامات الفسيولوجية للشيخوخة في العديد من أعضاء الجسم، بما في ذلك الدماغ، وارتبط مستوى ضبط النفس الأعلى في مرحلة الطفولة بتباطؤ الشيخوخة في جميع التقييمات.

إنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بدرجات ضبط النفس الأعلى، يمشون بسرعة أكبر ويتمتعون بوجوه تبدو شابة في سن 45 أيضاً، وقال موفيت: "إن لم تكن مستعداً للشيخوخة بعد، فلم يفت الأوان للاستعداد لها حتى لو كنت في الخمسينيات من العمر".

المصدر




مقالات مرتبطة