ما هو التعلم الذاتي؟ وما الذي تحتاج إليه لكي تبدأ بالتعلم الذاتي؟

نحن نعيش اليوم في عصر الإنترنت والسرعة والمعلومات الغنية، فلا يوجد مبرر على الإطلاق يمنع إنساناً اليوم من بلوغ جميع طموحاته وأحلامه، فهناك تنوُّع كبير جداً في طرائق التعلُّم؛ حيث طرأ تعديل كبير على النظرة التقليدية للتعليم، وأُعيد النظر بكل الأفكار القديمة الخاصة بعملية التعلُّم.



فمَن قال إنَّه لزام عليك الذهاب إلى الجامعة وحضور الكم الهائل من المحاضرات لكي تصل إلى ما تريد الوصول إليه في حياتك، ومَن حدَّد الشهادات العلمية كمعيار أساسي لتلقِّي العلم والانتفاع به.

ماذا لو قلت لك إنَّك اليوم قادر على تغيير اختصاصك إلى اختصاص آخر يشبه داخلك وشغفك وميولك ومن دون الالتحاق بكلية معينة، ماذا لو قلت لك إنَّك اليوم قادر على استثمار كل ثانية من وقتك والوصول إلى المعلومات التي تريد وبشتى الطرائق، فمن قال إنَّ عليك التمتع بقدرات هائلة على الحفظ من أجل الارتقاء بنفسك، فقد تكون من أولئك الذين يميلون إلى الاستماع أكثر من القراءة، أو ممَّن يميلون إلى تلقي المعلومات على شكل صور وفيديوهات وليس كلمات وجمل.

العلم حر، ولا يوجد طريقة محددة للوصول إليه، وهذا عكس تماماً ما زُرِع في دماغنا منذ الطفولة؛ لذا يعد التعلُّم الذاتي اليوم وسيلتك الفعالة لإعادة توجيه حياتك كما ترغب وتطمح.

ما هي مبادئ التعلم الذاتي؟ وكيف أستطيع أن أوازن ما بين الدورين المنوطين بي كأستاذ وطالب في الوقت ذاته؟ وكيف لي أن أضمن الجدية في التعاطي مع العملية على الرغم من عدم وجود آلية تقييم وقياس أداء، وعلى الرغم من عدم وجود امتحانات واختبارات؟ هذا ما سنجيب عنه من خلال هذا المقال.

ما هو التعلُّم الذاتي؟

هو طريقة غير تقليدية من أجل تلقِّي العلم، ويعتمد التعلُّم الذاتي عليك شخصياً، فأنتَ الأستاذ والطالب معاً، وهو الوسيلة الأكثر حرية لبلوغ أي هدف لك في حياتك، فلا يحتوي على القيود التي يفرضها النظام التعليمي التقليدي، كما أنَّه فرصة لزيادة ثقتك بنفسك ولتغيير نظرتك إلى الحياة كلياً، فأنت عندما تتخذ قراراً بالبدء باستراتيجية التعلُّم الذاتي؛ تتخذ القرار بالاستقلالية والاعتراف الكلي بنقاط قوَّتك وقدرتك على بناء مصيرك بيديك.

يعدُّ التعلُّم الذاتي فرصتك الحقيقية لتنمية مهاراتك والوصول إلى أهدافك وبالطريقة التي تراها مناسبة لك؛ حيث إنَّ مصادر التعلُّم الذاتي متنوعة جداً، فتستطيع الاعتماد على الكتب والفيديوهات والمقالات الصوتية والمكتوبة، ومن جهة أخرى، تستطيع تلقِّي التعليم في أي مكان وفي أي وقت ترغب فيه وبالمجان، كما أنَّه الطريقة الأمتع لكي تستمر في التطور والارتقاء مدى الحياة.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات لجعل التعلم ذاتي التنظيم أكثر فاعلية

ما الذي تحتاج إليه لكي تبدأ بالتعلُّم الذاتي؟

1. الثقة بالنفس:

عليك أن تتحلَّى بالثقة بالنفس في حال رغبت في اعتماد منهجية التعلُّم الذاتي؛ حيث يُحدِّد حديثك الذاتي مع نفسك؛ جميع تصرفاتك وسلوكاتك، فكيف تنتظر من نفسك أن تعطيك أفضل ما لديها وأنت مواظب على استخدام مفردات سلبية معها مثل: "أنا غير كافٍ، ولن أستطع الوصول إلى ما أريد"، أو "يبدو أنَّ الطريق صعب للغاية، ولن أستطيع الاستمرار فيه".

اعلم أنَّ بداخل كل إنسان فينا طاقة كامنة رائعة وقدرات كبيرة ومزايا استثنائية، ولكن علينا حسن التعامل مع ذواتنا وإعطائها كامل حقها.

2. إدارة الذات:

أنت وحدك مَن تُدير عملية التعلُّم الذاتي؛ لذلك عليك أن تتقن مهارة التحكم بالمشاعر، فهذا الطريق ليس بالسهل، ولا يمكنك التعويل على حماسك دائماً، فنحن بشر ومشاعرنا متقلِّبة، وكذلك حماسنا؛ ولذلك عليك أن تتحلَّى بالجدية والصرامة في أثناء رحلتك في التعلُّم الذاتي، فلا مجال للتهاون هنا.

وأن تكون مدرِّساً وطالباً في الوقت ذاته، لا يعني ذلك التساهل والمماطلة بالإنجاز؛ بل يعني الإحساس بالمسؤولية الزائدة وتبنِّي معايير واضحة وأهداف محددة، ومن جهة أخرى، عليك أن تكون محدداً في المجال الذي تود دراسته، بحيث لا تشتت طاقتك في دراسة أكثر من مجال.

3. التعليم:

يعد عدم وجود منهجية محددة للدراسة من المخاوف التي تنتاب الإنسان في أثناء رحلته في التعلُّم الذاتي على عكس النظام التعليمي التقليدي الذي يوفر منهجية محددة وآلية تقييم واضحة.

يستطيع الإنسان التغلب على هذه المخاوف من خلال اتباع طرائق محددة للتعلُّم؛ مثل طريقة العالِم فنيمان، والتي تعتمد على دراسة المادة التي بين يديك، ومن ثمَّ محاولة إعادة صياغة أفكارها بطريقتك الخاصة، ومشاركتها مع الآخرين، وإن تمكَّنت من إيصال المعلومة إلى الآخر؛ فهذا يعني أنَّك قد أتقنتها.

كما يوجد طريقة أخرى للتعلم الذاتي؛ حيث تعتمد على إجراء مسح سريع للكتاب الذي تقرأه ومن ثمَّ صياغة أسئلة معينة تساعد على تغذية مهارة التحليل الناقد، ومن ثمَّ إعادة قراءة الكتاب بتأنٍّ ومحاولة الإجابة عن الأسئلة التحليلية، وفي النهاية إجراء مراجعة للكتاب من خلال تلخيص أهم الأفكار المذكورة فيه.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لجعل التعلم الذاتي فعالاً

4. المرونة والطموح:

لكي تدخل مجال التعلُّم الذاتي؛ عليك بداية أن ترفض العيش على هامش الحياة، وأن تتبنَّى أهدافاً واقعية وقابلة للقياس وتحقِّق القيمة لك ولغيرك، فنحن قد خُلِقْنَا من أجل خلق بصمة حقيقية في الحياة، ومن أجل التطور اليومي لبلوغ أفضل نسخة من أنفسنا.

ومن جهة أخرى، نعيش اليوم في عصر الإبداع والتميز والمنافسة بامتياز؛ حيث تتحدد قيمة الإنسان من قيمة المهارات والخبرات التي يمتلكها، ومن التفاصيل القادر على تقديمها إلى البشرية؛ لذلك على الإنسان السعي الدائم إلى الارتقاء والتطور.

إقرأ أيضاً: 4 أسباب تجعل المرونة مهارة شديدة الأهمية

5. التنظيم:

لا تُحمِّل نفسك فوق طاقتها؛ بل كن عقلانياً في أثناء رحلتك في التعلُّم الذاتي، ونظِّم وقتك بحيث تعطي الدراسة الأولوية القصوى خلال يومك، ومن ثمَّ أعطِ الوقت المتبقي لعائلتك وأصدقائك ونشاطاتك الترفيهية، ولا تنسَ أخذ قسط من الراحة بعد كل فترة دراسة من أجل إعطاء المجال لعقلك بالتفكير العميق في المعلومات واستنتاج الكنوز منها.

6. اللغة:

لكي تتعلَّم ذاتياً؛ عليك أن تسعى إلى تطوير لغتك الأجنبية؛ فهي نافذتك من أجل الوصول إلى معلومات أفضل واستنتاجات أوسع.

7. الوعي:

لكي تتعلَّم ذاتياً عليك أن تتقبَّل النقد برحابة صدر، وأن تمتلك الوعي من أجل الانفتاح على جميع الآراء ووجهات النظر المختلفة؛ أي لا تتكبَّر وإلَّا ستخسر التطور لا محالة.

أدخل نفسك في نقاشات وندوات تدريبية في المجال الذي ترغب في دراسته، واستفد من خبرات الآخرين ومقترحاتهم، وكن مستمعاً جيداً لكل رأي من الآراء، ولا تحكم بسرعة على أية قضية؛ بل كن عقلانياً وحكيماً.

في الختام:

إن كنت تتوقع أنَّ العمر لم يعد مناسباً للالتحاق بالجامعة، وإن كنت تتوقع أنَّك لا تمتلك المال الكافي من أجل دراسة الاختصاص الذي لطالما حلمت به؛ فأستطيع أن أقول لك إنَّك واهمٌ تماماً.

إن كنتَ تريد الوصول إلى أهدافك دون الدخول في متاهة وقيود التعليم التقليدي وإن كنتَ راغباً في تغذية ثقتك بذاتك وقدراتك، وإن كنت تخطط لصنع بصمة لك على كوكب الأرض؛ فعليك إذاً بالتعلُّم الذاتي.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة