ما الذي يجب أن تعرفه عن متلازمة داون عند الأطفال؟

قد يكون اكتشاف إصابة طفلك بمتلازمة داون تجربة مروِّعة ومُربكة جداً، ومن الطبيعي أن تشعر بمجموعة من المشاعر السلبية من الصدمة والحزن إلى عدم اليقين والخوف والقلق، لكن بصفتك أحد الوالدين للمريض، فمن الهام جداً أن تعرف أنَّك لست وحدك، فتوجد موارد عديدة وأنظمة دعم متاحة لمساعدتك أنت وطفلك المريض على التنقل في هذه الرحلة الجديدة.



لذلك سوف نستكشف في هذا المقال بعض الأمور الأساسية التي يجب معرفتها بصفتك والداً أو بصفتك أماً لطفل مصاب بمتلازمة داون لتوفير أفضل رعاية ودعم ممكنين لطفلك من التشخيص المبكر إلى الدعم الطبي والتعليمي المتخصص، وتوجد استراتيجيات عديدة هامة تستطيع أن تساعد طفلك المصاب على الوصول إلى إمكاناته الكاملة والازدهار، وسواء كنت والداً جديداً أم كنت تعتنين بطفل مصاب بمتلازمة داون لبعض الوقت، سيزودك هذا المقال بمعلومات وإرشادات قيمة لمساعدتك على التنقل في هذه الرحلة بثقة وتعاطف.

الأساس الجيني لمتلازمة داون:

عليك فهم تعقيدات الكروموسوم 21، لأن متلازمة داون هي حالة وراثية ناتجة عن وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21، وتؤدي هذه المادة الوراثية الإضافية إلى مجموعة من الإعاقات الجسدية والفكرية، إضافة إلى زيادة مخاطر الإصابة ببعض الحالات الصحية، وإنَّ فهم الأساس الجيني لمتلازمة داون ضروري لفهم تعقيدات هذه الحالة والتحديات التي يواجهها الأفراد المصابون بهذه الحالة وأسرهم.

الكروموسوم 21 هو من أصغر الكروموسومات في الجينوم البشري، ويحتوي على ما يقرب من 225 جيناً، ومع ذلك يكون للتغييرات الصغيرة في هذا الكروموسوم تأثيرات كبيرة في صحة الفرد ونموه، وفي متلازمة داون يمكن أن يؤدي وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21 إلى مجموعة واسعة من الأعراض الجسدية والفكرية، بما في ذلك ضعف الإدراك وملامح الوجه المميزة وتأخر النمو.

من الأمثلة التوضيحية للأساس الجيني لمتلازمة داون هو دور جين معين DYRK1A في الحالة؛ إذ يقع هذا الجين على الكروموسوم 21، ومن المعروف أنَّه يؤدي دوراً في نمو الدماغ؛ لذلك الأفراد الذين يعانون متلازمة داون لديهم نسخة إضافية من DYRK1A، والتي تستطيع أن تؤدي إلى الإفراط في التعبير عن الجين وتغيير نمو الدماغ، وقد وجد الباحثون أنَّ تقليل التعبير عن DYRK1A في النماذج الحيوانية لمتلازمة داون يمكن أن يحسِّن الوظيفة الإدراكية ويقلِّل من بعض الأعراض الجسدية للحالة.

مثال آخر على تعقيد الأساس الجيني لمتلازمة داون هو زيادة خطر الإصابة بحالات صحية معينة مثل عيوب القلب وسرطان الدم، ويُظن أنَّ هذه الحالات مرتبطة بوجود نسخة إضافية من جينات معينة على الكروموسوم 21، وعلى سبيل المثال يقع الجين RUNX1 في الكروموسوم 21، ويشارك في تطوير خلايا الدم والأفراد الذين يعانون متلازمة داون لديهم نسخة إضافية من RUNX1، والتي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم.

يُعدُّ فهم الأساس الجيني لمتلازمة داون أمراً ضرورياً لتطوير علاجات وتدخلات فعالة للأفراد المصابين بهذه الحالة، على سبيل المثال يستكشف الباحثون أساليب العلاج الجيني لتقليل التعبير عن جينات معينة على الكروموسوم 21 وتحسين الوظيفة الإدراكية لدى الأفراد المصابين بمتلازمة داون، ونستطيع من خلال فهم الآليات الجينية الكامنة وراء متلازمة داون تقديم دعم أفضل للأفراد المصابين بهذه الحالة وأسرهم والعمل على تحسين صحتهم ورفاهيتهم.

إنَّ الأساس الجيني لمتلازمة داون معقد ومتعدد الأوجه؛ إذ تساهم جينات عدة على الكروموسوم 21 في الأعراض الجسدية والفكرية للحالة، ونستطيع من خلال فهم الآليات الجينية الكامنة وراء متلازمة داون دعم الأفراد المصابين بهذه الحالة دعماً أفضل والعمل على تحسين نوعية حياتهم.

التعرف إلى الخصائص الفيزيائية لمتلازمة داون:

متلازمة داون هي اضطراب وراثي ناتج عن وجود كروموسوم 21 إضافي، وهذا يؤدي إلى مجموعة من الإعاقات الجسدية والمعرفية، ومن أكثر السمات المميزة للأفراد المصابين بمتلازمة داون هي خصائص وجههم، والتي تشمل الوجه المستدير بجسر أنف مسطح وعينين مائلتين وفم صغير مع لسان بارز.

إضافة إلى ملامح الوجه يميل الأشخاص المصابون بمتلازمة داون أيضاً إلى امتلاك بنية جسم فريدة، مثل الأطراف الأقصر والقامة القصيرة، وقد يكون لديهم توتر عضلي أقل، وهذا يؤدي إلى فرط حركة المفاصل وضعف الموقف، وقد يكون لبعض الأفراد المصابين بمتلازمة داون سمات جسدية أخرى مثل تجعد واحد في راحة اليد أو مسافة واسعة بين إصبع القدم الأول والثاني.

في حين أنَّ هذه الخصائص الجسدية شائعة بين الأفراد المصابين بمتلازمة داون، فمن الهام ملاحظة أنَّ كل شخص يعاني هذه الحالة فهو في حالة غير طبيعية، وقد لا تظهر كل هذه السمات، وإضافة إلى ذلك لا يُعرف الأفراد ذوي متلازمة داون بمظهرهم الجسدي فقط، لكن من خلال قدراتهم وشخصياتهم وصفاتهم الفريدة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تضمن الحفاظ على صحة الطفل

فهم الخصائص المعرفية والعاطفية لمتلازمة داون:

متلازمة داون هي حالة وراثية تؤثِّر في ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، ومن الضروري فهم الخصائص السلوكية للأفراد المصابين بها، ومن أكثر السمات المميزة لمتلازمة داون هي تباطؤ النمو، وهذا قد يؤثِّر في القدرات البدنية والمعرفية، ونتيجة لذلك غالباً ما يواجه الأشخاص المصابون بمتلازمة داون تحديات فريدة، ومن الهام التغلب على هذه التحديات بتعاطف وتفهم.

يُعدُّ الضعف الإدراكي من التحديات الأساسية التي يواجهها الأفراد المصابون بمتلازمة داون، والذي قد يظهر بطرائق مختلفة، فعلى سبيل المثال قد يواجهون صعوبة في التفكير المجرد أو مهام حل المشكلات المعقدة؛ لكنَّهم غالباً ما يتفوقون في المهام التي تتطلب التفكير البصري أو المكاني، وقد يواجهون أيضاً تأخيرات في تطوير اللغة وصعوبة في التواصل، وهذا قد يجعل من الصعب عليهم التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم.

تُعدُّ الحساسية المتزايدة للإشارات الاجتماعية بما في ذلك التواصل غير اللفظي، من الخصائص المعرفية والعاطفية الأخرى للأفراد المصابين بمتلازمة داون، وقد يجدون صعوبة في فهم السخرية أو غيرها من الإشارات الاجتماعية الدقيقة، وقد يكونون أكثر عرضة للتنمر أو الإقصاء الاجتماعي، ومع ذلك لديهم أيضاً قدرة رائعة على التعاطف مع الآخرين، وغالباً ما يكون لديهم ميل طبيعي نحو اللطف والرحمة.

إقرأ أيضاً: كيف تجعل أطفالك يصارحوك بحوادث التنمر المدرسي

التشخيص والتدخل المبكر:

وهو مفتاح تحسين النتائج للأطفال المصابين بمتلازمة داون، فإن متلازمة داون هي حالة وراثية تؤثِّر في واحد من كل 700 طفل يولدون في الولايات المتحدة، ومع أنَّ تشخيص متلازمة داون قد يكون صعباً، فإنَّ على الآباء أن ينتبهوا إليه؛ لأنَّ التشخيص والتدخل المبكرَين ضروريان لتحسين النتائج للأطفال الذين يعانون هذه الحالة.

يسمح التشخيص المبكر للآباء ومقدمي الرعاية الصحية باتباع نهج استباقي لرعاية الطفل، وتقديم الدعم الطبي والتعليمي المتخصص في أسرع وقت ممكن، كما أنَّه يساعد العائلات على فهم الحالة وآثارها فهماً أفضل، وهذا يسمح لهم باتخاذ قرارات مستنيرة بشأن رعاية أطفالهم ومستقبلهم.

يُعدُّ توفير الوصول إلى الرعاية الطبية المتخصصة من الجوانب الهامة للتدخل المبكر؛ إذ يتعرض الأطفال المصابون بمتلازمة داون إلى خطر متزايد للإصابة ببعض المشكلات الصحية، مثل عيوب القلب الخلقية وضعف السمع والبصر ومشكلات الجهاز الهضمي، ويساعد الاكتشاف المبكر لهذه الحالات وعلاجها على منع المضاعفات وتحسين النتائج.

يتضمن التدخل المبكر أيضاً تقديم دعم تعليمي متخصص، فقد يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة داون تأخراً في نموهم، وقد يستفيدون من خدمات التدخل المبكر مثل العلاج الطبيعي وعلاج النطق والعلاج المهني، وقد تساعد هذه الخدمات الأطفال على تطوير مهارات هامة، مثل المشي والتحدث والمهارات الحركية الدقيقة، والتي تحسِّن نوعية حياتهم وآفاقهم المستقبلية.

على سبيل المثال قد يعاني الطفل المصاب بمتلازمة داون من المهارات الحركية الدقيقة، وهذا يجعل من الصعب عليه حمل قلم رصاص والكتابة، فيساعد التدخل المبكر من خلال العلاج المهني الطفل على تطوير هذه المهارات، وتحسين قدرته على الكتابة والمشاركة في نشاطات المدرسة.

يؤدي التشخيص والتدخل المبكر أيضاً دوراً هاماً في مساعدة العائلات على التنقل في الجوانب العاطفية والاجتماعية لرعاية طفل مصاب بمتلازمة داون، وقد يعاني آباء الأطفال الذين يعانون متلازمة داون مشاعر العزلة والحزن والقلق، وقد يستفيدون من الوصول إلى خدمات الدعم، مثل الاستشارة ومجموعات دعم الوالدين.

على سبيل المثال قد تشعر والدة طفل مصاب بمتلازمة داون بالإرهاق والعزلة، فيساعد التدخل المبكر من خلال ربطها بمجموعة دعم على تقليل الشعور بالوحدة، وتزويدها بالموارد والمعلومات القيمة لمساعدة طفلها على الازدهار.

إقرأ أيضاً: الدعم الاجتماعي: وسيلتك في مواجهة الضغوط النفسية

في الختام:

ربما يكون التعرف إلى علامات متلازمة داون وتعلم كيفية دعم الطفل المصاب بهذه الحالة مهمَّةً شاقةً ومتعبةً، وتحتاج إلى صبر طويل، لكن مع المعرفة والموارد الصحيحة من الممكن تقديم رعاية ودعم فاعلين، ويستطيع الأفراد المصابون بمتلازمة داون من خلال إدراك العلامات والأعراض الشائعة لمتلازمة داون والبحث عن التشخيص والتدخل المبكر والحصول على الدعم الطبي والتعليمي المتخصص، الازدهار والوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، ونستطيع جميعاً بالتعاطف والصبر والتفاني إحداث فرق إيجابي في حياة المصابين بمتلازمة داون.




مقالات مرتبطة