ليلة القدر: أرقام كبيرة للأجر والثواب

في السطور التالية سوف نعيش مع تصوّر لحجم الثواب والأجر الذي يناله من يدرك ليلة القدر، وما هي أفضل طريقة لإدراك هذه الليلة المباركة التي أنزل الله فيها القرآن.



أولاً: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ

مَن منَّا لا يتمنّى أن يدرك ليلة القدر ولو لمرة في عمره؟ ومن منّا لا يتمنّى أن يرى أنوار تلك الليلة العظيمة التي تعدل ألف شهر بل هي أفضل بكثير من ألف شهر؟

يقول تعالى في محكم الذكر: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [سورة القدر]. لقد تأمّلت هذه السورة وبخاصة قوله تعالى (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) والفكرة الجديدة التي خطرت ببالي هي أّنني تصوَّرت أن الأجر الذي سأناله فيما لو عملتُ أي عمل صالح في هذه الليلة الكريمة يساوي الأجر الذي سأناله على نفس العمل فيما لو بقيتُ أعمله طوال ألف شهر!

ولكي نقرّب الفكرة ونتصوّر معاً ضخامة هذا الأجر لحدود لا يكاد يصدقها عقل، نلجأ إلى لغة الأرقام، فالله تعالى وضع لنا معادلة واضحة وهي أنّ هذه الليلة تساوي ألف شهر بل هي خير من ذلك، لنطرح السؤال على الشكل الآتي: في ألف شهر كم ليلة توجد؟

إنّه سؤال سهل ويسير فلو اعتبرنا أنّ الشهر ثلاثين ليلة فيكون لدينا في ألف شهر هنالك ثلاثين ألف ليلة، أي:

ليلة القدر = 1000 شهر = 1000 شهر × 30 ليلة = 30000 ليلة (بل أكثر)

وبالطبع نستخدم الأعداد التقريبية لأنّ أي عدد للأجر سنصادفه يجب أن نعلم بأنّ الأجر الحقيقي أكبر منه، لأنّ الله تعالى لم يقل (تعدل ألف شهر)، بل قال: (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) فأي عدد تتصوّره هو أقل من الثواب الفعلي الذي ستجده يوم القيامة، والله أعلم.

إقرأ أيضاً: فضائل ليلة القدر وأهم الأعمال المُحببة فيها

ثانياً: قراءة حرف من القرآن تعدل القرآن كلّه

والآن لنحسب معاً كم من الأجر يناله المؤمن في هذه الليلة إذا قرأ حرفاً واحداً من القرآن الكريم، فحسب المعادلة السابقة كل حسنة تفعلها في هذه الليلة تساوي ثلاثين ألف حسنة في غيرها من الليالي:

حرف واحد = 30000 حرفأً (بل أكثر)

أي أنّك إذا قرأت حرفاً من القرآن في هذه الليلة فكأنما قرأت ثلاثين ألف حرف في غيرها من الأيام.

والله تعالى يقول: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]، فهذا يعني كأنّك قد قرأت ثلاث مئة ألف حرف!

30000 حسنة × 10 أمثال = 300000 حسنة (بل أكثر).

وبما أنّ الله تعالى يقول (خيرٌ) فهذا يعني أنّ كل حرف تقرأه في هذه الليلة تنال بسببه أجراً أكبر من ثلاث مئة ألف حرف، وإذا علمنا أنّ عدد حروف القرآن هو أكثر من ثلاث مئة ألف حرف بقليل، فهذا يعني أنّك قد قرأت القرآن كلّه!

والآن ماذا يحدث إذا قرأت سورة الإخلاص في هذه الليلة؟ إنّ هذه السورة مع البسملة التي في أولها تتألف من 66 حرفاً، فإذا ما قرأتها فكأنّك قد قرأت القرآن 66 مرة!وقد لا يصدق بعض القراء أنّ الله تعالى يعطي مثل هذا الأجر، ولكنّني على ثقة بأنّ الله تعالى قال عن هذه الليلة (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ليترك باب الأجر مفتوحاً أمام تصوراتنا، ويمكنني أن أطمئنك أخي القارئ وأختي القارئة، أنّ أي رقم تتصوّره هو قليل أمام ما ستناله فعلاً من الأجر فيما لو أدركت هذه الليلة العظيمة وقدمت فيها شيئاً لله تعالى، والله أعلم.

إقرأ أيضاً: أحاديث نبوية عن فضل ليلة القدر

ثالثاً: كيف ندرك ليلة القدر؟

من محبّة النبي الكريم لأمته وحرصه عليهم لم يحدد لهم هذه الليلة بدقة تامة، بل ترك باب الاجتهاد مفتوحاً ليجتهدوا في طلبها، ولا يهملوا بقية ليالي رمضان. ولكنها على الأغلب في العشر الأخير من هذا الشهر المبارك.

وأستطيع أن أعطيك طريقة سهلة لكي لا تحرم نفسك من شيء من أجر هذه الليلة العظيمة. فعندما يأتي التاسع عشر من رمضان ابدأ في كل ليلة بقراءة شيء من القرآن، مهما كان قليلاً، ولكن لا تترك أي ليلة تمر دون أن تقرأ القرآن، حسب استطاعتك، وحتى لو قرأت سورة الفاتحة أو الإخلاص ولكن لا تترك ليلة تمر وتنسى هذه الليلة.

كما ينبغي عليك أن تقرأ القرآن في هذه الليالي وأنت تنوي وتأمل وتطلب من الله تعالى أن يعطيك أجر ليلة القدر وسوف تنال الأجر، ولكن بشرط أن تتوجه بقلبك ومشاعرك وعواطفك إلى الله تعالى.

إقرأ أيضاً: كيف تحيي ليلة القدر بالشكل الصحيح

رابعاً: ماذا عن الدعاء؟

إنّ أي عمل تقوم به يُضاعف أكثر من ثلاثين ألف ضعف، فلو دعوت الله في هذه الليلة أن يرزقك فكأنّما دعوت الله ثلاثين ألف مرة، ولو أنّك عفوتَ عمَّن أساء إليك في هذه الليلة فكأنّما عفوتَ ثلاثين ألف مرة (بل أكثر)، وكل ركعة تصلّيها في هذه الليلة فكأنّك صلّيت أكثر من ثلاثين ألف ركعة.

وعندما تتصدّق بدرهم في هذه الليلة فكأنّما تصدّقت بثلاثين ألف درهم والحسنة بعشر أمثالها، أي كأنّك تصدّقت بثلاث مئة ألف درهم دفعة واحدة، ولو أنّك وصلتَ الرحم لدقائق معدودة، فذهبتَ لتطمئن على أمك أو أختك أو خالتك أو من خلال الهاتف اطمأننت على أحد منهم أو على أخ لك في الله، فكأنّما وصلت الرحم ثلاثين ألف مرة فتأمّل!

إنّها بحق أرقام لا يمكن تصوّرها، فهل تستجيب لنداء الحق وتبدأ بترقب هذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لكل سنة تمر عليك؟

والله أعلم.




مقالات مرتبطة